رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يُغَنِّي بَيْنَ النَّاسِ فَيَقُولُ: قَدْ أَخْطَأْتُ، وَعَوَّجْتُ الْمُسْتَقِيم،َ وَلَمْ أُجَازَ عَلَيْهِ [27]. جاءت العبارة في العبرية: "يغني بين الناس"، وقد اختلفت الترجمات للكلمة العبرية Shiyr وتعني "يغني". يتحول الإنسان من صراخه من شده التجارب والآلام التي حلت به إلى التهليل والتسبيح متغنيًا بنعمة هذا الوسيط الذي فداه وجدد طبيعته بروحه القدوس ووهبه الحياة الأبدية. إنه أخطأ وعوج الطريق المستقيم لكن النعمة غطته فنال المغفرة ولم يجاز على ماضيه. رأى البعض أن الكلمة العبرية مشتقة من Shuwr وتعني "يتطلع حوله" أو "يهتم ب"، أو "يلاحظ". لذلك جاءت الترجمة الانجليزية (KJ* ): "تطلع إلى البشر، وإن قال أحد إني أخطأت وأفسدت ما هو حق ولم أنتفع شيئًا. وكأن هذا العبارة تشير إلى الوسيط الإلهي، مخلص العالم يتطلع إلى البشرية التي فسدت، فإن اعترف أحد أنه أخطأ وأفسد ما هو صالح من طاقات وإمكانيات ومن مراحم وبركات قُدمت له من قبل المخلص وأن هذا لا ينفعه شيء، فسيعمل المخلص فيه . تحت ضغط التجارب أو تحت التمتع برؤية الوسيط إن اعترف أحد بخطايا واعوجاج سلوكه يتمتع بالمراحم الإلهية. بهذا يقدم لنا أليهو نظرته إلى التجارب بكونها تأديبًا من الرب غايته أن يرجع الإنسان إلى نفسه ويكتشف أخطاءه ويشعر باحتياجه إلى الفادي فينعم بالمراحم الإلهية. بقوله: "عوجت المستقيم" قد يعني أخطأت النظر إلى خطة الله من نحوي، فلأجل استقامة حياتي يُسمح ليّ بالتجارب، لكنني بفساد قلبي أتطلع إليها كظلمٍ حلّ عليّ. ولهذا "لم أجازَ عليه" أو "لم أنتفع منه". فالخطأ ليس في حلول التجارب وإنما في عدم انتفاعي منها بسبب تذمري على الرب، وحسبت أنني لا استحق كل هذه الآلام القاسية. * "يتطلع إلى الناس ويقول: وأخطأت" [27]. ما كان يمكنه أن يعرف أنه خاطى ولو لم يكن قد صار له البرّ. فإنه لا يكتشف أحد عيوبه ما لم يكن قد بدأ أن يكون مستقيمًا. فمن هو مشوه تمامًا لا يقدر أن يدرك حقيقة نفسه. أما الذي يشعر أنه خاطئ، فقد بدأ إلى حد ما أن يصير مستقيمًا. بكونه مستقيمًا يلوم سلوكه حيث لا يزال بعد غير بار. وباتهامه لنفسه يبدأ يلتصق بالله. وإذ يعبر إلى اتهام نفسه بحق، يدين نفسه فيما يدرك أنه لا يسر الله. أما إذا تطلع خاطي إلى نفسه دون أن يتعلم سمة البار، فإنه لا يستطيع بأية وسيلة أن يدرك أنه خاطي... البابا غريغوريوس (الكبير) (رؤ 2: 12)... لكي نقتني معرفة السماويات ندرس الأمثلة التي للقديسين الذين سبقونا. لقد قيل إنهم يرعون بين السوسن (راجع نش 4: 5-6). فإنه ماذا يُقصد بالسوسن سوى سلوك أولئك الذين يقولون بكل صدقٍ: "لأننا رائحة المسيح الذكية لله" (2 كو 2: 15)... فإننا مادمنا نعبر في ظلال هذه الحياة الفانية حتى نبلغ فجر اليوم الأبدي، نحتاج أن نشبع بأمثلة الأبرار.] * "يتطلع إلى الناس ويقول: أخطأت، وعٌَوجت المستقيم، ولم أجاز عليه كما أستحق" [27]. حتى الذين لا يعتقدون أنهم يخطئون يعترفون بطريقة عامة أنهم خطاة. فالأمر هكذا بالنسبة للبشر. غالبًا ما يعترفون علانية أنهم خطاة، ولكن متى سمعوا من يذكر بالصدق عن خطاياهم عندما يهاجمونهم، يدافعون عن أنفسهم بجسارة ويسعون نحو اظهار أنفسهم أبرياء. من كانت له هذه السمة، فإنه إذ يقول إنه يخطئ فهو لا ينطق بالحق، إذ يعلن عن نفسه أنه خاطي، لكنه ليس من عمق قلبه، إنما مجرد ينطق بكلمات، لأنه مكتوب: "الصديق من البداية يتهم نفسه" (راجع أم 18: 17). وإنه يود أن ينال سمعة طيبة، لا أن يتواضع باعترافه بخطيته. إنه يرغب باتهامه لنفسه أن يظهر متواضعًا بينما هو ليس كذلك... أما الصديق فإذ يتهم نفسه على سلوكه يعرف عمق قلبه، خلال أمثلة القديسين أنه بالحق هكذا كما يعترف. وفي ألم يكمل أنه لم يجازَ كما يستحق. البابا غريغوريوس (الكبير) |
|