منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 13 - 04 - 2023, 12:39 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,299,216

أيوب | باسم الله يدعو أيوب للحوار معه




باسم الله يدعو أيوب للحوار معه

وَلَكِنِ اسْمَعِ الآنَ يَا أَيُّوبُ أَقْوَالِي،
وَأصْغَ إِلَى كُلِّ كَلاَمِي [1].
لم يجسر أحد الشيوخ أن يوجه حديثه لأيوب، ذاكرًا اسمه، أما هذا الشاب فمع فارق السن يقول: "اسمع الآن يا أيوب أقوالي، وأصغِ إلى كلامي" (أي1:33). يوجد فارق في السن، لكن كليهما مخلوقان، ويليق بكل منهما أن ينصت للآخر.
إن كان يليق بالصغار سنًا أن يطيعوا الكبار، فإنه يلزم أن ينصت الكل لبعضهم البعض. فلا نعجب أن يبدأ أليهو الشاب حديثه مع الشيخ التقي أيوب قائلًا: "اسمع الآن يا أيوب أقوالي، وأصغِ إلى كلامي" (أي 1:33). كما يقول بشجاعةٍ وأدبٍ: "ها إنك في هذا لم تُصب" (أي 12:33). يعود فيكرر: "فأصغِ يا أيوب، واستمع لي. أنصت، فأنا أتكلم، فإني أريد تبريرك" (أي 31:33-32).
صورة رائعة من الجانبين، رجل الله التقي الشيخ ينصت لشابٍ دون تشامخٍ من جانبه أو استخفافٍ بصغر السن. ومن جانب الشاب الصغير فمع حواره مع الشيخ بصراحةٍ وانفتاح قلبٍ وشجاعةٍ، كان في غاية الأدب والرقة. إنه يريد أن يبرر من هو في سن والده!
إذ يقدم أليهو التماسه لأيوب يسأله أن يصغي إليه كصديقٍ مخلصٍ يحبه، ولا يتكلم لينتقده أو يرعبه.
اقتبس أليهو بعض عبارات من أيوب، وأوضح له أن الله أعظم من الإنسان، وليس من حق الأخير أن يطلب تفسيرًا من الله على تصرفاته. ما يليق بأيوب أن يدركه هو أن الله يطلب خلاص الإنسان لا هلاكه.
يبدأ أليهو بتوجيه حديثه إلى أيوب، وفي الأصحاح التالي يوجه الحديث إلى أصحاب أيوب.
يعتبر هذا الأصحاح مقدمة ليهيئ قلوب هؤلاء الأصدقاء الثلاثة للاستماع إليه. وهو في هذا لم يفترِ على أيوب، إنما وجه إليه اللوم من واقع كلماته في الحوارات السابقة.
يسأله أن يصغي إلى كلماته، أو أحاديثه، ليس فقط ما يوجهه إليه، بل وإلى "كل كلماته"، فإنه ينطق بالحق الإلهي لمنفعة الجميع. يطلب منه أن يطيل أناته، فيسمع الحديث حتى آخره، وأن يضع في ذهنه أن ما يُقال ليس غايته نقده وإلقاء اللوم عليه وإنما نفعه.



هَأَنَذَا قَدْ فَتَحْتُ فَمِي.
لِسَانِي نَطَقَ فِي حَنَكِي [2].
جاء في ملاحظات Barnes على هذه العبارة، أن أليهو يتحدث بالكلمات التي في فمه والناطق بها بلسانه الذي يتحرك نحو سقف حلقه، لأن النطق باللغة العبرية يستخدم بالأكثر الحنجرة والحلق واللسان، أما اللغات الأوربية (اللاتينية والإنجليزية) فيستخدم فيها بالأكثر الأسنان والشفاه.
إنه يتحدث معه من حلقه، كمن يخرج الكلمات تحمل طعمًا خاصًا وتذوقًا مملوء حبًا. كل البشر يتكلمون بأفواههم، لكن قليلين من يتذوقون كلماتهم ويفحصونها أولًا، فينطقون بما هو صالح للبنيان.
لقد صمت أليهو طوال فترة الحوار، وكان يتفاعل في الداخل مع الحوار. لم يتسرع بالنقد أو الإجابة على بعض التساؤلات، لكن بحكمةٍ وفي روية اختبر ما في فكره من كلمات، لينطق بما هو يليق.
في حديث رائع يوجهنا القديس مار يعقوب السروجي لنتدرب على الصمت المقدس والكلام المقدس. حيثما انشغلنا بالكلمة الإلهي يقودنا روحه القدوس للصمت البنَّاء كما للحديث البنّاء.
* أنت هو الكلمة التي تعطي كلمة للمتكلمين،
بك يتكلم جميع المتكلمين من أجلك.
شعاعًا وإشراقًا ونورًا عظيما أشرق فيّ، فأنظر إليك.
فبنظري لك، تستضيء النفس فتقتني الصلاح.
وحين تبتعد منك النفس تمتلئ ظلامًا، وإذا ما تفرست فيك لبست النور لتنطق بكلام خبرك...
الصمت والكلام قائمان عليّ يطالبانني.
يا رب دبر حياتي كإرادتك.
إن صمت أدهش، إذ أشعر بعدم كفايتي (للكلام). أصمت في دهشة، وليس بطغيانٍ باطلٍ.
وإن تكلمت تكون كلمتي حسب مجدك ولأجلك.
عندما تمتلئ النفس بالصمت في دهشٍ بك، يكون هذا الصمت حديثًا مملوءً بكل منفعة. وإذا ما تحركت النفس لتمجدك بمحبة... فبالحب أتحرك، وأتحرك لأمجدك. وفي دهش أصمت ولا اهدأ من تمجيدك.
هب لي يا رب الدهش (بالصمت) والكلمة فأغتني. وفي كل يوم أدهش، وفي كل يوم أتحرك بالكلام!
القديس مار يعقوب السروجي


اِسْتِقَامَةُ قَلْبِي كَلاَمِي،
وَمَعْرِفَةُ شَفَتَيَّ هُمَا تَنْطِقَانِ بِهَا خَالِصَةً [3].
يقول أليهو إن الله الذي وهبه روحه يعطيه أن ينطق بقلبٍ نقيٍ، ويُقدم معرفة صادقة غير غاشةٍ. وكأنه يطلب من أيوب أن يتطلع لا إلى الكلمات مجردة، بل إلى ما في قلب أليهو من نقاوة من نحوه، واستقامة في هدفه في الحوار. كلماته تصدر عن حبٍ خالص، بلا رياء؛ يتكلم في إخلاصٍ من قلبه، ولا يستعرض كلمات جوفاء. ما ينطق به يعبر بصدقٍ عما في قلبه.
أراد منه ألاَّ يضمه مع الأصدقاء الثلاثة حتى وإن تشابهت الكلمات، لأن النيات مختلفة تمامًا.
* يريد أن يقول: ليس عن حسدٍ أو غيرةٍ أستخدم هذه الوسيلة. وإن كان الثلاثة يقولون نفس الأمور كما يقولها هو، لكن يبدو أنهم لم يتكلموا بذات الروح، ولا فعلوا هذا دفاعًا عن الله. فيهوذا والاثنا عشر عبروا جميعًا بنفس الطريقة بخصوص قارورة الطيب (يو 5:12-6)، ولكن ليس بذات الروح. لذا يليق بنا لا أن نفحص الكلمات، بل النية التي بها عبٌَر كل منهم عن نفسه: كيف أراد البعض تحطيم أيوب بينما الآخر أراد العكس.
القديس يوحنا الذهبي الفم


رُوحُ اللهِ صَنَعَنِي،
وَنَسَمَةُ الْقَدِيرِ أَحْيَتْنِي [4].
استخدم كثير من آباء الكنيسة هذه العبارة لتأكيد لاهوت الروح القدس بكونه الخالق واهب الحياة. فإن كان الآب هو الخالق وواهب الحياة، فإن الأقانيم الثلاثة يشتركون معًا في كل عمل إلهي. هنا يتحدث مع أيوب بروح الأخوة الصادقة، فيوضح له أنه من صنع روح الله، الذي وهبه الحياة. فهو أداة في يد الله الذي خلق أيضًا أيوب ووهبه الحياة. فلا يليق بأيوب أن يخشى الحوار مع زميله في الخلقة والحياة، إذ الاثنان مدينان لروح الله بوجودهما وحياتهما. يؤكد له أن الاثنين خليقة الله، لهما ذات الطبيعة، ولها ضعفاتها التي تسللت إلى الطبيعة البشرية.
* كيف أظهر (سفر) أيوب بوضوح أن الروح خالق، قائلًا: "روح الله خلقني"؟ في عبارة قصيرة أظهر أنه إلهي وخالق. إن كان الروح هو الخالق، فبالتأكيد ليس مخلوقًا، لأن الرسول يفصل الخالق عن المخلوق، قائلًا: "عبدوا المخلوق لا الخالق" (رو 25:1) .
القديس أمبروسيوس
*اشترك الروح القدس مع الابن في العمل، سواء في الخلقة أو القيامة، كما يُظهر هذا الكتاب المقدس: "بكلمة الرب صُنعت السماوات، وكل قواتها بنسمة فمه" (مز 6:33). وأيضًا: "روح الله صنعني، ونسمة القدير تعلمني" (أي 4:33). وأيضًا: "ترسل روحك فَتُخلق وتجدد وجه الأرض" (مز 30:14) .
القديس غريغوريوس النزينزي
* عندما تمتزج كلمات الجهالة مع الأقوال الحكيمة، فإنه حتى الحكمة لا تُحفظ في الذهن، لأن جهالتهم تكون موضع احتقار السامع... إنه يتكلم هنا بترتيبٍ لائقٍ بخصوص خلقته وقبوله الحياة. يقول إنه قد خُلق بواسطة الروح، وتقبل الحياة بنسمة الله. مكتوب عن آدم عند خلقته: "نفخ في وجهه نسمة حياة، وصار الإنسان نفسًا حية".
البابا غريغوريوس (الكبير)


إِنِ اسْتَطَعْتَ فَأَجِبْنِي.
أَحْسِنِ الدَّعْوَى أَمَامِي.
انْتَصِبْ [5].
يؤكد له أليهو أنه إن أراد أن يدخل معه في حوار، فليعلم أنه لم يدخل كمن ينتهر ويعلّم، وإنما كشخصين متعادلين من صنع روح الله. يتكلم لا لينتصر أو يتسلط، وإنما بروح الأخوة. كأنه يقول له: أنا إنسان مثلك، أود لك ما أوده لنفسي. اقبل كلماتي بروح المودة.


هَأَنَذَا حَسَبَ قَوْلِكَ عِوَضًا عَنِ اللهِ.
أَنَا أَيْضًا مِنَ الطِّينِ جُبِلْتُ [6].
يترجمها Umbreit: "أنا مثلك من عند الله"، وNoyes: "أنا مثلك خليقة الله"، وWemyss: "أنا مساوٍ لك في عيني الله" وCoverdale: "انظر، فإنني أمام الله كما أنت، فقد تشكلت من ذات الطين". وجاء ترجمة الفولجاتا: "انظر، فإن الله خلقني كما خلقك، ومن ذات الطين أنا تشَّكلت". والترجمة السبعينية: "من الطين تشَّكلت كما أنت، تشكلنا نحن من ذات الطين" .
يرى البعض أن معنى العبارة في العبرية: "أنا بحسب فمك إنسان الله"، أي إنني أتكلم باسمه كممثلٍ له، سفير عنه.
إذ كان أيوب يتوسل إلى الله أن يدعوه للمحاكمة حتى يجد فرصته للدفاع عن نفسه، فقد جاءه أليهو يسأله أن يتكلم بكل صراحة كما في محكمة أمام الله.
يعود فيطمئن أليهو أيوب، بأنه وإن تحدث باسم الرب؛ ألاَّ أنه مخلوق من طين هش مثله، من تراب الأرض. إن كان الله يتكلم من خلاله، إلاَّ أنه ليس في ذاته ما يخيف أو يُرعب.
* يلزمنا حينما نُحث على ممارسة فضيلة ما ألاَّ نقول إن هؤلاء كانوا شركاء لطبيعة غير طبيعتنا، أو إنهم ليسوا بشرًا. لهذا قيل عن العظيم إيليا: "كان إيليا إنسانًا تحت الآلام مثلنا" (يع 5: 17). هل تدركون أن إيليا قد أظهر من ذات شركته للآلام أنه إنسان مثلنا؟ مرة أخرى قيل: "إني أنا أيضًا إنسان لي ذات الآلام مثلكم" (راجع حك 7: 1). هذا يعطي طمأنينة من جهة شركة الطبيعة .
* لم تكن طبيعة بولس الرسول تختلف عن طبيعتنا؛ ولا نفسه مختلفة عن نفوسنا، ولا عاش في عالمٍ آخرٍ، بل سكن في نفس العالم وخضع لنفس القوانين والعادات، لكنه فاق في الفضيلة كل البشر في الماضي والحاضر.
الآن، أين هؤلاء المعترضون على صعوبة الفضيلة وسهولة الخطية؟
فهذا الرجل يدينهم بكلماته: "لأن خفة ضيقتنا الوقتية تُنشئ لنا أكثر فأكثر ثقل مجدٍ أبديٍ" (2 كو17:4).
فإن كانت ضيقاته مُحتملة وخفيفة، فكم بالأحرى ضيقاتنا التي إن قارناها بضيقاته صارت كلا شيء أو مجرد لذٌات؟

القديس يوحنا الذهبي الفم


هُوَذَا هَيْبَتِي لاَ تُرْهِبُكَ،
وَجَلاَلِي لاَ يَثْقُلُ عَلَيْكَ [7].
في شغف شديد كان أيوب يود أن يعرض قضيته أمام الله مباشرة، لكنه كان يشعر بمهابة الله، مما يجعله عاجزًا عن الحديث في صراحة معه. يقول: "أبعد يديك عني، ولا تدع هيبتك ترعبني" (أي 13: 21)، كما يقول: "ليرفع عني عصاه، ولا يبغتني رعبه" (أي 9: 34).
يقول أليهو: "إننا متساويان، ليس من خوفٍ يحل عليك، وليس من رهبةٍ ليّ تباغتك، حتى تعجز عن أن تأخذ موقف الدفاع معي. لن تثقل يدي عليك، لأني ضعيف مثلك، لا سلطان لي عليك".
كلمة "يثقل" هنا تستخدم للإنسان وهو يسحب حيوانًا يحمل أثقالًا، كما تشير إلى شخصٍ مثقل جدًا، فينحني بسبب ثقل الحمل.
لعله بسبب هذا المعنى شعر البابا غريغوريوس (الكبير) أن أليهو تعدى حدود اللياقة. فمع اعترافه أنه يحمل ذات طبيعة أيوب، وأنه مساوٍ له، لكنه يتكلم بجسارة فائقة، مطالبًا أيوب أن يجاوب ويحاور بلا خوف ولا رعدة.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
أيوب | إذ انتهت المحاكمة لم يترك الله أيوب ليموت في وسط آلامه
أيوب | دعوة أيوب إلى التأمل جيدًا في كلمات الله العجيب
الأنبا أنطونيوس قصة أيوب إبليس لم يكن هو القوي، بل الله الذي سلم إليه أيوب لامتحانه
أربع جولات للشيطان ضد أيوب وعتاب أيوب مع الله
ليس من محنة في الوجود خطيرة ومخيفة سوى محنة واحدة، هي محنة الخطيئة


الساعة الآن 01:59 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025