رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
التجربة الثالثة حاجة اجتماعية: "السلطة الأرضية" الشيطان هو رئيس هذا العالم، وهو يغوي المؤمنين بملذات وأمجاد هذا العالم الباطلة التي يملكها ويتحكم فيها، والثمن هو السجود له أي التبعية الكاملة له التي تصل لحد عبادته. أنه "كذَّابٌ وأَبو الكَذِب " (يوحنا 44:8)، فهو يغوي المؤمنين بعالم فانٍ زائل. وقد استغل الشيطان هذه السلطة ليجرّب يسوع كي يعبده، وبذلك يأمره بالخضوع الكامل له قائلا " وأَراهُ جَميعَ مَمالِكِ الدُّنيا ومَجدَها، أُعطيكَ هذا كُلَّه إِن جَثوتَ لي سـاجداً " (متى 4: 8 -9). وحاول الشيطان ان يُطبِّق المثل العامي "حسنة وأنا سيدك". فالشيطان أبو الكذب ظنّ أنه قادر أن يخدع الرب يسوع " أُعطيكَ هذا كُلَّه" فلا حاجة إلى الصليب كي تكوّن مملكة من العالم، إنّما يكفي أن تسجد لي. وكان هذا هو طلب اليهود أيضا معاصري يسوع الذين أرادوا منه أن يكون مسيحا سياسيا، "ملِكا لهذا العالم" متزعّما مع الثوار الغيورين حركة استعادة "السلطة" والمجد من المحتل الروماني كما جاء في انجيل يوحنا "وعَلِمَ يسوعُ أَنَّهم يَهُمُّونَ بِاختِطافِه لِيُقيموهُ مَلِكاً، فانصَرَفَ وعادَ وَحدَه إلى الجَبَل "(يوحنا 6: 15). وحاول الشيطان ان يشكك يسوع في علاقته بالله ابيه السماوي: فهل يرشده الله؟ أجابه يسوع دون تساهل مع الشيطان مستشهدا في كلمة الله "لرَّبَّ إِلهَكَ تَتَّقي وإِيَّاه تعبُدُ" (تثنية الاشتراع 6: 13). ولم ينخدع يسوع، لأنه يعرف حقيقة سلطان أبيه، وأن ما لأبيه إنّما هو له كما صرّح "جَميعُ ما هو لي فهو لَكَ وما هو لَكَ فهو لي" (يوحنا 17: 10). ويُعلق القديس ايرونيموس "إن إِبليس لا يملك العالم كلّه ليعطي ممالكه، وإنما الله هو الذي يهب الملكوت لكثيرين". ويثبت يسوع انه "ابنُ الله" لأنه هو المسيح الملك كما جاء في المزامير "قالَ لي: أَنتَ اْبني وأَنا اليَومَ وَلَدتُكَ. سَلْني فأُعطيَكَ الأمَمَ ميراثًا وأَقاصِيَ الأَرض مِلْكً." (مزمور 2: 7-8). رفض يسوع الملكية الأرضية او "المسيحانية الأرضية " بما فيها من الشرّ والعنف الموجودين وراءَ سيطرة سياسيّة تعاكس المتطلّبات الإلهيّة، وفضّل يسوع أن يكون ذلك "العبد الفقير المتألّم" كما بيّن ذلك في غسل اقدام تلاميذه (يوحنا 13 :1-20). وجعل من نفسه ضعيفا، واختار "الصليب الذي كان عِثارٍ لِليَهود وحَماقةٍ لِلوَثنِيِّين"(1قورنتس 1: 23). إنّ تجربة السلطة هي تجربتنا نحن أيضا؛ إنها تجسّد ميلنا إلى السيطرة وفرض الرأي وتقديم مصلحتنا الخاصة. واجه يسوع التجارب الثلاثة بكلام الله مستشهدا من سفر تثنية الاشتراع. ظهر المسيح خادما لله، خاضعا تمام الخضوع لمشيئته الالهية. بهذا تغلب يسوع على إِبليس: انه "ربط القوي" لكي يسترجع امتعته (مرقس 3: 27). ان انتصار يسوع على المُجرِّب في الصحراء هو استباق لانتصار الالام، وبالتالي خضوع محبته البنوية للاب. واثبت يسوع انه ابن الله بطاعته الكاملة وبتغلبه على الشيطان. جُرّب فعرف ضعفنا، وصار "رئيس كهنة رحيما أمينا" (عبرانيين 2: 17). واستطاع ان يساعد المُجرَّبين" (عبرانيين 2: 18). ولذا رأى صاحب الرسالة الى العبرانيين في السيّد المسيح ليس مثالًا خارجيًا نتمثل به في وقت التجارب فحسب، إنّما هو المثل الحيّ الذي يفيض علينا بإمكانيّات نصر كما جاء في رسالته "قَدِ ابتُلِيَ هو نَفسُه بِالآلام، فهو قادِرٌ على إِغاثَةِ المُبتَلَين" (عبرانيين 2: 18). ويُعلق القديس غريغوريوس الكبير "يسوع يغلب تجاربنا بتجارب". في هذه التجارب الثلاث اختار يسوع الاستماع إلى الآب وحده، والوثوق بالآب به، وعبادته دون غيره. نستنتج مما سبق أن الشيطان يُغرينا من خلال أجسادنا وأرواحنا، كما فعل مع يسوع. لكنه يُعلمنا طرق مكره وخبثه، إنه "كذَّابٌ وأَبو الكَذِب " (يوحنا 44:8)، وكثير من وعوده كاذبة؛ ليس لديه سلطة، وأما يسوع المسيح فهو صاحب القوة والسلطة ة الحقيقة الذي يفي بوعوده. |
|