رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تسبيح الله لخلاصه لشعبه بَارِكُوا إِلَهَنَا يَا أَيُّهَا الشُّعُوبُ، وَسَمِّعُوا صَوْتَ تَسْبِيحِهِ [8]. إنها دعوة متجددة للأمم للتمتع بعمل الله وخلاصه، فتمتلئ بحياة الفرح والتسبيح. *بعد أن أحاط علمكم أيها الأمم بالعجائب التي صنعها الله سابقًا ولاحقًا فمجدوه وأخبروا أيضًا خلفاءكم بعجائبه ليكون صوت تسبحة مسموعًا في الأجيال القادمة. الأب أنثيموس الأورشليمي * الآن يأتي نسل إبراهيم الذي فيه تتبارك جميع الأمم (تك 12: 3). "باركوا إلهنا يا أيها الشعوب، وسمِّعوا صوت تسبيحه" [8]. لا تمدحوا أنفسكم بل سبحوه. ما هو صوت تسبيحه؟ إنه بنعمته صرنا ما نحن عليه من صلاح. القديس أغسطينوس الْجَاعِلَ أَنْفُسَنَا فِي الْحَيَاةِ، وَلَمْ يُسَلِّمْ أَرْجُلَنَا إِلَى الزَّلَلِ [9]. يطلب المرتل من الشعوب أن تتطلع إلى الواقع العملي، فالكنيسة عبر كل العصور تعاني من الاضطهادات والمحن حتى تبدو كأن رجليها تُسَلَّمان للزلل، لكن الله يرد لها الحياة، فتختبر الحياة الجديدة المقامة! *جعل الله أنفسنا في الحياة، ليس فقط لما نفخ في وجه آدم ومنحه روح حياة، بل أيضًا لما أعطاه وصيته إن حفَظها يكون في حياة ولا تزل قدماه... عندما آمن الأمم بالمسيح، صارت نفوسهم فيه، الذي هو الحياة الحقيقية. تثبتت أقدامهم على صخرة إيمانه فلا تزل. وقد قال عنهم في نشيد الأناشيد: "ساقاه عمودا رخام مؤسستان على قاعدتين من إبريز، طلعته كلبنان، فتى كالأرز" (نش 5: 15). الأب أنثيموس الأورشليمي * انظروا صوت تسبيحه "الجاعل نفسي في الحياة". لقد كانت في الموت، كانت في ذاتها... أين تصير في الحياة إلا في ذاك الذي قال: "أنا هو الطريق والحق والحياة" (يو 14: 6)...؟ لقد جعلنا للحياة، جعلنا نُحفَظ حتى النهاية، حتى نعيش أبديًا. القديس أغسطينوس لأَنَّكَ جَرَّبْتَنَا يَا اللهُ. مَحَصْتَنَا كَمَحْصِ الْفِضَّةِ [10]. إذ يدعو المرتل الشعوب والأمم للإيمان بالله والتسبيح يؤكد لهم أنه إن كان شعب الله قد عانى محن وتجارب، فإنما بسماح إلهي لكي ينقيهم كالفضة والمعادن النفيسة بالنار لتتخلص من شوائبها. قيل: "وأدخل الثلث في النار، وَأَمْحَصُهُمْ كَمَحْصِ الفضة، وأمتحنهم امتحان الذهب" (زك 13: 9). "وأرد يدي عليكِ، وأنقي زغلك، كأنه بالبورق، وأنزع كل قصديرك. وأُعيد قضاتك كما في الأول، ومشيريك كما في البداءة. بعد ذلك تُدعين مدينة العدل القرية الأمينة" (إش 1: 25-26). *كما أن الفضة... تُمحص بالبودقة في النار، كذلك النفس تتنقى بالأحزان. الأب أنثيموس الأورشليمي يُعَلِّق القديس أغسطينوس على كلمات المرتل: "قدامه تذهب نار" )مز 3:97( قائلًا: [هل تخاف؟ لنتغير فلا نخف! ليخف التبن من النار، لكن ماذا تفعل النار للذهب؟![43]". كما يعلق على العبارة: "لأنك جربتنا يا الله، محصتنا كمحص الفضة" (مز 10:66)، هكذا: "لا لتحرقنا بالنار كالهشيم بل كالفضة. فباستخدام النار لا تصيرنا رمادًا بل تغسلنا من الدنس ".] * لا تكن النار بالنسبة لنا كما بالقش، وإنما كما بالفضة. باستخدام النار لا تتحولوا إلى رماد، بل تغتسلوا من الدنس. القديس أغسطينوس أَدْخَلْتَنَا إِلَى الشَّبَكَةِ. جَعَلْتَ ضَغْطًا عَلَى مُتُونِنَا [11]. يسمح الله أحيانًا لأولاده أن يدخلوا في الشبكة التي ينصبها العدو، وأن يُثقل عليهم فينحنون في مذلة، ولكن إلى حين، لأجل تأديبهم وتنقيتهم، أو لأجل تزكيتهم وتكليلهم. هذا ما حلّ بالشعب قديمًا حين خرج من مصر، فتبعهم فرعون وجيشه. وجد الشعب نفسه كما في شبكة، فالبحر أمامهم، والجبال عن يمينهم ويسارهم، وفرعون وجيشه خلفهم، وكأن لا مفرّ لهم. صاروا أشبه بحيوان قد سقط في فخٍ أو شبكةٍ. *قوله: "وضعت أحزانًا على ظهورنا" يدل على الأثقال التي كانوا يحملونها خلال السخرة. الأب أنثيموس الأورشليمي * مع أن طريق الملكوت ضيِّق وكرب بالنسبة للإنسان، لكن متى دخل الإنسان رأى اتساعًا بلا قياس، وموضعًا فوق كل موضع، إذ شهد بذلك أولئك الذين رأوا عيانًا وتمتعوا بذلك. يقول البشر في الطريق: "جعلت ضغطًا(أحزانًا) على قوتنا" (مز 66: 11)، لكن عندما يرون فيما بعد الفرج عن أحزانهم، يقولون "أخرجتنا إلى الخصب"، وأيضًا "في الضيق رحبت لي" (مز 4: 1). حقًا يا إخوتي نصيب القدِّيسين هنا هو الضيق، إذ هم يتعبون متألمين بسبب شوقهم إلى الأمور المستقبلية، مثل ذاك الذي قال: "ويل لي فإن غربتي قد طالت". إذ يتضايقون وينفقون بسبب خلاص الآخرين، كما كتب بولس الرسول إلى أهل كورنثوس قائلًا: "أن يذلني إلهي عندكم إذا جئت أيضًا، وأنوح على كثيرين من الذين أخطأوا من قبل ولم يتوبوا عن النجاسة والزنا والعهارة التي فعلوها" (2 كو 12: 21). كما ناح صموئيل بسبب هلاك شاول، وبكى إرميا من أجل سبي الشعب. هؤلاء عندما يرحلون من هذا العالم، فإنهم بعد الحزن والكآبة والتنهد ينالون سعادة وسرورًا وتهليلًا إلهيًا، ويهرب منهم البؤس والحزن والتنهد. البابا أثناسيوس الرسولي * إن كانت الشباك تُنصَب للطيور ليس ظُلمًا (بدون هدف) كما جاء في الأمثال (1: 17)؛ وبعدلٍ يقود الله البشر إلى الشبكة كما يُقال: "أدخلتنا إلى الشبكة" (مز 66: 11)؛ وإن كان حتى العصفور، أكثر الطيور تفاهة، لا يسقط في الشبكة بدون إذن الآب (مت 10: 29)... ليتنا إذن نصلي ألا نفعل شيئًا يتطلب أن الله لعدلٍ يُدخلنا في تجربة. هذا هو مصير من يترك الله لشهوات قلبه في نجاسة. العلامة أوريجينوس * كل هذه الأشياء تعاني منها الكنيسة باضطهادات عديدة ومتنوعة. إنها تعاني منها في أشخاص أعضائها، وإلى الآن تعاني. فإنه لا يوجد واحد في هذه الحياة يمكنه أن يقول أنه مُستثني من تلك التجارب. القديس أغسطينوس رَكَّبْتَ أُنَاسًا عَلَى رُؤُوسِنَا. دَخَلْنَا فِي النَّارِ وَالْمَاءِ ثُمَّ أَخْرَجْتَنَا إِلَى الْخِصْبِ [12]. صورة مرعبة لما قد يحل بالإنسان لأجل تأديبه أو تزكيته، إذ يبدو كأن الأشرار يركبون على رؤوسهم، أي يتسلطون عليهم بلا رحمة. يعاني أحيانًا من الحريق وأحيانًا من الغرق، أي من الضدين. لكن الله يحول كل هذه المرارة إلى عذوبة وراحة. "إذا اجتزت في المياه فأنا معك، وفي الأنهار فلا تغمرك. إذا مشيت في النار فلا تُلدغ، واللهيب لا يحرقك. لأني أنا الرب إلهك قدوس إسرائيل مخلصك" (إش 43: 2-3). "أخرجني إلى الرحب. خلصني، لأنه سُرّ بي" (مز 18: 19). "دخلنا في النار والماء ثم أخرجتنا إلى الخصب" [12]. إن كان الله يسمح بنيران التجارب ومياهها، فإنها تؤول بالأكثر إلى إكليلنا. بالتجارب نَعبُر إلى الراحة الإلهية. والعجيب إن كانت التجارب تُشبَّه بالنار والماء، فإن الله من جانبه يسمح بحلول روحه القدوس على شكل ألسنة نارية، لنصير على صورته ومثاله "النار الآكلة"، ونتشبه بخدامه "اللهيب نار". ننعم بروحه القدوس في مياه المعمودية، حيث ننعم بالميلاد الثاني، ويصير لنا الخصب العجيب: "ورثة الله، ووارثون مع المسيح". * النار والماء خطيران في هذه الحياة. بالتأكيد يبدو أن الماء يطفئ النار، والنار تجفف الماء. لكن النار تحرق، والماء يُهلك، يلزم الخوف من كليهما، من الاحتراق بالتجارب ومن مياه الفساد... انظروا فإن النار لن تحرقكم، والمياه لن تهلككم. تعبرون خلال النار إلى الماء، حتى تعبروا من الماء أيضًا. لهذا فإنه في الطقوس السرائرية... تُستخدَم أولًا النار... وبعد ذلك تأتون إلى المعمودية، حتى تعبروا من النار إلى الماء ومن الماء إلى التجديد. القديس أغسطينوس *"رفعت الناس على رؤوسنا" معناه سلطتهم على خلاف إرادتنا... لقد دعا الأحزان نارًا لأنها تحرق الفؤاد، والاغتصاب ماء لجريانه بلا توقف، كقول الله في نبوة إشعياء النبي: "إذا اجتزت في المياه فأنا معك، وفي الأنهار فلا تغمرك، وإذا مشيت في النار فلا تُلدغ، واللهيب لا يحرقك لأني أنا الرب إلهك قدوس إسرائيل مخلصك" (إش 43: 2-3). جزنا في النار والماء معناه نجيتنا من الحريق والغرق. هذا القول كأنه صادر عن الرسل الأطهار وكافة القديسين والشهداء الذين دخلوا في فخاخ، أي في الحبس والنيران والمياه كما نقرأ في سيّرهم. لكن بعد هذا كله أخرجهم الله إلى الراحة الأبدية التي هي ملكوته، لقوله له المجد إنه بأحزان كثيرة تدخلون إلى ملكوت الله. الأب أنثيموس الأورشليمي * ولا تدخلنا في تجربة". هل هذا ما يعلمنا الرب أن نصلي لكي لا نُجرَّب أبدًا؟ فكيف إذن يُقال في موضع آخر: "الرجل غير المُجرَّب، يعلم قليلًا" (سي 34: 10، رو 5: 3-4)، وأيضًا يقول يعقوب: "احسبوه كل فرح يا أخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة" (يع 1: 2). لكن هل يعني الوقوع في التجربة ألا يدع التجربة تغمرنا وتجرفنا؟ لأن التجربة كسيل الشتاء يصعب عبوره. لذا فهؤلاء الذين لا يغرقون فيها يمرّون مظهرين أنفسهم سبّاحين ممتازين، ولم يُجرفوا في تيارها أبدًا. بينما الآخرون يدخلون فيها ويغرقون. مثلًا دخل يهوذا الإسخريوطي في تجربة حب المال، فلم يَسبح فيها بل غَرق، وشنق نفسه بالجسد والروح (مت 27: 5). وبطرس دخل في تجربة الإنكار، لكنه دخل ولم يُسحق بها. لكن كرجل سبح فيها ونجا منها. أنصت ثانية في موضع آخر إلى جماعة من القديسين لم يُصابوا بضررٍ يقدمون الشكر لنجاتهم من التجربة. جربتنا يا الله - جربتنا بالنار كتجربة الفضة - وضعتنا في الشبكة، وضعت عذابات على ظهورنا. جعلت الناس يركبون على رؤوسنا. "جزنا في النار والماء لكن أخرجتنا إلى موضع راحة" (مز 65: 10-12). فخروجهم إلى موضع راحة يعني نجاتهم من التجربة. القديس كيرلس الأورشليمي * يقول الكتاب: "دخلنا في النار والماء ثم أخرجتنا إلى الخصب" (مز 66: 12). الذين يريدون أن يُرضوا الله يجب أن يجتازوا في شدائد قليلة. كيف نسمِّي الشهداء القديسين مبارَكين بسبب الآلام التي تحمّلوها من أجل الله إن كنا لا نتحمّل الحُمَّى؟ قُلْ للنفس المتضايقة: "أليست الحُمَّى أفضل لكِ من الجحيم؟" ليتنا لا نجزع في المرض لأن الرسول قال: "حينما أنا ضعيف فحينئذٍ أنا قوي" (2 كو 12: 10). اُنظر فإنّ الرب هو "فاحص القلوب والكلى" (مز 7: 9). ليتنا نتحمّل، ليتنا نصمد، فلنصر تلاميذَ للرسول عندما يقول: "صابرين في الضيق" (رو 12: 12). القديس برصنوفيوس * إن كان جسدكِ ملتهبًا كما بنارٍ، بحمّى شديدة، وقد تثقّل بعطش غير قابل للارتواء وغير مُحتمَل، وإن كنتِ تحتملين أنتِ الخاطئة تلك العذابات؛ فتذكري العقاب المزمع، أي النار الأبدية، والعقوبات التي يتطلبها العدل الإلهي، وأنتِ لن تضعفين أمام الظروف الحاضرة. افرحي لأنّ الرب يفتقدكِ، واحتفظي بهذا القول المبارك على شفتيكِ: "تأديبًا أدّبني الرب وإلى الموت لم يسلِّمني" (مز 118: 18). إن كنتِِ حديدًا، فبالنار تتنقين من صدأكِ. وحتى لو رقدتِ بالمرض، فمع أنكِ بارّة فإنكِ تتقدّمين من قوةٍ إلى قوة! اذكري المكتوب: "إن كنا نتألم معه، لكي نتمجّد أيضًا معه" (رو 8: 17). إن كنتِ بالفعل ذهبًا، فبالنار تصيرين أعظم قيمةً! إن كان قد أُعطيَ لكِ شوكةً في جسدك "ملاك الشيطان" (2 كو 12: 7)، فتفكّري فيمن صرتِِ مشابهةً له، لأنكِِ قد حُسِبتِ مستحقةً لشرف أن تكون لك نفس آلام القديس بولس! هل جُرِّبتِ بالحُمّى؟ هل تعلّمتِ من أمراض البرد؟ يقول الكتاب:: "دخلنا في النار والماء، ثم أخرجتنا إلى الخصب (أو الرحب)" (مز 66: 12). فإن مكان الراحة قد أُعِدَّ هناك. فإن كنتِ قد ذقتِ النصيب الأول (أي ضيقات الحاضر)، فانتظري الثانية (الراحة الأبدية). وبينما أنتِ تمارسين فضيلتكِ، ارفعي صوتكِ بكلمات داود النبي: "أما أنا فمسكين ومكتئب" (مز 69: 29)، فتصبحين كاملةً بهذه الشدائد. فإنّ الكتاب يقول: "في الشدّة فرّجتَ عني" (مز 4: 3 السبعينية) "اِفغر فاك" (أي وسِّع فمك) لكي تتعلّم بواسطة ممارسات (أو اختبارات) النفس هذه مع الأخذ في اعتبارنا أننا تحت نظر عدونا. القديسة الأم سنكليتيكي |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مزمور 93 | المزمور الأول من مزامير "تسبيح الله كملك" |
مزمور 46 - عمل خلاصي قدمه الله لشعبه |
مزمور 34 - تسبيح الله |
سعي الله لخلاصه |
مزمور 136 - تفسير سفر المزامير - تسبيح محبة الله الحانية |