الأنبا انطونيوس
الأنبا أنطونيوس وجب أن نحتقر الشيطان وشياطينه احتقارا تاماً
إن كان إبليس قد اعترف بنفسه أن قوته قد تلاشت، وجب أن نحتقره وشياطينه احتقارا تاماً. وطالما كان العدو وكلابه ليست لها سوى حيل من هذا القبيل فإننا إذا عرفنا ضعفها نستطيع احتقارها. إذن وجب أن لا تخور عزائمنا، أو يتسرب الجبن إلى قلوبنا، أو نصور المخاوف لأنفسنا قائلين: “أنا خائف لئلا يأتي شيطان ويحطمني، لئلا يرفعني إلى أعلى ويطرحني إلى أسفل، أو لئلا يثور علي بغتة فيزعجني”. مثل هذه الأفكار يجب أن لا تخطر ببالنا قط، ويجب أن لا نحزن كأننا قد هلكنا. بل بالأحرى لنتشجع ونفرح دواما، واثقين أننا آمنون. ولنذكر في نفوسنا أن معنا الرب الذى طارد الأرواح الشريرة، وحطم قوتها. ولنذكر ولنضع في قلوبنا أنه طالما كان الرب معنا فإن أعدائنا لن يستطيعوا إيذائنا، لأنها عندما تأتى، تقترب إلينا في صورة تتفق مع الحالة التي تجدنا فيها وتجعل خداعها موافقا للحالة الفكرية التي تخامرنا. فهي إن وجدتنا في حالة جبن واضطراب اقتحمت المكان في الحال كلصوص إذ تجده بغير حراسة، وتفعل ما تجدنا مفكرين فيه، بل وأكثر أيضا. لأنها إن وجدتنا خائري القلب وجبناء ازدادت في إرهابنا بعنف بتضليلاتها وتهديداتها، وبهذه تتعذب النفس التعسة في ذلك الحين .
أما أن وجدتنا فرحين في الرب متأملين في سعادة المستقبل ، مفكرين في الرب. مسلمين كل شئ إلي يده، وواثقين أنه لا قوة لأى روح شرير ضد المسيحي، ولا أي سلطان علي أي واحد قطعاً، فإنها إن رأت النفس متحصنة بهذه الأفكار اندحرت ورجعت إلى الوراء. هكذا عندما رأي العدو أيوب محصنا بها ( بهذه الأفكار) تنحي عنه. ولكنه إذ رأي يهوذا غير متيقظ أخذه أسيراً.
وهكذا أن أردنا احتقار العدو فلنتأمل دواماً في الإلهيات، ولتفرح النفس في الرجاء، وعندئذ ترى فخاخ الشيطان كالدخان، والأرواح الشريرة نفسها تهرب بدلا من أن تتابعنا. لأنها كما قلت شديدة الخوف جداً. تتوقع دائما النار المعدة لها.