وأَورَدَ لَهم مَثَلاً آخَرَ قال: مثَلُ مَلَكوتِ السَّموات كَمَثلِ خَميرةٍ
أَخَذَتها امرأَةٌ، فجَعَلتها في ثَلاثةِ مَكاييلَ
مِنَ الدَّقيق حتَّى اختَمرَت كُلُّها
" خَميرةٍ " فتشير الى مادة تسبب تخميراً فتجعل الخبز الذَّ طعما وأسهل هضما وأوفق صحةً. فالخميرة في واقعها مأخوذة من الدقيق، لكنها تحمل "قوّة الاختمار"، وإذا وضعت في مادة تختلف عنها حوَّلتها كلها حتى صارت مثلها. ولها دلائل رمزية في الكتاب المقدس للشر حيث انها استعيرت في الانجيل للرياء والخبث اذ حذّر يسوع تلاميذه من خَميرَ الفِرِّيسيِّينَ والصَّدُّوقِّيين كما جاء في انجيل متى "ففَهِموا عِندَئذٍ أَنَّه لم يأمُرْهم أَن يَحذَروا خَميرَ الخُبز، بل تَعليمَ الفِرِّيسيِّينَ والصَّدُّوقيِّين" (متى 16: 12) حيث أوضح ذلك بولس الرسول في تعليمه " لْنُعيِّدْ إِذًا، ولكِن لا بِالخَميرةِ القَديمة ولا بِخَميرةِ الخُبْثِ والفَساد، بل بِفَطيرِ الصَّفاءِ والحَقّ" (1قورنتس 5: 8). ومنع الخميرة من ان تكون في تقدمات خيمة الاجتماع والهيكل (خروج 13: 3) لكن متى الإنجيلي استخدم الخميرة لصغر حجمها وكميتها لكن في داخلها مادة فعَّالة تغيِّر كل العجين. فهكذا النعمة في قلب الانسان تحوّل كل صفاته الى صفاتها، ومثلها ملكوت المسيح الذي إذ وضُع بين ممالك العالم يجعلها مثله بواسطة خميرة الانجيل.