21 - 03 - 2023, 01:48 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
يُطرد الأشرار من خيامهم
يَنْقَطِعُ عَنْ خَيْمَتِهِ،
عَن اعْتِمَادِهِ،
وَيُسَاقُ إِلَى مَلِكِ الأَهْوَالِ [14].
الإنسان الذي يعيش في هذا العالم من أجل الجسد وشهواته، يفقد حتى هذا الجسد، أو هذه الخيمة، ويحل عليه الموت لا كعبورٍ مفرحٍ إلى السماء، وإنما "كملك الأهوال".
يؤخذ منه كل ما اعتمد عليه كسيدٍ له، ولا يبقى له شيء مما يعتمد عليه، حتى خيمته. كانت نفسه هي اعتماده، لكنها تُستأصل من خيمة الجسد، فلا يكون للجسد سند قط. هذا ما قيل للغني الغبي: "تُطلب نفسك منك" (لو 12: 20).
جاء النص في كتابات البابا غريغوريوس (الكبير) "لتُقتلع ثقته من خيمته، وليطأ الموت عليه كملكٍ". ويرى أن الموت هنا هو الشيطان الذي يسلم الشرير نفسه له ويخضع له كملكٍ، كما يشير إلى الخطية التي تذِّل الشرير وتستعبده.
* يشير لقب "الموت" في هذا الموضع إلى (إبليس) عدو الجنس البشري نفسه الذي جلب الموت. لقد انتشر بخادم معين من قبل (العدو)، هذا الذي قيل عنه ليوحنا: "واسمه الموت" (رؤ 6: 8). هكذا يطأ هذا الموت على الشرير كملكٍ، وذلك في يوم رحيله من هنا. فذاك الذي خدعه قبلًا بإغراءات رقيقة، يحمله في النهاية إلى العقوبة في سلاسلٍ بعنفٍ، ويحدره بقسوة، مقيدًا إياه بقوة، بأعمال شريرة.
وهنا أيضًا إذ يقتني الموت قلب الخاطى المفقود، يطأ عليه، في ذات الوقت الذي يضغط عليه بالشعور باللذة. وكأنه يضع عليه قدمي سلطانه الطاغي.
ولكن إن فهمنا بالموت ليس إبليس في صراحة بل الخطية، حيث ثمرتها هي الموت في يوم الدينونة، فبالحق مثل هذا الموت يطأ على الذهن كملكٍ، عندما يملك شخصًا دون مقاومة منه. فإن تجربة الخطية لا يمكن أن تكون بعيدة من إنسانٍ قائم في هذه الحياة. لكن مقاومة تجارب الخطية شيء، والاستعباد لطغيانها علينا شيء آخر. هكذا فإن الإنسان الشرير، إذ لا يتعلم مقاومة اغراءات الخطية، ولا يخشى الخضوع لسلطانها بحق، يُقال عنه: "الموت كملكٍ يطأ عليه". إنه مُلك هذا الموت الذي كان بولس يتحفظ منه ألا يسيطر على قلوب تلاميذه، عندما قال: "لا تملكن الخطية على جسدكم المائت" (رو 6: 12).
البابا غريغوريوس (الكبير) *الذين يعيشون في الملذات يهابون الموت، أما الحزانى فيترجونه لكي يرحلوا سريعًا.
الأغنياء يهابون الموت، والفقراء يشتهونه لكي يستريحوا من أتعابهم.
الأقوياء يرتعبون عندما يذكرونه، والمرضى يتطلعون إليه في رجاءٍ ليستريحوا من آلامهم.
*من يحب الأرضيات وشهواتها لا يفكر في أن يكون مع المسيح بعد انتقاله، ولا يقدر أن يقول: "غريب أنا على الأرض"، إذ هو مهتم بما للأرض. أما من يقول "لا تخفِ عني وصاياك" فهو قديس... لذلك يطلب النبي من الله أن يكشف له عظائم وصاياه للحياة السماوية.
* بالتأكيد يخاف من الموت، ذاك الذي لم يُولد من الماء والروح، حيث يُسلم إلى نيران جهنم.
يخاف من الموت، من لم يختبر صليب المسيح وآلامه.
يخاف من الموت، من ينتظر بعد الموت موتًا آخر.
يخاف من الموت، ذاك الذي تنتظره نيران الأبدية والعقاب غير المتناهي.
يخاف من الموت، من يجد نفعًا في تأجيل موته حتى تتأخر تنهداته وتأوهاته .
يَسْكُنُ فِي خَيْمَتِهِ مَنْ لَيْسَ لَهُ.
يُذَرُّ عَلَى مَرْبِضِهِ كِبْرِيتٌ [15].
خُلق الله الإنسان ليكون مستودع حبه وحنوه ونعمته الغنية وصلاحه، أما إذا أصر الإنسان على رفض الالتصاق بالله، فتحل اللعنة في خيمته، حيث يصير جسده كما نفسه مسكنًا لعدو الخير الذي يغتصب ما ليس ملكًا له. يتحول الإنسان إلى مربضٍ لإبليس يستقبل الكبريت والنار مثل سدوم وعمورة، عوض كونه هيكلًا مقدسًا لله.
يري القديس مقاريوس إن الإنسان الداخلي إما أن يكون أرضًا يسكنها الله كمقدسٍ له، أو يحتلها عدو الخير فيجعلها أرضه، وتصير شيطانية. وهو يقصد بالأرض "المسكن".
* "لينتشر الكبريت على مسكنه" [15]. ما هو الكبريت إلا الوقود الذي يلهب النار، ويبعث منها رائحة نتنة جدًا. ماذا إذن نفهم من الكبريت سوى الخطية الجسدية، هذه التي وهي تملأ الذهن بالأفكار الشريرة، مثل نوع من الرائحة الفاسدة تلهب نارًا أبدية لها. وبينما ينتشر سحب رائحتها في النفس الضائعة تكون كمن تقدم وقودًا للهيب هلاكها. بهذا تُفهم رائحة الجسد الكريهة بأنها كبريت.
يسجل لنا تاريخ الكتاب المقدس نفسه ذلك، حيث يروي لنا أن الرب أمطر نارًا وكبريتًا على سدوم (تك 19: 14)... هكذا "لينتشر الكبريت على مسكنه".
الإنسان الشرير بالتهاون المفسد مع الجسد الذي يمارس سلطانًا في داخله، تشغله الأفكار الشريرة بغير انقطاع، وتمنعه عن إنتاج ثمر عملٍ صالحٍ. لذلك بحقٍ قيل: "لتجف جذوره من أسفل، وليفسد محصوله من أعلى" [16].
البابا غريغوريوس (الكبير) * توجد أرض تسكنها الوحوش، وأرض في الهواء تتحرك فيها الطيور وتعيش. فإذا أرادت الطيور أن تقف وتسير على الأرض يقتنصها الصيادون. وللأسماك أيضًا أرض، هي مياه البحر. المكان الذي يولد فيه أي كائن، سواء على الأرض أو في الهواء ففيه يعيش، وفيه يقتات، ويجد لذته وراحته.
بنفس الطريقة توجد أرض للشيطان وبيت له، تعيش فيه قوات الظلمة وأرواح الشر. عليها تتحرك وتجد راحتها. كما توجد أرض نورانية هي أرض اللاهوت، حيث تصعد معسكرات الملائكة والأرواح المقدسة وتهبط عليها وتجد فيها راحتها.
لا يمكن لأعين الجسد أن تري الأرض المظلمة ولا أن تلمسها، هكذا أيضًا بالنسبة للأرض النورانية التي هي أرض اللاهوت... أما بالنسبة للروحانيين فتنكشف بعيون قلوبهم الأرض الشيطانية التي للظلمة وأرض اللاهوت.
* ينبغي أن تعرفوا بأننا نصير أجسادًا لهم (الشياطين) حينما تقبل نفوسنا أفكارهم المظلمة الشريرة، وعندما يصيرون هم ظاهرين بواسطة جسدنا الذي نسكن فيه .
القديس أنبا أنطونيوس الكبير * لا تكن رفيقًا للمخاصمين، لئلا تسكن جوقة الشياطين في بيتك.
احذر من الحقود، لأنه شيطان متجسد .
الشيخ الروحاني (يوحنا الدّلياتي) * واضح أن الأرواح النجسة لا تقدر أن تجد لها طريقًا في أجساد من اغتصبتهم بأية وسيلة ما لم تملك أولًا على عقولهم وأفكارهم، فتسلب منهم مخافة الله وتذَّكره والتأمل فيه، وبهذا تتجاسر فتتقدم إليهم كمن هم بلا حصانة إلهية، وتقيدهم بسهولة، وتجد لها موضعًا فيهم، كما لو كان لها حق الملكية عليهم.
يرى البعض أن بلدد سمع عن النار التي نزلت من السماء وأحرقت غنم أيوب وخدمه، فحسب أن أيوب بكل ممتلكاته قد بلغ في شره ما بلغته سدوم وعمورة، واستحق نيران غضب الله لتحرق ما لا يستحقه أيوب أو ما اغتصبه، إذ كان يسكن في بيتٍ ليس له.
* (الإنسان التقي) لا يتغير جمال فضائله بموتٍ همجي. فالصحة التي تُجلب إليه بصلواته، لا تُنزع من خيمته (جسده)، مادام بالفعل يكون غنيًا في ممارسة الأعمال الصالحة، وإن ضاع غناه يبقى مشرقًا ببهاء البرّ خلال صبره...
"يتبدد سموه بالكبريت". هذا ما حدث بالحقيقة للخطاة في سدوم وعمورة، فإن ما حدث جزئيًا للأشرار (في سدوم وعمورة) يتوقع الأشرار الآخرون أن يحدث لهم في هذا العالم الحاضر أو العالم العتيد.
|