رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
“فَكَيْفَ إِذًا حُسِبَ لَهُ الإِيْمَانُ بِرًّا؟”!
إِذًا فَمَاذَا نَقُول؟ مَاذَا نَالَ إِبْرَاهِيمُ جَدُّنَا بِحَسَبِ الـجَسَد؟ فلَو أَنَّ إِبْرَاهيمَ بُرِّرَ بِالأَعْمَال، لَكَانَ لَهُ فَخْرٌ، ولـكِنْ لا عِنْدَ الله. فمَاذَا يَقُولُ الكِتَاب؟: ” قَدْ آمَنَ إِبْرَاهيمُ بالله، فَحُسِبَ لَهُ ذلِكَ بِرًّا “. إِنَّ مَنْ يَعْمَلُ لا يُحْسَبُ أَجْرُهُ هِبَةً بَلْ حقٌّ. ومَنْ لا يَعْمَل، وهُوَ يُؤْمِنُ بالَّذي يُبَرِّرُ الكَافِر، يُحْسَبُ إِيْمَانُهُ بِرًّا. وداوُدُ أَيْضًا يُطَوِّبُ الإِنْسَانَ الَّذي يَحْسُبُ اللهُ لَهُ بِرًّا بِدُونِ أَعْمَال: “طُوبَى للَّذينَ غُفِرَتْ آثَامُهُم، ولِلَّذينَ سُتِرَتْ خَطَايَاهُم! طُوبَى للرَّجُلِ الَّذي لا يَحْسُبُ الرَّبُّ عَلَيْهِ خَطِيئَة!”. فَهَلْ كَانَ هـذَا التَّطْويبُ عَلى الـخِتَانَةِ فَقَط، أَمْ عَلى عَدَمِ الـخِتَانَةِ أَيْضًا؟ لأَنَّنَا نَقُول: “حُسِبَ الإِيْمَانُ لإِبْرَاهيمَ بِرًّا”. فَكَيْفَ إِذًا حُسِبَ لَهُ الإِيْمَانُ بِرًّا؟ أَحينَ كَانَ في الـخِتَانَةِ أَمْ في عَدَمِ الـخِتَانَة؟ لا في الـخِتَانَةِ بَلْ في عَدَمِ الـخِتَانَة! ولَقَدْ قَبِلَ عَلاَمَةَ الـخِتَانَةِ خَتْمًا لِلبِرِّ الَّذي نَالَهُ بِالإِيْمَان، وهُوَ بَعْدُ في عَدَمِ الـخِتَانَة، لِيَكُونَ هُوَ نَفْسُهُ أَبًا لِجَمِيعِ الَّذينَ يُؤْمِنُون، وهُم في عَدَمِ الـخِتَانَة، فَيُحْسَبُ لَهُم ذلِكَ بِرًّا، ويَكُونَ أَيْضًا أَبًا لأَهْلِ الـخِتَانَة، الَّذينَ لَيْسُوا أَهْلَ الـخِتَانَةِ فَحَسْب، بَلْ هُمْ يَسْلُكُونَ عَلى خُطَى الإِيْمَانِ الَّذي كَانَ لأَبِينَا إِبْرَاهِيم، وهُوَ بَعْدُ في عَدَمِ الـخِتَانَة. قراءات النّهار: روما ٤: ١-١٢ / يوحنا ٨ : ٣١-٣٧ التأمّل: يقارن البعض بين ما ورد في الرّسالة اليوم حول أن الله يحسب للإنسان “بِرًّا بِدُونِ أَعْمَال” وبين ما ورد في رسالة مار يعقوب وهو: ” الإِيْمَانُ أَيْضًا، إِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بالأَعْمَال، فهوَ مَيْتٌ في ذَاتِهِ” (يعقوب ٢: ١٧) ليستنتجوا بأنّ هناك تناقضاً ما بين المفهومين. الحقيقة أنّ النصّ الأوّل يحذّر الإنسان من الوقوع في الغرق في مفهومٍ ماديّ للإيمان حين يظنّ بأنّ الأعمال تشكّل رشوةً لله كي يرحمه أو كي يغفر له دون اعتبارٍ لقوّة إيمانه أو ضعفه… فكم من الصالحين يشوّهون صورة الله بإيمانٍ “تقليدي” موروث يظهّر الله كإلهٍ قاسٍ أو بعيدٍ عن الرّحمة. النصّ الثاني يشدّد على فكرة ترجمة الإيمان بالأعمال دون إهمال تغذية إيماننا لينمو فيستمرّ! فلنعمل إذاً كي نترجم إيماننا ساعين، على الدوام، لتغذية إيماننا وتقويته! |
|