قلب هذا السفر أن طوبيا بن طوبيت خرج من بيت أبيه، وذهب إلى سارة (التي كان الشيطان يُعَذِّبها عند زفافها) وتزوَّجها وأتى بها إلى أبيه. سارة تُمَثِّل البشرية التي يود إبليس أن يُحَطِّمَها، فنزل إليها كلمة الله متجسدًا كي يُحَطِّم إبليس تحت قدميها، ويقتنيها عروسًا سماوية تشاركه المجد، وتتمتَّع بحضن الآب!
أيوب البار الذي ليس من نسل إبراهيم، شهد للربّ بتسبيحه له وهو في بوتقة الآلام المُرَّة (أي 1: 21)؛ مُقَدِّمًا ذبيحة التسبيح التي فاقت كل الذبائح الحيوانية اليومية التي كان يُقَدِّمها عن نفسه وعن أسرته. الآن بين أيدينا قصة إنسانٍ تقي مسبيٍ، بقي شاهدًا لله مصدر الفرح الحقيقي ليُقَدِّم ذبائح الشكر والتسبيح في غربته، وخلال أحداثٍ تبدو غير مُحتملة!
* لقد نزل كلمة الله من السماء، لكي يصير عريسًا للطبيعة الإنسانية، فأخذها مسكنًا له، لكي يخطبها ويقودها إليه فتلد ثمار الحكمة الروحية.
القديس كيرلس الكبير
* نرى أن الكتاب المقدس لا يُقَدِّم لنا الرب تحت اسم واحد، ولا تحت الأسماء المنوطة بلاهوته فقط، أو الدالة على عظمته، بل تارة يستعمل ميزات الطبيعة (خواصه الأقنومية)، فقيل: "الاسم الذي يفوق جميع الأسماء" (في 2: 9)، اسم الابن، والابن الحقيقي، والله الابن الوحيد، وقوة الله وحكمته وكلمته. وتارة، بالنظر إلى كثرة سبل وصول النعمة إلينا التي بصلاحه يمنحها لطالبيه حسب حكمته الكثيرة الأوصاف، يدعوه الكتاب المقدس بنعوت أخرى كثيرة، فهو يُسَمِّيه تارة الراعي، وتارة الملك، ثم الطبيب، فالعريس والطريق والباب والينبوع والخبز والفأس والصخرة. هذه التسميات لا تدل على طبيعته، كما قلت، بل على تعدُّد مظاهر النشاط الذي يبذله، رحمة منه بكل فردٍ من خليقته، وتلبية لحاجة كل من يسأله[5].