![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() جهله كيف يبرز نور الفجر هَلْ فِي أَيَّامِكَ أَمَرْتَ الصُّبْحَ؟ هَلْ عَرَّفْتَ الْفَجْرَ مَوْضِعَهُ [12] يقدم الله لأيوب أسئلة مربكة حتى يكتشف عجزه التام عن إدراك حكمة الله، ويشعر أنه ليس من وجه للمقارنة بين تفكيره وتفكير الله. هذه الأسئلة، وإن كان العلم مع تقدم الأبحاث يقدم إجابات على بعضها، لكن تبقى أسرار الطبيعة تفوق كل فكر بشري. ما نعرفه علميًا لا يُقارن بما لم نعرفه بعد. يتحدث هنا عن بدء ظهور النور في الفجر، كلنا متأكدون من وجود النور ونتمتع به مع الفجر حتى تشرق الشمس. لم يسأله: هل في سلطانك أن تتعجل ظهور الفجر وبزوغ النور؟ وإنما سأله عن أمرين هما، إن كان الإنسان موجودًا عند أمر الرب بظهور النور، وهل يستطيع أن يحدد موضعًا للفجر. لم يكن الإنسان موجودًا عندما خلق الله النور، وليس في سلطانه أن يأمر النور ليشرق ولا أن يحدد الموضع الذي يشرق عليه. وكما يقول المرتل: "السماوات تحدث بمجد الله والفلك يخبر بعمل يديه" (مز 19: 1-2). * السماوات (الأجرام السمائيّة) تطيعه، إذ تتحرّك بسلام في خضوع لقوانينه. تقطع ليلًا ونهارًا الطريق المرسوم لها دون أن تعيق بعضها بعضًا. الشمس والقمر مع النجوم تجتاز الطريق المرسوم لها، حسب أمره دون أي انحراف. والأرض المخصبة، بحسب إرادته، تثمر في فصول مناسبة طعامًا وفيرًا للإنسان والوحوش، وكل الكائنات الحيّة التي على وجه الخليقة... الأعماق (الهاويّة) التي لا يُسبر غورها، وتنظيمات العالم السفلى غير الموصوفة، تخضع لذات القوانين. البحر الفائق الاتساع، بعمل (الله) يجتمع فلا يعبر الحدود التي وُضعت له، إنّما يمتثل لأوامر (الله). إذ قال: "إلى هنا تأتي، وفي أعماقك تتحطّم أمواجك"( أي 38: 11). محيط لا يقدر الإنسان أن يجتازه، وعوالم قائمة وراءهتوجّهها إرادة الرب. فصول الربيع والصيف والخريف والشتاء تتتابع هادئة، الواحد وراء الآخر. تقوم الرياحبدورها في الوقت المعيّن بغير عائق، والينابيع التي لا تنضب تقدّم أثداءها بغير توقف حياة للبشر. أصغر الحيوانات تجتمع في وئام وألفة. كل هذه الأعمال نظّمها الخالق العظيم رب المسكونة، تتحرّك في ألفة ووئام، صانعًا خيرًا للجميع، خاصة لنا نحن، إذ نجد ملجأ في حنوه، بربنا يسوع المسيح. الذي له المجد والعظمة إلى أبد الأبد، آمين. القديس إكليمنضس الروماني يرى البابا غريغوريوس (الكبير)في تفسيره الرمزي أن الكنيسة المقدسة تُدعى فجرًا حيث تتطلع إلى مكافأة الحياة السماوية المشرقة وتتخلى عن ظلمة الخطية، إنها تستنير بأشعة شمس البرّ. لِيُمْسِكَ بِأَطْرَافِ الأَرْضِ، فَيُنْفَضَ الأَشْرَارُ مِنْهَا؟ [13] يصَور الفجر بظهوره وسط الظلام ليشرق بألوان جميلة فتتوقف أعمال الخطاة الذين يجدون في ظلمة الليل فرصة لممارسة شرورهم المظلمة. يرى البابا غريغوريوس (الكبير) أن أطراف الأرض هم المتواضعون الذين يمسك بهم السيد المسيح، أي صيادو السمك الذين يفحمون معلمي الناموس. تَتَحَوَّلُ كَطِينِ الْخَاتِم، وَتَقِفُ كَأَنَّهَا لاَبِسَةٌ [14]. يحمل الطوب في مصر وبابل وأشور ختما يميز مصانع الطوب عن بعضها البعض. كانت جرار الخمر المصري والأماكن التي توضع فيها المومياء تختم بختم على طين. ووجد في أشور بعض مستندات عامة عليها طين مختوم بحروف معينة وتميز الختم الرسمي. أيضًا الحجرات التي توضع فيها الكنوز كانت تختم بختم على طين. وربما قبر السيد المسيح ختم هكذا (مت 27: 66). وكان الطين يفضل عن الشمع، لأن الأول يزداد صلابة بالنار، أما الثاني فينصهر بها. مع كل صباح جديد تشرق الشمس على الأرض، فتبدو منيرة كأنها ترتدي ثوبًا جديدًا، هكذا يطبع شمس البرّ نوره على كنيسته، فيصيرها فجرًا جديدًا تتمتع مع كل صباح خبرة جديدة في التمتع بحب الله لها. هكذا تظهر صورة المسيح على كنيسته ومؤمنيه الحقيقيين كما يظهر الختم على الطين. وَيُمْنَعُ عَنِ الأَشْرَارِ نُورُهُمْ، وَتَنْكَسِرُ الذِّرَاعُ الْمُرْتَفِعَةُ [15]. سبق أن تحدث أيوب عن فزع اللصوص والمجرمين من نور الصباح لأنه يفضحهم (أي 24: 13). هنا يعلن الله عن أشعة نور الصباح، أي أشعة شمس البرّ التي تكسو الكنيسة الحقيقية بثوب برِّه البهي، وفي نفس الوقت يحرم الأشرار من نور بهجتهم، ويكسر ذراعهم التي يرفعونها ضد الله والناس. نور السيد المسيح الذي يهب حياة أبدية لمؤمنيه، هو دينونة لمقاوميه. يقول السيد المسيح نفسه: "لو لم أكن قد جئت وكلمتهم لم تكن لهم خطية، وأما الآن فليس لهم عذر في خطيتهم" (يو 15: 22). ويقول الرسول بولس: "لهؤلاء رائحة موت لموت، ولأولئك رائحة حياة لحياة" (2 كو 2: 16). * لمن إذن "رائحة موت لموتٍ" إلا للذين لا يؤمنون، والذين لا يخضعون لكلمة (لوغوس) الله...؟ مرة أخرى، من هم أولئك الذين يخلصون وينالون الميراث؟ بلا شك إنهم الذين يؤمنون بالله ويستمرون في محبته كما فعل كالب بن يفنة ويشوع بن نون (عد 30:14) والأطفال الأبرياء (يونان 11:4) الذين ليس لهم إحساس بالشر. لكن من هم أولئك الذين يخلصون الآن، ويتمتعون بالحياة الأبدية؟ أليس الذين يحبون الله، ويؤمنون بوعوده، ويصيرون أطفالًا في الخبث (1 كو 20:14)؟ القديس إيريناؤس |
![]() |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أيوب | جهله قوة الله في الجو والظواهر الطبيعية |
أيوب | جهله للكواكب وأثرها على الأرض |
أيوب | جهله للسحب والبَرَدْ والرعد |
أيوب | جهله لإدراك ظل الموت والظلمة |
أيوب | جهله لوضع حدود للبحار |