رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أَسْمِعْنِي سُرُورًا وَفَرَحًا، فَتَبْتَهِجَ عِظَامٌ سَحَقْتَهَا [8]. خلال اعتراف داود الصادق عن خطاياه، ارتجفت عظامه المتواضعة، لكن نعمة الله دخلت به إلى السرور والبهجة. قدر ما انسحقت عظامه في داخله بالتوبة، تهللت نفسه فيه، إذ شعر كأن الله قد نقله من الظلمة إلى النور، ومن الفساد إلى عدم الفساد، ليحيا كما في السماوات. ربما شعر المرتل كأن الخطية قد أبلت عظامه، أو حطمت إنسانه الداخلي، لكن نعمة الله التي نزعت سلطان الخطية، أقامت فيه الإنسان الجديد الذي على صورة خالقه. من لا يحزن على خطاياه وخطايا إخوته، لن يختبر الفرح الداخلي! * لقد انشغلت بالدفاع عن خطاياك، فانهزمت... دفاعك ليس مفيدًا لك. لأنك من أنت يا من تدافع عن نفسك؟ كان يليق بك أن تتهم نفسك. لا تقل: "إنني لم أفعل شيئًا"، أو "أي أمر خطير أنا فعلت؟" أو "آخرون أيضًا فعلوا هكذا". إن فعلت خطية وقلت إنك لم تفعل شيئًا تصير أنت نفسك لا شيء، ولا تنال من الله شيئًا! الله مستعد أن يهب غفرانًا، لكنك أنت تغلق الباب على نفسك! الله مستعد أن يعطي، فلا تقاوم بمزلاج الباب، بل افتح حضن الاعتراف: "تسمعني سرورًا وفرحًا". * ادخلوا إلى أعماق نفوسكم، مبتعدين عن كل ضوضاء. تأملوا في أعماق أنفسكم. انظروا إن كان يوجد مكان هادئ لخلوة الضمير، حيث لا ضوضاء ولا جدال ولا صراع ولا محاورات، حيث لا توجد أفكار تعصِّب ونضال. كونوا ودعاء لسماع الكلمة حتى يمكنكم أن تفهموا. لكنكم قد تقولون لي: "تسمعني سرورًا وفرحًا، فتبتهج عظامي" (مز 51: 8)، العظام المتواضعة لا المتشامخة[35]. * مهما بلغت الثروة التي يأخذها (الإنسان) معه من مصر، لن ينجو إن لم يحفظ الفصح. الآن المسيح هو فصحنا، ذُبح لأجلنا. ليس شيء مثل ذبيحة المسيح التي تعلمنا بكل وضوح الدعوة التي يوجهها بنفسه إلى من يراهم في تعبٍ بمصر تحت سلطان فرعون، فيقول: "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم؛ احملوا نيري عليكم وتعلّموا مني، لأني وديع ومتواضع القلب، فتجدوا راحة لنفوسكم، لأن نيري هيّن، وحِملي خفيف" (مت28:11-30). من هم الذين حملهم خفيف إلا الودعاء ومتواضعي القلب وحدهم، إذ لا تنفخهم المعرفة بل بالحب يُبنَون؟ إذن ليتذكروا أن الذين احتفلوا بالفصح في ذلك الحين كانوا ظلًا عندما مسحوا قوائم أبوابهم بدم الحمل، مستخدمين الزوفا في ذلك (خر 12: 22). هذا عشب وديع ومتواضع... فالزوفا رمز لفضيلة التطهير، فلا ينتفخ أحد بالمعرفة التي تنفخ، ولا يفتخر باطلًا بالثروات التي أحضرها معه من مصر. يقول المرتل: "تنضح عليّ بزوفاك فأطهر، تغسلني فأبيض أكثر من الثلج، تسمعني فرحًا وبهجة" (مز51: 7-8). يضيف بعد ذلك مباشرة: "فتبتهج عظامي المنسحقة"، مظهرًا أن الزوفا تشير إلى التطهير من الكبرياء . القديس أغسطينوس إذ يفتح المؤمن باب البهجة الحقيقية باعترافه بخطاياه في تواضعٍ وبإخلاص يرى الله غافر الخطية ومنقذ النفوس من الفساد |
|