رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أيوب يؤكد علي عظمة الله وحكمته إذ امتدح بلدد قدرة الله وسلطانه كواهب السلام في سماواته، وعجز الإنسان عن أن يتبرر أمامه، لم يناقضه أيوب. إنما أبرز بأكثر قوة قدرة الله وعظمته، ليؤكد ما سبق أن قاله: "ما تعرفونه عرفته أنا أيضًا" (أي 13: 2). كأن أيوب يرد على بلدد قائلًا بأن ما قاله يعرفه هو أيضًا، وأنه قد انحرف عن الموضوع الذي يتناقشون فيه بخصوص البحث عن حكمة الله الذي يسمح بالضيقات المُرة للصالحين، بينما يسمح أحيانًا بالنجاح للأشرار. أما ما قاله بلدد ورفيقاه فلا حاجة لأيوب أن يسمعه، إذ يقدر أن يضيف أدلة أقوى مما قدمه هؤلاء. يعلن أيوب لبلدد أنه قادر أن يصف جلال الله بكلمات أسمى من كلماته، فيذكر أدلة رائعة كثيرة عن حكمة الله وقدرته في خلقه العالم وحفظه: 1. يعلق الأرض على لا شيء. 2. رسم حدًا على وجه الماء حتى لا ترجع لتغطي الأرض، ويحفظ المياه التي فوق الجلد فلا تنسكب على الأرض. 3. المخلوقات الجبارة ذات الحجم الضخم الساكنة في الماء كالحوت ترتعد من خوفه. 4. بالعواصف والأنواء يزعزع الجبال. 5. بسط السماوات كشقةٍ. 6. يخفي مجده عن العالم الذي لا يحتمل ضياءه. 7. زينات السماء المتلألئة من صنع يديه. وفي كلماته النهائية لأصحابه يعود فيؤكد براءته. إن قمة صرخة الرجاء عند أيوب هي التي أطلقها في نهاية الدورة الثانية: أنا أعرف جيدًا أنه المخلص الحي، وإن له الكلمة الأخيرة على هذه الأرض، وأنه سيعاين الرب، سيراه بعينيه لا بعيني غيره. يتساءل أيوب إن كان الله يدير السماء بعناية قديرة، فلماذا يتوقف هناك؟ الله يهتم حتى بالبحار المنخفضة عن الأرض، وأيضًا بالهاوية حيث ينحدر الناس بعد موتهم. إنه حال في كل موضعٍ في العالم. 1. خروج بلدد عن الموضوع فَقَالَ أَيُّوبُ: [1] كَيْفَ أَعَنْتَ مَنْ لاَ قُوَّةَ لَهُ، وَخَلَّصْتَ ذِرَاعًا لاَ عِزَّ لَهَا؟ [2] يوجه أيوب حديثه لبلدد في أسلوب بليغ ورائع مع تواضعٍ وانسحاقٍ، فيحسب أيوب نفسه "لا قوة له"، وذراعه "لا عز لها"، وفي تهكم يقول لبلدد: يا لك من معين من لا قوة له، ومشدد للأذرع التي لا عز لها! فمع اعترافه بضعفه الشديد، يوبخ بلدد الذي يظن في نفسه أنه حكيم ومرشد ومعين، وإذا به محطم لنفسية من لا قوة له ولمن لا عز لذراعه. هنا يفضح أيوب بلدد موضحًا أنه كرفيقيه تكلم بكلمات بليغة وحقائق إيمانية صادقة، لكن ما قدمه هو كلام بلا حب، وحوار بلا عمل؛ فما قدمه لا يعين من لا قوة له، ولا يسند ذراعا لا عز لها. * (يقول أيوب) لكنني لست بعد ألومك من أجل دفاعك عن دور الله. فإنه يلزم هذا. على أي الأحوال يلزمك ألا تدينني، وإن كان يجب بالحق إن أمكن الدفاع عن نعمة الله دون إخضاع أيوب لاتهامات كثيرة هكذا. القديس يوحنا الذهبي الفم يرى البابا غريغوريوس (الكبير)أنه كان يليق ببلدد (ورفيقيه) أن يعملوا مع الله لمساندة النفوس المنكسرة بروح التواضع لا التشامخ؛ فإن الله يطلب من خدامه أن يعملوا معه (1 كو 3: 9) وأن يحملوا روح التواضع، فينسبوا الثمر لله العامل فيهم (1 كو 3: 7). *أجاب أيوب وقال: لمن أنت تعين؟ هل لكائنٍ بلا قوةٍ؟ أو هل تسند ذراع من هو ليس بقويٍ؟ هنا نحتاج أن نعرف أننا نساعد حتى الله، الذي هو بالتأكيد ليس "بلا قوة"، عندما نعمل في تواضعٍ. قال بولس: "نحن عاملان (مساعدان) لله" (1 كو 9:3). فإن كنا نساهم بصوت النصح لأشخاصٍ تعم عليهم نعمة داخلية، نجتاز بهم خلال الروح القدس... إننا نحثهم نحو الكمال فقط عندما يكون الله في القلب معينًا. هنا أيضًا يقول: "ليس الغارس شيئًا ولا الساقي، بل الله هو الذي ينمي" (1 كو 7:3). فإن من يزرع أو يسقي إنما يساعد، ولكن تكون الخدمة باطلة إن لم يعطِ الله النمو في القلب. أما الذين لهم أفكار متشامخة من نحو قوة عقلهم، فلن يكونوا معينين لله بتواضعٍ، إذ يحسبون أنفسهم أنهم نافعون لله، ويجعلون من أنفسهم غرباء عن الثمر المفيد. * عندما يحاول الرعاة إصلاح الرعية المنحرفة يجب عليهم أن يتحلوا بالتواضع حتى لا ينحرفوا في استخدام سلطتهم وأن يشعروا أنهم مساوون للاخوة الذين يصلحونهم. وعلينا نحن الرعاة أن نتدرب في صمتٍ وتأملٍ، وأن نفضل الأشخاص الذين يتم إصلاح أخطائهم عن أنفسنا، لأن خطاياهم قد تصححت عن طريقنا بتدريبات شاقة، أما خطايانا نحن الرعاة فلم يوبخنا عليها أحد حتى ولو بالكلمة. من أجل هذا ندان نحن الرعاة أمام الرب بقدر ما نُعتق من العقاب أمام الناس. وبالأكثر تتحرر الرعية من الدينونة الإلهية، لأنها تدان على أخطائها هنا في هذا العالم. * لتتأكد الرعية أن الرعاة متواضعون داخليًا أمام أنفسهم. وهكذا يجب على الرعية أن تدرك ما ينبغي أن تخافه من السلطة، وما ينبغي أن تقلده في محيط التواضع . البابا غريغوريوس (الكبير) الأب أمبروسباستر القديس باسيليوس الكبير كَيْفَ أَشَرْتَ عَلَى مَنْ لاَ حِكْمَةَ لَهُ، وَأَظْهَرْتَ الْفَهْمَ بِكَثْرَةٍ؟ [3] يوبخ أيوب بلدد لأنه قدم فلسفات نظرية كمن يحدث طفلًا لا حكمة له، ويستعرض فهمه ومعرفته بكثرة كلام بلا عمل. قدم ما هو حق، ولكنه لم يراعِ الظروف، فجاء الحق في غير محله وفي غير أوانه. * "لمن تقدم مشورة؟ ربما لمن ليس له حكمة؟" [3] أن تقدم مشورة لإنسانٍ جاهلٍ، فهذا عمل محبة، وأما أن تقدمها لحكيمٍ فهذا تباهٍ. أما أن تقدمها للحكمة ذاته، فهذا انحراف للفكر. * ينبغي على راعي النفوس أن يميز بحكمةٍ وعنايةٍ ما بين الفضائل والرذائل، لئلا يتمكن البخل من قلبه، وهو يبالغ في الظهور بمظهر المدبر، أو يفخر بكرمه كما لو كان فضيلة وهو في الحقيقة مبذر ومتلف. أو يتغاضى عما يجب أن ينتقده بشدة، فيجلب على رعيته العقاب الأبدي، أو يعاقب الأخطاء بدون رحمة، فيخطئ بذلك خطأ أكبر، أو عندما يفسد ما كان يمكن أن يفعله بوقارٍ واستقامةٍ بتوقعاته المتعجلة والطائشة. كذلك فإن تأجيل عمل ما صالح قد يحوله إلى عملٍ شريرٍ. البابا غريغوريوس (الكبير) لِمَنْ أَعْلَنْتَ أَقْوَالًا، وَنَسَمَةُ مَنْ خَرَجَتْ مِنْكَ؟ [4] يقول له: "لقد أعلنت أقوالًا" في غير محلها، إذ كان يليق بك تقديم تعزيات الله للمجربين، لا أن ترعبهم بالأهوال المرعبة. "ونسمة من خرجت منك؟" بمعنى بأي روح تنتعش لتقدم مثل هذه الأحاديث لتحطم النفس المجروحة؟ كان يليق بك أن تطلب الحكمة والتعقل من ذاك الذي وهبك الحياة والنفس. كان يليق ببلدد أن يقول مع إشعياء النبي: "أعطاني السيد الرب لسان المتعلمين لأعرف أن أغيث المعيى بكلمة" (إش 50:4). * "لمن تريد أن تعٌلمه؟ أليس ذاك الذي أوجد طريق النَفَسْ؟ بالنَفَسِ نحن نعيش، وبالتعقل نحن حكماء. إنما يجب أولًا أن نعيش، وبعد ذلك نصطبغ بالحكمة، لأنه لكي يكون لنا قوة أن نكون حكماء يلزمنا أولًا أن نقتني ذاك الذي وهبنا الحياة، هو نفسه بلا شك يهبنا التعقل أيضًا. *العلاج في غير الوقت المناسب يجعل الجروح أكثر إيلامًا. وإذا كانت الأدوية غير مناسبة فمن المؤكد أنها لا تصلح لغرض الشفاء. البابا غريغوريوس (الكبير) القديس يوحنا الذهبي الفم اَلأَخيلةُ تَرْتَعِدُ مِنْ تَحْتِ الْمِيَاهِ وَسُكَّانِهَا [5]. يقصد بالأخيلة المخلوقات الضخمة الجبارة كالحيتان وسمك القرش، فإنها وهي تعيش في المياه تخشى الله وكان عناية الله تمتد إلى ما في مياه البحار والمحيطات من مخلوقات جبارة شرسة تبدو كمن لا سلطان له عليها. وكما جاء في إرميا النبي: "أإياي لا تخشون يقول الرب، أولًا ترتعدون من وجهي أنا الذي وضعت الرمل تخوما للبحر، فريضة أبدية لا يتعداها، فتتلاطم ولا تستطيع، وتعج أمواجه ولا تتجاوزها" (إر 5: 22). يرى البعض أن الأخيلة أو العمالقة هنا يقصد بهم الذين كانوا في أيام نوح يستخفون به ويظنون أنه لن يصبهم شر ما، وإذا بهم يصيرون كسكان تحت مياه الطوفان الذي حلّ بهم فصاروا في رعدةٍ لكن بعد فوات الأوان! * "هوذا العمالقة يئنون تحت الماء" [5]. إن كان يُقصد ب "العمالقة" أصحاب السلطة في هذا العالم، فإن المياه تشير إلى الجموع كما يشهد يوحنا بقوله: "المياه التي تراها هي الشعب" (رؤ 15:17). البابا غريغوريوس (الكبير) القديس يوحنا الذهبي الفم القديس باسيليوس الكبير الْهَاوِيَةُ عُرْيَانَةٌ قُدَّامَهُ، وَالْهَلاَكُ لَيْسَ لَهُ غِطَاءٌ [6]. يبرز أيوب سلطان الله الفائق أنه ضابط الكل، له سلطان على الحيوانات الضخمة الشرسة وسط البحار، بل وحتى على إبليس وملائكته اللذين يسكنون الجحيم، فإنهم عاجزون عن عمل شيء بدون إذنه أو سماحٍ منه. فالهاوية بعيدة عن أنظارنا، والهلاك الذي يحل بالشياطين والأشرار لم نره بعد، لكن كل شيءٍ مكشوف أمام عيني الله، يكشفه لمن يريد مثل ملائكته القديسين. قيل عمن يسجد للوحش وصورته ويقبل سمته على جبهته أو على يده: "فهو أيضًا سيشرب من خمر غضب الله المصبوب صرفًا في كأس غضبه، ويعذب بنارٍ وكبريتٍ أمام الملائكة القديسين وأمام الخروف" (رؤ 14: 10). يرى البعض أن أيوب يتحدث عن الأشرار الذين صاروا أبناء إبليس، ويسكنون معه في الهاوية، هؤلاء حسبوا أن الله لا يراهم، لكنهم مكشوفون أمام عيني الله. يقول الرسول: "ليس خليقة غير ظاهرة قدامه، بل كل شيء عريان ومكشوف لعيني ذلك الذي معه أمرنا" (عب 4: 13). * "الجحيم عريان أمامه، والهلاك ليس له غطاء " [6] يقول بولس ما يشبه ذلك: "كل الأشياء عريانة ومكشوفة لعينيه" (عب 13:4). يقصد بالجحيم والهلاك الشيطان وكل المرتبطين بدينونته. البابا غريغوريوس (الكبير) القديس أمبروسيوس * "كل شيء عريان ومكشوف" (عب 4: 13)، لذاك الذي يديننا، ونلتزم نحن بتقديم حسابٍ لا عن الكلمات فحسب، بل وعن الأفكار، فإن هذا الديان يميز سريعًا أفكار القلب ونياته. * سيشرق الأبرار كالشمس، بل وأكثر من الشمس في ذلك الحين؛ أما الأشرار فيعانون كل الأمور المؤلمة إلى أقصى درجة. هناك ليس من حاجة إلى تسجيلات وبراهين وشهود، فإن الذي يدين هو كل شيء الشاهد والبرهان والقاضي، إذ يعرف كل شيء بدقة: "كل شيء عريان ومكشوف أمام عينيه" . القديس يوحنا الذهبي الفم البابا أثناسيوس الرسولي يَمُدُّ الشَّمَالَ عَلَى الْخَلاَءِ، وَيُعَلِّقُ الأَرْضَ عَلَى لاَ شَيْءٍ [7]. يشبه الكتاب المقدس الله الخالق كمن يبسط السماء والأرض، ويبقى في رعايته بخليقته يبسط كليهما إلى أن تنتهي الأزمنة فيطويها. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). يقول المرتل: "بسط السماوات كشقةٍ". وكما جاء في سفر الرؤيا: "السماء انفلقت كدرجٍ ملتفٍ" (رؤ 6: 14). أما عن اختياره "الشمال" فلأن أيوب يعيش في نصف الكرة الشمالي، فيرى الله يبسط الأرض كما على الخلاء، أي كما لو كانت فارغة أو كلا شيْ متى قورنت بالعالم الآخر. يقول المرتل: "الشمال والجنوب أنت خلقتهم" (مز 89: 12). ويرى البابا غريغوريوس (الكبير)أن الشمال يشير إلى الشيطان، حيث مملكته فارغة من نعمة الله. حتى مملكة إبليس ليست مخفية على الله. * أعطى الرب الأرض استقرارًا، وستبقى على هذا الحال مادام الله يريد لها هذا. ثيؤدورت أسقف قورش القديس يوحنا الذهبي الفم البابا غريغوريوس (الكبير) * أقمت السماء لي سقفًا، وثبَّتَّ ليَ الأرض لأمشي عليها. من أجلي ألجمت البحر، من أجلي أظهرت طبيعة الحيوان، أخضعت كل شيء تحت قدميّ. لم تدعني معوزًا شيئًا من أعمال كرامتك. قداس القديس غريغوريوس اللاهوتي يَصُرُّ الْمِيَاهَ فِي سُحُبِهِ، فَلاَ يَتَمَزَّقُ الْغَيْمُ تَحْتَهَا [8]. يحفظ الله المياه التي قيل عنها أنها "فوق الجلد" (تك 1: 7)، فلا تنسكب بفيضان مرة واحدة ليغرق العالم كما حدث في أيام نوح. إنها محفوظة (مصرورة) بحكمة إلهية. يسقطها كأمطارٍ بتدبير الهي محكم، وبقدر معين مع ثقل هذه المياه التي صارت سحابًا لا تمزق الغيوم تحتها لتسقط دفعة واحدة، وذلك من أجل نفع سكان الأرض من بشر وحيوانات وزرع. يقف القديس يوحنا الذهبي الفم في دهشة أمام عناية الله الفائقة إذ يسمح للماء (في السحب) أن يكون محمولًا إلى فوق الهواء، ويختم الله عليه بالهواء فيجري إلى أماكن كثيرة ليروي الأرض. * من الذي "يصر المياه في السحب"؟ هذه أعجوبة أنه يضع شيئًا بطبيعته يفيض أن يبقي على السحاب يثبته بكلمته. لكنه يفيض بجزءٍ منه على وجه الأرض، ينضح به في الوقت المناسب. إنه لا يطلق العنان لكل رصيد المياه، إنما يكتفي بالتطهير الذي تم في أيام نوح. يبقي الله صادقًا في عهده. القديس غريغوريوس النزينزي إن كان بلدد ورفيقاه يدعيان الحكمة والمعرفة، فيليق بهم أن يكونوا كالسحاب الخفيف الذي يطير في السماء، ويرتفع عن التراب والأرضيات، فيتمتعوا بالحكمة السماوية والمعرفة الإلهية. الله في عنايته الفائقة يهبنا بنعمته أن نصير سحابًا، أو مركبه إلهية، كما قال إشعياء النبي: "هوذا الرب راكب على سحابةٍ سريعةٍ (بهية)، وقادم إلى مصر" (إش 19: 1). بحلوله فينا يملأنا بمعرفته وحكمته وحبه، ويطير بنا كما إلى مصر، أي إلى قلب كل إنسانٍ لنقدم لهم الساكن فينا، الله الحب الحقيقي! * "يوثق المياه في سحابه الكثيف، حتى لا تنفجر إلى أسفل " [8]. بماذا يشير بالمياه في هذا الموضع سوى المعرفة، والسحاب سوى الكارزين؟ فالماء في الكتاب المقدس يُستخدم أحيانًا ليشير إلى المعرفة كما يعلمنا سليمان شاهدًا بذلك. يقول: "كلمات فم الإنسان كمياهٍ عميقة، وينابيع الحكمة كجدول ماء يتدفق" (أم 4:18). ويشهد داود النبي بأن المياه تشير إلى المعرفة، قائلًا بأن المياه القاتمة في سحاب السماء، وبالأسرار الخفية، إذ كانوا يحملون فيهم أسرارًا بلا حدود، معانيها غامضة في أعين ناظريها. وماذا يشير اسم "السحاب" في هذه العبارة سوى إلى الكارزين القديسين، أي الرسل، الذين أُرسلوا في كل اتجاهٍ في بقاع العالم، يعرفون كيف يمطرون بالكلمات، ويبرقون بالمعجزات؟ عن هؤلاء تطلع إشعياء منذ زمنٍ طويل وقال: "من هم هؤلاء الذين يطيرون كالسحاب؟" (إش 8:60). البابا غريغوريوس (الكبير) القديس أغسطينوس القديس غريغوريوس النيسي *الناس كالسحاب، يتحركون هنا وهناك في السماء حسب تغير الرياح . القديس باسيليوس الكبير يَحْجِبُ وَجْهَ كُرْسِيِّه،ِ بَاسِطًا عَلَيْهِ سَحَابَهُ [9]. من محبة الله لنا ورعايته العجيبة أنه يحجب وجه عرشه، فلا نراه كما هو، لأنه كما قال: "لأن الإنسان لا يراني ويعيش" (خر 33: 20). يبسط عليه السحاب والضباب فيبدو كما في قتامٍ، إذ تعجز أعيننا عن معاينته، فنعيش بالإيمان لا بالعيان، حتى نلتقي معه وجهًا لوجهٍ في يوم الرب العظيم قدرما نحتمل. * وجه عرشه يُحجب، يعني أننا لا ندرك مجد ملكوته في هذه الحياة. فمع عظمته في الداخل، ينشر سحابه، لأن مجد الملكوت السماوي لا يُرى كما هو. فإن "الجسد الفاسد يحط من النفس، والخيمة الأرضية تثقل الذهن الذي يفكر في أمورٍ كثيرة" (حك 15:9). هكذا ينتشر علينا الضباب فلا نرى مجده، إذ نظلم بسحاب جهلنا. بحقٍ يقول المرتل: "الظلام تحت قدميه، وهو يركب الشاروبيم ويطير. يطير فوق أجنحة الريح، ويجعل الظلمة موضعه السرٌي" (راجع مز 9:18-11)... لكن إن حسبنا عرشه هو القوات الملائكية، إذ يتربع على هذه القوات عينها كما على عرشٍ ملوكيٍ، يرد وجه عرشه عنا، فإنه مادام لنا الجسد المائت لا ندرك عجب خدمة الملائكة وكيفيتها. "ويبسط سحابة عليها"، إذ يرفع قلبنا ليبحث؛ ويعبر القلب بطريقة خفية، حتى أنه مع بحثه اللانهائي يرتد. هكذا مكتوب: "ينطق العمق بصوته من أجل علو تصوره" (حب 10:3). البابا غريغوريوس (الكبير) "والضباب تحت رجليه". الذين أعمت شرورهم عيونهم؛ فلا يقدر هؤلاء الأشرار الذين لا يبالون إلا بالأرضيات أن يعرفوه، لأن الأرض تسقط تحت رجليه مرتبطة بموطئ القدمين. القديس أغسطينوس مار إسحق السرياني يا لعظمة ذاك الذي يرى وجه الله. ليعلمك الرب يسوع عظمته، إذ يقول: "طوبى للأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله" (مت8:5). القديس ديديموس الضرير رَسَمَ حَدًّا عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ، عِنْدَ اتِّصَالِ النُّورِ بِالظُّلْمَةِ [10]. يتطلع أيوب إلى البحار الضخمة فيرى الأنهار تنصب فيها ومع هذا لا تزيد مياهه فيطغى على الأرض، إنما تقف الرمال وهي حبات صغيرة كحاجزٍ تصده. هكذا وهب الله البحار أن تحترم الأرض فلا تطغى بمياهها على الأرض. إن كانت مياه البحار تعرف حدودها فلا تتجاوزها، يليق بالشعوب والأمم (المياه الكثيرة) أن تحترم الغير، فلا تطغى أمة على أمةٍ، ولا إنسان على إنسانٍ. *بخصوص البحر، فإن كنت لا أدهش من عظمته، يلزمني أن أدهش من نبله: ما الذي يحده؟ كيف يرتفع ويهدأ حتى النهاية كمن يحترم جاره "الأرض"؟ كيف يتقبل فيه كل الأنهار، ويبقى كما هو بالرغم من فيض كيانه الضخم إن صح التعبير...؟ كيف يكون حدٌَه بعنصر مثل الرمل وحده...؟ "رسم حدًا على وجه المياه بوصيته" (أي 10:26 LXX). القديس غريغوريوس النزينزي إن كنا نفهم بالنور الأبرار، وبالظلمة الخطاة، يقول بولس: "أنتم الذين كنتم قبلًا ظلمة والآن نور" (أف 8:5)، فليس ما يمنع أن نفهم بأن المعرفة الكاملة للأبدية لا تُوهب لأحدٍ حتى تنتهي مسيرة الأبرار ومسيرة الأشرار. البابا غريغوريوس (الكبير) أَعْمِدَةُ السَّمَاوَاتِ تَرْتَعِدُ، وَتَرْتَاعُ مِنْ زَجْرِهِ [11]. * ما هي أعمدة السماء سوى الملائكة القديسين، كارزي الكنيسة الأساسيين، الذين يقوم عليهم كل العالم السماوي الذي للصرح الروحي المرتفع بلا توقف، كما يقول الكتاب المقدس في موضع آخر: "من يغلب أجعله عمودًا في هيكل إلهي" (رؤ 13:3). فمن يتأسس بثباتٍ بهدفٍ سليمٍ في الذهن في عمل الله إنما يقوم كعمودٍ في إنشاء الصرح الروحي. إذ يُوضع في هذا الهيكل الذي هو الكنيسة، يصير للنفع والزينة معًا. لكن أيوب يدعو أعمدة السماء هؤلاء الذين يدعوهم الرسول أعمدة الكنيسة، إذ يقول: "بطرس ويعقوب ويوحنا، المعتبرون أعمدة، أعطوني يمين الشركة" (غل 9:2). ليس من غير اللائق أن نفسر "أعمدة السماء" بكونها الكنائس ذاتها. فبكونها كثيرة في العدد لكنها تقيم كنيسة كاثوليكية (جامعة) واحدة تنتشر على كل وجه الأرض. هكذا أيضًا يكتب الرسول يوحنا إلى السبع كنائس، قاصدًا الكنيسة الواحدة الجامعة مزودة بالروح الذي له نعمة في سبعة جوانب... الآن قوات العالم السماوي ذاتها التي تراه بلا انقطاع، وهو موضوع تأملهم، صاروا في رعبٍ. لكنه ليس رعب الويل، إذ ليس هو رعب الخوف، بل رعب الدهشة. فإنه إذ جلب رعبًا عظيمًا كهذا خلال عمله العجيب، يروي لنا الآن تدبير خلاصنا. البابا غريغوريوس (الكبير) بِقُوَّتِهِ يُزْعِجُ الْبَحْرَ، وَبِفَهْمِهِ يَسْحَقُ رَهَبَ [12]. يرى بعض الدارسين الذين يحسبون أيوب أنه كان يعيش في أيام موسى النبي أو بعده يتحدث هنا عن عمل الله مع شعبه، حيث بقوته شق بحر سوف، وبفهمه سحق مصر، إذ كثيرًا ما استخدمت كلمة "رهب" لتعبر عن مصر (مز 87: 4 ؛ إش 51: 9). * "بقدرته تجمعت البحار معًا فجأة، وحكمته هزت المتكبر " [12]. بماذا يشير البحر سوى العالم الحاضر، الذي فيه تطلب قلوب البشر الأمور الأرضية، وتنتفخ بموجات الأفكار المتباينة؟ فإنها إذ تُثار بعجرفة الكبرياء ومعارضة الواحد الآخر في عبور الأمواج يحطمون أنفسهم معًا في مواجهة التيارات. ولكن "بقدرته تجمعت البحار معًا"، فإنه إذ تجسد الرب آمنت قلوب البشر العالميين المتعارضة وصارت في اتفاقٍ... من هو الذي يُدعى هنا بالمتكبر إلا ذاك القائل: "أصعد إلى أعالي السحاب، أصير مثل العلي" (إش 14: 14)؟ قال عنه صوت الله: "الذي جعل نفسه لا يخشى أحدًا، وأقام نفسه ملكًا على كل أبناء الكبرياء". يتفق داود النبي مع هذه العبارة قائلًا: "أذللت المتكبر كمن هو مجروح" (راجع مز 10:89). البابا غريغوريوس (الكبير) بِنَفْخَتِهِ السَّمَاوَاتُ مُشْرِقَة،ٌ وَيَدَاهُ أَبْدَأَتَا الْحَيَّةَ الْهَارِبَةَ [13]. جاء في ترجمة اليسوعيين "بروحه زين السماوات". فبروحه القدوس أقام السماوات وزينها بالكواكب ليلًا وبالشمس نهارًا. يرى بعض آباء الكنيسة أن الإنسان دون الحيوانات يتطلع إلى فوق وليس إلى تحت، وقد زين روح الله القدوس السماوات، لكي يسحب بصر الإنسان إلى الأعالي ولا ينشغل بالأرضيات. لقد أقام له السماوات المنظورة غاية في الإبداع، لكي بالإيمان يتطلع إلى السماوات غير المنظورة، مترقبا سكناه الأبدي. جاءت العبارة في بعض الترجمات "الحية الملتوية"، فإن كان الله هو خالق السماوات وواهبها هذه الزينة الرائعة، فهو أيضًا خالق الحيوانات حتى الحية التي صارت ملتوية. يرى البعض أنه يقصد هنا الحوت أو التمساح، وآخرون يرون أنه يقصد "لوياثان الحية الهاربة" (إش 27: 1). فهو المبدع والصالح في عطاياه، لكنه يهب حرية الإرادة للخليقة العاقلة، فصار إبليس بإرادته الشريرة وعصيانه الحية القديمة الملتوية. يرى البابا غريغوريوس (الكبير) أن الله الآب سحب بيده (حكمة الله المتجسد) الحية الملتوية من سلطانها، فقد نزع عنها بالصليب سلطانها، وشهر بها (كو 2: 15). هكذا بالروح القدس تطير نفوسنا كما إلى السماوات المعدة لنا بكل بهائها، وبصليب رب المجد ندوس على الحيات والعقارب وكل قوة العدو. يهبنا الحياة السماوية، كما يهبنا النصرة على إبليس وكل قواته. * "بتوليد يده جلب الحية الملتوية" [13]. من الذي يُوصف بالحية (والتنين المعاند) إلا عدونا القديم، المراوغ والملتوي، الذي تكلم بفم حيَّة ليخدع الإنسان؟ قيل عنه بالنبي: "لوياثان، الحية الملتوية" (إش 1:27). لقد سُمح له أن يتكلم بفم حية، حتى يتعلم الإنسان بهذا من هو هذا الساكن فيها... بيد الرب سُحبت الحية الملتوية من جحرها، حتى بالنعمة الإلهية الشافية يُطرد منا عدونا القديم الذي ملك علينا. الحق المتجسد يقول: "الآن رئيس هذا العالم يُطرد" (يو 31:12). الآن لم يعد يمتلك القديسين ممسكًا بهم، لكنه يضطهدهم بالتجارب.لأنه لا يملك فيهم داخليًا، بل يحارب ضدهم خارجيًا... لقد فقد سلطانه في الداخل، فيقيم حروبًا من الخارج. البابا غريغوريوس (الكبير) هَا هَذِهِ أَطْرَافُ طُرُقِهِ، وَمَا أَخْفَضَ الْكَلاَمَ الَّذِي نَسْمَعُهُ مِنْهُ! وَأَمَّا رَعْدُ جَبَرُوتِهِ فَمَنْ يَفْهَمُ؟ [14] يختم أيوب حديثه هنا معترفًا بحب الله للإنسان حيث يكشف "أطراف طرقه" أو نصيبًا من حكمته وقدرته وخطته قدر ما يستطيع الإنسان أن يحتمل أو يدرك. لكن مهما نلنا من معرفة لأسرار الله تُحسب قليل القليل مما يريد أن يعلنه لنا. إننا نسمع همسًا خفيفا من كلامه. "ما أخفض الكلام الذي نسمعه منه!" إننا لا نزال "نعلم بعض العلم، ونتنبأ بعض التنبوء" (1 كو 12: 9). إننا نتغنى مع الرسول بولس قائلين: "ما أبعد أحكامه عن الفحص، وطرقه عن الاستقصاء" (رو 11: 33). يستحيل علينا ونحن بعد في هذا العالم أن نبلغ إلى أعماق معرفة الله وحكمته، فإننا نراه كما في مرآة، في لغز، حتى نلتقي به وجهًا لوجه في الحياة العتيدة (1 كو 13: 13). هكذا القليل الذي نناله يُحسب كرعدٍ عظيمٍ ومهوبٍ للغاية، "وأما رعد جبروته، فمن يفهم؟" يرى القديس أمبروسيوس أن الله إذ يتكلم يرعد، لأن الإنسان في عجزه عن إدراك أسرار الله يقف في دهشة أمام الحديث الإلهي كمن أمام رعدٍ لا يُدرك سره. * إنه لائق جدًا أن يؤسس (المسيح) رعود بمجيئه، أعني قوة الأسفار المقدسة السماوية وصوتها وذلك كنوعٍ من الرعد. بمعنى أن أذهاننا تُصاب بدهشة، فتعلم أننا نخشى المنطوقات السماوية ونهابها جدًا. أخيرًا ففي الإنجيل دُعي إخوة الرب "ابني الرعد"، وعندما نطق صوت الآب قائلًا للابن: "مجدت، وأمجد أيضًا" (يو 12: 28)، قال اليهود: "قد حدث رعد". فمع عجزهم عن نوال نعمة الحق إلا أنهم اعترفوا لاإراديًا، ونطقوا بغير معرفة بسرٍّ الشهادة العظمَى للآب عن الابن. في سفر أيوب أيضًا يقول الكتاب: "من يعرف متى يصنع قوة رعده" (أي 26: 14 LXX ). القديس أمبروسيوس * هذه الرؤية محفوظة كمكافأة لإيماننا، يقول عنها الرسول يوحنا: "إذا أُظهر نكون مثله لأننا سنراه كما هو" (1 يو 2:3). نفهم "وجه" الله "إعلانه"، ليس جزءً من الجسد مشابهًا للذي في أجسادنا وندعوه بهذا الاسم. القديس أغسطينوس "من يقدر أن يتطلع إلى رعد عظمته؟" [14] إنه كمن يعبِّر عن نفسه بكلمات صريحة: إن كنا بالكاد نحتمل عجائب تواضعه، فبأية جسارة نواجه مجيء (أو ظهور) جلاله المرتفع والمهوب؟ رعد مجيئه هذا يصفه المرتل أيضًا، قائلًا: "إلهنا يأتي في قوة، إلهنا لا يصمت، نار تلتهم أمامه، وعاصف قدير حوله" (مز 3:50). البابا غريغوريوس (الكبير) القديسإكليمنضس السكندري أعمالك تشهد عن عظمتك ومحبتك! * أعمالك يا أيها القدير محب البشر تشهد لك. لم تُقِمْ هذا العالم المبدع لتستعرض قدرتك، لكن لتحتضن كل إنسانٍ بأعمال محبتك. هب ليّ كابن لك ألا انشغل باللاهوتيات في جفاف. لكن أطلب الشركة معك، فيتسع قلبي بالحب لكل البشر! هب ليّ ألاّ انتقد أحدًا، بل تئن أعماقي على ضعفيّ، وتترفق بضعفات أخوتي. لألتصق بك فأحب كل إنسانٍ! * لأعمل بك ومع نعمتك، فأحمل روح التواضع. أعمل، بل تعمل أنت فيّ، فلا أعرف الخمول أو عدم المبالاة، ولا أعرف التشامخ والكبرياء والبرّ الذاتي. لأصرخ مع رسولك العجيب بولس: "الخطاة الذين أولهم أنا". * هب ليّ الحكمة النازلة من فوق، فلا استعرض أحاديث فلسفية جافة، ولا أقدم مشورة في غير أوانها، ولا استخف بمن أتحدث معه! هب ليّ روح التمييز، فأسلك كما يليق. أحمل روح الرجاء إلى كل نفسٍ مجَّربة. أقدم تعزياتك لكل قلبٍ مجروحٍ. أعرف كيف أكون حازمًا مع حب صادق، ومحبٍ مع عدم تهاون. هب ليّ ما وهبته لرسولك بولس: غيرة متقدة، ونفسًا تحتمل الآلام، مع حكمة ومعرفة! * من أجلي خلقت هذه المحيطات، ومع جبروتها وجبروت المخلوقات التي فيها، حبات الرمل تصدها عن غزو الأرض التي أسكنها. وضعت للبحار حدودها برمال صغيرة وضعيفة! * أنت ضابط الكل! لك سلطان على الحيوانات الشرسة وسط البحار، لك سلطان على إبليس والهاوية. كل شيءٍ عريان أمامك، فلماذا أخاف وأنت راعيَّ المحب؟ ما أخشاه هو إهمالي وعدم اكتراثي برعايتك! * من أجلي خلقت الكرة الأرضية وثبَّتها، هذه التي تبدو كأنها معلقة على لا شيء، لكنها محفوظة برعايتك الإلهية. بحكمة تحتفظ المياه كسحابٍ متحرك، فيصير مطرًا لخيرنا. * هب ليّ أن أصير كسحابٍ خفيفٍ متحركٍ بالحب، تمطر أعماقي بأمطار حكمتك فترويّ الكثيرين. * محبتك سمحت بالضباب حولك. لئلا نراك ونحن في الجسد الترابي فنموت. لكن وعدتنا أننا نراك وجهًا لوجه. متى يتحقق هذا اللقاء العجيب؟ * تعرف البحار التي تصب فيها الأنهار مياهها حدودها، فتحترم جارتها أي اليابسة. هب للشعوب والأمم أن يحترم الكل جيرانه، ويعرف حدوده! * لتقم من خدامك أعمدة للفرح السماوي الروحي. فيشهدون لأعمالك العجيبة المهوبة. يكرزون بالخلاص الذي لك. عبرت بشعبك البحر الأحمر، وسحقت فرعون وجيشه! لتعبر بنا إلى ملكوتك، ولتحطم رؤوس التنين في مياه المعمودية! * مددت يدك على الصليب، وحطمت الحية القاتلة، عدونا القديم! طردتها من قلوبنا لترد مسكنك يا أيها القدوس. * أشرق بنورك فيّ، فالهج في أعمال حبك الفائق. لترعد في داخلي، فأتمتع بأسرارك! |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أيوب | قوة الله العظيمة وحكمته |
أيوب | عظمة أعمال الله |
أيوب | عظمة الله بإظهار عنايته في معاملة الناس |
أيوب | يا لغنى عظمة الله |
- عظمة أيوب وغنى أيوب لقداسة البابا شنودة الثالث |