منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 25 - 03 - 2023, 01:24 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,264,425

أيوب | الأشرار والهلاك الأبدي


الأشرار والهلاك الأبدي

هُوَذَا قَدْ عَلِمْتُ أَفْكَارَكُمْ،
وَالنِّيَّاتِ الَّتِي بِهَا تَظْلِمُونَنِي [27].
يعود مرة أخرى فيعاتب أيوب أصدقاءه قائلًا لهم إنه يعلم بأنهم متمسكون بآرائهم، خاصة أن الأشرار حتمًا تلاحقهم النكبات. يقول أيوب لأصدقائه: لقد علمت أنكم لا تتفقون معي، وعلمت نيتكم من جهتي، فإنكم تتحاملون عليّ، فكيف يمكنني أن أقنعكم وأنتم مغرضون؟ أدرك أيوب من خلال كلماتهم ما في قلوبهم، وشعر أن الحوار معهم غير مجدٍ.
* "هوذا قد علمت أفكاركم، والنيات التي بها تظلمونني" [27]. وكما هو مكتوب: "لأن مَنْ مِنْ الناس يعرف أمور الإنسان إلا روح الإنسان الذي فيه" (1 كو 2: 11)... لكن روح الإنسان يكون غير معروفٍ للغير إن لم يظهر بالكلمات أو الأعمال. مكتوب: "من ثمارهم تعرفونهم" (مت 7: 20). بما يحدث في الخارج يُنظر إلى ما هو مخفي في الداخل. هكذا أيضًا بحق قيل بسليمان: "كما في الماء تتلألأ وجوه الناظرين، كذلك قلوب البشر واضحة للحكماء" (أم 27: 19)...
البابا غريغوريوس (الكبير)


لأَنَّكُمْ تَقُولُونَ: أَيْنَ بَيْتُ الْعَاتِي؟
وَأَيْنَ خَيْمَةُ مَسَاكِنِ الأَشْرَارِ؟ [28]
كأنه يقول لهم: أنا أعلم أنكم ستجاوبونني قائلين: أين هو بيت المغتصب؟ أين خيمة الأشرار؟ وتقصدونني بالمغتصب كما تقصدون أبنائي بالأشرار. تحكمون عليّ بأني عاتي، وأولادي أشرار.
إن نزعنا نية أصدقاء أيوب الشريرة، ومحاولتهم المستميتة لتشويه شخصيته، فإن ما يقولونه ينطبق فعلًا عن الطغاة العتاة المغتصبين. فإنهم وإن عاشوا كل أيامهم في غنى وكرامة وسلطان، يموتون ويعودون إلى ترابهم. عندئذ بحقٍ يُقال: "أين بيت العاتي؟" الذي يظن أن العالم كله هو بيته المستقر، يسيطر عليه ويحكمه كصاحب بيت يعيش فيه إلى الأبد، ليس من يقدر أن يطرده منه، ولا من يهدم البيت. لقد مات طغاة عبر الأجيال كانوا يحسبون أنفسهم آلهة، لكنهم صاروا ترابًا، وانهدمت ممالكهم تمامًا. في جهالة عاشوا في العالم كما في خيامٍ غير ثابتة، وها هي الخيام قد زالت، وزال سلطانهم معها.
*يُقال عن الأشرار بعد موتهم: "أين خيمة مساكن الأشرار؟" إن أمعنا النظر في هذا، هل تقدرون أن تنكروا بأنه توجد مجازاة من قِبَل العدل الإلهي؟ الأول (البار) تغمر السعادة قلبه، والثاني البؤس. الأول بشهادة نفسه بريء من الذنب، والثاني مجرم. ذاك الإنسان سعيد في رحيله من العالم، والثاني حزين عليه. من يقدر أن ينطق بالبراءة على من هو ليس ببريء في عيني ضميره؟ يقول: "أين غطاء خيمته، تذكاره لن يوجد" (راجع أي 28:21). حياة المجرم حلم. لا، حتى الراحة ذاتها التي للأشرار وهم يعيشون هنا هي وهم، إنهم الآن في الجحيم، إذا ينحدرون إلى جهنم وهم أحياء .
القديس أمبروسيوس
* الضعفاء يشتهون النجاح في غنى العالم، ويخشون الضربات كما لو كانت شرورًا غاية في الخطورة، يتعثرون بعقاب أولئك الذين يرونهم مضروبين.
البابا غريغوريوس (الكبير)
"أفلم تسألوا عابري السبيل، ولم تفطنوا لدلائلهم؟" [29]
انه ليوم البوار يمسك الشرير، ليوم السخط يقادون.
يعلم أيوب أن الحوار غير مجدٍ مع أناس لا يحملون نية صادقة ومخلصة، لهذا يطالبهم أن يسألوا أي إنسانٍ محايدٍ. اسألوا عابري الطريق، حسبما يكون هؤلاء.
لم يقل اسألوا القديسين كما قال أليفاز (أي 5: 1)، فإن الأمر لا يحتاج حتى إلى خبرات القديسين، بل يعرفه كل إنسانٍ غير متحيزٍ، فإن كل البشرية تتفق مع أيوب في أن الخطاة ليس بالضرورة يلقون جزاءهم هنا، بل قد يرجأ إلى يوم الرب العظيم. "إذا زها الأشرار فلكي يُبادوا إلى الدهر" (مز 92: 7).
ولعله يقصد بدعوته أن يسألوا أي عابرٍ للطريق، أن يبحثوا عن أي شخصٍ يدرك حقيقة هذه الحياة الزمنية كطريقٍ عابرٍ، فإن مثل هذا الإنسان حتمًا ينطق بالحق وبحكمة وفي إخلاص. إدراك الإنسان لحقيقة حياته أنها عبور كما على قنطرة تهبه نظرة واقعية للحياة الزمنية والحياة العتيدة الأبدية، فيكون حكمه في الأمور متزنًا وصادقًا!
*يدعوه "عابر سبيل" ذاك الذي يحمل في ذهنه أن الحياة الحاضرة بالنسبة له هي طريق وليست وطنًا. إنه يحسب أمرًا دنيئًا بالنسبة له أن يثبت قلبه في محبة الحال الحاضر العابر، مشتاقًا ألا يستمر منشغلًا بمشاهدة الأمور الوقتية، بل أن يبلغ بقلبه إلى العالم الأبدي...
إذ كان موسى يطلب مجد التأمل السماوي قال: "أميل الآن لأنظر هذا المنظر العظيم" (خر 3: 3). فإنه ما لم يسحب أثار قدميه من محبة العالم لا يمكنه أن يفهم الأمور العلوية.
إذ توسل إرميا من أجل حزن قلبه ليكون موضع اعتبار قال: "يا جميع عابري الطريق، تطلعوا وانظروا إن كان حزن مثل حزني" (مز 1: 12). فإن أولئك الذين لا يعبرون خلال الحياة الحاضرة كما لو كانت طريقًا، بل يظنونها وطنهم، ليس لهم خبرة ليروا بعيني الذهن حزن قلب المختارين. هؤلاء يتطلع إليهم النبي لعلهم ينظرون حزنه؟
البابا غريغوريوس (الكبير)


مَنْ يُعْلِنُ طَرِيقَهُ لِوَجْهِهِ،
وَمَنْ يُجَازِيهِ عَلَى مَا عَمِلَ؟ [31]
يحمل الشرير نوعًا من الجسارة والجبروت، فلا يجد من يقف أمامه ويواجهه بشره، ولا من يعاقبه على أفعاله. فهو يخطئ ويغتصب وهو مطمئن. ليس من يوبخه ولا من يرعبه. يقول الحكيم: "راحة الجهال تبيدهم" (أم 1: 22)، إذ يحسبون أنفسهم فوق القانون، ليس من يقدر أن يواجههم بشرهم، ولا من يدفعهم نحو التوبة والرجوع إلى الله الحق.
لاحظ البابا غريغوريوس (الكبير) أن أيوب تحول حديثه عن الأشرار من صيغة الجمع إلى صيغة المفرد. فيرى في الجمع (الأشرار) إشارة إلى البشر الذين صاروا أشبه بأعضاء كثيرة لجسد إبليس، وفي صيغة المفرد (الشرير) إشارة إلى إبليس بكونه رأس الأشرار. كما أن المؤمنين هم أعضاء جسد المسيح الرأس القدوس، هكذا الأشرار هم أعضاء جسد إبليس الرأس الشرير!
* "من يستنكر طريقه لوجهه؟ ومن يجازيه على عمله؟" [31]... بينما كان أيوب يتحدث عن كل الأشرار فجأة حول كلماته إلى رئيس كل الأشرار. فقد رأى في نهاية العالم الشيطان يدخل في إنسان، هذا الذي يدعوه الكتاب المقدس "ضد المسيح"، الذي يرتفع متشامخًا، يسنده بسلطان كهذا بأن يرفعه بآيات وعجائب مظهرًا قداسة (غاشة)، ولا يمكن اتهامه بواسطة إنسان. بسلطان الرعب يوَّحد علامات القداسة المظهرية. يقول: "من يستنكر طريقه لوجهه؟" بمعنى مَنْ مِن البشرية يجسر وينتهره...؟ لكن إيليا وأخنوخ وحدهما يحضران للحال لتوبيخه. فيوبخ كل المختارين طريقه في وجهه، مظهرين استخفافًا؛ وبينما هو متشامخ في الفكر يقاومون شره. وإذ هم يفعلون هذا بالنعمة الإلهية وليس بقوتهم الذاتية، بحق يُقال الآن: "من يستنكر طريقه لوجهه؟" من يفعل هذا سوى الله الذي بعونه ينال المختارون سلطانًا ليقفوا أمامه؟ لأن الرب وحده له أن يفعل ذلك بقوته. بحق قيل عنه: "الذي الرب سيبيده بنفخة فمه، ويبطله بظهور مجيئه" (2 تس 2: 8)...
"من يجازيه على عمله؟" بحق من سوى الرب، الذي وحده سيجازي ذلك الإنسان الهالك على ما يفعله بدينونة أبدية؟
البابا غريغوريوس (الكبير)


هُوَ إِلَى الْقُبُورِ يُقَادُ،
وَعَلَى الْمَدْفَنِ يُسْهَرُ [32].
يعلم الشرير أنه سيموت حتمًا كسائر البشر، لكنه يُعد لنفسه العظمة حتى في موته، فيقيم نصبًا تذكاريًا على القبر الذي يعده لنفسه، ويهيئ لنفسه موكبًا جنائزيًا فخمًا.
بينما يهتم كثير من الأشرار بالكرامة الزمنية حتى بعد عبورهم من هذا العالم، يهتمون بأجسادهم بعد موتها أو المقبرة أو إقامة تذكار لهم، إذا بالأبرار لا يشغلهم شيء سوى اللقاء مع العريس السماوي. يشتهون الانطلاق ليكونوا مع المسيح، هذا أفضل لهم من كل عملٍ مهما كان ذا قيمة.
* "هو إلى القبور يُقاد، وعلى كومة الأجسام الميتة يسهر" [32]... توجد في العالم ندرة للصالحين وجمهور من الأشرار. لهذا بحق قيل: "كومة الأجسام الميتة" حيث تشير إلى جمهور الأشرار. "لأنه واسع الباب، ورحب الطريق الذي يؤدي على الهلاك، وكثيرون هم الذين يدخلون منه" (مت 7: 13). هكذا يسهر الشيطان على كومة الأجسام الميتة، بممارسته خداعات شره في قلوب أبناء الهلاك.
البابا غريغوريوس (الكبير)


حُلْوٌ لَهُ طِينُ الْوَادِي.
يَزْحَفُ كُلُّ إِنْسَانٍ وَرَاءَهُ،
وَقُدَّامَهُ مَا لاَ عَدَدَ لَهُ [33].
إذ يشير إلى ضد المسيح بكونه ممثلٍ لإبليس الشرير، هذا الذي يقيم نفسه إلهًا في هيكل الرب، يراه أيوب أنه ليس إلا بالإنسان المائت الذي يصير ترابًا ورمادًا.
بقوله "حلو له طين الوادي". يرى أيوب أن موته ورجوعه إلى التراب أفضل له من حياته، لأنه يغتصب المجد الإلهي، ويحسب نفسه خالدًا، ويتزعم حركة تمر واضطهاد لكنيسة السيد المسيح.
لعله يشير هنا إلى إعداد الشرير كل شيء خاص بتحنيط جسمه وسكب الأطياب على جثمانه مع أنه ليس له إلا طين الوادي المدفون فيه. لا يتعظ من الموت، ولا يذكر أنه ليس بالشخص الوحيد الذي يواجه الموت، إنما يسبقه أعداد لا حصر لها، ويأتي بعده كل إنسان، الجميع يموتون دون استثناء.
* "يجتذب كل إنسانٍ وراءه، وقدامه ما لا عدد له" [33]. في هذا الموضع كلمة "إنسان" تعني من يتذوق الأمور البشرية... عدونا القديم إذ يدخل في إنسان الهلاك، يسحب كل الجسدانيين الذين يجدهم تحت نير سلطانه.
البابا غريغوريوس (الكبير)


فَكَيْفَ تُعَزُّونَنِي بَاطِلًا،
وَأَجْوِبَتُكُمْ بَقِيَتْ خِيَانَةً؟ [34].
يختم أيوب حديثه بالرجوع إلى استخدام صيغة الجمع، أي إلى الحديث مع الأشرار. فما يحل بالشرير من هلاك ودمار لن يعفيهم من الدينونة.
إن كان الأشرار يدَّعون الرغبة في تعزية المتألمين، فتعزيتهم باطلة.
يرفض أيوب حوارهم وبراهينهم لأنها تصدر عن قلوب غير مخلصة، بل تحمل روح الخيانة للصداقة، ولأن مزاعمهم باطلة، إذ يركزون على توبته لكي يتمتع بالرجوع إلى حالة الرخاء التي كان عليها قبل حلول النكبات.
لا مجال للتعزية متى صدرت من قلوبٍ لا تحمل حبًا!
يرى البابا غريغوريوس (الكبير) أن حوار هؤلاء الأصدقاء تسبب له آلامًا، وعوض تضميد جراحاته تزداد الجراحات. فمن جانت يتألم البار لعدم أمانتهم وإخلاصهم، ليس من أجل الاتهامات في ذاتها، ولكن من أجل عدم إخلاصهم، وخيانة الصداقة التي قامت بينه وبينهم.
تتألم نفسه وتتمرر، لأنه محب للحق، ويشتهي خلاص الكل، فيجد رائحة الخطية التي للموت تفوح من أعماقهم. تئن نفسه على هلاكهم أكثر من مرارته على توجيه الاتهامات ضده!
* "فكيف تعزونني باطلًا، وأجوبتكم تظهر أنها ضد الحق" [34]. لم يستطع أصدقاء أيوب أن يعزوه، هؤلاء الذين في حوارهم يقاومون الحق. عندما دعوه مرائيًا أو شريرًا ارتكبوا جريمة خطية الكذب، وبالتأكيد أضافوا متاعب للبار، وجراحاته. فإن أذهان القديسين الخاضعة للحق تتألم بسبب خطايا خداع الآخرين. قدر ما يدركون بقوة أن جريمة البطلان خطيرة، يكرهونها ليست فقط إن ارتكبوها هم بل وأيضًا إن ارتكبها الآخرون.
البابا غريغوريوس (الكبير)
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
نهاية الأشرار هي الهلاك الأبدي
أيوب | انشغاله بالله نصيبه الأبدي
بينما كان أيوب يتحدث عن كل الأشرار فجأة حول كلماته إلى رئيس كل الأشرار
يجب أن يكون الحذر من السقوط في الخطية والهلاك الأبدي
القصاص الأبدي والادعاء بملاشاة الأشرار


الساعة الآن 11:43 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024