![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ناموس المسيح _ أغسطينوس ![]() تمموا ناموس المسيح القديس أغسطينوس الطاعة في العهد القديم كانت تتسم بالخوف، أما هبة العهد الجديد فهي المحبة، وليست هناك إشارة أوضح على ذلك من هذه العبارة التي يقول فيها الرسول: "أحملوا بعضكم أثقال بعض وهكذا تتموا ناموس المسيح" (غلا 6: 2). إذ نفهم أن ناموس المسيح يشير إلى حقيقة أن الرب نفسه أوصانا أن نحب بعضنا بعضاً، مُشدداً على أهمية ذلك قائلاً: "بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي إن كان لكم حُبَّ بعضاً لبعض" (يو 13). علاوة على ذلك، مسئولية هذا الحبِّ تتطلب أن نحمل بعضنا أثقال بعض. لكن هذه المسئولية - غير الأبدية - تقود بلا شك إلى نعيم أبدي حيثما لا توجد أثقال يتطلب علينا أن نحملها بعضنا لبعض. إلا أننا في الوقت الحاضر، بينما نعيش في هذه الحياة - هذه الرحلة – علينا أن نحمل بعضنا أثقال بعض، لكي يمكننا تحقيق هذه الحياة الآتية، الخالية من كل ثقل. لنأخذ على سبيل المثال الأيِّل، التي كتب عنها بعض العارفين. عندما تسبح الأيائل عابرة قناة متجهة إلى جزيرة ما بحثاً عن مرعى، تُشكل صفاً طولياً بحيث يكون وزن رؤوسهم - المثقلة بالقرون - محمولة كل منهما على الاخر، فالإيِّل الذي في الخلف - بتمديد رقبته - يضع رأسه على من يتقدمه. علاوة على ذلك، لكونه لابد أن يكون هناك أيِّل واحد في المقدمة ليس له أحد يسند عليه رأسه، يُقال أنهم يأخذون مركز الصدارة بالتناوب، بحيث أن الأيِّل المتقدم عندما ينهك من ثقل وزن رأسه يرجع إلى نهاية الخط، والأيِّل الذي كان خلفه - مستنداً برأسه عليه - يأخذ مكانه في المقدمة. بهذه الطريقة، يجتازون المياة وهم يحملون أثقال بعضهم البعض حتى يجيئوا إلى الأرض الصلبة. ربما كان في ذهن سليمان هذه السمات الخاصة بالأيِّل عندما قال: "لترافقك أيِّلة الصداقة ومهرة المودة" (أم 5: 19 س). إذ أنه لا شيء يُبرهن على الصداقة الحقة مثل حمل أثقال الصديق. مع هذا، لن نستطيع حمل أثقال بعض، إذا كان الطرفين - الذي كل منهما يحمل أثقاله - يفعلون ذلك في نفس الوقت، أو إن كان لهم نفس نوع الضعف. إلا أن الأوقات المختلفة وأنواع الضعف المختلفة تجعلنا نستطيع حمل أثقال بعضنا البعض. على سبيل المثال، أنت تحمل غضب أخيك في وقت تكون أنت نفسك غير غاضب منه، وهو بدوره يمكنه مساندتك بلطفه وهدوئه في وقت يكون الغضب قد تمكَّن منك. هذا المثال يشير إلى الوضع الذي يحمل فيه كل طرف أثقال الآخر في أوقات مختلفة، بالرغم من أن الضعف ذاته مشترك فيما بينهم، إذ أن كل واحد يتحمل غضب الآخر. أما بالنسبة للوضع الذي يكون فيه نوع الضعف مختلف، نحتاج مثالاً آخر. لنأخذ حالة شخص تغلَّب على الثرثرة في نفسه ولم يتغلب بعد على العناد، بينما الشخص الآخر ثرثار لكنه ليس بعد بعنيد. الأول يجب عليه تحمل ثرثرة الشخص الآخر في محبة، والأخير يجب عليه أن يتحمل عناد الأول، وذلك إلى أن تتم معالجة كل واحد من مرضه الخاص. بالطبع، إذا كان نفس الضعف يُصيب كلا الطرفين في نفس الوقت، لن يستطيعوا تقديم المساندة أحدهما للآخر، بينما كل طرف على خلاف مع نفسه. من الواضح، لو أثنين غضوبين على أتفاق مع بعضهم البعض ضد شخص ثالث، يجب أن لا يقال أنهم يساندون بعضهم البعض بل بالأحرى يشجعون بعضهم البعض في الخطأ. لنأخذ مثالاً أخر، الحزانى على مسألة معينة، هم يدعمون أحدهما الآخر، ويتكئون كل واحد على الآخر، لو كان الواحد منهم حزين والآخر سعيد ما كان يمكنهم فعل ذلك. لكن لو كان كل طرف يحزن على الآخر، من الواضح أنهما لن يستطيعوا تقديم الدعم بعضهما لبعض. لذا، يجب عليك أن تواجه الضعف ذاته الذي تريد أن تُحرِّر منه الشخص الآخر بواسطة جهودك، وتشارك الآخر بغرض تقديم المساعدة والعون، لا أن تنزلق أنت وتصل إلى نفس درجة البؤس. بشكل مماثل، لو أن هناك شخص ما واقع على الأرض، سوف تنحني وتمد يديك إليه، إذ أنك لن تلقي بنفسك على الأرض فتتمدد بجانبه، بل تنحني فقط لكي ترفع الشخص الواقع. علاوة على ذلك، ليس هناك شيء يجعلنا نبذل كل طاقتنا في حمل أثقال الآخرين عن طيب خاطر - الأمر المُلزمين بتنفيذه - سوى التفكير في مقدار الآلام الذي تحملها الرب من أجلنا. ينصحنا الرسول بهذا قائلاً: "فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضاً الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس. وإذ وُجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب" (في 2). إذ أنه قد قال قبلاً: "لا تنظروا كل واحد إلى ما هو لنفسه بل كل واحد إلى ماهو لآخرين أيضاً"، ولهذه الوصية ضم النص السابق. النقطة المحددة هي : كما أن ذاك لم يهتم بمصلحته الخاصة بل بمصلحتنا، والكلمة صار جسداً وعاش بيننا، وحمل خطايانا رغم أنه بلا خطية، هكذا يجب علينا نحن أيضاً - بتقليدنا إياه - أن نحمل أثقال بعضنا البعض. لهذا أضاف الرسول أن الرب صار إنساناً. أما فيما يخصنا كبشر، يجب علينا مراعاة أنه من الممكن نحن أنفسنا أن يكون عندنا - أو نُصاب مستقبلاً - هذا المرض الذي للنفس أو الجسد الذي نراه في الشخص الآخر. لذلك لنقدم للشخص الذي نريد أن نحمل ضعفه ما نريده أن يقدمه لنا، إذ ربما خضعنا أنفسنا لذات الضعف في المستقبل. هذا له علاقة بما قاله الرسول: "صرت للضعفاء كضعيف لأربح الضعفاء، صرت للكل كل شيء لأخلص على كل حال قوماً" (2 كو 9)، هذا بالنظر إلى حقيقة أن حتى هو ذاته من الممكن أن يُمسك في ذات الضعف الذي يرغب بتحرير الآخر منه. إذ أنه كان يُحاول أن يفعل ذلك بإستخدام الحُنو والشفقة - لا بالكذب كما يزعم بعض الأشقياء. يجب أن نتذكر أنه ليس هناك إنسان ليس فيه بعض الصفات الحسنة ولو مخفية، والتي قد لا تكون أنت قد حُزت عليها بعد، وبها يمكنه أن يكون متفوقاً عليك بلا شك. هذا الإعتبار له أهمية كبيرة في سحق وكبح الكبرياء، لئلا تظن بسبب بعض الصفات المميزة الواضحة فيك، أن ليس هناك أي شخص آخر غيرك عنده أي صفات جيدة، حتى ولو مخفية، أو ربما صفات لها أهمية أعظم، بها يتفوق هو عليك دون أن تعلم. والرسول يوجهنا أن لا نخدع أو نستخدم المداهنة، عندما يقول: "لا شيء بتحزب أو بعُجب بل بتواضع حاسبين بعضكم البعض أفضل من أنفسهم" (في 2). يجب أن لا نُقيِّم الآخر بطريقة نتظاهر فيها بتقيمه لكننا في الحقيقة نقلل من قيمته. بل يجب علينا أن نعتبر بصدق إمكانية أن يكون الآخر متفوقاً علينا نتيجة لفضيلة مخفية، حتى لو كانت لياقتنا الأخلاقية التي نبدو بها أرفع من الآخرين ظاهرة أمام الجميع. هذه الأفكار التي نسحق بها التفاخر ونُشعل بها المحبة، تنشأ بين الأخوة الذين يحملون بعضهم أثقال بعض، ليس فقط بإتزان ورصانة بل أيضاُ بإستعداد ورغبة عظيمة. علاوة على ذلك، بالنسبة لشخص ما لا نعرفه شخصياً، يجب أن لا نُصدر أي أحكام مسبقة تجاهه مطلقاً، إذ لا يمكن معرفة شخص معرفة صحيحة إلا من خلال الصداقة. ولهذا السبب، نحن نتحمل بصمود الصفات السيئة في أصدقائنا، لأن صفاتهم الجيدة تبهجنا وتأسرنا. وفقاً لذلك، يجب أن لا نرفض صداقة أي شخص يُقدم ذاته طالباً الصداقة. لا أقصد أن يتم قبوله فوراً، بل يجب أن يُرحَّب به كشخص جدير بالقبول، ويُعامل هكذا. ويمكن أن نقول أن الشخص تم قبوله كصديق لمن نجرأ ونكشف لهم كل خططنا. وإذا كان هناك شخص ما يفتقر الشجاعة لكي يعرض نفسه لنا للصداقة، بل تعوقه بعض الكرامات أو الرتب الدنيوية التي تخصنا، يجب علينا أن ننزل إليه ونعرض عليه بلطف وإتضاع ما لم يتجاسر هو ويطلبه. إلا أنه بالطبع قد يحدث من وقت لآخر ولو نادراً، فيما يخص الشخص الذي نريد أن نصادقه، إن نعلم بصفاته السيئة قبل أن نعلم صفاته الحسنة، فنعثر فيه ونتراجع ونتخلى عنه ولا نستعلم عن صفاته الحسنة، التي ربما تكون مخفية. لهذا السبب، ينصحنا الرب يسوع المسيح - الذي يريدنا أن نتبع مثاله - بأن نحمل ضعفات هذا الشخص، لكي من خلال التحمل الصامد للمحبة ننقاد نحو إقتناء الفضائل العالية التي تمنحنا البهجة والفرح الذي يُشبعنا. إذ أنه يقول: "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى" (مت 9). لذا، يجب علينا من أجل خاطر محبة المسيح، أن لا نرفض من حياتنا شخص مريض بأي حال من الأحوال، لأنه من الممكن أن يصير صحيحاً بواسطة كلمة الله. إذا كان الأمر كذلك، فينبغي علينا بالأكثر أن لا نرفض ذلك الشخص الذي يبدو أمامنا مريضاً بالكلية، لكوننا لا نستطيع تحمل بعض الضعفات منه في بدايات الصداقة. وما هو أكثر خطورة، أننا تجاسرنا في إستيائنا فأصدرنا أحكاماً طائشة متحاملة على الشخص، غير مبالين بالكلمات التي تقول: "لا تدينوا لكي لا تدانوا ... بالكيل الذي به تكيلون يُكال لكم" (مت 7). على أية حال، غالباً ما تظهر أولاً الصفات الحسنة في الشخص. فيما يتعلق بهذا، يجب أن تحذر أيضاً من الأحكام الطائشة النابعة من النية الحسنة، لئلا بتصورك أن الشخص حسن وجيد بالكامل، عندما تظهر صفاته السيئة فيما بعد تجدك خالي من الشك وغير مستعد، فتُصدَّم فيه بشدة أكثر، والشخص الذي أحببته بطياشة سوف تكرهه بأكثر حدَّة، الأمر الغير صحيح على الإطلاق. إذ أنه حتى لو لم تظهر فيه أي صفة حسنة أول الأمر، وحتى ولو أن الصفات الأولى الظاهرة هي التي بدت سيئة بعد ذلك، كان يجب عليك أن تتحملها، إلى أن تفعل كل شيء معه يجلب له الشفاء من هذه الضعفات. فكم يكون الأمر ضرورياً مع الشخص الذي سبق وكان فيه بالفعل صفات حسنة، والتي كانت يجب - كتعهدات - أن تمنعنا من التخلي عنه فيما يحدث له بعد ذلك. هذا إذاً هو ناموس المسيح، أن نحمل بعضنا أثقال بعض. ومن خلال محبتنا للمسيح نحمل بسهولة ضعفات الآخر، حتى ذلك الآخر الذي لم نحبه بعد لأجل صفاته الحسنة، إذ أننا ندرك أن هذا الشخص الذي نُحبه هو من مات المسيح من أجله. هذا هو الحُب الذي شدَّد عليه الرسول عندما قال: "فيهلك بسبب علمك، الأخ الضعيف الذي مات المسيح من أجله" (1 كو 8). إن قصد بولس هو أنه إذا كنا سوف نُحب هذا الأخ الضعيف بشكل أقل، لكونه ضعيفاً نتيجة لسقوط أخلاقي، يجب علينا إذاً أن نحترم ذلك الشخص المرتبط به، أي الرب الذي مات من أجله. لهذا السبب، يجب علينا - بإلتماس رحمة الله وعنايته العظيمة - أن نُصمّم ألا نُهمل المسيح بسبب الشخص الضعيف، بل نحب الضعيف بسبب المسيح. |
![]() |
رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ربنا يبارك حياتك
|
||||
![]() |
![]() |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
يرى أن الذين بلا ناموس يعصون ناموس الطبيعة الذي فيهم |
من خلال ناموس الله أن يحرر نفسه من ناموس الخطية |
لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع |
ناموس روح الحياة بيسوع المسيح |
ناموس روح الحياة في المسيح |