رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يَشهَد الكِتاب المُقدَّس على حَتمِيَّة مَوت المَسيح على الصَّليب، و لكن ما هو السَّبَب الرَّئيسي لِمَوتِه؟ المَرحَلة الأولى: الجَلد كانَت وَسيلَة القَتل بالصَّلب من اختِصاصات الجُنود الرُّومان، وكانوا يَجعَلونَ ضَحِيَّتَهُم يَمُرّ بِعِدَّة مَراحِل قَبلَ مَقتَلِهِ، أولى تِلكَ المَراحِل كانَت الجَلد. … وَأَمَّا يَسُوعُ فَجَلَدَهُ، ثُمَّ سَلَّمَهُ إِلَى الصَّلْبِ. إنجيل مَتَّى 26:27 غالِباً ما نَمُرّ على هذهِ الكَلِمة بِقِراءَتِنا لِمَقطَع مَوت المَسيح مُرور الكِرام دونَ أن نُدرِك مَدى أهَمِّيَّتها في مَوت المَسيح. الجَلد على يَد الجُنود الرُّومان كانَ أمراً قاسِياً للغاية، فكانَ عادَةً مُكَوَّناً من 39 جَلدة، ولكن الرُّومان كانوا يَستَمتِعون بأكثَر من ذلكَ بِكَثير. كانَ الجَلد يَتِم بِاستِخدام ثَلاثة حِبال من الجِلد مَربوطين بِعَصاة، وكانَت تِلكَ الحِبال مَعقودة بِقِطَع من المَعادِن الصَّغيرة (عادَةً حَديد)1 و قِطَع من العِظام الصَّغيرة. وكانَ الجَلد يُرَكَّز على الظَّهر والفَخذَين. وبهذهِ الطَّريقة، كانَت هذهِ الوَسيلة تُزيل الجِلد عن الضَّحِيَّة بِسُهولة. فَوَصَفَ المؤرِّخ يوسيبيوس ذلك: كانَت عُروق الضَّحِيَّة عارِية، وحَتَّى العَضَلات، الأوتار والأحشاء كانَت مَكشوفة. وهذا الأمر جَعَلَ المَسيح في حالَة حَرِجَة حَتَّى قبلَ وُصولِهِ إلى الصَّليب. المَرحَلة الثَّانِية: تاج الشَّوك لم تَكُن مَرحَلَة تاج الشَّوك مُعتَمَدة مع الجَميع، ولكن كَون المَسيح لم يُنكِر ادِّعاء بيلاطُس بأنَّهُ مَلِك اليَهود، سَخِرَ مِنهُ الجُنود الرُّومان بِوَضعِهِم على جَبينِهِ تاج من الأشواك التي ثَقَبَت جَبينَهُ. وَجَدَلُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَوَضَعُوا قَصَبَةً فِي يَدِهِ الْيُمْنَى، وَرَكَعُوا أَمَامَهُ يَسْخَرُونَ مِنْهُ وَهُمْ يَقُولُونَ: “سَلامٌ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ”. إنجيل مَتَّى 29:27 وكَون الجَبين غَنِيٌّ بالأوعِية الدَّمَوِيَّة، فالتَّاج يَكون قَد سَبَّبَ خَسارَة دَمّ كَبيرة للمَسيح. المَرحَلة الثَّالِثة: الصَّلب الصَّلب هو المَرحَلة ما قَبل الأخيرة، فكانَ الضَّحِيَّة مُلزَماً بِحَمل صَليبِهِ أو العارِضة إلى مَكان صَلبِهِ. وذلكَ لم يَكُن غَريباً عن المَسيح، ولكن بِسَبَب حالَتِهِ لم يَستَطِع على حَمل الصَّليب فَسَخَّروا شَخصاً آخَر لِيَحمِل الصَّليب كما هو مُدَوَّن بالأناجيل. وَبَيْنَمَا كَانَ الْجُنُودُ يَسُوقُونَهُ إِلَى الصَّلْبِ، وَجَدُوا رَجُلاً مِنَ الْقَيْرَوَانِ اسْمُهُ سِمْعَانُ، فَسَخَّرُوهُ أَنْ يَحْمِلَ عَنْهُ الصَّلِيبَ. إنجيل مَتَّى 32:27 وعِندَما وَصَلوا بِهِ إلى مَكان الصَّلب، صَلَبوه. ولكن كما في حالَة الجَلد، غالِباً ما نَعبُر فَوقَ كَلِمَة “صَلَبوه” ولا نَفهَم تَحديداً ماذا تَعني. فالصَّلب كانَ يَتِم بِاستِخدام مَسامير حَديدِيَّة طَويلة (13 إلى 18 سنتيمتر) تَثقُب مِعصَمَي الضَّحِيَّة وليسَ كَفّ اليَد كما يُقال. فكَفُّ اليَد ليسَ قَوِيٌّ بِما فيهِ الكِفاية لِيَحمِل ثِقل إنسان، ولكن المِعصَم بإمكانِهِ حَمل هذا الثّقل. وكما كانَت تُثقَب أرجُل الضَّحِيَّة أيضاً بالمَسامير. هذا الأمر كانَ يَجعَل عَمَلِيَّة التَّنَفُّس صَعبة جِدّاً بَل شِبه مُستَحيلة، لأنَّ على الضَّحِيَّة أن يَسحَب نَفسَهُ إلى الأعلى لِيَتَمَكَّن من أخذ النَّفَس، ولكن لا يُمكِنهُ البَقاء في هذهِ الوَضعِيَّة بِسَبَب المَسامير التي في يَدَيهِ والحالة التّي يَكون ظَهرهُ فيها بَعدَ الجَلد. كما وأنَّهُ غَير مُتَمَكِّن من البَقاء في الوَضعِيَّة المُعاكِسة، أي أن يُلقي ثِقلَهُ على رِجلَيه، بِكَونِهِما أيضاً فيهِما مَسامير ولأنَّهُ مُضطَرٌّ على أخذ النَّفَس. فكانَ يجِب على الضَّحِيَّة تَكرار عَمَلِيَّة تَبديل الوَضعِيَّة مِراراً وتَكراراً إلى أن يَموت بِسَبَب الإرهاق. إنَّ السَّبَب الأساسي لِلمَوت على الصَّليب هو الاِختِناق بِسَبَب الإرهاق. المَرحَلة الأخيرة: تَأكيد المَوت إنَّ الجُنود الرُّومان لم يَكونوا أطِبَّاء بالطَّبع، ولكِنَّهُم كانوا قَتَلة مُحتَرِفين. فكانوا يُتقِنونَ فَنّ أخذ حَياة البَشَر، حَتَّى أنَّهُ إذا هَرَبَ الضَّحِيَّة كانوا يُقتَلونَ هُم بَداله، فلِهذا السَّبَب كانوا يَتَأكَّدون بِدون أيّ شَكّ أنَّ ضَحِيَّتَهُم قَد فارَقَ الحَياة. ونَرى في الكِتاب المُقدَّس أنَّهُم كَسَروا أرجُل اللِّصَّينِ الذَينِ كانا على يَمين وشِمال المَسيح لِكَي يَجعَلوا حَتمِيَّة مَوتِهِما أسرَع. وَلَمَّا كَانَ الإِعْدَادُ يَتِمُّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، طَلَبَ الْيَهُودُ مِنْ بِيلاطُسَ أَنْ تُكْسَرَ سِيقَانُ الْمَصْلُوبِينَ، فَتُؤْخَذَ جُثَثُهُمْ لِئَلّا تَبْقَى مُعَلَّقَةً عَلَى الصَّلِيبِ يَوْمَ السَّبْتِ، وَلاسِيَّمَا لأَنَّ ذلِكَ السَّبْتَ كَانَ يَوْماً عَظِيماً. فَجَاءَ الْجُنُودُ وَكَسَرُوا سَاقَيْ كِلا الرَّجُلَيْنِ الْمَصْلُوبَيْنِ مَعَ يَسُوعَ. أَمَّا يَسُوعُ، فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَيْهِ وَجَدُوهُ قَدْ مَاتَ، فَلَمْ يَكْسِرُوا سَاقَيْهِ. وَإِنَّمَا طَعَنَهُ أَحَدُ الْجُنُودِ بِحَرْبَةٍ فِي جَنْبِهِ، فَخَرَجَ فِي الْحَالِ دَمٌ وَمَاءٌ. إنجيل يوحَنَّا 31:19-34 إنَّ المَسيح لم تُكسَر قَدَمَيهِ لأنَّهُ كانَ قَد ماتَ عِندَما وَصَلَ إليهِ الجُنود، ولكن لأجل تأكيد مَوتِهِ، طَعَنوهُ بِحَربَةٍ في جَنبِهِ. إنَّ العِبارة الأخيرة: “فَخَرَجَ في الحال دَمٌ وماء” لها أهَمِّيَّة طِبِّيَّة بالِغة كَوننا نَعلَم بِسَبَب تَطَوُّر الطِّب أنَّ هذهِ الظَّاهِرة تَحدُث بِسَبَب عَدَم المَقدِرة على التَّنَفُّس، فيَتَجاوَب الجِسم بِزِيادَة دَقَّات القَلب، ولكن لِقِلَّة الأوكسيجين في الدَّم يَحدُث خَلَلاً في الأوعِية الدَّمَوِيَّة ويَبدَأوا بِتَسريب المِياه من الدِّماء إلى الأنسِجة. وهذا يُحدِث تَراكُم مِياه بِجانِبَي القَلب والرِّئة2 . وعِندَما طُعِنَ المَسيح، وعِندَ ثقب الحَربَة رِئَته ووُصولِها إلى مَوقِع القَلب، خَرَجَ الماء والدَّم. هذهِ الظَّاهِرة لا يُمكِن تَزييفها. |
|