القدّيسَين قزما وداميانوس الماقتَي الفضّة وأمّهما…
مقدّمة*:
*«لقد* جعل* القدّيسان* رجاءهما* كلّه* في* السماوات،* فكنزا* لهما* كنزًا* لا* يُسلب،* فإنّهما* أخذا* مجّانًا* فيمنحان* الأشفية* للمرضى* مجّانًا،* واتّبعا* قول* الإنجيل،* فلم* يقتنيا* فضّةً* ولا* ذهبًا،* بل* كانا* يمنحان* إحساناتهما* للناس* والبهائم* حتى* يكونا* خاضعين* للمسيح* في* كلّ* الأحوال،* وهما* الآن* يتشفّعان* بدالة* في* نفوسنا*»*.
هذا* ما* تنشده* الكنيسة* يوم* عيد* القدّيسين* قزما* ودميان،* في* صلاة* المساء،* موجزة* سيرتهما* في* المسيح،* ومبيّنة* الركائز* التي* على* أساسهما* نسألهما* الشفاعة* لدى* الربّ* الإله*.
لا* نعرف* الكثير* عن* هذين* القدّيسين* رغم* الإكرام* الواسع* الذي* لقياه* في* الشرق* والغرب* معًا،* ورغم* كثرة* الكنائس* التي* شيّدت* على* اسميهما* على* مدى* العصور*.
سيرتهما*:
كان* موطنهما* ناحية* من* نواحي* أفسس* في* آسيا* الصغرى*. وثمّ* من* يقول* أنّهما* ولدا* في* بلاد* العرب*. وكان* أبوهما* وثنيًّا* وأمّهما* مسيحيّة* اسمها* ثيودوتي*. وقد* توفي* الأب* وولداه* بعد* صغيرين،* فرّبتهما* والدتهما* على* المسيحيّة* وأحسنت،* حتى* التصق* اسمها* باسمي* ولديها* كأمٍّ* بارّة* في* الكنيسة*.
تلقّن* قزما* ودميان* جملةً* من* معارف* ذلك* الزمان* وعلومهما،* فبرعا* فيها*. لكن* تنشئة* أمّهما* لهما* على* حياة* الفضيلة،* ما* لبثت* أن* جعلتهما* يفطنان* إلى* بطلان* الفلسفة* وحكمة* هذا* الدهر* إزاء* حكمة* المسيح،* فاستصغرا* المعارف* العالمية* النظرية،* ورغبا* في* التملؤ* من* محبّة* المسيح،* ولسان* حالهما* ما* قاله* الرسول* بولس* إلى* أهل* فيليبي*: *«*...كلّ* ما* كان* لي* من* ربحٍ* اعتبرته* خسارةً* من* أجل* المسيح،* بل* إنّي* أعتبر* كلّ* شيءٍ* خسارةً* من* أجل* فضل* معرفة* المسيح* يسوع* ربّي،* فمن* أجله* تحمّلت* خسارة* كلّ* شيء،* وأعتبر* كلّ* شيء* نفايةً* لكي* أربح* المسيح،* ويكون* لي* فيه* مقام*»* (8:3-9*).
وقد* أفضى* بهما* هذا* اليقين* إلى* الإقبال* على* الطبّ* بنيّة* تسخير* العلم* للمسيح* وخدمة* الكلمة* والعناية* بالمريض.
انكبّا* على* الدرس* والتحصيل* حتى* برعا،* بنعمة* الله،* أي* براعة*.
وبالإيمان* ومحبّة* المسيح* والطب،* انفتح* لهذين* المجاهدين* باب* عريض* على* الخدمة* وتمجيد* الله*. فكان* دأبهما* رعاية* المرضى* بالمجّان* عملاً* بالقول* الإلهي*: *«مجانًا* أخذتم،* مجانًا* أعطوا*»* (متى* 8*:10*).
وقد* سلكا* في* ذلك* في* حرصٍ* شديدٍ* حتى* ليقال* أن* قزما* خاصم* أخاه* دميان* مرّةً* خصامًا* شديدًا* لأنّه* تلقّى* ثلاث* بيضات* من* امرأةٍ* مريضةٍ* فأبرأها*.
إلى* ذلك* سلك* الأخوان* في* العفّةِ* والفقر* خاضعين* للمسيح* في* كلّ* حال*. وقد* امتدّت* عنايتهما* بالمرضى* إلى* البهائم* لأنّها* هي* أيضًا* من* إبداع* الله* وتحت* الألم*.
واستمر* قزما* ودميان* على* هذا* المنوال* زمانًا* سخّرا* خلاله* الأعشاب* والأدوية* وكلّ* فكرٍ* وجهدٍ* محبّة* بالقريب،* فرضي* الله* عنهما* ومنّ* عليهما* بنعمة* الشفاء* بكلمة* الإيمان* واللمس* على* منوال* الرسل*.
من* ذلك* الوقت* أضحت* الصلاة* واسم* الربّ* يسوع* وحده* الدواء* الشافي* لكلّ* مرضٍ* أو* عاهةٍ* تعرض* لهذين* القدّيسين*. فتقاطر* عليهما* الناس* من* كلّ* صوبٍ* يسألون* السلامة*. وكان* كلّ* قاصد* لهما* يحظى* بالتعزيّة* والبركة* والشهادة* لاسم* الربّ* يسوع*.
ثابر* هذان* الخادمان* على* عمل* الله،* دونما* كلل،* طويلاً،* وكانا* يتجدّدان* أبدًا* في* الصلاة* والصبر* والاتّضاع* والتماس* رضى* العليّ* إلى* أن* رقدا* في* الربّ* ودُفنا* في* موضعٍ* يُعرف* بالفرمان.
كما* شيّدت* فوق* ضريحهما* كنيسة* لم* ينقطع* سيل* المتدفّقين* عليها* جيلاً* بعد* جيل،* السائلين* شفاعة* القدّيسين،* النائلين* برفاتهما* بركة* الشفاء* من* عاهات* النفس* والجسد.
رقادهما*:
أما* كيف* رقدا* فغير* معروف* تمامًا*.
ففيما* يؤكّد* بعض* المصادر* أنّهما* استشهدا* في* زمن* الإمبراطورين* الرومانيين* ذيوكليسيانوس* ومكسيميانوس* عام* 303* للميلاد،* تميل* مصادر* أخرى* إلى* القول* بأنّهما* رقدا* بسلام* دون* أن* تعطي* لذلك* تاريخًا* محدّدًا*.