13 - 12 - 2014, 02:04 PM
|
|
|
..::| VIP |::..
|
|
|
|
|
|
لاتظنوا أني جئت لأنقض الناموس والأنبياء..ما جئت لأنقض ,بل لأكمل
بقلم مثلث الرحمات طيب الذكر المتنيح: البابا شنودة الثالث ١٣ ديسمبر ٢٠١٤
العظة علي الجبل
مت5:17-(2)
كذلك صحح السيد المسيح مفهومهم لعبارة عين بعين وسن بسنمت5:38.
هذه العبارة لم تكن قاعدة للمعاملات الفردية إنما كانت للأحكام القضائية يحكم به القضاة بالعدل في الخصومات بين الناس فالتعويض الذي يأخذه المعتدي عليه يطابق تماما الخسارة التي نالته.. هنا لم ينقض المسيح الآية إنما تركها للقضاة إن حكموا بها يكونون عادلين.
ولكنه كل التشريع القضائي بتشريع التعامل الشخصي.
وكما يقول المثللو تصالح الخصمان لاستراح القاضيفقال السيد في مجال هذا التعامل لاتقاوموا الشر..وقد حدث هذا في العهد القديم أيضا إنه يذكرنا بما حدث من يوسف الصديق علي الرغم من شر إخوتهتك37:147صم24:10وكذلك يذكرنا بموقف داود النبي من اعتداءات شاول الملك عليه وموقفه أيضا من سب شمعي بن جيرا له2صم16:5-12.
جاء السيد المسيح ليصحح المفاهيم لا ليغير الشريعة.
وصدق الكتاب حينما قالهلك شعبي من عدم المعرفةهو4:6ما أكثر المدارس الخاطئة التي كانت تضللهم..وهكذا قال لهم الرب في العهد القديم يا شعبي مرشدوك مضلونأش3:12وكرر نفس العبارة أيضا فقال مرشدو هذا الشعب مضلينأش9:16.
وقبيل ميلاد المسيح كانت هناك طوائف كثيرة مضللة للشعب حتي أنه قال عن هؤلاء جميع الذين أتوا قبل هم سراق ولصوصيو10:8وكتان منهم أيام المسيح الكتبة والفريسيون وأيضا الصدوقيون الذين ما كانوا يؤمنون بالروح ولا بالملائكة ولا بالقيامةمت22:23أع23:8ولهذا نقول:عبارةسمعتم أنه قيل للقدماء لم تكن باستمرار موجهة للناموس إنما أحيانا لما سمعوه من تعاليم الناس.
مثال ذلك سمعتم أنه قيل:تحب قريبك وتبغض عدوكفهنا عبارة تبغض عدوكهي من تعاليم الناس أو من شروحاتهم ومفاهيمهم لأنه لا توجد آية في العهد القديم تأمر الإنسان بأن يبغض عدوه.
فهنا المسيح يتكلم عن الفهم السائد ويصححه.
ومن مظاهر هذا الفهم الخاطيء الحرفية في فهم الناموس فجاء السيد المسيح لكي يقدم لهم روح الناموس التي تفهم بها نصوصه.
2- الروح وليس الحرف:
وكما يقول الكتابلا الحرف بل الروح لأن الحرف يقتل ولكن الروح يحيي2كو3:6وفي الوقت الذي ألقي فيه السيد المسيح عظته كان الكتبة والفريسيون يتمسكون بحرفية الوصايا تمسكا يخرج بهم عن روحها ومفهومها .
ومن أمثلة حرفيتهم في فهم الناموس تعليمهم بخصوص تقديس السبت.
هذه الحرفية التي جعلتهم ينتقدون المسيح انتقادا مرا لأنه كان يشفي بعض المرضي في يوم السبت,حتي أنهم قالوا للمولود أعمي الذي منحه السيد المسيح بصرا في يوم السبت إن الذي شفاه هو إنسان خاطيء وقالوا أيضاهذا الإنسان ليس من الله,لأنه لا يحفظ السبت متمسكين بقول الرب عن السبت لاتعمل فيه عملاتث5:14فكان لابد للسيد المسيح أن يشرح لهم مفهوم العمل في السبت مهما اتهموه بكسر السبت ونقضه.
إن عبارة عملا من الأعمال لاتعمل فيهلا23:3لاتعني عدم العمل بمعني مطلق لأنه يجوز عمل الخير في السبوت.
فالذهاب إلي الهيكل عمل وقراءة الكتب المقدسة عمل وتعليم الناس عمل..إنما المقصود بوصية السبت عدم العمل فيه هو أن الإنسان لاينشغل في السبت بأمور العالم الدنيوية ولكن لا مانع من أن يعمل رحمة لإنسان محتاج إليها وعمل الرحمة ليس ضد الوصية.. شفاء مريض وإراحته من آلامه في يوم سبت ليس نقضا للناموس وهكذا أجاب السيد المسيح علي سؤال يحير الفريسيين وهو:
هل يحل الإبراء في السبوت؟مت12:10.
قال لهممن منكم يكون له خروف واحد فإن سقط هذا في السبت في حفرة أفما يمسكه ويقيمه؟فالإنسان هو أفضل من الخروف إذن يحل فعل الخير في السبوتمت12:12,11وهنا لم يكن السيد ينقض الناموس في وصية السبت إنما كان يشرحه ويوضح المقصود منه ويكمل فهم الناس له.
وفي العظة علي الجبل,كما حارب الحرفية حارب أيضا السطحية ودعاهم للدخول إلي الفضيلة في عمقها.
3-الدخول إلي العمق:
الفضيلة ليست مجرد ممارسات إنما هي محبة للخير داخل القلب والممارسات مجرد تعبير عن حالة القلب الداخلية.
والخطية ليست فقط الممارسة الظاهرة وإنما هي محبة الشر داخل القلب وعن هذه المحبة تصدر الممارسة الخارجية.
بهذا يبدأ الزني داخل القلب قبل ممارسته بالجسد.
وهذا ما أراد السيد المسيح أن يعلمه للناس.
وكذلك القتل يبدأ أولا في القلب:كراهية أو قسوة وقد تظهر هذه الكراهية كأخطاء للسانرقا-أحمقوتتطور إلي القتل إذن معالجة القلب واللسان تكون أولا:
والعطاء هو أصلا محبة للفقير والصلاة هي محبة لله.
ومادامت محبة قلبية إذن لا علاقة لها بالمظاهر الخارجية وإلا كان هدفها مديح الناس,وحينئذ لاتكون الصدقة صدقة ولا الصلاة صلاة..إنما إنسان يبحث عن أجر من الناس وقد استوفي أجره في كل هذا يريد المسيح أن يوجه الناس إلي العمق.
إنه لايريد الناس أن يفهموا الناموس بطريقة ناموسية أعني مجرد أوامر ونواه.
إنما الفضيلة قبل كل شيء هي محبة الله ومحبة الناس وبهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والأنبياءمت22:4والسيد المسيح أراد أن يوجههم إلي هذا العمق فلا يكتفون بطاعة الناموس بدون روح وبدون محبة لله وللناس.
وهذه المحبة أرادها الله في العهد القديم أيضا.
وانتقد بل رفض العبادة الشكلية والممارسات الخارجية الخالية من الحب ذكرهم السيد المسيح بهذا الأمر وقال لهمحسنا تنبأ عنكم أشعياء أنتم المرائين كما هو مكتوب:هذا الشعب يكرمني بشفتيه وأما قلبه فمبتعد عني بعيدا وباطلا يعبدونني وهم يعلمون تعاليم هي وصايا الناسمر7:7,6مت15:9,8
ونفس هذا المعني هو تعليم بولس الرسول عن الناموس.
فهو حينما يقول لستم تحت الناموس بل تحت النعمةرور6:14ويقصد أنكم كأبناء لله بالإيمان والمعمودية لستم في بر المسيح تعيشون بمجرد الأوامر والنواهي التي للناموس بل بمحبة الأبناء لأبيهم إذ صرتم أبناء فلكم البر الذي يأمر به الناموس ولكنه بطاعة العبيد إنما بالنعمة التي يعيش بها الأبناء.
ومع ذلك فبولس الذي تكلم عن النعمة لم ينكر الناموس.
إنه يقول عن نفسه من جهة الناموس فريسي ..من جهه البر الذي في الناموس بلا عيبفي3:6,5ويقول عن نفسه أيضا لست بلا ناموس لله بل تحت ناموس المسيح1كو9:21ولكنه لايقصد بالناموس مجرد الأوامر والنواهي التي يطيعها العبيد,إنما إطاعة الوصايا في جو النعمة والمحبة كأبناء .
وهذا ينقلنا إلي نقطة أساسية وهي تكميل الناموس بالمحبة
ماذا قصد المسيح بعبارة ما جئت لأنقض بل لأكمل؟.
|