رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إكمال مسيرة الاتضاع فلما أخذ يسوع الخل قال: قد أُكمل. ونكَّس رأسه وأَسلمَ الروح ( يو 19: 30 ) لقد أُكملت بالنسبة للمسيح مسيرة الاتضاع والفقر بعد أن عطش وشرب الخل. وهو لن يعطش في ما بعد، ولن يجوع. قبل أن يبدأ المسيح رحلته الأخيرة إلى المحاكمات والصليب، ذكر الروح القدس أن يسوع وهو عالم أن ساعته قد جاءت لينتقل من هذا العالم إلى الآب ( يو 13: 1 )، وكم كان سرور المسيح عظيمًا أن يترك العالم ويذهب إلى الآب ( يو 16: 28 ). أ لم يَقُل لتلاميذه في حديث الوداع الأخير «لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون لأني قلت أمضي إلى الآب، لأن أبي أعظم مني» ( يو 14: 28 ). وها هو هنا يعلن «قد أُكمل»، وبعدها مباشرة قال: «يا أبتاه، في يديك أستودع روحي» ( لو 23: 46 ). هذا التغيير الكُلي والانتقال المفاجئ في المسيرتين؛ مسيرة الاتضاع، ومسيرة الرِفعة، نجده مذكورًا بوضوح في آخر المزمور109، مقارنة ببداية المزمور110. ففي آخر المزمور109 نجده كالإنسان المسكين، أما في بداية المزمور110، فنراه الرب المُمجَّد حيث نقرأ القول «قال الرب لربي: اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئًا لقدميك». نعم، لقد انتهت بالصليب مسيرة تواضع المسيح وخزيه. لن يراه العالم في ما بعد كما رآه سابقًا مُحتقرًا ومخذولاً من الناس، ولن يكون وجهه كذا مُفسدًا أكثر من الرجل وصورته أكثر من بني آدم، بل إن الناس الأشرار لن يروه حتى يأتي في قوة ومجد كثير. فالمسيح بعد القيامة لم يَرَه أحد من الأعداء أو الأشرار قط، مع أنه أظهر نفسه مرات لقديسيه. ولن يراه الأعداء حتى يأتي في نار لهيب مُعطيًا نقمة للذين لا يعرفون الله والذين لا يطيعون إنجيل ربنا يسوع المسيح. عندئذٍ سيهرب الأشرار من حضرته قائلين للجبال والصخور: اسقطي علينا واخفينا عن وجه الجالس على العرش وعن غضب الخروف. وبعد ذلك من وجهه أيضًا ستهرب الأرض والسماء ولن يوجد لهما موضع ( رؤ 6: 16 ؛ 20: 11). يقول الرسول: «من أجل السرور الموضوع أمامه، احتمل الصليب مُستهينًا بالخزي» ( عب 12: 2 ). وهذا السرور الموضوع أمامه هو أن ينتقل من هذا العالم إلى الآب. وإن كان بولس في آخر حياته قدَّم نفسه كالسكيب، وبفرح قال: «أكملت السعي» ( 2تي 4: 6 ، 7)، فكم بالحري المسيح هنا يسكب نفسه للموت، وعلى لسانه تلك العبارة الغالية «قد أُكمل»؟ |
|