كان يقدمان الشفاء للجميع على حد سواء، للأغنياء كما للفقراء، للغرباء كما للأقرباء. أما مسكنهما فكان مثل بركة سلوام وربما فاق عليها، فبينما كانت تلك تشفي مريضاً واحداً بالسنة، كان مسكنهما يمتلئ بالمرضى المشفيين كل يوم.
وإن كان للقديسَين قدرة شفاء كل أنواع الأمراض، إلا أنه لم يكن لديهما أيّ اعتقاد بأن هذه الأشفية كانت تتم بفضل مهارتهما الطبية إنما بنعمة الله، وإن كانا على إطلاع ومعرفة بكتب الطب القديم لابيقراط وغالينوس وغيرهم، إلا أن الأمر لم يكن يجدي بمقدار فاعلية قوة اسم المسيح، الاسم الذي كان وحده مرشدهما ومساعدهما. وبينما كانت مهنة الطب عاجزة عن منح النور للأعمى والمشي للأعرج والحياة للميت، كان هذان القديسان قادرين على صنع كل هذه الأمور بقوة المسيح. لذلك كان يقصدهما الجميع من كل صوب إذ سمعوا من بعيد عن قوتهما العجائبية الكبيرة فكانوا يهرعون إليهما حاملين المرضى والعمي والعرج والممسوسين والمطروحين في الأمراض، فلم يكن يغادر أحد منهم دون أن ينتفع، إنما كانوا يغادرون فرحين وحائزين على نعمة الشفاء مضاعفةً، أي شفاء الجسد والنفس معاً.
* * *