28 - 09 - 2022, 01:11 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
إصلاح داخلي وعودة للبناء
في الأصحاح الثالث وُضعت أساسات الهيكل، وفرح الشعب بذلك، لكن يبدو أن كثيرين منهم ما كان يشغلهم هو مصالحهم الخاصة. لهذا إذ قام الأعداء بالمقاومة، وجاءت رسالة الملك بوقف العمل، حدث تجاوب داخلي مع هذا القرار من بعض الأغنياء.
يبدو كأن وقف البناء علته المقاومة الخارجية والشكاوى والمشيرون الذين أثروا على الملك، إنما حقيقة الموقف أن السبب هو فساد قلوب القادة والعظماء. لهذا أرسل الله النبيين حجي وزكريا للإصلاح الداخلي. فقد تكاسل العائدون عن العمل، وكانت قلوبهم تميل إلى بناء قصورهم وبيوتهم وتزيينها عوض إعادة بناء بيت الرب. إذ كانت كلمة الرب: "هل الوقت لكم أن تسكنوا في بيوتكم المغشاة وهذا البيت خراب؟" (حج 1: 4).
إذ تحرك النبيان وتحركت القلوب للعمل بإخلاص، أعطاهم الرب نعمة في أعين الكل، مثل تتناي والي كل منطقة غرب نهر الفرات، الذي يخضع له ولاة الدول في المنطقة ومنها يهوذا، وأيضًا كاتبه شتربوزناي ومن معهما، والملك داريوس هستاسيس.
تشجع زربابل ويشوع بواسطة النبيين حجي وزكريا، وشرعا في البناء من جديد. على أثر العودة إلى البناء كان لازمًا أن يتحرك تتناي ومن معه، لكنهم تحركوا بروحٍ جديدةٍ، ليس للمقاومة بل للمساندة خفية، ففي رسالة الوالي للملك داريوس قدم التقرير التالي:
1. أنهم يبنون بيت للإله العظيم [7].
2. أن يدّ الله عامله معهم: يعملون بسرعة ونجاحٍ.
3. قدم كشف الأسماء حتى لا يبدو أنه متواطئ معهم، أو مهمل في السؤال.
4. قدم إجابة اليهود عن سبب بنائهم البيت أنه بأمر الملك كورش.
5. لم يشر إلى إصدار قمبيز أمرًا بوقف البناء.
6. طلب من الملك أن يبحث عن المنشور الملكي لكورش.
رسالة تتناي لداريوس ليست شكوى، إنما تحمل تقريرًا عما حدث بروح تحمل التقوى والمساندة! إنه عمل الله في النفوس التائبة، يجعل الأعداء يسالمونها. والعجيب أن الوالي لم يطلب إيقاف العمل لحين صدور الرد من الملك داريوس.
تصالح مع الله، فتتصالح مع نفسك وإخوتك، عندئذٍ يعمل حتى الأعداء لحسابك!
1. قيام حجي وزكريا النبيين
فَتَنَبَّأَ النَّبِيَّانِ حَجَّيِ النَّبِيُّ وَزَكَرِيَّا بْنُ عِدُّو،
لِلْيَهُودِ الَّذِينَ فِي يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ،
بِاسْمِ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ عَلَيْهِمْ [1].
رأينا في الآيات الأخيرة من الإصحاح السابق أن الشيطان يقف بكل قوة ضد البناء، ونجح في إيقاف العمل، فهل للشيطان قوة أن يوقف عمل الله؟ قطعًا لا يستطيع ذلك ما لم نعطه نحن الفرصة لذلك. وبالرجوع إلى نبوة حجي النبي (حج 1: 3) نجد أن الشعب هو الذي أهمل بناء بيت الرب واهتم كل واحد ببناء بيته الخاص، بل بتغشية هذه البيوت، أي الاهتمام بزينتها اهتمامًا مبالغًا فيه. فالمنع الخارجي من الملك أرتحششتا لم يكن لهُ أن يوقف البناء إن لم يكن هناك تكاسل وإهمال من الشعب، وحينئذ يتوافق الهجوم الخارجي مع التكاسل الداخلي، ومع هذا فلم يترك الله الحال كما هو عليه.
أرسل الله نبيين ليتنبأ بقوة "باسم إله إسرائيل عليهم". فروح الله ينبه للعمل "لا بالقدرة ولا بالقوة، بل بروحي، قال رب الجنود" (زك 4: 6). فالنبيان كان لهما سلطة وقوة من قبل روح الله، لأن غرضهما كان مجد اسم الله، لذلك كان لكلامهما تأثير قوي في تشديد الأيادي المتراخية.
يرى القديس أغسطينوس أن النبيين هنا وإن كانا قد شجعا الشعب على إعادة بناء الهيكل الذي تهدم، إلا أن ما كان يشغلهما هو إقامة هيكل الله في حياة الإنسان. يقول أيضًا أن من يبني بيت الرب في أعماقه يسبح الرب ليس بلسانه بقدر ما يسبحه بحياته ذاتها.
* اخرجوا من البيوت المزينة والمنحوتة بالشر، واصعدوا إلى جبل الأسفار الإلهية السماوية، واستخرجوا خشبًا من شجرة الحكمة، وشجرة الحياة، وشجرة المعرفة. اجعلوا طرقكم مستقيمة، ودبروا أعمالكم حتى تكون لائقة مفيدة ونافعة لبناء بيت الرب .
القديس أمبروسيوس
حِينَئِذٍ قَامَ زَرُبَّابَلُ بْنُ شَأَلْتِئِيلَ وَيَشُوعُ بْنُ يُوصَادَاقَ
وَشَرَعَا بِبُنْيَانِ بَيْتِ اللهِ الَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ،
وَمَعَهُمَا أَنْبِيَاءُ اللهِ يُسَاعِدُونَهُمَا .
ربما فترت عزيمة كل من زرُبابل ويشوع أمام الضغوط الداخلية من الأغنياء والفقراء، حيث استهان الأغنياء ببناء بيت الرب، معطين الأولوية لبيوتهم. وفترت همة الفقراء بسبب الضيق المادي وإجحاف الأغنياء، وأيضًا أمام مقاومة الأعداء الخارجيين. لكن الله لا يترك أبناءه الأمناء، فأرسل نبيين عظيمين يسندان هذين القائدين ومن معهما للعمل الإلهي.
أنصت زرُبابل إلى الصوت الإلهي على لسان زكريا النبي: "هذه كلمة الرب إلى زرُبابل قائلًا: لا بالقدرة ولا بالقوة، بل بروحي قال رب الجنود. من أنت أيها الجبل العظيم، أمام زرُبابل تصير سهلًا. فيخرج حجر الزاوية بين الهاتفين: كرامةً، كرامةً له" (زك 4: 6-7). جاءت الدعوة لزرُبابل لتكملة البناء، فإنه فيما هو كان يبدأ في العمل رأى المبنَى الجديد، كنيسة العهد الجديد بكل جمالها وبهائها، هذا الذي يقيمه حجر الزاوية وسط هتافات الآباء والأنبياء، بل وكل السمائيين: كرامةً كرامةً، أي كرامة لرجال العهد القديم الذين طال انتظارهم لمجيئه، وكرامة لرجال العهد الجديد الذين يتمتعون بما اشتهى الآباء والأنبياء أن يروه.
عاد العمل للهيكل بقيادة زربابل ويشوع ونلاحظ وظائف المهتمين بالبناء:
1.نبيان هماحجي وزكريا.
2. والٍ (ملك) هو زرُبابلبن داود.
3. رئيس كهنة وهويشوع.
أليست هذه وظائف السيد المسيح باني الهيكل الحقيقي، أي جسده وهو الأعظم من هيكل سليمان أو هيكل زرُبابل (حج 2: 9)؟
لاحظ أنموضوعنبوةحجيهوالتوبيخعلىإهمالبيتالربوالتشجيع على إعادة العمل،ولقداستجابزرُبابلويشوع فعلًا.
كثيرًا ما تحدث الآباء عن زرُبابل بكونه رمزًا للسيد المسيح. فيرى يوسابيوس القيصري أن السيد المسيح هو زرُبابل الجديد، الذي أقام الكنيسة هيكل الله.
ويرى القديس أمبروسيوس أن زرُبابل الذي جعله الله خاتمًا (حج 2: 23) يشير إلى السيد المسيح - ملك السلام - الذي يختم الصورة الإلهية على النفس البشرية، فتصير شولميث (مؤنث سليمان).
* قيل له بطريقة سرائرية: "آخذك يا زرُبابل، وأجعلك كخاتمٍ لأني قد اخترتك" (حج 2: 23). لأنه عندما تصير نفوسنا في سلام يقال لها: "ارجعي، ارجعي يا شولميث" (نش 6: 13)، وتعني في سلام... عندئذ تتقبل المسيح مثل خاتم عليها، إذ هي صورة الله. فإنها بهذا تصير على صورة الله، إذ يصير الإنسان سماويًا .
القديس أمبروسيوس
2. عين إلههم عليهم
فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ جَاءَ إِلَيْهِمْ تَتْنَايُ وَالِي عَبْرِ النَّهْرِ،
وَشَتَرْبُوزْنَايُ وَرُفَقَاؤُهُمَا،
وَقَالُوا لَهُمْ:
مَنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تَبْنُوا هَذَا الْبَيْتَ،
وَتُكَمِّلُوا هَذَا السُّورَ؟ [3].
إذ أثمرت خدمة النبيين، والتهبت قلوب الكل للعمل، كانت عينا الله عليهم. حقًا لقد جاء إلى عبر النهر تتناي وكاتبه ورفقاؤهما يسألونهم عن العمل الذي يمارسونه، لكن بروحٍ جديدةٍ، ليس روح المقاومة والعداوة، إنما روح الاستفسار والمساندة. إذ كان يمكنهم إيقاف العمل بناء على الرسالة التي سبق فأرسلها ارتحششتا، وإنما تركوهم يعملون، وبعثوا برسالة لداريوس الملك تحمل روح طيبة.
تتناي: اسم فارسيمعناه "هبة". كان واليًا علىالمقاطعاتالخاضعة لفارس غرب نهر الفرات في أيام داريوس الملك، مثل سوريا وكيليكية وصحراءالعرب والسامرة وفينيقية، وكان زرُبابل يتبعه.
شتربوزناي: اسم معناه "كوكب لامع"،لعله كان كاتب الوالي أو ضابط فارسي تحت قيادة الوالي.
مَنْ أمركم؟ نستنتج من هذا السؤال أن أهل البلاد كانوا قد قدموا شكوى ضد اليهود، وجاء الوالي ليفحص الأمر.
حِينَئِذٍ أَخْبَرْنَاهُمْ بِأَسْمَاءِ الرِّجَالِ الَّذِينَ يَبْنُونَ هَذَا الْبِنَاءَ [4].
ما هي أسماء الرجال؟ من المؤكد أن هذا رد على سؤال الوالي الذي يسأل عن أسماء المسئولين عن العمل ليرسل تقريرًا للملك.
في اتزانٍ وبحكمة طلبوا أسماء العاملين حتى لا يتهمهم الملك بالإهمال والتواطؤ. فكان سؤالهم عن الأسماء وإرسالها إلى الملك يعطيه طمأنينة أنه ليس من تواطؤ قد حدث بين الوالي ورجاله وشيوخ إسرائيل.
في نفس الوقت يبدو أن أسلوب الوالي ومن معه أعطى طمأنينة للعاملين، فلم يخشوا أن يقدموا الأسماء، وإن يتحدثوا معهم في صراحة عن عمل الله معهم، مع خضوعهم للسلطات، وأن هذا العمل قام بناء على منشور كتابي من كورش الملك [11-13].
وَكَانَتْ عَلَى شُيُوخِ الْيَهُودِ عَيْنُ إِلَهِهِمْ،
فَلَمْ يُوقِفُوهُمْ حَتَّى وَصَلَ الأَمْرُ إِلَى دَارِيُوسَ،
وَحِينَئِذٍ جَاوَبُوا بِرِسَالَةٍ عَنْ هَذَا [5].
وراء هذه الأحداث عنصر هام يحركها: "كانت على شيوخ اليهود عين إلههم" [5]. وكما يقول المرتل: "هُوَذَا عَيْنُ الرَّبِّ عَلَى خَائِفِيهِ الرَّاجِينَ رَحْمَتَهُ، لِيُنَجِّيَ مِنَ الْمَوْتِ أَنْفُسَهُمْ، وَلِيَسْتَحْيِيَهُمْ فِي الْجُوعِ" (مز 33: 18-19). وأيضًا: "عيناي على أمناء الأرض لكي أجلسهم معي" (مز 101: 6). كما قيل: "لأن عيني الرب تجولان في كل الأرض ليتشدد مع الذين قلوبهم كاملة نحوه" (2 أي 16: 9).
"عين إلههم" إذا كانت عين الله علينا فممن نخاف؟ فحين يرضى الله عن طريق إنسان يحيطه بعنايته ورعايته، وهو قادر أن يحيل قلوب الحكام غير المؤمنين ليعملوا ما يوافق مقاصده.
* "عيناي على أمناء الأرض لكي يجلسوا معي" (مز 101: 6). لم يقل المرتل: "على الأغنياء، أو الأباطرة أو الأساقفة أو الكهنة أو الشمامسة"، وإنما "على الأمناء"، أسكن معهم. الأسقف القديس من حقه أن يقول تلك الكلمات، إذ يقول: "لم أقمه كاهنًا لأنه يتذلل لي، أو لأنه قريبي، إنما جعلته كاهنًا لأنه أمين... "المتكلم بالكذب لا يثبت أمام عينيّ" (مز 101: 7).
القديس جيروم
* في الحقيقة لم يقل القديسون قط إن أعمالهم ومجهوداتهم الذاتية هي التي ضمنت اتجاه الطريق الذي فيه يسيرون نحو التقدم والكمال في الفضيلة، بل بالحري صلّوا لأجلها أمام الرب، قائلين: "دربني في حقك"، و"درب طريقي في عينيك" (مز 25: 5؛ 6: 9). يعلن قديس آخر أنه اكتشف تلك الحقيقة ذاتها، لا بالإيمان فحسب، بل وبالخبرة أيضًا من عمق طبيعة الأشياء: "عرفت يا رب أنه ليس للإنسان طريقه، ليس لإنسانٍ يمشي أن يهدي خطواته" (إر10: 23). ويقول الرب نفسه لإسرائيل: "أقوده أنا كسروةٍ خضراء؛ من قِبلي يُوجد ثمرك" (هو14: 8).
الأب بفنوتيوس
* تعمل نعمة الله (ورحمته) فينا دائمًا لما هو لخيرنا. وعندما تفارقنا تصير أعمال الإنسان ومجهوداته كلها بلا فائدة. فمهما جاهد الإنسان، وحاول بجديةٍ لا يقدر أن يستعيد حالته الأولى بدون مساعدة (الله). يتحقق هذا القول دائمًا فينا؛ أعني: "ليس لمن يشاء، ولا لمن يسعى، بل الله الذي يرحم" (رو 9: 16)(57).
الأب دانيال
* عناية الله تهتم بنا كل يوم، على مستوى الجماعة كما في الحياة الخاصة، سرًا وعلانية، حتى حينما لا نعرف عن تدبيره شيئًا.
* خلقت كل الأشياء مبدئيًا لأجل نفع الكائن العاقل... الله ليس كما يظن صلسسCelsus يهتم فقط بالكون ككلٍ، بل بجانب هذا يهتم بكل كائنٍ عاقلٍ على وجه الخصوص. مع ذلك فعنايته بالكل لا تخيب، لأنه حتى إن انحل جزء من الكل بسبب خطية الإنسان العاقل يسعى الله من أجل تطهيره وتنقيته واستعادة الكون إليه.
العلامة أوريجينوس
"حينئذ جاوبوا"، أي تتناي ورفقاؤه جاوبوا اليهود بعدما وصل لهم أمر الملك.
صُورَةُ الرِّسَالَةِ الَّتِي أَرْسَلَهَا تَتْنَايُ وَالِي عَبْرِ النَّهْرِ،
وَشَتَرْبُوزْنَايُ وَرُفَقَاؤُهُمَا الأَفَرْسَكِيِّينَ الَّذِينَ فِي عَبْرِ النَّهْر،
إِلَى دَارِيُوسَ الْمَلِكِ: [6]
"الإفرسكيين" يجوز ترجمةالكلمةبالحكام.
بحق كانت رسالة الوالي تتناي منصفة، فقد حقق في الشكاوى التي وصلته، ولم ينحز ضد اليهود.
3. رسالة تتناي إلى داريوس
تظهر يد الله الصالحة في هذه الرسالة، حيث لم يشر تتناي ومن معه إلى أمر أرتحششتا بإيقاف العمل، وإنما أشار إلى أمر كورش ببناء بيت الرب.
لِدَارِيُوسَ الْمَلِكِ كُلُّ سَلاَمٍ [7].
لِيَكُنْ مَعْلُومًا لَدَى الْمَلِك،ِ
أَنَّنَا ذَهَبْنَا إِلَى بِلاَدِ يَهُوذَا إِلَى بَيْتِ الإِلَهِ الْعَظِيم،ِ
وَإِذَا بِهِ يُبْنَى بِحِجَارَةٍ عَظِيمَة،ٍ
وَيُوضَعُ خَشَبٌ فِي الْحِيطَانِ.
وَهَذَا الْعَمَلُ يُعْمَلُ بِسُرْعَةٍ،
وَيَنْجَحُ فِي أَيْدِيهِمْ [8].
إنها يد الله التي سكبت المهابة على تنتاي ومن معه، فكتبوا بأسلوبٍ وقورٍ عن ما يفعله شيوخ اليهود. فمع أنهم وثنيون كتبوا: "ذهبنا إلى بيت الإله العظيم" [8].
مع أن البيت كان يُبني من أنقاض هيكل سليمان لكنهم كتبوا: "وإذا به يُبنى بحجارة عظيمة"، وكما جاء في سفر أخبار الأيام الأول: "وأقام نحات لنحت حجارة مربعة لبناء بيت الله" (أي 22: 2).
ما هي هذه الحجارة العظيمة إلا مؤمني العهد الجديد الذين بهم يُبنى هيكل الرب كما قال القديس بطرس الرسول. "كونوا أنتم أيضًا مبنيين كحجارة حية، بيتًا روحيًا، كهنوتًا مقدسٍا، لتقديم ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح" (1 بط 2: 5). إذ السيد المسيح هو الحجر الحي نُبني نحن عليه كحجارة حية. فكما هو حي نحن نحيا به (يو 14: 19). لقد جعلنا بيتًا روحيًا، مسكنًا لله بالروح (أف 2: 18-21).
* أتظنون أنكم قادرون أن تصمدوا وتحيوا إن انسحبتم لتقيموا لأنفسكم بيوتًا (روحية) ومواضع مختلفة، وقد قيل لراحاب: "اجمعي إليك في البيت أباكِ وأمكِ وإخوتك وسائر بيت أبيكِ، فيكون أن كل من يخرج من أبواب بيتك إلى خارج، فدمه على رأسه، ونحن نكون بريئين؟!
الشهيد كبريانوس * ما هو هدف هذا البناء؟ لكي يسكن الله في هذا الهيكل. كل واحد منكم هو هيكل، وكلكم معًا هيكل. الله يسكن فيكم بكونكم جسد المسيح وهيكل روحي. لم يستخدم الكلمة التي تعني مجيئنا نحن إلى الله، بل ما يعني أن الله هو الذي يحضرنا إلى نفسه. فإننا لم نأت من تلقاء أنفسنا، بل الله هو الذي قرّبنا إليه. يقول المسيح: "ليس أحد يأتي إلى الآب إلاَّ بي"، وأيضًا: "أنا هو الطريق والحق والحياة" (يو 14: 6).
القديس يوحنا الذهبي الفم
لم يكن ممكنًا لتتناي ومن معه إنكار الشهادة لعمل الله الذي "يُعمل بسرعة وينجح في أيديهم" [8].
"بيت الإله العظيم": إن تتناي لم يعرف الإله الحقيقي، ولكن يد الله كانت عليه، فشعر بخوفٍ ورهبةٍ من الله، ولأنه خاف هذا الإله لم يجرؤ أن يوقف العمل، وسأل الملك هل يوقف العمل أم لا، أي ألقى بالمسئولية على الملك. ولأن تتناي هذا كان يعبد الأوثان قال الإله العظيم، لأن في نظره هناك آلهة كثيرة. ونلاحظ أن الله أوقع رعبه على الوالي، لأن الشعب بدأ يعمل ويهتم، فلم يكن هناك سلطان للشيطان أن يوقف العمل، ولذلك مهما كان حجم الصعوبات، فهي تصغر جدًا أمام عمل يد الله، ولكن الله لا يتدخل ليعمل مع زرُبابل والشعب إن لم يتحرك زربابل نفسه والشعب للعمل (زك 7: 4). إن كانت المشاكل التي يثيرها الأعداء مثل الجبل تصير سهلة حينما يتدخل الله.
حِينَئِذٍ سَأَلْنَا أُولَئِكَ الشُّيُوخَ:
مَنْ أَمَرَكُمْ بِبِنَاءِ هَذَا الْبَيْت،
وَتَكْمِيلِ هَذِهِ الأَسْوَارِ؟ [9]
وَسَأَلْنَاهُمْ أَيْضًا عَنْ أَسْمَائِهِمْ لِنُعْلِمَكَ،
وَكَتَبْنَا أَسْمَاءَ الرِّجَالِ رُؤُوسِهِمْ [10].
عندما سأل والي المنطقة عن من أصدر لهم الأمر ببناء الهيكل، وعن أسماء العاملين، لم يرتبك العاملون، بل بقوة وشجاعة وفي أدبٍ قدموا الأسماء.
حينما يخاف الإنسان أو الجماعة الله، لا يخشون البشر، لأن الله نفسه في جانبهم يحوط حولهم، ويهبهم النجاح والنعمة أمام الآخرين. مخافة الله تطرد عنا مخافة البشر، بل وحتى الخوف من الشياطين.
* اخش الرب واحفظ وصاياه التي تقوّيك في كل أمورك، فلا يكون مثيل لأعمالك... لا تخف الشيطان إذا خشيت الرب، فإن خشيتك لله تعطيك سلطانًا على الشيطان .
هرماس
* ليتنا نخاف الرب ونُشيد منازل لأنفسنا، حتى نجد مأوى في الشتاء حيث المطر والرعد، لأن من لا منزل له يعاني من مخاطر عظيمة في وقت الشتاء.
الأب دوروثيؤس
* إرادة الله لا أن يخلّصك من المخاوف بل يحثّك على ازدرائها، فإن هذا أعظم من التخلُّص منها .
* لا يقدر أحد أن يؤذي إنسانًا ما لم يخطئ هذا الإنسان نفسه.
* كن صادقًا مع نفسك فلن يؤذيك أحد.
القديس يوحنا الذهبي الفم
وَبِمِثْلِ هَذَا الْجَوَابِ جَاوَبُوا:
نَحْنُ عَبِيدُ إِلَهِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ،
وَنَبْنِي هَذَا الْبَيْتَ الَّذِي بُنِيَ قَبْلَ هَذِهِ السِّنِينَ الْكَثِيرَة،
وَقَدْ بَنَاهُ مَلِكٌ عَظِيمٌ لإِسْرَائِيلَ وَأَكْمَلَهُ [11].
لم يخشَ شيوخ إسرائيل من الإشارة إلى أن الأمر ببناء البيت منذ حوالي عدة قرون صدر من إله السماء والأرض قبل أن يُهدم، كما لم ينكروا فضل سليمان الحكيم في بنائه للبيت، إذ قالوا: "بناه ملك عظيم لإسرائيل وأكمله" [11].
بُني هيكل سليمان قبل هذه السنين أي قبل داريوس بحوالي 500 سنة.
وَلَكِنْ بَعْدَ أَنْ أَسْخَطَ آبَاؤُنَا إِلَهَ السَّمَاءِ،
دَفَعَهُمْ لِيَدِ نَبُوخَذْنَصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ الْكِلْدَانِيِّ،
الَّذِي هَدَمَ هَذَا الْبَيْتَ،
وَسَبَى الشَّعْبَ إِلَى بَابِلَ [12].
في شجاعة وبروح الصراحة اعترفوا بأن السبي الذي حلّ بآبائهم أيام نبوخذنصر ليس بسبب قوة هذا الملك، وإنما بسبب سخط الله عليهم، لأنهم أغضبوه. السخط الذي سبق فصوره حزقيال النبي (حز 16: 35-43).
"بعد أن أسخط"، أي أن الله دفع الشعب ليد نبوخذنصر لأنهم أسخطوه بأفعالهم الشريرة، إذًا ليس أن آلهة بابل، قد انتصروا على الله بل أن الله أسلم شعبه ليد ملك بابل ليؤدب شعبه.
عَلَى أَنَّهُ فِي السَّنَةِ الأُولَى لِكُورَشَ مَلِكَ بَابِلَ،
أَصْدَرَ كُورَشُ الْمَلِكُ أَمْرًا بِبِنَاءِ بَيْتِ اللهِ هَذَا [13].
يدعوه هنا كورشملكبابلمع أنه هو ملك فارس وتتبعهبابلبعدأنسقطتفييده.
حَتَّى إِنَّ آنِيَةَ بَيْتِ اللهِ هَذَا
الَّتِي مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ،
الَّتِي أَخْرَجَهَا نَبُوخَذْنَصَّرُ مِنَ الْهَيْكَلِ الَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ،
وَأَتَى بِهَا إِلَى الْهَيْكَلِ الَّذِي فِي بَابِل،َ
أَخْرَجَهَا كُورَشُ الْمَلِكُ مِنَ الْهَيْكَلِ الَّذِي فِي بَابِلَ،
وَأُعْطِيَتْ لِوَاحِدٍ اسْمُهُ شِيشْبَصَّرُ الَّذِي جَعَلَهُ وَالِيًا [14].
شيشبصر هو زربابل كما سبق فرأينا.
وَقَالَ لَهُ: خُذْ هَذِهِ الآنِيَةَ وَاذْهَبْ،
وَاحْمِلْهَا إِلَى الْهَيْكَلِ الَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ،
وَلْيُبْنَ بَيْتُ اللهِ فِي مَكَانِهِ [15].
حِينَئِذٍ جَاءَ شِيشْبَصَّرُ هَذَا،
وَوَضَعَ أَسَاسَ بَيْتِ اللهِ الَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ.
وَمِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ إِلَى الآنَ يُبْنَى وَلَمْ يُكْمَلْ [16].
"من ذلك الوقت إلى الآن يبنى". العمل سبق وأن توقف، والآن هم يكملون، أي أن التوقف كان لفترة فقط.
وَالآنَ إِذَا حَسُنَ عِنْدَ الْمَلِكِ،
فَلْيُفَتَّشْ فِي بَيْتِ خَزَائِنِ الْمَلِكِ الَّذِي هُوَ هُنَاكَ فِي بَابِل،َ
هَلْ كَانَ قَدْ صَدَرَ أَمْرٌ مِنْ كُورَشَ الْمَلِكِ بِبِنَاءِ بَيْتِ اللهِ هَذَا فِي أُورُشَلِيمَ،
وَلْيُرْسِلِ الْمَلِكُ إِلَيْنَا مُرَادَهُ فِي ذَلِكَ [17].
بعد هذا العرض الصادق والأمين، طلب تتناي ومن معه أن يتأكد الملك من وجود منشور كورش الملك في سجلات الدولة، تاركًا الأمر في يد الملك ليصدر قراره، وأنهم تحت طوعه في كل ما يقوله.
من وحي عزرا 5
كلمتك هي سندي!
* أَرسلت حجي وزكريا النبيين يسندان القادة والشعب.
امتلأ الكل بروح القوة،
وانطلق الجميع للعمل بروح الشجاعة.
متى أرى بيتك المقدس قائمًا في أعماقي؟
كلمتك هي سندي القوي للقيام ببنائه.
وعودك الإلهية هي رصيدي!
* في مخافة أسلمك كل أموري،
فتطمئن نفسي وتستريح!
أنت تحرك كل الطاقات لبنيان نفسي.
أنت تعمل في الجميع لحساب ملكوتك في داخلي.
* يدك حركت الوالي تتناي ومن معه،
ويدك وجَّهت قلب داريوس الملك.
شهد الجميع أننا لك.
وفرح حتى الغرباء بعملك فينا!
* أخيرًا نعترف لك:
إن كل فشل لحق بنا هو بسبب خطايانا.
وكل نجاح يحل بنا هو من غنى حبك.
أنت سرّ نجاحنا وبنياننا!
داريوس الوثني يحث على بناء بيت الله
في الأصحاحين السابقين (4 - 5) لاحظنا أنه يمكننا الاستفادة حتى من اضطهاد العالم لنا، ولا نعجب أن نجد عونًا وتعاطفًا يصدر حتى من غير المؤمنين متى رجعنا إلى الله بالتوبة. تحركت قلوب اليهود بالتوبة، فتحركت عناية الله ووجهت قلب تتناي ومن معه للسؤال عن ما يفعلونه بروحٍ طيبة، وبعث رسالة للملك تحمل نية صادقة، ولم يطلبوا إيقاف العمل! الآن نرى عمل العناية الإلهية في قلب الملك داريوس نفسه.
1. طلب الملك البحث عن كتابة الملك كورش في سجلات الدولة، هذا احتاج إلى سنوات دون أن يطلب داريوس إيقاف العمل [1-5].
أ. طلب داريوس من الوالي ورجاله ابتعادهم عن المدينة حتى يتمموا "عمل بيت الله" [6-7].
ب. تقديم عون مالي سريع من جزية الملك حتى لا يتوقف العمل [8].
ج. إن كان كورش قد علم عن وجود يهوه (1: 3)، الآن نجد داريوس يسأل اليهود لكي يصلوا ليهوه ويقدموا ذبائح من أجله [9].
د. طلب داريوس الصلاة عن حياة الملك وبنيه [10].
ه. إصدار تشريع بصلب من يقاوم العمل [11].
2. لم يتباطأ الوالي ومن معه في تنفيذ ما ورد في الرسالة الملكية [13].
3. استمر اليهود في البناء، وفي عام 516 ق.م.، أي بعد أربع سنوات من بداية التجديد (4: 24)، تم بناء الهيكل [15]. كما قاموا بتدشينه بفرحٍ عجيبٍ، مع الاحتفال بعيد الفصح بتهليلٍ عظيمٍ [14-22]. "لأن الرب فرّحهم وحوَّل قلب ملك أشور نحوهم لتقوية أيديهم في عمل بيت الله إله إسرائيل" [22].
1. كتابة كورش والعناية الإلهية
حِينَئِذٍ أَمَرَ دَارِيُوسُ الْمَلِكُ،
فَفَتَّشُوا فِي بَيْتِ الأَسْفَارِ،
حَيْثُ كَانَتِ الْخَزَائِنُ مَوْضُوعَةً فِي بَابِلَ [1].
أصدر الملك أمره بالتفتيش في خزائن الملك عن منشور ادعى اليهود أن كورش أصدره لبناء هيكل الرب. وبالفعل وجدوه في الأرشيف الذي في مدينة احمثا، مصيف الملوك. فجاءت توصية داريوس الملك بعدم التعرض لهم، بل وأصدر داريوس أمرًا أن يُدفع مبلغ من مال الملك، أي من الجزية، للمساهمة في نفقة البناء، وما يحتاجون إليه من حيوانات لتقديمها ذبائح. بالفعل نفذ تنتاي ومن معه أمر الملك وبُني البيت ودُشن بفرحٍ عظيمٍ.
"بيت الأسفار" أي بيت الكتب، حيث تُحفظ الوثائق الهامة.
فَوُجِدَ فِي أَحْمَثَا فِي الْقَصْرِ الَّذِي فِي بِلاَدِ مَادِي
دَرْجٌ مَكْتُوبٌ فِيهِ هَكَذَا: تِذْكَارٌ [2].
"أحمثا"
اسم أرامي مشتق من الاسم الفارسي القديم "هجمتاثا"، وهي عاصمة ميديا.
يدعوها اليونانيون"اكتبانا"، وهي عاصمة بلاد مادي، موقعها الآن همدان، كانت مصيفًا للملوك. ويظهر أن الكتاباتالهامةالقديمة، فهي منأيامكورش، قد نقلتإلىهناك.وهناكاحتمالآخر أن مشيريالملكالذينتمرشوتهم(5:4) أخفوا الدليل - أمر كورش - في هذاالمكانوالله أراد كشفه الآنليتمالبناء. في منطقة أحمثا ثم اكتشاف الكثير من الوثائق المكتوبة على ألواح طينية وبرديات سُجلت فيها أعمال تجارية وبيانات تاريخية.
"درج": كانوا قديمًا يكتبون على قطعة من نسيج الكتان أو الرقوق عند كل من طرفيها قضيب خشب يلف الدرج عليه.
فِي السَّنَةِ الأُولَى لِكُورَشَ الْمَلِك،ِ
أَمَرَ كُورَشُ الْمَلِكُ مِنْ جِهَةِ بَيْتِ اللهِ فِي أُورُشَلِيمَ:
لِيُبْنَ الْبَيْتُ الْمَكَانُ الَّذِي يَذْبَحُونَ فِيهِ ذَبَائِحَ،
وَلْتُوضَعْ أُسُسُهُ ارْتِفَاعُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا وَعَرْضُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا [3].
"ارْتِفَاعُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا وَعَرْضُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا" ارتفاع القدس وقدس الأقداس على التوالي. وكون أن الملك يعطي تصريح بأن يكون الارتفاع ستون ذراعًا، فهذا لا يعني أنه يتدخل في ارتفاع القدس أو قدس الأقداس، بل أقصى ارتفاع للمباني الملحقة بالهيكل.
الملك كورش الذي يدعو اليهود لإعادة بناء الهيكل في أورشليم يديننا إن كنا لا نهتم ببناء هيكل الرب في قلوبنا بناء على دعوة الله، الذي يقدم لنا كل إمكانية لتحقيق ذلك.
* واضح أننا هيكل الله إن صنعنا الصلاح. إن كان إنسان ما هيكلا لله، فإن ما بالهيكل بالضرورة يكون خاصًا بالله... لا يوجد هيكل لله حيث تكون كثرة من الرذائل.
الأب فاليريان
* إني أقول لكم أيضًا عن الهيكل، إن هؤلاء الضالين الأشقياء انحصر رجاؤهم في بناء الهيكل، وليس بالله صانعهم. لقد فعلوا كما يفعل الوثنيّون عندما حصروا الله في الهيكل كالصنم، لكنّه سوف يُهدم الهيكل. تعلموا: "من قاس السماوات بالشبر وكال بالكيل (تراب) الأرض؟ ألست أنا يقول الرب؟ السماوات كرسيّ والأرض موطئ قدميّ. أين البيت الذي تبنون لي؟ وأين مكان راحتي؟" (راجع إش 40: 12؛ 66: 1)... قبل أن يكون لنا الإيمان بالرب كان داخلنا حقيرًا فاسدًا كهيكل مبني بأيدٍ بشريّة. كان هذا الهيكل مليئًا بعبادة الأصنام، ومسكنًا للشيطان عندما كنا نعمل ما يخالف الرب. انتبهوا حتى يأتي البناء عظيمًا، لأنّه يُبنَى باسم الرب... يُبنَى بعد نوالنا غفران الخطايا ووضع رجائنا في الرب وتجديدنا، فيُعاد بناؤنا، ويسكن الرب في داخلنا.
كيف يتم ذلك؟ تتنبّأ فينا كلمته، وهي غرض إيماننا ودعوة موعده وحكمة وصاياه وتعاليمه، وتفتح لنا باب الهيكل، أي تفتح فمنا بالصلاة، نحن الذين كنا مستعدّين للموت، ويهبنا مغفرة الخطايا، ويدخل بنا إلى الهيكل غير الفاسد. من أراد أن يخلّص لا يتطلّع إلى الإنسان وإنّما إلى الساكن فيه... هذا ما يعنيه الهيكل الروحي الذي بناه الله.
برناباس
* لنعمل ما ينبغي علينا عمله، معتبرين أنّه حالّ فينا، ونحن هياكله، وهو إلهنا الساكن فينا. وهذا سيظهر لنا بكل وضوح إن أحببناه باستقامة.
* اعتبرتم نفوسكم حجارة هيكل الآب، أُعدت لبناء الله، ورُفعتم إلى فوق بأداة يسوع المسيح، أي بالصليب، وبحبل الروح القدس. إيمانكم يسحبكم إلى فوق، والمحبّة هي الطريق الذي يؤدي بكم إلى الله.
أنتم إذن رفاق الطريق، حاملون الله Theophoroi والهيكل Naophoroi والمسيح Christophori والقدسات (67)Agiaphoroi.
القدِّيس أغناطيوس الثيوفورس بِثَلاَثَةِ صُفُوفٍ مِنْ حِجَارَةٍ عَظِيمَةٍ وَصَفٍّ مِنْ خَشَبٍ جَدِيد.
وَلْتُعْطَ النَّفَقَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَلِكِ [4].
"بثلاثة صفوف من حجارة عظيمة": هذه إشارة لطريقة بناء الحوائط وبناء الغرفات عليها.
* رأى يوحنا المدينة المقدسة نازلة من السماء مبنية على أسس من حجارة كريمة ولها اثنا عشر بابًا (رؤ 10:21-21)... في هذه المدينة يملك المسيح؛ وسكانها أنفسهم هم سكان وأبواب، بيوت وسكان. المسيح ساكن فيهم، المسيح يتحرك فيهم. يقول: "أنا أسكن وأتحرك فيهم".
فكروا في النفس القديسة كيف أنها أقدس من أن تُوصف. إنها تضم المسيح الذي السماء ليست متسعة لتحويه...! يتحرك فيها! فبالتأكيد هي بيت متسع فيه يسير.
قيل: "أنتم هيكل الله، والروح القدس يسكن فيكم" (راجع 1 كو 16:3). لنعد هيكلنا حتى يأتي المسيح ويجد مسكنه فينا، وتصير نفوسنا صهيون، وتكون برجًا يُقام في الأعالي، فتكون دومًا إلى فوق وليس إلى أسفل.
القديس جيروم
وَأَيْضًا آنِيَةُ بَيْتِ اللهِ الَّتِي مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ،
الَّتِي أَخْرَجَهَا نَبُوخَذْنَصَّرُ مِنَ الْهَيْكَلِ الَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ
وَأَتَى بِهَا إِلَى بَابَلَ،
فَلْتُرَدَّ وَتُرْجَعْ إِلَى الْهَيْكَلِ الَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ إِلَى مَكَانِهَا،
وَتُوضَعْ فِي بَيْتِ اللهِ [5].
2. داريوس يخشى الرب
حوّل الله هذا الموقف لصالح شعبه. فإذا بحث الملك عن منشور كورش، يبدو أنه تأثر من أسلوب المنشور بجانب يد الله الصالحة التي تعمل في قلوب الملوك والرؤساء لحساب شعبه. فنجد في هذه الرسالة صورة حيَّة لهذا العمل.
وَالآنَ يَا تَتْنَايُ وَالِي عَبْرِ النَّهْرِ
وَشَتَرْبُوزْنَايُ وَرُفَقَاءَكُمَا الأَفَرْسَكِيِّينَ الَّذِينَ فِي عَبْرِ النَّهْرِ،
ابْتَعِدُوا مِنْ هُنَاكَ [6].
جاء الأمر الملكي يمنع تنتاي أو غيره من تعطيل العمل [6-7].
كشفت رسالة داريوس عن شخصيته الوقورة، فإنه لم يصدر أمرًا بإيقاف العمل إلى حين وجود منشور كورش. وعندما وُجد المنشور احترم شريعة مادي وفارس التي لا تُنسخ، كما لم يضرب بعرض الحائط أوامر الملوك السابقين له.
اتْرُكُوا عَمَلَ بَيْتِ اللهِ هَذَا.
أَمَّا وَالِي الْيَهُودِ وَشُيُوخُ الْيَهُودِ،
فَلْيَبْنُوا بَيْتَ اللهِ هَذَا فِي مَكَانِهِ [7].
حقًا قلب الملك في يد الله، وها نحن نجد الملك يصدر أمرًا للوالي بأن يكمل بناء الهيكل، ويظهر من لغة الكلام أن الملك كان يميل لليهود فديانة الفرس تعتقد بوجود إله واحد، ومنهم هذا الملك غالبًا، لا يميلون إلى عبادة الأصنام. ونلاحظ وجود مذاهب متعددة، فكان كورش يمجد آلهة بابل، ولكن هناك ملوك مثل هذا الملك كانوا يؤمنون بمبدأ الإله الواحد، فتوافقوا في هذا مع اليهود.
وَقَدْ صَدَرَ مِنِّي أَمْرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
مَعَ شُيُوخِ الْيَهُودِ هَؤُلاَءِ فِي بِنَاءِ بَيْتِ اللهِ هَذَا.
فَمِنْ مَالِ الْمَلِكِ، مِنْ جِزْيَةِ عَبْرِ النَّهْرِ، تُعْطَ النَّفَقَةُ عَاجِلًا،
لِهَؤُلاَءِ الرِّجَالِ حَتَّى لاَ يَبْطُلُوا [8].
لم يقف الأمر عند منع التعرض للذين يعملون، وإنما قدم الملك مما يخصه من جزية مساهمة سريعة وعاجلة لإتمام لعمل.
وَمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنَ الثِّيرَانِ وَالْكِبَاشِ وَالْخِرَافِ،
مُحْرَقَةً لإِلَهِ السَّمَاءِ،
وَحِنْطَةٍ وَمِلْحٍ وَخَمْرٍ وَزَيْتٍ،
حَسَبَ قَوْلِ الْكَهَنَةِ الَّذِينَ فِي أُورُشَلِيمَ
لِتُعْطَ لَهُمْ يَوْمًا فَيَوْمًا حَتَّى لاَ يَهْدَأُوا [9].
عَنْ تَقْرِيبِ رَوَائِحِ سُرُورٍ لإِلَهِ السَّمَاءِ وَالصَّلاَةِ،
لأَجْلِ حَيَاةِ الْمَلِكِ وَبَنِيهِ [10].
واضح أن داريوس الوثني كان يقدر الإله الحي، ويطلب بركته، ويسأل رجال الله أن يصلوا من أجله ومن أجل بنيه.
"الصلاة لأجل حياة الملك". من هذا يتضح أن الملك مقتنع بقوة صلاة شعب الله عنه. ألم نسمع أن عين الله كانت على شعبه، فهل بعد هذا يُمكن أن نخاف من أي أعداء للكنيسة؟ هنا نرى الله يوقف عمل الشيطان متى أراد إذا كان هناك أناس مخلصون يعملون بجدية. لقد هاج الشيطان وأوقف العمل، ولكن العمل عاد ومعه بركات أكثر من الأول.
كما أن بعض غير المؤمنين إذ يتعرفون على الله يطلبون الصلاة عنهم، كذلك يليق بالمؤمنين الصلاة من أجل كل الناس، خاصة الملوك والرؤساء وأصحاب السلاطين (1 تي 2: 1-3).
وَقَدْ صَدَرَ مِنِّي أَمْرٌ أَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ يُغَيِّرُ هَذَا الْكَلاَمَ،
تُسْحَبُ خَشَبَةٌ مِنْ بَيْتِه،ِ
وَيُعَلَّقُ مَصْلُوبًا عَلَيْهَا،
وَيُجْعَلُ بَيْتُهُ مَزْبَلَةً مِنْ أَجْلِ هَذَا [11].
وَاللهُ الَّذِي أَسْكَنَ اسْمَهُ هُنَاكَ،
يُهْلِكُ كُلَّ مَلِكٍ وَشَعْبٍ يَمُدُّ يَدَهُ لِتَغْيِيرِ،
أَوْ لِهَدْمِ بَيْتِ اللهِ هَذَا الَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ.
أَنَا دَارِيُوسُ قَدْ أَمَرْتُ فَلْيُفْعَلْ عَاجِلًا [12].
يا للعجب فإن الملك الوثني يحمل مهابة نحو بيت الله، فيحكم بصلب من لا يبالي ببنائه. ويتم الصلب على خشبة من بيته. وكأنه حكم على نفسه بنفسه بصلبه بسبب اهتمامه ببيته دون بيت الله. فالخطية تحمل في ذاتها الموت والفساد لمن يرتكبها.
3. فرح المسبيين
حِينَئِذٍ تَتْنَايُ وَالِي عَبْرِ النَّهْرِ وَشَتَرْبُوزْنَايُ وَرُفَقَاؤُهُمَا،
عَمِلُوا عَاجِلًا حَسْبَمَا أَرْسَلَ دَارِيُوسُ الْمَلِكُ [13].
لم يبحث تتناي عن حجج لتأجيل أمر الملك، وإنما أسرع عاجلًا بتنفيذ ما ورد في رسالة الملك. لم يكن هذا الوثني يحمل كراهية للمؤمنين، ولا مقاومة لله.
"عملواعَاجِلًا": لقدخافوا منأمرالملك، كما أنروحالله كان يحرك الجميع.
وَكَانَ شُيُوخُ الْيَهُودِ يَبْنُونَ وَيَنْجَحُونَ،
حَسَبَ نُبُوَّةِ حَجَّيِ النَّبِيِّ وَزَكَرِيَّا بْنِ عِدُّو.
فَبَنُوا وَأَكْمَلُوا حَسَبَ أَمْرِ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ،
وَأَمْرِ كُورَشَ وَدَارِيُوسَ وَأَرْتَحْشَشتَا مَلِكِ فَارِسَ [14].
سرّ نجاحهم في العمل سماعهم للصوت الإلهي، وارتباطهم بكلمة الله.
"أكملوا حسب أمر إله إسرائيل": أمر الله أولًا، واستجاب لهُ الملك، والملك أمر واستجاب لهُ الولاة. لكن الذي بدأ هو الله وهو أيضًا الذي أمال قلوب الشعب ليعملوا ويبنوا.
وَكَمُلَ هَذَا الْبَيْتُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ شَهْرِ أَذَارَ،
فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ مِنْ مُلْكِ دَارِيُوسَ الْمَلِكِ [15].
استغرق البناء أربع سنوات في جهد متواصل وبقلب ملتهب بالحب لله.
كورش وداريوس وأرتحششتا: كورش وداريوس هستاسبس أصدرا أوامر بالبناء، أما أرتحششتا (قمبيز) فأصدر أمرًا بوقف البناء، ولكن البناء استمر شهورًا في عهده حتى صدر الأمر بالتوقف أو يكون أرتحششتا هو لونجيمانوس ويكون ذكره هنا لتكريمه لأنه هو الذي أصدر أمرًا ببناء السور.
وَبَنُو إِسْرَائِيلَ الْكَهَنَةُ وَاللاَّوِيُّون،َ
وَبَاقِي بَنِي السَّبْيِ،
دَشَّنُوا بَيْتَ اللهِ هَذَا بِفَرَحٍ [16].
كان الاحتفال عظيمًا، سكب روح الفرح على الجميع. فقد عاد الهيكل بعد غيبة عشرات السنوات، وصار لهم إمكانية تقديم الذبائح، وممارسة طقوس الهيكل، والاحتفال بالأعياد.
تدعى الكنيسة "بيت التسبيح"، ففي تدشين الهيكل الأول بارك سليمان الرب وسبحه.
يقول القدِّيس أغناطيوس النوراني: [اهتمُّوا في أن تجتمعوا بكثافة أكثر لتقديم الشكر والمجد لله، فعندما تجتمعون مرارًا معًا في الاجتماع الأفخارستي تضمحل قوَى الشيطان وتنحل قوَّته أمام إيمانكم وتآلفه]
وَقَرَّبُوا تَدْشِينًا لِبَيْتِ اللهِ هَذَا،
مِئَةَ ثَوْرٍ وَمِئَتَيْ كَبْشٍ وَأَرْبَعَ مِئَةِ خَرُوفٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ تَيْسَ مِعْزًى
ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ عَنْ جَمِيعِ إِسْرَائِيل،َ
حَسَبَ عَدَدِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ [17].
تدعى الكنيسة "بيت الذبيحة"، ففي تدشين الهيكل الأول قدم سليمان والشعب ذبائح كثيرة، لأنَّه بدون سفك دم لن تحصل مغفرة. لقد عرَّف القدِّيس أغناطيوس النورانيالكنيسة بأنَّها "موضع الذبيحة".
ففي الكنيسة نلتقي بالسيِّد المسيح الذبيحة الحقيقيَّة، ونتَّحد به فتصير حياتنا ذبيحة حب فائقة.
كان الاحتفال مع بهجته العظيمة، لكن التقدمات والذبائح أقل بكثير من التي قدمها حزقيا الملك (2 أي 30: 24)، أو يوشيا الصالح (2 أي 35: 7). فمهما قدموا، فإن إمكانياتهم ضعيفة كجماعة قليلة عائدة من السبي.
"إثني عشر تيسًا": العدد 12 يدل على وجود أعداد من كل الأسباط وأنهم عادوا للاتحاد. فالتأديب أعادهم كشعبٍ واحدٍ. ولذلك في آية 16 قال: "وبنو إسرائيل،" فهنا عزرا يرى أن الشعب شعب واحد والكهنة واللاويين هم للجميع.
وَأَقَامُوا الْكَهَنَةَ فِي فِرَقِهِمْ،
وَاللاَّوِيِّينَ فِي أَقْسَامِهِمْ عَلَى خِدْمَةِ اللهِ الَّتِي فِي أُورُشَلِيمَ،
كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ مُوسَى [18].
لصق بهم التعبير "بنو السبي"، فمع ما أعطيت لهم من حرية في العبادة، وبناء بيت الرب، إلا أنهم لازالوا تحت سلطان ملك فارس، ليس لهم ملك خاص بهم مستقل له حرية الحركة في الأمور السياسية. ومن جهة أخرى فإن هذا اللقب يذكرهم بخطيتهم وخطايا آبائهم، التي بسببها سقطوا تحت السبي.
وَعَمِلَ بَنُو السَّبْيِ الْفِصْحَ فِي الرَّابِعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ الأَوَّلِ [19].
عملوا الفصح الذي به تحقق خروجهم الأول من عبودية فرعون ليعبروا إلى البرية ويدخلوا أرض الموعد. الآن إذ يحتفلون بعيد الفصح يذكرون عمل الله الخلاصي، وأن ما تم على أياديهم إنما هو عطية الله مخلصهم.
يذكر العهدالقديمخمسةأعياد للفصح:
1. عند جبل سيناء (عد 5:9).
2. في الجلجال (يش 10:5).
3.فيزمان حزقيا.
4. فيزمان يوشيا.
5. والآنفيزمان زربابل.
كل من هذه الأعياد الخمسة دل على إصلاح العبادة، وتجديد العهد بين الله وشعبه.
يحدثنا الأب ميليتو أسقف ساردس عن ارتباط عيد الفصح بمذبح العهد الجديد:
* يتحقق سرّ الفصح في جسد الرب...
فقد اُقتيد كحمل، وذبح كشاه، مخلصًا إيَّانا من عبودية العالم (مصر)، ومحررنا من عبودية الشيطان كما من فرعون، خاتمًا نفوسنا بروحه، وأعضاءنا الجسدية بدمه...
إنه ذاك الواحد الذي خلصنا من العبودية إلى الحرية، ومن الظلمة إلى النور، ومن الموت إلى الحياة، ومن الظلم إلى الملكوت الأبدي...
إنه ذاك الذي هو (فصح) عبور خلاصنا...
هو الحمل الصامت... الذي أخذ من القطيع، واُقتيد للذبح في المساء، ودُفن بالليل.
من أجل هذا كان عيد الفطر مرًا، كما يقول كتابكم المقدس: تأكلون فطيرًا بأعشاب مرَّة،
مرَّة لكم هي المسامير التي استخدمت،
مُرّ هو اللسان الذي جدف،
مرَّة هي الشهادة الباطلة التي نطقتم بها ضده...
تأمل هذا أيها العزيز المحبوب، كيف أن سرّ الفصح جديد وقديم، أبدي وزائل، غير قابل للفساد وقابل للفساد، خالد ومائت!
إنه قديم حسب الناموس، وجديد حسب اللوغس (الكلمة الإلهي).
زائل خلال عبارات الرمز، وأبدي في عبارات النعمة.
قابل للفساد خلال موت الحملان، وغير قابل للفساد خلال حياة الرب...
هكذا ذبيحة الحملان وطقس الفصح وحرف الناموس، هذه قد تحققت في المسيح يسوع. عوض الناموس جاء اللوغوس، فصار القديم جديدًا، وصارت الوصية نعمة، والرمز حقيقة.
ميليتو أسقف ساردس * والآن وأنتم تحتفلون بالبصخة (الفصح) المقدسة، يلزمكم أن تعرفوا أيها الإخوة ما هي البصخة؟... البصخة تعني العبور، وهكذا دُعيَ العيد بهذا الاسم، لأنه في هذا العيد عبر ابن الله من هذا العالم إلى أبيه.
أي نفع لكم أن تحتفلوا بعيد الفصح إن لم تمتثلوا بذاك الذي تتعبدون له... فتعبرون من ظلمة الأفعال الشريرة إلى نور الفضيلة، ومن محبة هذا العالم إلى محبة البيت السماوي؟! فإنه يوجد كثيرون يحتفلون بهذا العيد المقدس ويُكرمون قدره لكنهم يفعلون هذا بغير استحقاق، وذلك بسبب شرهم، وعدم عبورهم فوق هذا العالم إلى أبيهم، أي لا يعبرون شهوات هذا العالم ومن الملذات الجسدية إلى محبة السماء. يا لهم من مسيحيين تُعساء، لا يزالون تحت سيطرة إبليس، مبتهجين بهذا الشر...
لأجل هذا أُنذركم يا إخوتي، بأن تحتفلوا بعيد الفصح كما يلزم، أي ينبغي أن تعبروا. فمن كان من بينكم لا يزال في الخطية، فليُقدس هذا العيد، عابرًا من الأعمال الشريرة إلى حياة الفضيلة. ومن كان فيكم سالكًا في حياة مقدسة، فليعبر من فضيلة إلى فضيلة وهكذا لا يوجد فيكم أحد لا يعبر .
القديس أمبروسيوس
لأَنَّ الْكَهَنَةَ وَاللاَّوِيِّينَ تَطَهَّرُوا جَمِيعًا،
كَانُوا كُلُّهُمْ طَاهِرِين،
وَذَبَحُوا الْفِصْحَ لِجَمِيعِ بَنِي السَّبْي،ِ
وَلإِخْوَتِهِمِ الْكَهَنَةِ وَلأَنْفُسِهِمْ [20].
"وَلإِخْوَتِهِمِ الْكَهَنَةِ وَلأَنْفُسِهِمْ" ذبحاللاويونالفصح للكهنة ولأنفسهم، ليتفرغ الكهنة لخدماتهمالأخرى.
لم يكن ممكنًا أن يأكل الفصح أحد، حتى من الكهنة واللاويين خدام الهيكل، ما لم يتطهروا.
* الإنسان المخادع وغير النقي القلب والذي ليس فيه شيء طاهر... هذا بالتأكيد غريب عن القدِّيسين ويُحسب غير مستحق أن يأكل الفصح، لأن كل ابن غريب لا يأكل منه. لهذا عندما ظن يهوذا أنه حفظ الفصح بينما كان يدبر خداعًا ضد المخلص، صار غريبًا عن المدينة التي هي من فوق، وبعيدًا عن الصحبة الرسولية، إذ أمرت الشريعة أن يؤكل الفصح بحرص لائق، أما هو فبينما كان يأكل نقبه الشيطان، ودخل إلى نفسه (يو 22: 31) .
البابا أثناسيوس الرسولي
وَأَكَلَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ الرَّاجِعُونَ مِنَ السَّبْي،ِ
مَعَ جَمِيعِ الَّذِينَ انْفَصَلُوا إِلَيْهِمْ مِنْ رَجَاسَةِ أُمَمِ الأَرْض.
لِيَطْلُبُوا الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ [21].
"الذين انفصلوا إليهم": أكل الفصح الراجعون من السبي، أو الإسرائيليون الذين بقوا في البلاد زمان السبي وانفصلوا عن رجاسات أمم الأرض، وربما كانوا من السامريين أو الوثنيين الذين تابوا وانفصلوا عن آلهتهم وتهودوا.
وَعَمِلُوا عِيدَ الْفَطِيرِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ بِفَرَحٍ.
لأَنَّ الرَّبَّ فَرَّحَهُمْ.
وَحَوَّلَ قَلْبَ مَلِكِ أَشُّورَ نَحْوَهُمْ،
لِتَقْوِيَةِ أَيْدِيهِمْ فِي عَمَلِ بَيْتِ اللهِ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ [22].
في تدشين الهيكل الأول مارس سليمان وكل القيادات مع الشعب الاحتفال بتدشين الهيكل لمدَّة سبعة أيَّام، تلاها سبعة أيَّام أخرى حيث احتفلوا بعيد المظال، وفي اليوم الثامن بارك الشعب وصرفهم وهو متهلِّلون بالفرح.
ليس فقط وجد الشعب فرحه الفائق وشعبه في بيت الرب، بل حملوا هذا الفرح معهم إلى بيوتهم ليمارسوه كل أيَّام حياتهم.
هنا أيضًا أكلوا الفصح بروح الفرح والتسبيح، مقدمين الشكر لله الذي فرَّح قلوبهم، وعمل في قلب ملك أشور الوثني لمساندتهم في البناء.
نلاحظ هنا قولهُ" بفرح"، فالفرح يصاحب تجديد العهد مع الله بالتوبة، ونحن لا نفرح سوى بذبيحة الصليب فصحنا الحقيقي.
"ملك أشور" كان داريوس ملك فارس وأشور تتبعه، فيجوز تسميته ملك أشور كما أسماه من قبل ملك بابل. وهنا يسميه ملك أشور حتى يذكر القارئ بأن ما بدأه ملك أشور السابق بتشتيت الشعب أنهاه ملك فارس هذا، وها هم يجتمعون ثانية وهذا ما يفرحهم. ويفرحهم أيضًا أن الله أمال قلب ملك فارس نحوهم وأن الله قواهم في بناء البيت. لقد سبت أشور إسرائيل، وهوذا أشور الجديد تحث على العمل الإلهي وبناء بيت الرب والعبادة فيه! التوبة الصادقة هي الطريق العملي لبلوغ النجاح في الحياة.
ما نود أن نوضحه هنا هو أن عيد الفطير كان يدعى "خبز الحزن" (تث 17: 3)، إذ كان يرمز للمرارة التي عاشها الشعب في عبوديته لفرعون، وقد تحول الحزن إلى فرح وبهجة، وصار من أكثر الأعياد المفرحة. وبعد أن كان الامتناع عن أكل الخمير إشارة إلى سرعتهم في الخروج من مصر (خر 12: 33، 39، تث 16: 3)، صار علامة ترك خمير الحياة القديمة والتمتع بحياة جديدة (إش 52: 11-12) لا ترتبط بخمير الماضي.
جاء في عنوان المزمور 112 ترجمة الفولجاتا: "تغيير المسار بواسطة حجي وزكريا". وهو مزمور مفرح يبدأ بالعبارة: "هللويا. طوبى للرجل المتقي الرب المسرور جدًا بوصاياه".
وجاء تعليق القديس أغسطينوس على هذا العنوان بقوله: ["لأن هيكل الله مقدس الذي أنتم هو" (1 كو 3: 17). لهذا من يغير مساره بالعمل في هذا البناء معًا، وبرجاء البنيان الثابت المقدس يكون كحجرٍ حيّ قائم من خرائب هذا العالم البائس، يفهم عنوان هذا المزمور... لهذا فليتغنَ بالعبارات التالية لا بصوت لسانه، بل بحياته. فإن إتمام البناء هو سلام الحكمة الذي لا يُعبر عنه.]
هكذا يدعونا القديس أغسطينوس أن نكون حجارة حيَّة مقدسة في بيت الرب فننعم بالحياة المطوَّبة ونمتلئ بسرور الرب العظيم، وتتحول حياتنا كلها إلى تسبحة وترنم مفرح!
ملاحظة
سجل لنا عزرا الكاتب في الأصحاحات الستة السابقة موكب الفوج الأول تحت قيادة زربابل (شيشبصر) ويشوع اللذين نجحا أخيرًا في بناء بيت الرب.
ربما أعطى الملك لزربابل اسم شيشبصر، ومعناه "الفرح وسط المتاعب"، لأنه رآه دائم الفرح، فأُعجب به. فإنه ليس من شهادة لإيماننا الحقيقي مثل الفرح الدائم في الرب!
من وحي عزرا 6
أقم ملكوتك في داخلي يا إله المستحيلات
* يا لحبك الفائق يا إله المستحيلات.
تحوِّل كل الأحداث لحساب ملكوتك في داخلي.
تقيم من قلبي الفاسد هيكلًا مقدسًا لك.
تصنع عجائب في داخلي.
وتشتم ذبائح حب وتسبيح ورضا!
* هوذا أعماقي بين يديك.
ليعمل روحك القدوس فيها.
ليطهرها ويقدسها.
فتقيم فيها وليمة سماوية مفرحة!
تصير أنت سرّ فرحي وعيدي الدائم.
الفوج الثاني للراجعين من السبي
عزرا 7-10
مع نهاية الأصحاح السابق انتهي الحديث عن الفوج الأول من الراجعين من السبي تحت قيادة زربابل ويشوع.
أما الفترة ما بين نهاية الأصحاح السابق وبداية الأصحاح السابع فتبلغ حوالي 58 عامًا، من عام 516 ق.م. إلى 458 ق.م. لقد جرت فيها الأحداث الواردة في سفر أستير مع الملك أحشويروش الكبير. لدينا كتابات سُجلت في هذه الفترة مثل جزء من سفر زكريا وربما ملاخي ويوئيل.
ومع بداية هذا القسم لا نسمع عن زرُبابل أو يشوع الكاهن أو حجي وزكريا النبيين.
في هذه الفترة عاد بعض أبناء القادمين من السبي إلى التزوج بالوثنيات، وكادوا أن يرجعوا إلى العبادة الوثنية عن طريق هؤلاء الزوجات. الله في محبته أرسل لهم عزرا الكاتب والكاهن، قادمًا مع فوج جديد ويقوم بالإصلاح الداخلي، خاصة طرد النساء الوثنيات مع أولادهن.
يبدأ الحديث بعرضٍ مختصرٍ للأحداث، ثم يعود فيتحدث عنها في شيء من التفصيل.
إرسال عزرا رجل الشريعة للإصلاح
موكب روحي جديد!
الآن يبدأ بالحديث عن موكب روحي جديد، هو موكب الفوج الثاني تحت قيادة رجل الشريعة والإصلاح الروحي، عزرا نفسه.
بعد مرور حوالي 80 سنة من نداء كورش و58 سنة من بناء الهيكل، وبعد نجاة اليهود من خطة هامان الواردة في سفر أستير في أيام الملك أحشويرش الذي يُسمى أيضًا أجزركسيس الكبير امتدت يد الله الصالحة لتعمل خلال الملك ارتحشستا الأول لونجيمانوس (ابن الملك أحشويرش). لقد أعطى الله نعمة لعزرا في عيني الملك ليعطيه سلطانًا مفتوحًا للعمل في أورشليم.
كان عزرا دارسًا عظيمًا للشريعة [6]، وهو من نسل هرون. وواضح أنه نال مركزًا مرموقًا في بلاد فارس، ربما كان أشبه بكاتب الدولة لشئون اليهود. في نفس الوقت كان رجل عملي [6-10]. كانت مسرته تكمن في دارسة للكتاب المقدس. أرسله الملك لكي يدرس الموقف ويُلزم اليهود على حفظ الناموس [25-26]. توجد شواهد أخرى على اهتمام ملوك فارس على ممارسة العبادة التي للشعوب الخاضعة لهم، كما يظهر من ورقة بردي أُرسلت إلى مستعمرة يهودية في جزيرة الفيلة بأسوان في مصر.
1. يد الله الصالحة
وَبَعْدَ هَذِهِ الأُمُورِ فِي مُلْكِ أَرْتَحْشَسْتَا مَلِكِ فَارِس،َ
عَزْرَا بْنُ سَرَايَا بْنِ عَزَرْيَا بْنِ حِلْقِيَّا [1].
"بعد هذه الأمور". يبدأ السفر هنا في حقبة جديدة. فالإصحاحات الستة الأولى تمت في عهد داريوس هستاسب وارتحششتا وكورش. فأذن كورش ببناء الهيكل كان سنة 536 ق. م وانتهى بناء الهيكل في أيأم داريوس هستاسب سنة 515 .ق م.، والآن نجد عزرا وقد صعد من بابل إلى أورشليم وكان ذلك سنة 458 ق.م. فقوله" بعد هذه الأمور" أي بعد أمور بناء الهيكل والمقاومة التي تعرضوا لها. ونلاحظ أن بين نهاية أحداث أصحاح 6 وبداية أصحاح 7 حوالي 58 سنة.
يبدأ حديثه بإعلان انتسابه لهرون، مؤكدًا أن ما تحقق هو بيد الله الصالحة عليه، ليقود موكبًا روحيًا جديدًا، حيث أعطاه الرب نعمة في عيني ارتحشستا الملك.
عزرا بن سرايا: عزرا اسم عبري معناه معونة، فقد أرسل الله عونًا إلى شعبه، لكنه يرجع إلى الشريعة الإلهية، ويتطهر من الخطايا التي سقط فيها.
سرايا ليس والد عزرا، وإنما جده، فما يشغل عزرا هو البلوغ إلى نسبه لهرون مع ذكر الشخصيات الهامة في نسبه. فقد أراد إثبات نسبه الكهنوتي فقط وهذا مهم جدًا ليقوم بوظيفته ككاهنٍ. سرايا هذا هو رئيس الكهنة وقت خراب الهيكل سنة 588 ق.م، قبض عليه نبوزادان رئيس الشرط مع صفنيا الكاهن الثاني ونحو 70 شخصًا، وسار بهم إلى نبوخذنصر ملك بابل الذي ضربهم وقتلهم في رمله في أرض حماة (2 مل 25: 18-21).
حلقيا: رئيس الكهنة أيام الملك يوشيا الصالح، وهو الذي عثر على سفر الشريعة، فسلمه إلى شافان الذي قرأه أمام الملك (2 مل 22: 13).
بْنِ شَلُّومَ بْنِ صَادُوقَ بْنِ أَخِيطُوب [2].
بْنِ أَمَرْيَا بْنِ عَزَرْيَا بْنِ مَرَايُوث [3].
بْنِ زَرَحْيَا بْنِ عُزِّي بْنِ بُقِّي [4].
بَنِ أَبِيشُوعَ بْنِ فِينَحَاسَ بْنِ أَلِعَازَارَ بْنِ هَارُونَ الْكَاهِنِ الرَّأْس [5].
فينحاس: الكاهن الذي بغيرته رد غضب الله عندما قتل الرجل الإسرائيلي الذي زنى مع امرأة موآبية (عد 25: 8).
هرون: أول رئيس كهنة، أخ موسى النبي.
عَزْرَا هَذَا صَعِدَ مِنْ بَابِل،َ
وَهُوَ كَاتِبٌ مَاهِرٌ فِي شَرِيعَةِ مُوسَى الَّتِي أَعْطَاهَا الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ.
وَأَعْطَاهُ الْمَلِكُ حَسَبَ يَدِ الرَّبِّ إِلَهِهِ عَلَيْهِ كُلَّ سُؤْلِهِ [6].
كاتب ماهر: كان عزرا موظفًا في البلاط الفارسي، ومستشارًا للملك أرتحشستا، لذلك دُعي بالكاتب بحكم وظيفته. استغل معرفته وموهبته في نسخ الشريعة ودراستها وتعليمها للشعب. كان ماهرًا ليس من جهة براعة الخط فحسب، وإنما أيضًا من جهة تعلم الشريعة ودراستها وفهمها، والسلوك فيها. وكما يقول المرتل: "لساني قلم كاتب ماهر" (مز 45: 1).
"في شريعة موسى التي أعطاها الرب إله إسرائيل": يذكر هذا ليؤكد أن سرّ مهارته وعلمه هو تمسكه بالشريعة الإلهية الموهوبة من الله كعطية للشعب. فكل ما ناله من مكانه أو معرفة سَّره كلمة الله. دعاه الشعب "موسى الثاني".
"يد الرب": يحسب عزرا كل النعم التي تمتع بها الشعب في ذلك الحين عطية من يد الله الصالحة، وقد ذكر هذه العبارة وما يعادلها ست مرات في الأصحاحين 7، 8: (عز 7: 6، 9، 28، 8: 18، 22، 31). يداللههيالتيتساعدوتحمي وتقود.
"كل سؤله": أي أن يتعين ويتفوض كما هو مرسوم بالتفصيل في مكتوب الملك.
اقتدى عزرا الكاتب بداود النبي والملك والمرتل هذا الذي كان له شهرته، وله إمكانياته وخبراته، ومع هذا حسب نفسه غريبًا، محتاجًا إلى وصايا الله لتكون له قائدًا ومرشدًا ورفيقًا ومعزيًا له في غربته. إنه يصرخ قائلًا: "غريب أنا على الأرض، فلا تخفِ عني وصاياك" (مز 119: 19). شعوره بالغربة يدفعه إلى الالتصاق بالوصية كي تسنده كل زمان غربته، وتهبه نجاحًا في الرب، كما ترفعه إلى الحياة السماوية.
* يحتاج الغرباء على الأرض إلى وصايا الله لكي تحميهم من أعمال الجسد ومحبة العالم.
من يتبع هذه الوصايا تعتاد نفسه عليها، ولا يقدر العالم أن يغلبه.
لكن توجد وصايا كثيرة مكتوبة برموز مثل: "والذي على السطح فلا ينزل ليأخذ من أمتعته شيئًا" (مت 17:24؛ مر15:13؛ لو31:17)؛ "دع الموتى يدفنون موتاهم" (مت 22:8)... كل هذه ليست واضحة في المعنى، كذلك الوصايا الخاصة بالذبائح والأعياد والحيوانات الطاهرة والنجسة... لهذا يليق بالغريب على الأرض أن يطلب من الله أن يضيء له وصاياه ولا يخفيها عنه، لكي يتممها ويحبها ويصير بلا لوم.
يوسابيوس القيصري
* بكونه غريبًا على الأرض صلى ألا تُخفي عنه وصايا الله، حيث يتمتع بالحب كأمرٍ فريدٍ أو رئيسيٍ، الآن يُعلن أنه يشتهي أن يكون له الحب من أجل أحكامه. هذه الشهوة تستحق المديح لا الدينونة...
القديس أغسطينوس
وَصَعِدَ مَعَهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ
وَالْكَهَنَةِ وَاللاَّوِيِّينَ وَالْمُغَنِّينَ وَالْبَوَّابِينَ وَالنَّثِينِيمِ إِلَى أُورُشَلِيمَ
فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ لأَرْتَحْشَسْتَا الْمَلِكِ [7].
وَجَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ فِي الشَّهْرِ الْخَامِسِ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ لِلْمَلِكِ [8].
لأَنَّهُ فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ ابْتَدَأَ يَصْعَدُ مِنْ بَابِلَ وَفِي أَوَّلِ الشَّهْرِ الْخَامِس،ِ
جَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ حَسَبَ يَدِ اللهِ الصَّالِحَةِ عَلَيْهِ [9].
لأَنَّ عَزْرَا هَيَّأَ قَلْبَهُ لِطَلَبِ شَرِيعَةِ الرَّبِّ وَالْعَمَلِ بِهَا،
وَلِيُعَلِّمَ إِسْرَائِيلَ فَرِيضَةً وَقَضَاءً [10].
بدأ أولًا بحفظ الشريعة وطلبها في قلبه، يحملها في داخله أينما ذهب، سواء في القصر في بابل، أو في الرحلة في أورشليم. لقد خبأها في قلبه ليحيا بها. أما المرحلة الثانية والمكملة الأولى فهي تحويل الوصية الإلهية إلى عمل وسلوك يمس مشاعر الشخص وكلماته وسلوكه. وأخيرًا يقوم بالكرازة بها وتعليمها. وكما يقول السيد المسيح من عمل وعلم، فهذا يُدعى عظيمًا في ملكوت السماوات؟ (مت 5: 19).
* لا يكفينا أن نقتني الوصايا فقط، لكننا نحتاج إلى حفظ مستقصى وبليغ لها.
القديس يوحنا الذهبي الفم
* غاية التلذذ بوصايا الله هو وضعها موضع التنفيذ والعمل...
من يتلذذ بالحق أولًا، قائلًا: "أتلذذ بوصاياك التي أحببتها جدًا"، يقول بعد ذلك: "ورفعت أذرعي إلى وصاياك التي وددتها جدًا". ما أجمل أن نتلذذ بالوصايا ونفهم معانيها، ثم نرفع أذرعنا إلى الأعمال التي تتفق مع الوصايا.
لا نتمم عمل الوصايا عن حزنٍ أو اضطرارٍ (2 كو 9: 7)، وإنما بفرحٍ.
إذ نتلذذ بها وننفذها يلزمنا أن ننطق بها (تث 6: 7)، لهذا يضيف: "وتلوت (أناجي) في حقوقك"، بمعنى أنه من أجل حبي لوصاياك لا أتوقف عن الحديث عنها، وإنني أتلو وأنا متلذذ جدًا بكل ما يمس حقوقك.
العلامة أوريجينوس
* الذي عنده (وصاياي) في ذاكرته ويحفظها في حياته؛ الذي عنده في شفتيه ويحفظها سلوكيًا؛ الذي عنده في أذنيه ويحفظها في العمل؛ الذي عنده في الأعمال ويحفظها بالمثابرة، مثل هذا "يحبني". بالعمل يعلن الحب، وبالتطبيق بغير ثمر يكون مجرد الاسم (للحب).
القديس أغسطينوس
* البعد عن العمل بوصايا الله هو بعد عن الله؛ وهذا هو جوهر الخطيئة التي هي انفصال عن الله وبعد عن الوحدة معه.
القديس باسيليوس الكبير
* أخفيت التعاليم الخفية في قلبي، وأيضًا العلوم والمعارف المستترة، أما هذه الأحكام فأظهرتها للكل، حيث تدركها كل البشرية وتتفهمها، إذ يجب أن يظهر الكل أمام كرسي المسيح (2 كو 10:5).
يوسابيوس القيصري
2. رسالة الملك لعزرا
تكشف رسالة الملك لعزرا عن يد الله، وروحه العامل لحساب شعبه.
أ. حث الملك الوثني الكهنة والشعب للذهاب إلى أورشليم لإعادة العبادة بقوة، وإصلاح الشعب [13].
ب. دعا عزرا "كاتب شريعة إله السماء" [21]، رأى فيه مسحة سماوية فريدة!
ج. قدم الملك ومشيروه عطايا وآنية من عندهم، لأن آنية بيت الرب ردها كورش.
د. حث الملك الوثني الشعب اليهودي وكهنتهم على التبرع لبيت إلههم [16].
ه. ترك القرارات في يد عزرا حسب شريعة إلهه [25] وأعطاه سلطات واسعة ليقيم حكامًا وقضاة لجميع الشعب أينما وجدوا في عبر النهر.
و. أعطاه سلطات لإصدار أحكام ضد المخالفين وتنفيذها سواء بالإعدام أو النفي أو دفع غرامة أو السجن [26].
وَهَذِهِ صُورَةُ الرِّسَالَةِ الَّتِي أَعْطَاهَا الْمَلِكُ أَرْتَحْشَسْتَا
لِعَزْرَا الْكَاهِنِ الْكَاتِبِ،
كَاتِبِ كَلاَمِ وَصَايَا الرَّبِّ وَفَرَائِضِهِ عَلَى إِسْرَائِيلَ: [11]
مِنْ أَرْتَحْشَسْتَا مَلِكِ الْمُلُوكِ
إِلَى عَزْرَا الْكَاهِنِ كَاتِبِ شَرِيعَةِ إِلَهِ السَّمَاءِ الْكَامِلِ إِلَى آخِرِهِ [12].
ظهرت يد الله الصالحة في هذه الرسالة التي كشفت عن تأثير عزرا الروحي على الملك، فشعر أنه ليس كاتبًا عنده في الديوان الملكي، وإنما هو "كاتب شريعة إله السماء الكامل". لم نسمع عن ملك في إسرائيل يدعو كاتبًا له أو نبيًا بهذا اللقب العجيب. فقد حسب ارتحشستا أن إله عزرا هو إله السماء الكامل.
قَدْ صَدَرَ مِنِّي أَمْرٌ،
أَنَّ كُلَّ مَنْ أَرَادَ فِي مُلْكِي مِنْ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ وَكَهَنَتِهِ وَاللاَّوِيِّين،َ
أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أُورُشَلِيمَ مَعَكَ فَلْيَرْجِعْ [13].
مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ مُرْسَلٌ مِنْ قِبَلِ الْمَلِكِ وَمُشِيرِيهِ السَّبْعَة،ِ
لأَجْلِ السُّؤَالِ عَنْ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ،
حَسَبَ شَرِيعَةِ إِلَهِكَ الَّتِي بِيَدِك [14].
السبعة المشيرون كانوا رؤساء بيوت في مملكة فارس. جاء ذكر هؤلاء المشيرين السبعة في سفر أستير: "وكان المقربون إليه كرشنا وشيتار ووادماثار وترشيش ومرس ومرسنا ومموكان، سبعة رؤساء فارس ومادي" (إس 1: 14). وهم يمثلون مجلس شورى الملك، وكان العدد 7 له اعتباره عند الأمم كما كان عند اليهود.
"لأجل السؤال" عن أحوال اليهود الروحية والأدبية، ويظهر من مضمون الرسالة أن عزرا كان مفوضًا في العمل وليس في السؤال فقط، وعمله كان إقرار الشريعة، وكان له سلطة أن يعاقب المخالف.
وَلِحَمْلِ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ تَبَرَّعَ بِهِ الْمَلِكُ وَمُشِيرُوهُ،
لإِلَهِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ مَسْكَنِهُ [15].
من العجيب أن ملوك يهوذا أفقروا الهيكل وملوك فارس الوثنيون تبرعوا للهيكل (إش 49: 23؛ 60: 4-16).
وَكُلُّ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ الَّتِي تَجِدُ فِي كُلِّ بِلاَدِ بَابَلَ،
مَعَ تَبَرُّعَاتِ الشَّعْبِ وَالْكَهَنَةِ الْمُتَبَرِّعِين،َ
لِبَيْتِ إِلَهِهِمِ الَّذِي فِي أُورُشَلِيم [16].
كانت هناك تبرعات من الملك ومشيريه ومن الشعب البابلي المحبين لأصدقائهم اليهود ومن اليهود الذين فضلوا البقاء في بابل.
هذه التبرعات لشراء حيوانات للتقدمة ولشراء السكائب وللصرف على باقي أوجه الخدمة.
من أهداف هذه الإرسالية أن تحمل الفضة والذهب كتبرع من الملك كما من مشيريه السبعة علامة خضوع الكل لهذا الإله، وحرصًا على استمرار العبادة بأورشليم.
لِتَشْتَرِيَ عَاجِلًا بِهَذِهِ الْفِضَّةِ
ثِيرَانًا وَكِبَاشًا وَخِرَافًا وَتَقْدِمَاتِهَا وَسَكَائِبَهَا،
وَتُقَرِّبَهَا عَلَى الْمَذْبَحِ الَّذِي فِي بَيْتِ إِلَهِكُمُ،
الَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ [17].
يفتح الملك باب للتبرعات من كل الشعب في بابل، سواء اليهود أو الأمم، كما من الكهنة الذين لم يرجعوا إلى أورشليم، حتى يمكن شراء حيوانات لتقديم ذبائح في أورشليم.
وَمَهْمَا حَسُنَ عِنْدَكَ وَعِنْدَ إِخْوَتِكَ،
أَنْ تَعْمَلُوهُ بِبَاقِي الْفِضَّةِ وَالذَّهَب،ِ
فَحَسَبَ إِرَادَةِ إِلَهِكُمْ تَعْمَلُونَهُ [18].
يوجه الملك الوثني في القرن الخامس ق.م. رجل الله ليتصرف مع إخوته في الفضة والذهب حسب الإرادة الإلهية. يطلب منه العمل الديمقراطي المشترك!
وَالآنِيَةُ الَّتِي تُعْطَى لَكَ لِخِدْمَةِ بَيْتِ إِلَهِك،َ
فَسَلِّمْهَا أَمَامَ إِلَهِ أُورُشَلِيمَ [19].
"الآنية التي تعطى لك": ليست هذه الآنية من آنية بيت الرب التي أخذها نبوخذنصر من هيكل أورشليم، بل هي أوانٍ هدية وتبرعات من الملك ومشيروه ورؤساءه ومن كل الشعب (شعب بابل وشعب إسرائيل).
سبق أن رد كورش الآنية التي أغتصبها نبوخذنصر، والآن يتبرع ارتحشستا بآنية ثمينة جدًا لبيت الله في أورشليم.
"إله أورشليم" أي إله إسرائيل الذي في أورشليم مسكنه.
وَبَاقِي احْتِيَاجِ بَيْتِ إِلَهِكَ الَّذِي يَتَّفِقُ لَكَ أَنْ تُعْطِيَه،
فَأَعْطِهِ مِنْ بَيْتِ خَزَائِنِ الْمَلِكِ [20].
وَمِنِّي أَنَا أَرْتَحْشَسْتَا الْمَلِكِ،
صَدَرَ أَمْرٌ إِلَى كُلِّ الْخَزَنَةِ الَّذِينَ فِي عَبْرِ النَّهْرِ،
أَنَّ كُلَّ مَا يَطْلُبُهُ مِنْكُمْ عَزْرَا الْكَاهِنُ
كَاتِبُ شَرِيعَةِ إِلَهِ السَّمَاءِ،
فَلْيُعْمَلْ بِسُرْعَة [21]. ٍ
إِلَى مِئَةِ وَزْنَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ،
وَمِئَةِ كُرٍّ مِنَ الْحِنْطَةِ،
وَمِئَةِ بَثٍّ مِنَ الْخَمْرِ،
وَمِئَةِ بَثٍّ مِنَ الزَّيْتِ،
وَالْمِلْحِ مِنْ دُونِ تَقْيِيدٍ [22].
100كر حنطة تعادل 150 ألف كيلو جرام، و100بثخمر أي 3500لترًا تقريبًا.
كُلُّ مَا أَمَرَ بِهِ إِلَهُ السَّمَاء،
فَلْيُعْمَلْ بِاجْتِهَادٍ،
لِبَيْتِ إِلَهِ السَّمَاءِ،
لأَنَّهُ لِمَاذَا يَكُونُ غَضَبٌ عَلَى مُلْكِ الْمَلِكِ وَبَنِيهِ؟ [23]
الشعب اليهودي في أورشليم لا يخشى غضب الرب، فيكسر الناموس من أجل شهوات الجسد، ويتزوج بعضهم وثنيات. بينما الملك الوثني في بابل يحرص ألا يحل غضب الله على مملكته أو على بيته. الملك الوثني هناخائفمنأنيغضب الله. "لماذا يكونغضب؟"هذههييد الله.
الملك الوثني يدين هنا المؤمنين المتراخين في عمل الرب، والخدام الذين يمارسون الخدمة في تهاون وكسلٍ، إذ يطلب أن يُمارس ما يطلبه إله السماء باجتهاد.
يقول الحكيم: ""العامل بيدٍ رخوة يفتقر، أما يد المجتهدين فتُغني" (أم 10: 4)؛ ""طريق الكسلان كسياج من شوك، وطريق المستقيمين منهج" (أم 15: 19).
* يتقبل العامل الصالح أجرة عمله بجرأة، أمّا الكسول والمتهاون فلا يجسر أن ينظر بعينيه إلى رب عمله(78).
القديس إكليمنضس الروماني * يوجد أولئك الذين يُدعون كسالي في سفر الحكمة، الذين يكسون طريقهم بالأشواك، ويحسبون الغيرة في حفظ وصايا الله أمرًا مضرًا للنفس، المعترضون على الوصايا الرسولية، الذين لا يأكلون خبزهم بالتعب، وإنما يترددون على الغير، ويجعلون من الخمول سُنة الحياة. عندئذ الحالمون، الذين يحسبون خداعات الأحلام موضع ثقة أكثر من تعاليم الأناجيل، ويدعون الخيالات إعلانات. بخلاف هؤلاء يوجد أيضًا الذين يقيمون في بيوتهم، ويحسبهم الغير غير اجتماعيين وحشيين لا يعرفون وصية الحب ولا يعرفون ثمر طول الأناة والتواضع.
القديس غريغوريوس النيسي
وَنُعْلِمُكُمْ أَنَّ جَمِيعَ الْكَهَنَةِ وَاللاَّوِيِّينَ
وَالْمُغَنِّينَ وَالْبَوَّابِينَ وَالنَّثِينِيمِ وَخُدَّامِ بَيْتِ الله
هَذَا لاَ يُؤْذَنُ أَنْ يُلْقَى عَلَيْهِمْ جِزْيَةٌ أَوْ خَرَاجٌ أَوْ خِفَارَةٌ [24].
أعفى الملك الفارسي خدام بيت الرب من كافة أنواع الضرائب والجزية، لكي يتفرغوا للعبادة والتعلم.
أَمَّا أَنْتَ يَا عَزْرَا،
فَحَسَبَ حِكْمَةِ إِلَهِكَ الَّتِي بِيَدِكَ،
ضَعْ حُكَّامًا وَقُضَاةً يَقْضُونَ لِجَمِيعِ الشَّعْب،ِ
الَّذِي فِي عَبْرِ النَّهْرِ مِنْ جَمِيعِ مَنْ يَعْرِفُ شَرَائِعَ إِلَهِكَ.
وَالَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ فَعَلِّمُوهُمْ [25].
وثق الملك في عزرا، إذ وجد فيه الرجل الأمين، الكاتب لشريعة إله السماء الكامل، فأرسله إلى أورشليم لإقرار الشريعة ومنحه السلطة لتعيين الحكام والقضاة الذين يراهم صالحين.
"حكمة إلهك": شريعة إلهك التي في يدك. يلتزم عزرا أن يجري هذه الشريعة بالحكمة لا بالقسوة.
"جميع من يعرف شرائع إلهك": كانت سلطة عزرا على شعب اليهود فقط الذين يدينون بشريعة موسى، لذلك نفهم أن عزرا كان مسئولًا دينيًا، لكن كان هناك والٍ من قبل ملك فارس للأمور المدنية، أما عزرا فكان له الاختصاص في الأمور الروحية فقط وهدفه التعليم للشعب وإصلاح أمورهم الروحية.
وَكُلُّ مَنْ لاَ يَعْمَلُ شَرِيعَةَ إِلَهِكَ وَشَرِيعَةَ الْمَلِك،ِ
فَلْيُقْضَ عَلَيْهِ عَاجِلًا،
إِمَّا بِالْمَوْتِ أَوْ بِالنَّفْيِ أَوْ بِغَرَامَةِ الْمَالِ أَوْ بِالْحَبْسِ [26].
أدرك الملك عظمة شريعة إله السماء الكامل من حياة عزرا وسلوكه، لهذا يقدمها عن شريعته، ويعطيها الأولوية. يا للعجب، الملك الوثني يحث رجل الله على تعليم الشعب شريعة إله السماء بكل حزمٍ في غير تهاونٍ.
3. مبارك الرب إله آبائنا
مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلَهُ آبَائِنَا الَّذِي جَعَلَ مِثْلَ هَذَا فِي قَلْبِ الْمَلِكِ،
لأَجْلِ تَزْيِينِ بَيْتِ الرَّبِّ الَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ [27].
أمام هذا العمل الإلهي الفائق والعجيب في قلب الملك الوثني من جهة شعب الله لم يكن لدى عزرا سوى الشكر والتسبيح للرب. لم يجد عزرا ما يعبر به عن يد الله العجيبة والصالحة التي حركت هذا الملك الوثني للعمل بكل إمكانية مادية وسلطان لحساب ملكوت الله، بسخاء شديد وثقة ويقين في الله مع تواضع، إلا أن يقدم هذه التسبحة.
"تزيين بيت الرب": لم تكن رسالة عزرا هي إقامة مبانٍ وزينة للهيكل، فالزينة هنا هي الاهتمام بقدسية البيت وقدسية الشعب مع الكهنة.
وَقَدْ بَسَطَ عَلَيَّ رَحْمَةً أَمَامَ الْمَلِكِ وَمُشِيرِيه،ِ
وَأَمَامَ جَمِيعِ رُؤَسَاءِ الْمَلِكِ الْمُقْتَدِرِينَ.
وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ تَشَدَّدْتُ حَسَبَ يَدِ الرَّبِّ إِلَهِي عَلَيَّ،
وَجَمَعْتُ مِنْ إِسْرَائِيلَ رُؤَسَاءَ لِيَصْعَدُوا مَعِي [28].
جاءت رسالة الملك وتصرفاته تكشف أن ما سيحققه عزرا، إنما هو من يد الرب إلهه الصالحة! يذكر عزرا في إصحاحيّ 7 و8 "يد الله "6 مرات، إذ ينسب كل العمل ليد الله، وليس لنفسه.
من وحي عزرا 7
هيئ قلبي لطلب وصيتك!
* في أرض السبي أشرقت بنور شريعتك على عزرا.
أقمت منه كاتبًا ماهرًا.
يطلب قلبه وصيتك، ويجد فيها لذته.
حفظها في قلبه، وصارت له مرشدًا في غربته.
انعكس بهاؤها عليه،
فنال نعمة عند الملك ومشيريه.
* بوصيتك صار قائدًا لموكبٍ جديدٍ.
يعبر من أرض السبي إلى مدينة أورشليم.
يحمل الكثير من التقدمات،
كما يقود آنية بشرية ثمينة جدًا لديك.
وصيتك قدمت له كل إمكانية.
* وقف في دهشة يتساءل:
ماذا يقدم لك من أجل كثرة احساناتك عليه؟
ليس له إلا أن يقدم ذبيحة الشكر والتسبيح.
ليس له إلا أن يلهج بحبك ومراحمك الفائقة
مبارك أنت يا صانع الخيرات!
|