رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يُمكن أيضًا تفسير "لم يتوجعوا" بطريقة أخرى. توجد في الجسد بعض أعضاء قد تضمر وتموت... الفارق كبير بين الأعضاء الحية والميتة. فإذا قمنا بعلاج عضو حيّ يتألم الشخص، بينما إذا اُستخدم نفس العلاج لنفس الشخص بالنسبة للعضو الميت فإنه لا يشعر بشيء، لأنه بالنسبة له العضو ميت. ما قلناه عن الجسد ينطبق على النفس، فهي أيضًا يمكن أن تكون ميتة في أعضائها فلا تشعر بضربات السياط مهما كانت شدتها. حتى إن اُستخدمت العذابات المخيفة لن تتأثر بها، بينما يمكن لنفس أخرى أن تتأثر وتتوجع. يكون الإنسان أكثر حزنًا عندما لا يشعر بالألم الساقط عليه مما لو كان شاعرًا به، فإنه يرجو بالأحرى أن يتوجع عندما تحل به الآلام، لأن هذا دليل على أنه لا يزال حيَّا. إنه يحزن لعدم شعوره بالضربات. فإن العبارة "يشتاقون أن يكون للحريق مأكلًا للنار" (إش 9: 4)، تشير إلى الذين لا يتوجعون حين تحل بهم الجلدات، إن أدركوا الفارق بين الذين يتوجعون والذين لا يتوجعون، يشتاقون إلى الإحساس بحروق النار عن عدم الشعور بها. وأيضًا عند الاقتراب من النار المعدة للخطاة يرجون أن يشعروا بها عن عدم الشعور بها]. يعلق أيضًا على العبارة: "أفنيتهم وأبوا قبول التأديب" [3]، قائلًا: [الله في عنايته ورحمته يقوم بعمله التطهيري من أجل خلاص النفس، ويذهب في هذا العمل حتى النهاية (الفناء) من جانبه. فإن كل ما يحل علينا من قبل العناية الإلهية يهدف إلى كمالنا، ومع هذا نحن لا نقبل التأديبات الإلهية التي تقودنا إلى الكمال ]. يُشبَّه الله بالمدرس الذي يقدم الدروس بالكامل، باذلًا كل جهده لتعليم التلاميذ، بعضهم يقبل التعليم والآخرون يرفضون. يعلق أيضًا نفس العلامة على العبارة: "صلَّبوا وجوههم أكثر من الصخر" [3]، قائلًا: [يوجد بين الخطاة من يخجلون ويختبئون عند سماعهم كلمات التوبيخ، فيخضعون لها إذ تؤثر فيهم، كما يوجد من لا يخجلون من التوبيخ على تصرفاتهم وخطاياهم التي ارتكبوها، فيمكن أن يُقال عنهم: "صلَّبوا وجوههم أكثر من الصخر" [3]... لنطبق ذلك على النفس، آخذين في اعتبارنا أنها هي الوجه الذي قيل عنه:" (ننظر) وجهًا لوجه" (1 كو 13: 12). فالنفس أحيانًا تكون صلبة وقاسية أكثر من نفس فرعون، تقاوم الإنذارات، وترفض كل ما يُقال لها، بدلًا من أن تترك ذاتها تتشكل من جديد خلال الإنذارات ]. |
|