رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يوسف وتصرف المحبة ثم قال لهم يوسف في اليوم الثالث: افعلوا هذا واحيوا. أنا خائف الله... وأحضروا أخاكم الصغير إليَّ، فيتحقق كلامكم ولاتموتوا ... ( تك 42: 18 - 20) في وقتٍ سابق، وقف يوسف الفتى الضعيف بلا معين بين يدي إخوته الأكبر منه سنًا، وماذا كان يستطيع أن يفعل غلام مثله أمام قوة عشرة رجال؟ في ذلك الوقت لم يترددوا في استخدام قوتهم ليُظهروا حقدهم وحسدهم الذي ملأ قلوبهم من جهته. لقد مر عشرون عامًا وتغيرت الظروف. فيوسف الآن في مركز المجد والسلطان، وإخوته ساجدون أمامه؛ عشرة رجال محتاجون وبلا معين. ماذا يستطيع أن يفعل عشرة غرباء في حضرة حاكم مصر ذي السلطان المُطلق؟ لقد مضى الاتضاع وجاء وقت القوة والسلطان. فكيف استخدم يوسف سلطانه؟ هل سلَّم يوسف إخوته للعبودية القاسية كما قاسى هو العبودية من جراء بيعهم له؟ قد تتخذ الطبيعة البشرية هذا المنهج، وقد يُشبع هذا روح الانتقام تحت ادعاء العدل. وعلى النقيض من هذا قد تقترح الطبيعة منهجًا آخر يختلف عن المنهج السابق تمامًا. فيُظهر يوسف الكرم متغاضيًا عن شر إخوته، كما فعل عيسو الرجل الذي حسب الجسد وتغاضى عن خطأ أخيه. قد تطلب الطبيعة مجد نفسها وتقوم بحملة دعائية لكي تُظهر مقدار كرمها بطريقة مسرحية. ولكن يوسف اتخذ طريقًا آخر. ففي كل مراحل حياته، من الصبا إلى الشيخوخة، لم يكن يوسف خاضعًا لِمَا تمليه عليه الطبيعة، بل كان يحكمه خوف الله ( تك 42: 18 ). كان هذا هو السر وراء كل تصرفاته. فأفكاره وكلماته وطرقه كانت تحكمها مخافة الله، فكان يفكر في الله وفي كل ما يرضيه. وبذلك حُفظ في يوم تجربته من الوقوع في الشر، وفي يوم مجده أيضًا حُفظ من الانتقام من إخوته. فلا الأحزان في أيام اتضاعه، ولا الأمجاد في يوم رفعته، استطاعت أن تزحزحه قيد أنملة عن خوف الله. لقد عرف أن يتضع وعرف أن يستفضل، فمهما كانت الظروف، سيئة أم مُلائمة، فقد كان دائمًا يضع الله بينه وبين الظروف. وهكذا إذ كان سائرًا في خوف الله اتبع طريق الله مع إخوته. وطريق الله هو طريق المحبة. ليس مجرد المحبة البشرية، التي غالبًا ما تكون ضعيفة وكثيرًا ما تفشل، ولكن المحبة الإلهية لها رؤية واضحة ولا يمكن أن تتغاضى عن الأخطاء في مَنْ تحب، ولكن بمعرفة كاملة لِمَا هو مخالف لجوهرها فإنها تعمل لكي تزيل كل لوم، وفي النهاية تستريح بعد أن تكون قد أتمت غرضها بنجاح. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
يوسف و المحبة الكاملة |
يوسف وتصرف المحبة ( تك 42: 7 ، 8) |
يوسف وجفاء المحبة |
يوسف وعطايا المحبة |
يوسف وقيود المحبة ! |