رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
دعوة السمائيين للتسبيح هَلِّلُويَا. سَبِّحُوا الرَّبَّ مِنَ السَّمَاوَاتِ. سَبِّحُوهُ فِي الأَعَالِي . في الترجمة الكلدانية: "سبحي الرب أيتها الخلائق المقدسة من السماء". إذ يدعو المرتل الخليقة كلها لتتهلل مسبحة الرب، يبدأ المزمور بالصف الأول من الخورس. يقول: "هللويا. سبحوا الرب من السماوات، سبحوه في الأعالي؛ سبحوه يا جميع ملائكته، سبحوه يا كل جنوده" (مز 1:148-2). يبدأ موكب التسبيح بالساكنين في السماء، الذين في الأعالي. يتغنى الملائكة، أصواتهم عذبة وهادئة . إذ يصير المؤمن سماء، يُقام في داخله ملكوت الله، وتنطلق نفسه بكل طاقاتها نحو الأعالي، تشارك السمائيين تسبيحهم للرب. *الآن أعرض لكم ظروف الصلاة المختلفة: الطلبة والشكر والتسبيح. في الطلبة يسأل الشخص الرحمة لأجل خطايانا، وفي الشكر تقدِّم الشكر لأبيك السماوي، وفي صلاة التسبيح تسبِّح الله لأجل أعماله. عندما تكون في ضيقٍ، قدِّم طِلْبًة لله. عندما يعطيك الله عطايا صالحة، فلتشكر العاطي. عندما يتهلَّل ذهنك، قدِّم لله التسبيح. لذلك قدِّم هذه الصلوات بتمييز إلى الله. انظر إلى داود عندما كان يقول دائمًا: "في نصف الليل أقوم لأحمدك على أحكام برّك" (مز 119: 62). وفي مزمور آخر يقول داود: "هلِّلويا، سبِّحوا الرب من السماوات، سبِّحوه في الأعالي" (مز 148: 1). وفي مزمور آخر: "أبارك الرب في كل حين. دائمًا تسبحته في فمي" (مزمور 34: 1)، لذلك لا تستعمل نوعًا واحدًا من الصلاة، ولكن استخدم كل الأنواع في أوقات متفرِّقة . القدِّيس أفراهاط *يصير التسبيح لله على ثلاثة وجوه: أ. الخلائق غير الناطقة وعديمة الحياة (الجامدة) تسبح بظهورها فقط وجمالها، فتحرك الناظرين إليها وتحرضهم على التسبيح لخالقها. ب. الخلائق الناطقة، يسبحون الله بكلامهم وحُسن أعمالهم الصالحة، فيمجدوا أباهم الذي في السماوات... ج. في تعديد المخلوقات كلها لم يُذكر الابن والروح القدس لكي يبكموا المجدفين على الابن والروح القدس بأنهما مخلوقان. إنهم يوضحون أن الابن الوحيد والروح القدس ليسا من المخلوقات المسبحة لله، بل هما إله واحد مع الآب. جاءت كلمة "السماوات" في العبرية بالجمع، وتترجم أحيانًا "سماء السماوات" للتمييز بينها وبين السماء بمعنى الجلد الذي خلقه الله في اليوم الثاني. وأيضًا أحيانًا ندعو الهواء سماءً كالقول: "طيور السماء". الأب أنسيمُس الأورشليمي *سبحوا بكل كيانكم؛ بمعنى لا يكن لسانكم وصوتكم وحدهما يسبحان الله، وإنما ضميركم أيضًا وحياتكم وأعمالكم. الآن إذ نحن مجتمعون معًا في الكنيسة نسبح. عندما نخرج كل واحدٍ إلى عمله، يبدو أننا نكف عن تسبيح الله. ليت الإنسان لا يكف عن أن يعيش حسنًا، بهذا يسبح الله على الدوام... يستحيل أن تكون أعمال إنسانٍ شريرة إن كانت أفكاره صالحة. لأن الأعمال تصدر عن الفكر. ولا يستطيع إنسان أن يفعل شيئًا أو يحرك أطرافه لعمل ما لم يسبقه أمر من فِكِرِه. كما أن كل ما ترونه يتم في الأقاليم إنما يتم حسب ما يأمر به الإمبراطور من داخل قصره إلى كل الإمبراطورية الرومانية. كم من تحركات يسببها أمر واحد يصدر بواسطة الإمبراطور وهو جالس في قصره! مجرد يحرك شفتيه ويتكلم يتحرك كل الإقليم لتنفيذ ما ينطق به. هكذا في حالة الإنسان أيضًا، فإن الإمبراطور في الداخل، كرسيه في القلب [كان يُنظر للقلب كمركز للأفكار، والكلُى كمركز للعواطف]. إن كان القلب صالحًا ويصدر أمورًا صالحة، تُمارس أعمال صالحة. حينما يجلس المسيح هناك، ماذا يمكن أن يصدر إلا ما هو صالح؟ وإذا كان الشيطان هو المُقيم فيه، ماذا يأمر إلا بالشر؟ ولكن الله يريد أن يكون الأمر حسب اختياركم من الذي يحتل الموضع: الله أم الشيطان. عندما تعدون المكان سيحكم من هو مقيم فيه. لهذا أيها الأحباء لا تنصتوا إلى الصوت فقط حين تسبحون الله، سبحوا بكل كيانكم. سبحوا بلسانكم وحياتكم وأعمالكم، كل هذه فلتسبح. "سبحوا الرب من السماوات" إذ وجد (المرتل) في السماوات من ينعمون بالسلام بتسبيحهم الرب، لذا يحثهم أن يقوموا ويسبحوا... أولًا يقول: "من السماوات"، وبعد ذلك "من الأرض"، لأن الله الذي نسبحه هو خالق السماوات والأرض. كل الذين في السماوات هم في هدوءٍ وسلامٍ. هناك فرحٍ دائمٍ، ليس موت ولا مرض ولا مصدر إغاظة، هناك الطوباويون يسبحون الله على الدوام. أما نحن فلا نزال أسفل، عندما نفكر كيف أن الله يُسبح هناك، يكون قلبنا هناك، وليس باطلًا نسمع القول: "ارفعوا قلوبكم". لنرفع قلوبنا إلى فوق، فلا تفسد على الأرض. فإننا نُسر بما يفعله الملائكة هناك. نفعل هذا الآن هنا في رجاء، ونمارسه حقيقة عندما نذهب هناك. عندئذ: "سبحوه في الأعالي". القديس أغسطينوس سَبِّحُوهُ يَا جَمِيعَ مَلاَئِكَتِهِ. سَبِّحُوهُ يَا كُلَّ جُنُودِهِ . لما كان أتباع ماني كغنوسيين يعتقدون بالثنائية، عالم روحي من صنع الكائن الأسمى، وعالم مادي شرير من عمل "الخالق" وهو أدنى من الكائن السامي، لهذا يتحدث القديس الذهبي الفم معلقًا على هذا المزمور بأنه يليق بنا أن ندرك أنه توجد خليقة واحدة، قسم منها يُدرك بالحواس كالمادة، وقسم آخر يدرك بالعقل كالكائنات الروحية أو الطغمات السماوية، لكن الجميع يشتركون معًا كخورسٍ واحدٍ يسبحون الإله الواحد، خالق الكل. يرى القديس جيروم أن المرتل إذ يبدأ بالطغمات السماوية لتسبح الرب، إنما يُحسب هذا دعوة موجهة إلينا لكي يصير كل إنسانٍ كواحدٍ منهم يسبح الرب، أما من يقاوم الله مثل الشيطان فلا يستطيع أن يسبح. *من كان ملاكًا فليسبح، ومن كان شيطانًا فلا يقدر أن يسبح. القديس جيروم *"سبحوه يا جميع ملائكته، سبحوه يا جميع قواته..." [2-5]. وكأنه يُقال له: "لماذا يسبحونه؟ ماذا أنعم به عليهم حتى يسبحوه؟" لهذا أكمل قائلًا: "لأنه هو قال فكانت، وهو أمر فخُلقت". ليس بالأمر المدهش أن الأعمال تسبح العامل، ليس من دهشة أن الأشياء المصنوعة تسبح صانعها، المخلوقات تسبح خالقها. في هذا إشارة أيضًا إلى المسيح، وإن بدا أننا لا نسمع اسمه... بمن خلقوا؟ بالكلمة (يو 1: 1-2). يُظهر في هذا المزمور أن كل شيء صنع بالكلمة. "لأنه هو قال فكانت؛ وهو أمر فخُلقت". ليس أحد يتكلم، ليس من يأمر إلا بالكلمة. القديس أغسطينوس *إن أردت أن تعرف شيئًا عن الشاروبيم والسيرافيم اسمع التسبحة السرية التي تخص قداسته: "السماء والأرض مملوءتان من مجده" (إش 6: 3)، إذ يقول داود: "سبحوه يا كل جنوده" (مز 148: 2). إن سألتم عن القوات العلوية تجدون عملهم الوحيد هو تسبيح الله... كيف تقدر طبيعة مخلوقة أن تعاين الطبيعة غير المخلوقة؟ إن كنا لا نقدر مطلقًا أن نشاهد أية قوة روحية حتى المخلوقة مثل الملائكة، فكم بالأحرى لا نقدر أن نرى الجوهر الروحي غير المخلوق، لذلك يقول بولس: "الذي لم يره أحد من الناس، ولا يقدر أن يراه" (1 تي 6: 16). هل هذه الخاصية تخص الآب وحده دون الابن؟ حاشا لنا أن نفكر هكذا! إنما تخص الابن أيضًا. لكي تعرف هذا، اسمع بولس الذي يقول عنه ذات الأمر: "صورة الله غير المنظور" (كو 1: 15). فإن كان هو صورة غير المنظور يلزم أن يكون غير منظور، وإلا فلا يكون صورته . *إنه يقدم جوقة واحدة، يقدمون له أغنية واحدة من الجميع، مُلحًّا بإصرار على الالتزام بتقديم التسبيح لله الواحد من الخليقة العلوية والخليقة السفلية، مظهرًا أنه يوجد خالق واحد لكليهما . *في شعورهم العميق بالامتنان يمارس القديسون هذا، إنهم وهم يشكرون الله يدعون الكثيرين ليشتركوا في التسبيح، ويحثونهم على الاجتماع معهم في هذا الطقس الممتع. هذا أيضًا ما فعله الثلاثة فتية حينما كانوا في الأتون، إذ دعوا كل الخليقة أن يشكروا من أجل الامتياز الذي قُدم لهم، وأن يسبحوا الله. يفعل واضع هذا المزمور هذا هنا، فيدعو كل من العالم العلوي والعالم السفلي، العالم المادي والعالم العقلي، لفعل هذا. فعل أيضًا إشعياء نفس الأمر، عندما قال: "ترنمي أيتها السماوات، وابتهجي أيتها الأرض... لأن الرب ترحّم على شعبه" (راجع إش 49: 13). قال المرتل (واضع المزمور) أيضًا: "عند خروج إسرائيل من مصر، وبيت يعقوب من شعب فظ، الجبال قفزت مثل الكباش، والآكام مثل حملان الغنم" (مز 114: 1، 4). مرة أخرى يقول إشعياء في موضع آخر: "لتمطر السحب برٍّا" (راجع إش 45: 8). ها أنتم ترون بقدر ما كانوا يشعرون بعجزهم عن التسبيح للرب بما فيه الكفاية، يحثون كل واحدٍ أن يساهم في التسبيح. *"سبحوه يا كل جنوده"، يعني الشاروبيم والسيرافيم والسلاطين والرئاسات والقوات. هذا علامة الروح الملتهب للغاية، هذا علامة الحب المتقد، الذي يحث كل أحدٍ للتسبيح المحبوب. هذا علامة العقل الدائم الشبع بالتأمل في الله، المضروب بالدهشة أمام مجده، والمُكرس له . القديس يوحنا الذهبي الفم |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مزمور 81 | دعوة للتسبيح |
مزمور 33 - دعوة للتسبيح |
من يتأهل للتسبيح لك سوى السمائيين |
دعوة القادة للتسبيح |
دعوة السمائيين للتسبيح |