منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 31 - 05 - 2023, 12:00 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,467

مزمور 88 | مرثاة لبارٍ متألم





مرثاة لبارٍ متألم

لأَنَّهُ قَدْ شَبِعَتْ مِنَ الْمَصَائِبِ نَفْسِي،
وَحَيَاتِي إِلَى الْهَاوِيَةِ دَنَتْ [3].
يشكو المرتل من أن المصائب والمتاعب والأحزان قد تجمعت معًا عليه، فلم يعد قادرًا أن يقدم شكوى معينة. لقد امتلأ قلبه بالأحزان ولم يعد به مكان لضيقة أخرى. صارت حياته أشبه بمن دنى إلى الهاوية، يحسب نفسه وسط الأموات.
يرى القديس جيروم أن المرتل يصف ما قد حمله السيد المسيح على الصليب، إذ حمل خطايا العالم كله، ونزل إلى الهاوية ليحرر الأسرى. لقد دنا منها، لكن لم يكن ممكنًا للهاوية أن تحجزه فيها، لأنه بلا خطية.
* لماذا لا نقول بأن نفس المسيح امتلأت بمصائب البشرية، وإن كان ليس بسبب خطاياها؟ يقول عنه نبي آخر، إنه حمل أحزاننا (إش 53: 4). ويقول الإنجيلي: "ثم أخذ معه بطرس وابني زبدي وابتدأ يحزن ويكتئب" (مت 26: 37). وقال ربنا لهم عن نفسه: "نفسي حزينة جدًا حتى الموت" (مت 26: 38). سبق فرأى النبي واضع هذا المزمور ما سيحدث، فتكلم عنه، قائلًا: "قد شبعت من المصائب نفسي، وحياتي إلى الهاوية دنت" [3]... والجسد (الكنيسة) مثل خورس يتبع قائده، يلزم أن يتعلم من رأسه أن تلك الأحزان ليست بسبب خطايا، إنما برهان على الضعف البشري.
نسمع عن الرسول بولس كعضوٍ رئيسي في هذا الجسد يعترف أن نفسه مملوءة بمثل هذه المصائب، إذ يقول إنه يشعر: "لي حزنًا عظيمًا ووجعًا في قلبي لا ينقطع... لأجل إخوتي أنسبائي حسب الجسد، الذين هم إسرائيليون" (رو 9: 2-4) .
القديس أغسطينوس
* "لأنه قد شبعت نفسي من المصائب". إنني أحمل خطايا الكثيرين، إذ أتألم من أجل الكل. نفسي تفيض بالأحزان؛ إنني أحمل أثقالًا شريرة لألقي بها على الصليب. "وحياتي إلى الهاوية دنت" حسنًا قال: "دنت"، فإنه لم يُحتجز في الهاوية، وإنما دنا منها لأجلنا. بالحقيقة يقول باسم الرب في مزمور آخر: "لن تترك نفسي في الهاوية، لن تدع تقيك يرى فسادًا" (مز 16: 10).
القديس جيروم

حُسِبْتُ مِثْلَ الْمُنْحَدِرِينَ إِلَى الْجُبِّ.
صِرْتُ كَرَجُلٍ لاَ قُوَّةَ لَهُ [4].
في وسط ضيقه عاد المرتل بذاكرته حين ألقى أولاد يعقوب يوسف أخيهم في الجب، وصار كإنسانٍ لا حول له ولا قوة.
بسببنا نزل السيد المسيح إلى جب الهاوية، وظن الصالبون أنه إنسان بلا قوة، ولم يدركوا أنه بنزوله حطم متاريس الهاوية، وخلص الذين ماتوا على الرجاء وحُبسوا في الجحيم زمانًا هذه مدته!
* أما عن البئر الجافة (تك 24:37)، فما العجيب في أن بئر اليهود لم يكن بها ماء؟ لأنهم تركوا ينبوعَ الماءِ الحي، وحفروا لأنفسهم آبارًا مشققة (لا تضبط ماءً) (إر 13:2). ولتعرفوا أن هذا السرّ حقيقي، يقول الرب ذاته عن نفسه: "وضعوني في الجب (البئر) إلي أسفل، في ظلماتٍ في ظلِ الموت" (مز6:87- سبعينية) .
القديس أمبروسيوس
* "أُحصيت مع المنحدرين إلى الجب". ظن قاتلي أنني انحدرت مع بقية البشرية في سجن العالم السفلي، لم يعرفوا أنني نزلت لكي أسحب معي الذين كانوا محتجزين هناك. "صرت كرجلٍ لا قوة له؛ إنني حُر بين الأموات". البشر الآخرون احتجزوا في الهاوية بقيود الخطية. فإنه ليس إنسان بلا خطية ولو كانت حياته يومًا واحدًا (راجع أي 14: 4-5 LXX).
نحن جميعًا مربوطون في الخطية، لذلك من ينحدر في العالم السفلي يُمسك هناك بناموس العالم السفلي. "بحبال خطيتك يُمسك" (أم 5: 22). بالطبيعة أنا حر، وإنما صرت مثل خاطي لحساب خطايا البشر.
القديس جيروم

بَيْنَ الأَمْوَاتِ فِرَاشِي،
مِثْلُ الْقَتْلَى الْمُضْطَجِعِينَ فِي الْقَبْرِ،
الَّذِينَ لاَ تَذْكُرُهُمْ بَعْدُ،
وَهُمْ مِنْ يَدِكَ انْقَطَعُوا [5].
جاء النص في KJ: "Free among the dead". وجاء في الترجمة السبعينية: "صرت حرًا بين الأموات، مثل قتلى مطروحين راقدين في القبور..." وقد أفاض الآباء في الحديث عن السيد المسيح الذي بكامل حريته قبل الموت من أجلنا، وصار كقتيلٍ مطروحٍ في القبر.
* "مثل القتلى المضطجعين في القبر". حسنًا قال: "مثل القتلى". ليس فيه جراحات، لكنه قبل الجراحات من أجل خلاص البشر، وكما يقول إشعياء: "أحزاننا حملها، وأوجاعنا تحملها" (إش 53: 4).
القديس جيروم
* دُعي "ميتًا"، لا كمن هو بين الأموات الذين في الجحيم جميعهم، بل وحده الحر بين الأموات (مز 88: 5) .
* لقد أظلمت الشمس (لو 23: 45) من أجل "شمس البرّ" (مل 4: 22). والصخور تشققت من أجل الصخرة الروحية (1 كو 10: 4). القبور تفتحت والموتى قاموا بسبب هذا الذي هو "حر بين الأموات" (مز 88: 5). إذ حرر أسراه من الحفرة التي بلا ماء (زك 9: 11) .
القديس كيرلس الأورشليمي

* من يحرر من الموت ومن العبودية إلاَّ ذاك الذي هو "حرّ من بين الأموات" (مز ٨٨: ٥)؟ من هو "الحرّ من بين الأموات" إلاَّ ذاك الذي بلا خطية وسط الخطاة؟ يقول مخلصنا نفسه، منقذنا: "رئيس هذا العالم يأتي، وليس له فيَّ شيء" (يو ١٤: ٣٠). (رئيس هذا العالم) يمسك بمن يخدعهم ومن يغويهم، ومن يحثهم على الخطية والموت، هذا "ليس له فيَّ شيء".
تعال أيها الرب، تعال أيها المخلص. ليتعرف عليك الأسير.
دع من اقتيد إلى السبي أن يهرب إليك. كن فاديًا له!
إذ كنت مفقودًا وجدني ذاك الذي لم يجد الشيطان له فيه شيئًا آتيا من الجسد. لقد وجد في رئيس هذا العالم جسدًا، لقد وجده، لكن أي نوع من الجسد؟
هل يمكن لجسدٍ مائتٍ أن يمسكه ويقدر أن يصلبه وأن يقتله!
لقد أخطأت يا أيها المخادع، فإن المخلص لا يُخدع... إنك ترى فيه جسدًا قابلًا للموت، لكنه ليس جسد الخطية، بل على شبه جسد الخطية. "الله أرسل ابنه في شبه جسد الخطية، ولأجل الخطية دان الخطية في الجسد" (رو ٨: ٣). في جسد، لكن ليس في جسد الخطية بل "في شبه جسد الخطية". لأي هدف؟ "لكي بالخطية التي بالتأكيد لم يكن منها شيء فيه، يدين الخطية في الجسد، فيتحقق برّ الناموس فينا، نحن الذين لا نسلك حسب الجسد بل حسب الروح (رو ٨: ٤).


*لا يدع أحد نفسه حرًا لئلا يبقى عبدًا. لا تبقى نفوسنا في عبودية، لأنه يُعفى عن ديوننا يومًا فيومًا.
* باستحقاق فعّال يخلص من عبودية الخطية هذه، هذا الذي يقول في المزامير: "صرت إنسانًا بلا سند، حرًا بين الأموات" (مز ٨٨: ٤-٥). فإنه وحده كان حرًا، إذ لم يكن فيه خطية. إذ هو نفسه يقول في الإنجيل: "رئيس هذا العالم يأتي" يقصد الشيطان الذي يأتي في أشخاص اليهود المضطهدين له، "وليس له فيَّ شيء" (يو ١٤: ٣٠ - ٣١). فلا يجد فيَّ نسبة ما من الخطية كما في أولئك الذين يُقتلون كأبرارٍ، لا يجد قط شيئًا ما فيّ... إنني لست أدفع عقوبة الموت كضرورة بسبب خطاياي، لكنني أموت متممًا إرادة أبي. في هذا أنا أفعل إذ أحتمل الموت، فلو كنت لا أريد الألم ما كنت أتألم. يقول بنفسه في موضع آخر: "لي سلطان أن أضع حياتي، ولي سلطان أن آخذها أيضًا" (يو ١٠: ١٨). بالتأكيد هنا ذاك الذي هو حر بين الأموات .
* جزئيّا نحن في حرية، وجزئيًا في عبودية.
ليست الحرّية كاملة بعد، ولا نقيّة بالتمام، لأننا لم ندخل بعد الأبدية.
نحن لا نزال في الضعف جزئيًا، لكنّنا نلنا الحرّية جزئيًا. ما قد ارتكبناه من خطايا قد غُسل في المعموديّة سابقًا، لكن هل قد محيّ كل الشرّ وبقينا بلا ضعف؟
القديس أغسطينوس
* لقد بذل حياته لأجلنا، وكان من بين الأموات كمن هو حرّ [٥]. فإن الموت لم يهاجمه بسبب الخطية مثلنا، إذ كان ولا يزال بلا خطية، غير قادر على صنع شرّ ما، إنما احتمل الآلام بإرادته لأجلنا من أجل محبته لنا غير المحدودة .
القديس كيرلس الكبير


وَضَعْتَنِي فِي الْجُبِّ الأَسْفَلِ،
فِي ظُلُمَاتٍ فِي أَعْمَاقٍ [6].
جاء النص عن الترجمة السبعينية: "جعلوني في جب سفلي، في مواضع مظلمة وظلال الموت". ظن الأشرار أنهم قادرون أن يدفنوا النور الحقيقي، ولم يدركوا أن النور الحقيقي يبدد الظلمة.
يئن المرتل من أن الذين يعرفونه وأصدقاءه اختفوا كما في مكان مظلم، كأنهم لا يرونه، وحتى لا يراهم ويطلب معونتهم.
هكذا يصور المرتل نفسه بالشخص الذي لا يرافقه إلا الضيق والألم والظلمة، ليس من رفيق يسنده أو يشاركه مشاعره.
* "أغرقتني في عمق الجب". لقد نزلت إلى ذات أعماق الهاوية لكي أحرر كل البشرية من قيود الهاوية. "في ظلمة الجب، في ظل الموت" (راجع مز 88: 7). لم يقل "الموت" وإنما "ظل الموت"، فإن الموت لم يُحكم بعد عليّ من اليهود، وإنما ظل الموت. فإن هذه هي إرادتي أن أنزل لأجل خلاص البشرية. أنا الذي هو النور، نزلت إلى الهاوية لأحرر النفوس من هاوية الظلمة.
القديس جيروم
* حقيقة تحقق هذا بالأكثر في المسيح، فقد صار في سلطانه ليس فقط أولئك الذين أُلقوا في السجن، بل استدعى ببسالة ونجاح حتى الذين في سجن الجحيم الذين قبض عليهم الشيطان. فقد صعد إلى العلاء وسبى سبيًا وأعطى حياة للذين دفع بهم الشيطان إلى الموت.
الأب قيصريوس أسقف آرل
* إذ لم يعرفوا ماذا يفعلون، وضعوه هناك... لم يعرفوا ذاك الذي لم يعرفه أحد من كل رؤساء هذا العالم. بالنسبة لظلال الموت لست أعرف إن كان يُفهم منها موت الجسد أو ذاك الذي كتب عنه: "الجالسون في ظلال الموت أشرق عليهم نور" (إش 9: 2). فإنهم بالإيمان اُخرجوا من الظلمة وموت الخطية إلى النور والحياة .
* لم يمت بسبب خطية ارتكبها، إنما شاركنا عقوبتنا لا خطايانا. الموت هو عقوبة الخطية. جاء المسيح ليموت لا ليخطئ، إذ شاركنا العقوبة دون الخطية أبطل العقوبة والخطية.
ما هي العقوبة التي أبطلها؟ نلك التي كانت مصيرنا بعد هذه الحياة.
القديس أغسطينوس


عَلَيَّ اسْتَقَرَّ غَضَبُكَ،
وَبِكُلِّ تَيَّارَاتِكَ ذَلَّلْتَنِي. سِلاَهْ [7].
الكلي الحب قبل بإرادته أن يحتل مركزنا، فيحمل خطايانا، ويصير كأن الغضب الذي ضدنا يحل عليه، فيصالحنا مع الآب، ويكسونا ببرِّه.
* "عليّ ثقل غضبك". سقط كل غضبك عليّ، حتى ينسحب من الآخرين. "وبكل تياراتك غمرتني". كل العاصفة ثارت عليّ، لكي يحل الهدوء في العالم.
القديس جيروم
* لقد ظنوا أن غضب الله ليس فقط ثار ضده، بل سقط بشدة عليه، هؤلاء الذين تجاسروا وحكموا عليه بالموت. ليس فقط بالموت، بل ذاك النوع من الموت الذي يحسبونه ألعن أنواعه، وهو موت الصليب. لذلك يقول الرسول: "المسيح افتدانا من لعنة الناموس، إذ صار لعنة لأجلنا، لأنه مكتوب ملعون كل من عُلق على خشبة" (غل 3: 13). لهذا إذ أراد أن يمدح طاعته التي مارسها إلى أقصى درجات التواضع، يقول: "وضع نفسه، وأطاع حتى الموت" (في 2: 8)، إذ بدا هذا قليل أضاف: "موت الصليب". وبذات الفكرة -كما أظن- يقول في هذا المزمور: "وجميع أهوالك" ويترجمها البعض "وبكل أمواجك"، وآخرون "تياراتك" أذللتني. نجد في مزمور آخر: "كل تياراتك ولججك طمت عليّ" (مز 42: 7) .
القديس أغسطينوس


أَبْعَدْتَ عَنِّي مَعَارِفِي.
جَعَلْتَنِي رِجْسًا لَهُمْ.
أُغْلِقَ عَلَيَّ فَمَا أَخْرُجُ [8].
إذ عُلق على الصليب هرب تلاميذه وكل الذين أفاض عليهم بعطاياه. وإذ اقترب وقت الغروب، طلب اليهود رفعه عن الصليب حتى لا يتنجس يوم السبت، وكأن القدوس الذي بروحه يقدس الخطاة كأنه في أعينهم رجسًا لهم.
يتساءل القديس أغسطينوس عن ما يقصده بقوله معارفي، فإن السيد المسيح الخالق يعرف كل البشرية، لكنه يحسب من هم أبرار معارفه، أما الأشرار فلن يستحقوا أن يُحسبوا معارفه.
إذن يقصد بهم تلاميذه الذين هربوا ولم يقفوا حتى في لحظات محاكمته. ولعله يقصد أنهم وإن كانوا معارفه، إلا أنهم لم يكونوا بعد عرفوه في حقيقته أنه كلمة الله.
* "أبعدت عني معارفي" [8]. إن كنا نفهم بالمعارف أولئك الذين يعرفهم، فإنهم كل البشر، فمن منهم لا يعرفه؟ إنما يدعو هؤلاء المعارف أولئك الذين هم يعرفوه قدر ما كانوا يعرفونه في ذلك الوقت، على الأقل كانوا يعرفونه كبارٍ، وإن كانوا يحسبونه فقط كإنسان وليس كإله. ومع ذلك فهو يدعو الأبرار الذين يستحسنهم معارفه، أما الأشرار فيحسبهم غير معروفين. هؤلاء الذين سيقول لهم في النهاية: "لست أعرفكم" (مت 7: 23)... فهل قيل هذا لأن تلاميذه كانوا خارجًا حين كان يُحاكم في الداخل (مت 26: 56)؛ أو نعطي لهذه الكلمات معنى أعمق: "أبعدت" بمعنى "بقيت مخفيًا بالنسبة لمشيري الخفيين، لم أظهر لهم من أنا، لم أعلن لهم نفسي، لم يُكشف عني"؟
القديس أغسطينوس

* "أبعدت عني معارفي". في ألم الصليب هرب حتى رسلي مني؛ نأى الكل عني تمامًا، حتى بطرس نفسه قال: "لست أعرف هذا الرجل" (مر 14: 71). "تطلعوا إليّ كرجسة"، لقد صرخ اليهود حتمًا: "أصلبه، ليس لنا ملك إلا قيصر" (راجع يو 19: 15). "سُجنت ولم أهرب". لقد خانني اليهود، ومع هذا ففي رحمتي المملوءة حنوًا لم أتركهم، بل أحببتهم. سلموني إلى بيلاطس ولم أهرب منهم، بل صليت على الصليب: "يا أبتاه اغفر لهم، إنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" (لو 23: 34). لنعبِّر عن هذا بطريقة أخرى: "لقد سُجنت ولم أهرب".
عندما طلبوا أن يلقوه من على قمة التل عبر في وسطهم في أمانٍ (لو 4: 29-30). هذا إذن ما يقوله: أليس في إمكاني الآن وأنا مسجون أن أهرب من شِباك البشر ومخاطر الموت بقوة لاهوتي؟ إذ جئت لكي أتألم، فإن هذه هي إرادتي الكاملة أن أتألم. إرادتي هي أن أُسجن، وبإرادتي لا أهرب.
لنقدم تفسيرًا آخر. لقد سُجنت كإنسانٍ، ولم أفارق جلال لاهوتي.
يوجد أيضًا تفسير آخر: لقد سُجنت بواسطة البشر، ولم أترك حضن الآب.
وأيضًا: لقد سُجنت كإنسانٍ على الأرض، وبكوني الله لم انسحب عن السماء.
القديس جيروم

عَيْنِي ذَابَتْ مِنَ الذُّلِّ.
دَعَوْتُكَ يَا رَبُّ كُلَّ يَوْمٍ.
بَسَطْتُ إِلَيْكَ يَدَيَّ [9].
ذاك الذي عيناه على المسكونة كلها، لا ينعس، ولا ينام، ضابط الكل، أحنى رأسه على الصليب، وأسلم الروح كمن في مذلةٍ. لم يدرك الصالبون أن يديه مبسوطتان ليضم كل من يرجع إليه، ويفتح بصيرته ليدرك الحق الإلهي، ويتعرف على الأسرار الأبدية.

يرى القديس أغسطينوس أن عيني السيد المسيح الجسديتين لم تذبلا حتى في لحظات الصلب. فالعينان هنا هما تلاميذه، لأنه إن كانت الكنيسة هي جسد السيد المسيح، فإن عينيه يشيران إلى التلاميذ الذين نالوا نوعًا من الرؤية مثل القديس بطرس الذي أعلن له الآب عن المسيح أنه ابن الله الحي (مت 16: 16). بطرس هذا ضعُف في أثناء محاكمة السيد المسيح وآلامه وصلبه.
أما عن بسط يديه طول اليوم، فيشير إلى بسط يديه على الصليب، أما تعبير "اليوم كله"، فقد اعتاد اليهود أن ينسبوا ما هو بعض إلى الكل، كالقول بأنه دُفن ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ.
هذا ويرى القديس أغسطينوس بسط اليدين يشير إلى صنع الخير، إذ لم يتوقف قط عن عمل الخير، كصالحٍ.
* "عيني ذابت (أعتمت) من الذل". أنا السليم بقوة لاهوتي صرت ضعيفًا من أجل خطايا البشر.
* "دعوتك يا رب"، ليس فقط بصوتي، بل وأيضًا بقلبي. هذه هي بالتأكيد الطريقة التي بها يلزم أن ندعو الآب. نصرخ في قلوبنا: "يا أبّا، الآب" (غل 4: 6). "كل يومٍ بسطت إليك يديَّ". هذه شهادة من الكتاب المقدس استخدمها الرسول باسم المخلص في رسالته إلى أهل رومية (رو 10: 21). ها أنتم ترون أننا لسنا نفسر المزمور قهرًا (بتفسير من عندنا) وإنما نستخدم سلطان الرسول. إن كان استخدام شهادة عبارة واحدة باسم الرب، فلماذا لا نختار نحن أن نفسر كل المزمور هكذا في اسمه؟
القديس جيروم
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
مزمور 109 | مرثاة أم تسبحة
مزمور 55 - مرثاة أم تسبحة
مزمور 54 - مرثاة أم تسبحة؟
مزمور 45 - مرثاة جماعية
مزمور 26 - هذا المزمور هو مرثاة جماعية


الساعة الآن 11:40 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024