رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
خُطَبُكُمْ أَمْثَالُ رَمَادٍ، وَحُصُونُكُمْ حُصُونٌ مِنْ طِينٍ! [12] افتخر أصدقاء أيوب بأنهم مدافعون عن الله وعدله وأحكامه، فإذا بكل أحاديثهم تشبه الرماد، تافهة وبلا قيمة، يهب الريح فيتلاشى الرماد. تطير أفكارهم من أجسادهم الترابية، يعبرون وتعبر معهم حكمتهم البشرية. إنهم لا يكدسون حكمة للزمن، بل أكوامًا من الطين، يريد أولاد الله الخلاص منها. يشّبه أحاديثهم بالتراب، لأنها تقوم على أفكار أرضية زائلة، ولا تعتمد على الحكمة السماوية الأبدية. يتحصنون بالمنطق البشري، الذي لن يقدر أن يحميهم إلا إلى لحظات. * "تذكارهم مثل رمادٍ" [12]. كل الذين يتشكلون حسب الحال الحاضر، تكون أفكارهم أرضية، فإنهم بكل ما يفعلونه يتركون ذكرى وقتية لهم في العالم. البعض يجاهدون في حربٍ، وآخرون بإشادة مبانٍ شاهقة، والبعض بتسجيل كتبٍ تحمل خبرات هذا العالم. إنهم يتعبون ويصارعون ويبنون لكي يقيموا ذكرى لأسمائهم. ولكن إذ تجري الحياة نحو النهاية بسرعة، أي شيء يثبت فيها، حينما تهوي الطبيعة عينها بسرعة؟ نسمة الهواء تذرى الرماد، كما هو مكتوب: "ليس كذلك الأشرار، لكنهم كالعصافة التي تذريها الريح" (مز 1: 4). بحق تُقارن ذكرى الأغبياء بالرماد، حيث يكون موضعها هو أن تذريها نسمة الهواء. بقدر ما يتعب الإنسان لينال مجدًا لاسمه، يضع ذكراه التي كالرماد في مهب رياح الإماتة المسرعة إلى لحظة. على عكس هذا كُتب عن الصديق: "الصديق يكون لذكرٍ أبديٍ" (مز 112: 6). فإنه بذات الظروف حيث يطبع أعماله على عيني الله وحده، يثبت اسمه لذكراه في العالم الأبدي. * "وتنحط أعناقكم إلى الطين" [12]... هكذا تنحط العنق إلى الطين، عندما ينزل كل متشامخٍ إلى الموت، وينحل الجسد الذي ارتفع في الفساد. لنتأمل في جثث الأغنياء الملقاة في قبورهم، أي نوعٍ من الموت حلّ بالجسد الذي بلا حياة، ما هي نتانة فساده! البابا غريغوريوس (الكبير) |
|