القديس كيرلس الأورشليمي
كيرلس في عهد يوليانوس
لم يبقَ كيرلس في النفي أكثر من سنتين، إذ في 3 نوفمبر من سنة 361م مات قنسطنس Constantius وهو يستعد لمحاربة ابن عمه يوليانوس، الذي بعدما تولى الحكم أصدر أمرًا بعودة جميع الأساقفة المنفيين إلى كراسيهم. ويقول المؤرخ سوزومين(18) إنه لم يكن الدافع هو الإشفاق عليهم ولا حبًا فيهم، لكنه كان يلذ له أن يري الكنيسة منقسمة متنازعة في داخلها.
عاد كيرلس إلى إيبارشية مارًا على أنطاكية حيث استقبله أسقفها القديس ميليتوس استقبالًا حارًا.
وفي سنة 363م قرّب يوليانوس الجاحد جماعة اليهود إليه. لا محبة فيهم بل إثارة للمسيحيين ولإغاظتهم. يذكر لنا المؤرخون أنه أمد اليهود بالمال، وساعدهم مشجعًا إياهم على بناء الهيكل تكذيبًا لقول السيد المسيح بخصوص خراب الهيكل. وفعلًا أُعدت جميع أدوات البناء، وتهيأ العمال للعمل، وكان القديس كيرلس يُطمئن نفوس شعبه أن كلمات ربنا يسوع لن تسقط.
ذكر لنا سقراط ثلاث معجزات حدثت في ذلك الوقت(19).
أ. حدثت بالليل زلزلة عنيفة جدًا أرعبت العمال اليهود.
ب. جاءت نار، أحرقت مواد البناء استمرت من الصباح حتى المساء.
ج. في الليلة التالية ظهرت انطباعات لصلبان منيرة على ثيابهم، باطلًا حاولوا التخلص منها. ومع هذا كله، فقلوبهم الغبية المظلمة لم تقدر أن تؤمن!
وفي أيام يوليانوس الجاحد أيضًا، يذكر لنا المؤرخ ثيؤدورت قصة ابن كاهن وثني من المقربين إلى البلاط، أخبره الابن بها بنفسه(20)، ملخصها أنه وهو صبي تعلم على يدي شمّاسة صديقة حميمة لأمه. آمن بالمسيحية علي يديها، ولما اكتشف أمره هرّبته إلى الأنبا ميليتوس. وإذ بحث عنه والده ووجده جلده كثيرًا وحرق يديه ورجليه وظهره بمسامير محماة، ثم حبسه في حجرة النوم وذهب إلى معبده... فتمكن الابن من الهروب والالتجاء إلى الشمّاسة التي ألبسته ثوب فتاة وأخذته في عربة مغطاة وأعادته إلى القديس ميليتوس، وهو بدوره أسلمه إلى القديس كيرلس أسقف أورشليم.
وبعد موت يوليانوس قاد الابن أباه طريق الحق.
أما يوليانوس ففي 26 يونيو من ذات العام (363) الذي حاول فيه بناء هيكل اليهود قُتل في حربه ضد الفرس وهو يقول: "غلبتني أيها الجليلي!"