3- أما بالنسبة إلى القديسين الذين نعيد لهما اليوم (1 تشرين الأول) فلنستعد يا أخوة لكي نبتهج بالرواية المفصلة، مكرمين ذكراهم بالإطلاع على كمال محبتهما وعملهما الإنساني الصالح، علّنا نكون مستحقين للإقتداء بهما.
من واجبنا دوماً أن نطّلع على الصالحات لكي لا يجد ذهننا مناسبة لينشغل بالسيئات، عالمين أن ذهن الإنسان لا يمكنه أن يبقى هادئاً إن لم يبقَ دائم الهذيذ بالله. وبما أنه على ذهننا أن يتأمل دوماً بالصالحات فيتوجب علينا بالتالي أن نوجهه لدراسة الكلام الإلهي وسماعه، لتسبيح الله وتمجيده، للتضرعات والصلوات، لاختيار الصلاح وكيفية تتميم الخير بحسب ما يوافق الله. ولما كانت القراءة الباطلة تنبت أعمالاً باطلة، وتؤدي إلى هلاك النفس، كذلك القراءة الصالحة تعطي ثماراً صالحة وتكون مدعاة للحياة والخلاص، كما يقول داوود في المزمور: “لو لم تكن شريعتك هي تأملي لكنت هلكت في مذلّتي” (مز 92). لذلك من المفيد دائماً أن نلهج بالصالحات وأن نتعرّف على الكتب وسير القديسين، إذ كما قال المسيح حسب الإنجيلي يوحنا: “فتشوا الكتب لأنكم تظنّون أن لكم فيها حياة أبدية” (يو 5، 39). فأيّ جواب نقدمه لله عندما، لأجل معيشتنا الجسدية، نعبر البحر مستخفين بالمخاطر، غير هيّابين من اللصوص، لا مبالين بالبرد أو بالمطر، صابرين على كل التجارب، وذلك لنوال الخيرات المادية؛ بينما، لمنفعة نفوسنا، لا نريد حتى أن نذهب إلى الكنيسة لنسمع من الآخرين كلام الله؟
فبينما يتعب الكثيرون بحفر أعماق الأرض ليستخرجوا الفضة والذهب، هكذا يجب علينا ليلاً نهاراً أن نهتم كيف نحقق فائدة لنفوسنا. ومتى نجد الفائدة لنفوسنا؟ عندما نعيّد لأحد القديسين علينا أن نسرع إلى الكنيسة لنسمع كلام الله ونتعظ. ولهذا فقد نظّم لنا آباءُ كنيستنا أعيادَ القديسين، وذلك لكي نسرع إلى الكنيسة لنسمع الوعظ، لنسأل بعضنا بعضاً: “من هو القديس الذي نعيد له اليوم؟ كيف جاهد؟ كيف قضى؟ كيف مُجِّد من الله ومن البشر؟”. وبواسطة الأسئلة والتعليم نقتدي حسب قدرتنا بأعمال ذلك القديس. لا يجدر بنا يا إخوة أن نخجل من أن نسأل أولئك الذين يعرفون، لكي نتعرف تماماً على الأمور التي لم يسبق لنا معرفتها، كما يقول موسى في تثنية الاشتراع.