مقومات الحب الحقيقى - العامل الأول : النضج بكل معانيه
بالرغم من أن عملية النضج نسبية , و أن الانسان كلما تقدم فى حياته يرى نفسه فى احتياج إلى نضج أكثر و أعمق , إلا أنا نعنى بالنضج هنا تكامل الشخصية فى نموها الجسمى و النفسى و الاجتماعى و الروحى
أ - النضج الجسمى
هذا يتطلب عناية بالبدن منذ الطفولة , و اهتماماً واضحاً من الأم بعمليات التغذية و الصحة و النظافة و كافة العمليات البيولوجية الأخرى فالإنسان الهزيل فى صحته و المريض دائما فى بدنه , و الذى يحمل عاهات مستديمة واضحة قد يتعطل استعداده للحب الحقيقى , لأن الجسم يشارك الروح جميع عمليات الشركة بين الزوجين
و الشاب أو الفتاه التى تعتنى بنظافة و صحة بدنها و تحمى جسمها من العادات الجنسية الرديئة , و ترفض أن تجرح عفة جسدها حرصا على الحياة الزوجية المرتقبة , إنما تمثل نموذجاً طيباً لمن يفهم حياة العفة و يقدّر قيمة النضج الجسمى فى الحب الحقيقى
ب - النضج النفس و الاجتماعى
و هذا يعنى الفطام و الانفكاك من جميع الأربطة النفسية التى تعطل انطلاق النفسية نحو النضج الحقيقى , فالطفل النامى هو الذى تخلص من النرجسية ( التعلق الشديد بذاته و جسمه ) و عقدة اليكترا ( الارتباط النفسى غير السليم بالأم أو الأب ) .. إنه ما أن يصل إلى المرحلة الابتدائية حتى يكون قد أصبح مستعداً للاستقلال الشخصى , حتى إذا جاءت مرحلة المراهقة فإنه يعبرها فى اتزان و هدوء و وعى و بصيرة رافضاً العلاقات العاطفية السطحية , حريصاً على أن يحفظ طاقاته النفسية كذخيرة لازمة للحياة الزوجية المرتقبة
فى الطفولة يقول الطفل إنى أحب لأننى محبوب
و فى المراهقة يقول المراهق إنى محبوب لأننى أحب
و فى النضج يقول الشاب إنى أحب لأننى لا أستطيع إلا أن أحب
إن العجز عن الحب ينبع من فقر الشخصية .. أما الشخصية الممتلئة فى الداخل , و لها سر كيانها الداخلى , الغنية بالتفاؤل و الإيجابية فهذه هى القادرة على أن تحب و تبذل بذلا حقيقيا
جـ - النمو الروحى
المقصود بالنمو الروحى هنا أن يكون الشاب قد تذوق محبة الله و عذوبته , و صارت له شركة مع الرب و فى عشرة يومية و ألفة مستمرة و علاقة تزداد رسوخاً بتوالى الأيام
و علامات هذا النمو أن يكون الشاب واقفاً ضد ذاته و أنانيته مستعد دائماّ للتضحية و البذل , و أن يكون عفيفاً جنسياً قد تغلّب على شهوات الجسد و أهوائه و صارت له الحواس الطاهرة و العين البسيطة و القلب النقى , و أن يكون قادراً بنعمة الله على القيام بعد السقوط و العثرة مستفيداً من العثرة كى لا يسقط ثانية
و هذا النمو الروحى لازم للحب بين الجنسين لأنه الشرط الأول لقيامه و ضمان نقاوته و طهارته و نظافة جوهره
ما الذى يطمئن الشاب أن النداء الداخلى و الإلهام و الانجذاب نحو الآخر هو حب و ليس عشقاً ؟؟ إلا إذا كانت شخصيته لها حياة روحية صادقة , و عندها برهان داخلى أن روح الله يعمل بوضوح , و أن الضمير صادق و مخلص لله و غير منقسم
فالحب الذى ينسكب بالروح القدس فى قلب الشاب هو وحده القادر أن يقدس مشاعره و أفكاره و حواسه و يؤهله لمذبح الزيجة المقدسة و مضجعها الطاهر