القديس بولس
+ولنلتفت الآن إلى حديث بولس الخاص بالمرأة - إن توجيهات الرسل الأطهار إلى المؤمنين تنقسم إلى قسمين متباينين: الأول منها يتعلق بالحقائق الأزلية الباقية هي هي على مدى الأزمان والملابسات كحديث بولس عن المحبة. وهو نفسه قد أعلن أنه حتى القوى الروحية تختلف في أهميّتها إذ قال: "أَمَّا الآنَ فَيَثْبُتُ: الإِيمَانُ وَالرَّجَاءُ وَالْمَحَبَّةُ، هذِهِ الثَّلاَثَةُ وَلكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ الْمَحَبَّةُ" (1كو 13: 13).
أما القسم الثاني فيتعلق بأمور زمنية أو محلية أعطوها لظروفها الخاصة، وفيها عبرة للمؤمنين حتى وإن كانت خاصة كحديث بولس مثلًا عن العبيد إذ أمرهم بطاعة ساداتهم. ثم استطرد مباشرة إلى القول: "وأنتم أيها السادة اعلموا أنكم اشتُريتم بدم" معلنًا بذلك المساواة داخل الكنيسة. فالعبودية قد زالت حينما أدرك المسيحيون تمامًا بأن الإنسان الذي اشتراه السيد المسيح بدمه الغالي الثمين ليس سلعة تباع وتُشترى. فالمسيحية ليست دين انقلاب بل هي الخميرة التي تعمل من داخل، ومتى تخمرت داخل القلب والنفس جعلت الإنسان يسعى جاهدًا لتحقيق مبادئها. إذن فمبدأ المساواة الذي استخلصه بولس من حديثه إلى العبيد وإلى السادة باقٍ ما بقي الزمن مع أن العبودية تلاشت (ونص الآيات: "لأَنَّ مَنْ دُعِيَ فِي الرَّبِّ وَهُوَ عَبْدٌ، فَهُوَ عَتِيقُ الرَّبِّ. كَذلِكَ أَيْضًا الْحُرُّ الْمَدْعُوُّ هُوَ عَبْدٌ لِلْمَسِيحِ. قَدِ اشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ، فَلاَ تَصِيرُوا عَبِيدًا لِلنَّاسِ. مَا دُعِيَ كُلُّ وَاحِدٍ فِيهِ أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَلْيَلْبَثْ فِي ذلِكَ مَعَ اللهِ" (1كو 7: 22-24).
\\