رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يتحدث ربنا يسوع إلى "جماعة إسرائيل والنساء والأطفال والغريب السائر في وسطهم" [35]. ماذا يقصد بهذه الفئات؟ أ. يتحدث عن الرجال الإسرائيليين بكونهم "جماعة إسرائيل"، وكما سبق أن تحدثنا في سفر العدد أن كل عضو في الكنيسة أو "جماعة إسرائيل الجديد" سواء كان رجلًا أو امرأة، شيخًا أو طفلًا، شبًا أو فتى... يلزم أن يلتزم بالرجولة الروحية أو النضوج لا يعرف تدليل النساء ولا عجز الأطفال، لذا جاءت الوصية الرسولية لكل الأعضاء "كونوا رجالًا". ولهذا جاء إحصاء الشعب قديمًا يحوي الرجال دون النساء والأطفال (عد 1: 2-3). ب. إن كان يشوع يتحدث إلى جماعة إسرائيل كرجال ناضجين يتقبلون الوصية الإلهية، هؤلاء الذين ينعمون بالطعام القوي بسبب التمرن إذ صارت لهم الحواس المدربة على التمييز بين الخير والشر (عب 5: 14) لكنه أيضًا يُقدم الطعام اللائق بالنساء واللبن الخاص بالأطفال. وكما يقول العلامة أوريجانوس: [إن فئة النساء والأطفال والغرباء تمثل النفوس الضعيفة التي لا تزال تحتاج إلى اللبن ]. إن كان الرجال يمثلون النفوس القوية ذات الحواس المدربة، فإن النساء يمثلن النفوسة الضعيفة والمحتاجة إلى من يسندها فتمتثل بالنفوس القوية. يسوعنا الحق لا يرفض حتى هذه النفوس بل يقوم بنفسه بالحديث معها حتى يرتفع بها من حالة التدليل والترف إلى المثابرة والنضوج. أما الأطفال روحيًا فلا يحتقرهم ربنا يسوع بل يحتضنهم ويعولهم باللبن حتى ينضجوا ويصيروا قادرين على التمتع بالطعام القوي. ولا يتخلى السيد حتى عن الغرباء، أي الموعوظين الذين يرغبون في الدخول إلى الجماعة المقدسة، فإنه يتحدث معهم حتى يسرع بهم إلى العضوية في جسده المقدس ويحسبون أبناء الله الحقيقيين. إذ خشى العلامة أوريجانوس أن يُفهم النص الذي بين أيدينا على أساس وجود تفرقة بين الجنسين: الذكور والإناث، قال: [الكتاب المقدس في الواقع لا يُقيم تفرقة بين الرجال والنساء حسب الجنس، وإنما أمام المسيح لا يوجد فرق بين الجنسين، بل يتحقق الاختلاف في القلب الذي يقسم (المؤمنين) إلى رجال ونساء. فكم من نساء يمتثلن أمام الله كرجال أقوياء، وكم من رجال يحسبون كنساء متكاسلات؟! ألا تعتقد معي أنه يجب أن يُحصى بين النساء والرجال القائلين: "لا أستطيع أن أبيع كل ما ليّ وأعطيه للفقراء، ولا أقدر أن أقدم خديّ للضارب، ولا أن أبارك من يلعنني أو أُصلي من أجل المُسيئين إليَّ، أو أحتمل من يضطهدني؟! ]. على أي الأحوال أيًا كان حال نفوسنا يلزمنا أن نسمع ليشوع الحقيقي وهو يتحدث معنا، فإن كان رجالًا نسمع لنثبت فيه وننمو إلى قياس ملء قامته، وإن كنا نساءً ننصت لكي ينزع تراخينا ويدخل بنا إلى النضوج الروحي، وإن كنا أطفالًا فلنجري إليه حتى يرفعنا إلى الرجولة الروحية، وإن كنا لا نزال غرباء لنقبل إليه حتى يُقربنا إليه ويحملنا فيه إلى أبيه السماوي. |
|