|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لم يكن يونان بالكاهن ليدخل القدس ولا رئيس الكهنة لينعم برؤية قدس الأقداس مرة واحدة كل سنة، لكنه في أعماق البحر إذ صار كمطرود حُسب رمزًا للسيد المسيح المطرود والداخل إلى مقدساته السماوية وكما يقول القديس چيروم: [في أعماق البحر يرى هيكل الرب، وبروح النبوة وجد نفسه هناك يتأمل شيئًا آخر]. "لقد اكتنفني مياه إلى النفس، أحاط بي غمر، ثم أصعدت من الوحدة حياتي أيها الرب إلهي" [5-6]. لقد نزل السيد المسيح إلى الجحيم فصار كمن إكتنفته المياه إلى النفس، لكن لم تستطع المياه أن تبتلعه بل يحرر الذين أسرتهم المياه وأغرقتهم. نزل إلى أعماق المياه ليصعد معه الغارقين فيها، كما يقول الرسول: "أما أنه صعد فما هو إلاَّ أنه نزل أيضًا أولًا إلى أقسام الأرض السفلي، الذي نزل هو الذي صعد أيضًا فوق جميع السموات لكي يملأ الكل" (أف 4: 9-10). يرى القديس أغسطينوس في المياه التي إكتنفت السيد المسيح إلى النفس تعبيرًا عما حدث عند الصليب، فقد هاج الكل عليه كأمواج البحر وفي اتضاعه خضع بإرادته لأجلنا، قائلًا: "دخلت إلى أعماق المياه والسيل غمرني" (مز 69: 2). لم يقاوم الكلمات العنيفة ولا التصرفات القاسية بل في صبر أحتملها، "وأطاع حتى الموت موت الصليب" (في 2: 8). المخلص الذي سار على المياه (مت 14: 26)، إنحنى بنفسه إلى المياه حتى تكتنفه إلى حين وتحيط به، فيحمل مؤمنيه على المياه خلال سفينة صليبه وينطلق بهم إلى ميناء أورشليم السماوية بأمان. مرة أخرى يقول: حين أعيت فيَّ نفسي ذكرت الرب، فجاءت إليك صلاتي إلى هيكل قدسك" [7]. فقد يونان كل رجاء في ذراع بشري للخلاص إذ صار كمن قبض عليه في جوف الحوت، ليس من يخلصه سوى الرب، لذلك يقول: "ذكرت الرب" . وكأنه بالمرتل القائل: "أبي وأمي قد تركاني والرب ضمني". وكما يقول القديس چيروم: [وجدت نفسي قد أُغلق عليها في أحشاء الحوت فصار رجائي كله في الرب]. هذه العبارة أيضًا تنطبق على يوناننا المتألم الذي صرخ بالجسد: "نفسي حزينة جدًا حتى الموت" (مت 26: 38)، "يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس" (مت 26: 39). هذا الثقل الذي احتمله السيد لأجلنا إنما لكي يمارس عمله الكهنوتي خلال ذبيحته الكفارية فيطلب من الآب عنا: "جاءت إليك صلاتي إلى هيكل قدسك"، وكما يقول القديس چيروم: [إنه ككاهن يترجى تحرير الشعب في جسده]. |
|