رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يجب أن يصير التأمل فيما أوحى به للقديسة بريجيتا عن الفضائل والرياضات والأعمال التقوية السامية التي مارستها مريم الطوباوية في مدة حداثتها، كما يظهر من كلماتها الآتي إيرادها التي قيلت للقديسة المذكورة وهي:" أن مريم البتول منذ طفولتها وجدت ممتلئةً من الروح القدس، وبحسبما كانت تنمو في العمر فبحسبه كانت النعمة تنمو فيها متزايدةً، ومنذ ذاك السن الطفولي قد وطدت هي عزمها على أن تحب الله من كل قلبها، بنوع أنه ما كان يصدر على الأطلاق، لا في أعمالها ولا في كلماتها شيء ما يمكن أن يغيظه تعالى، ولذلك قد أحتقرت خيرات الأرض كلها ورذلتها، وكانت تعطي الفقراء الصدقة بمقدار أستطاعتها، وفي مأكولها كانت بهذا المقدار قنوعةً، حتى أنها لم تكن تقتات سوى بتلك الأشياء البسيطة الضرورية التي لا بد منها لقيام الحياة، واذ فهمت فيما بعد من تلاوتها الكتاب المقدس أن الإله القادر على كل شيءٍ نفسه، كان مزمعاً أن يظهر في العالم متجسداً مولوداً من بتولةٍ ليخلص العالم، فقد ألتهب قلبها مشتعلاً بنار الحب الإلهي، أتقاداً هذا حده، بنوع أنها لم تعد تشتهي شيئاً آخر أو تفتكر في موضوعٍ ما سوى في الله وحده، وفيه عز وجل كانت قائمةً لذتها وتعزيتها القصوى، وكانت تهرب من المخاطبات والأحاديث حتى مع والديها ذاتهما، لكيلا تفصلها مفاوضاتها مع البشر عن التفكر الدائم بالله، وكانت عواطفها ومرغوباتها وأشواقها مضطرمةً بزيادةٍ كلية نحو هذا الموضوع، وهو أن توجد هي في الحياة على الأرض، حينما كان مزمعاً أن يظهر في العالم المسيح المنتظر، ليمكنها أن تتعبد لتلك البتول العتيدة أن تلده من أحشائها، وتخدمها كجاريةٍ لها، لأجل أنها تكون أستحقت أن تصير له تعالى أماً.* |
|