رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قالَ لَه الملاك: "أَلا تَذكُرُ كلمات أَبيكَ التي أوصاك بها أَن تتَّخِذَ زوجة مِن شعبك. فاسمع الآنَ لي يا أَخي، فإنها ستكون لك زوجة. خُذْها ولا تَحسِبْ لِهذا الشَّيطانِ حِسابًا. فإَنَّها ستُزَفُّ إِليكَ زوجة هذه اللَّيلة [16]. ومتى دخلت حجال العُرْس، تأخُذُ جمرًا مِن البخور ومن كَبِدِ الحوتِ وقَلْبِه وتَضَعُه على المِبخَرَة، فتَنبَعِثُ الرَّائِحةُ. يشتمها الشَّيطانُ فيَهرُب، ولَن يَعودَ أَبدًا [17]. وإِذا اقتربت إليها انهضا كِلاكُما واصرخا إلى الله الرحيم، فيُخَلِّصكما ويرحمكما. لا تَخَفْ، فهي نَصيبُكَ مُنذُ القِدَم، وأَنتَ الَّذي ستُخلِّصُها، وستَذهَبُ معكَ. وأَعتَقِدُ أَنَّه سيكونُ لكَ مِنها أَولادٌ" [18]. أشار رئيس الملائكة في حديثه مع طوبيا إلى أمرين: أولاً: وصية طوبيت أبيه أن يأخذ زوجة من سبطه (نفتالي) وفقًا للشريعة. * (بخصوص وصية أبيه أنيتَّخِذَ امرأة مِن شعبه،) لا يجوز الزواج من الأمم (الوثنيين). قيل في وصية طوبيت لابنه: "خذ لك زوجة من نسل آبائك، ولا تأخذ زوجة غريبة ليست من سبط والديك". أيضًا في سفر التكوين أرسل إبراهيم خادمه لكي يتَّخِذ من أقربائه رفقة زوجة لابنه اسحق. وفي رسالة بولس الأولى لأهل كورنثوس يقول: "ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح؟ أفأخذ أعضاء المسيح وأجعلها أعضاء زانية؟ حاشا. أم لستم تعلمون أن من التصق بزانية هو جسد واحد، لأنه يقول يكون الاثنان جسدًا واحدًا. وأما من التصق بالرب فهو روح واحد." (1 كو 6: 15-17) كذلك في الرسالة الثانية إلى أهل كورنثوس: "لا ترتبطوا بغير المؤمنين، فإنه أية شركة بين البرّ والخطية؟ وأية خلطة بين النور والظلمة؟" (2 كو 6: 14) وأيضًا بخصوص الملك سليمان في سفر الملوك الثالث (أخبار الأيام الأول) الزوجات الغريبات جعلن قلبه ينحرف وراء آلهتهن (1 مل 11: 4) . القديس كبريانوس السلاح ضد الشيطان هو الصوم ويُمَثِّله هنا عدم التجاوب مع شهوة الجسد. طلب من طوبيا أن يتفرَّغ مع سارة للصلوات. هذا ما يهزم الشيطان، أما حرق كبد الحوت فيرمز لحرق شهواتهم أو كأنهم قتلوا شهواتهم الشريرة. ما كان يمكن لسارة أن تكون عروسًا لطوبيا إن لم يُحرَق كبد السمكة وقلبها، وما كان لطوبيت أن تُشفى عيناه ليرى النور بعد كل هذا الزمان، ما لم تُمسَح عيناه بمرارة كبد السمكة، هكذا ترمز السمكة إلى السيد المسيح. لقد اقتنى المؤمنين عروسًا سماوية تشاركه المجد بموته واحتماله مرارة الآلام والتهاب قلبه لخلاص العالم، ولا نستطيع أن نخلص من العمى الروحي وندرك الأسرار الإلهية، ونحمل انعكاس النور الإلهي فينا ما لم نتمتَّع بمسحة المصلوب القائم من الأموات. يرى البعض أن المرارة هي الفضيلة الرئيسية التي نتمتَّع بها من خلال السمكة (السيد المسيح)، فإنها وإن بدت مُرَّة غير أنها تنزع عن البصيرة الداخلية كل غشاوة، فتتمتَّع النفس برؤية الأسرار السماوية وتختبر عذوبتها التي لا يُعَبَّر عنها. بالمسيح يسوع نتمتَّع بالحياة الجديدة التي تتحدَّى الموت، فنترنم مع الرسول: "أين شوكتك يا موت؟! أين غلبتك يا هاوية؟!" (1 كو 15: 55). وبه تستنير قلوبنا وتتعرَّف على الأسرار الإلهية. يرى البعض في حرق قلب السمكة وكبدها [17] تقديم ذبيحة سلامة، حيث كان مُقَدِّم الذبيحة يأكل جزءًا منها ويحرق ما تبقَّى من الكبد مع الدهن الموجود في الذبيحة. وقَدَّم السيد المسيح نفسه ذبيحة مصالحة الله مع المؤمنين! حرص رئيس الملائكة رافائيل على تمييز المؤمن بين معرفة الله غير المحدودة ومعرفة الخليقة سواء السماوية أو الأرضية المحدودة. فإن كان طوبيا ووالديه لم يعرفا شخص رئيس الملائكة رافائيل الذي نزل في شكل إنسانٍ أجيرٍ كي يخدم أسرتي طوبيت ورعوئيل وذلك حسب خطة الله وإرادته المقدسة المملوءة حبًا، فقد كشف الله لرئيس الملائكة بعض الأمور وأخفى عنه الأمور الأخرى. كشف له بعض أسرار العائلتين ليقوم بشفاء أمراضهم الجسدية والنفسية والروحية. وكشف له أن زواج طوبيا بسارة كان حسب فكر الله حتى قبل تأسيس العالم، لكن أخفى عنه إن كانا سينجبان أطفالاً أم لا [18]. هذا الإخفاء كان ضروريًا حتى لا يخلط المؤمن بين إمكانيات الله غير المحدودة وإمكانيات المخلوقات المحدودة مهما بلغ سموها. |
|