رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وفي أغصانها سكنت طيور السماء، وطعم منها كُلِ البشر. كُنتُ أرى في رؤى رأسي على فراشي، وإذا بساهرٍ وقدوس نزل من السماء، فصرخ بشدة وقال هكذا: اقطعوا الشجرة، واقضبوا أغصانها، وانثروا أوراقها، وابذروا ثمرها، ليهرب الحيوان من تحتها، والطيور من أغصانها. ولكن اتركوا ساق أصلها في الأرض، وبقيد من حديد ونُحاس في عشب الحقل، وليبتل بندى السماء، وليكن نصيبهُ مع الحيوان في عشب الحقل. ليتغير قلبه عن الإنسانية وليُعطَ قلب حيوانٍ، ولتمضِ عليه سبعة أزمنةٍ [10-16]. يلاحظ في هذا التأديب: أ. أن ما يحدث حتى بالنسبة للملك الوثني ليس بخطة بشرية، لكنه بسماح إلهي. إذ أرسل ملاكه الساهر من السماء لتحقيق هذه الخطة. لقد حدثه بلغة الكلدانيين، إذ كانوا يعتقدون بكائنات سماوية تدين أعمال البشر، ولها سلطان على تقرير مصيرهم. ب. مع التأديب توجد رحمة، فقد أمر الله بترك الجذور في الأرض لكي تنمو الشجرة من جديد بالتواضع والتوبة، فلا تُقتلع الشجرة بتمامها، والتأديب مدة محددة هي سبعة أزمنة [16]. "لأن للشجرة رجاء، إن قُطعت تُخلف أيضًا ولا تُعدم خراعيبها، ولو قدم في الأرض أصلها ومات في التراب جذعها، فمن رائحة الماء تفرخ، وتنبت فروعًا كالغرس" (أي 14: 7-9). هذا وإن كان قد سمح له أن يأكل العشب مع حيوان البَرّ، لكنه لم يحرمه من التمتع بندى السماء. ج. صدر الأمر للحيوانات المستظلة بالشجرة والطيور المقيمة بين أغصانها أن تهرب، إشارة إلى تخلي كل رجال الدولة عنه. هذا هو ثمر الخطية إذ يشعر الإنسان بالعزلة. يُحسب أن الكل قد تخلوا عنه في لحظات الضيق، حتى الذين كسب صداقتهم بعطاياه الجزيلة. د. واضح من الحلم أن الشجرة ترمز إلى شخص معين، إذ يشخصن الشجرة، فيقول في [15-16]: "يتغير قلبه عن الإنسانية وليُعط قلب حيوان"؛ لم يقل عن الشجرة "it" بل "he". ماذا يعني بالقلب هنا؟ الفهم والإرادة والمشاعر، والنفس الداخلية ككلٍ. فمع أن الأشجار ليس لها قلب، لكن الحلم رمزي. كان الأمر الصادر ينزع عن الملك، ليس فقط إمبراطوريته، بل وطبيعته البشرية إلى حين، فإنه غير مستحق أن يعيش كإنسان حتى في أدنى درجات البشرية. ه. لم يقم ملك بدلًا منه، بل قام ابنه أويل مردوخ بالعمل في هذه الفترة حتى عاد والده إلى عقله وكرسيه. و. غاية التأديب هو نفع الكثيرين [17]. في هذه العبارة [16] يؤكد الله للملك أنه لن يستطيع الهروب من التأديب الذي يعلنه له من خلال الحلم. |
|