الأنبا أنطونيوس
الخط الواضح في كتاب "حياة أنطونيوس" Vita Antonii الذي سجله تلميذه البابا أثناسيوس هو صراع القديس مع الشياطين، موضحًا ما يحمله المؤمن الحقيقي من روح الغلبة والنصرة حتى على الشياطين والأرواح النجسة. جاء في رسائله:
[قاوموا الشيطان، واجتهدوا أن تعرفوا خداعاته، فقد اعتاد أن يخفي المرارة وراء مظهر العذوبة حتى لا تنكشف، مقدمًا أوهامًا تبدو لناظريها جميلة، غير أن حقيقتها تختلف عن مظهرها. هذا كله يفعله لكي يخدع القلوب بدهائه المتشبه بالحق وله جاذبيته.
يوجه الشيطان كل جهوده لهذا الهدف، مقاومًا كل النفوس المتعبدة لله حسنًا، بجميع الطرق الممكنة. وما أكثر أنواع الشهوات التي يبثها في النفس لعله يطفئ النار الإلهية، مستعينًا بالقصور الذاتي للجسد وكل ما يتعلق به.
عندما يرى البعض متحفظين منه، لا يقبلون منه شيئًا، ولا يسمعون له في شيء، يُولّى عنهم في خزي. عندئذ يعطيهم روح الله راحة ويجعل لهم لذة في كل عمل، يصير حمل نير الرب حلوًا، كما هو مكتوب في الإنجيل: "فتجدوا راحة لنفوسكم" مت 29:11. رغم قبولهم النير وحملهم إياه لا يعودون يكلِّون من التدريب في الفضيلة أو القيام بالخدمة والسهر الليلي، ولا يشعرون بالغضب من جهة أي مضايقة بشرية، ولا يخافون إنسانًا أو حيوانًا مفترسًا أو روحًا شريرًا، لأن فرح الرب يستقر فيهم نهارًا وليلًا، معطيًا الحياة لعقولهم، فيكون الفرح طعامهم، وبه تنمو نفوسهم وتقترب من كل شيء ومن كل كمال، وبه ترتفع إلى السماء[8].]