منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 19 - 07 - 2022, 11:37 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

من كتاب من هو الإنسان - الحياة



البابا شنودة الثالث


- ما هى الحياة؟



ليست الحياة مجرد أنفاس تتردد، أو قلب ينبض.. لأن هذه هي مجرد الحياة المادية، التي قال عنها معلمنا يعقوب الرسول إنها "بخار يظهر قليلًا ثم يضمحل" (يع14:4)، أو هذه التي قال عنها المرتل في المزمور "الإنسان كالعشب أيامه. كزهر الحقل كذلك يذبل. لأن ريحًا تمر عليه فلا يكون، ولا يعرفه موضعه بعد" (مز15:103،16).
هذه الحياة الجسدية هي فترة غربة واختبار، هدفها الحياة الحقيقية، التي توصلنا إلى الحياة الأبدية.
ما هي إذن الحياة الحقيقية؟ وكيف نحصل عليها؟
إن القديس يوحنا الحبيب في أواخر إنجيله بعد أن سجل معجزات للسيد المسيح انفرد هو ذكرها، يقول".. أما هذه فقد كتبت لكي تؤمنوا بأن يسوع هو المسيح ابن الله الحي. ولكن تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه" (يو31:20).
فما معنى عبارة "تكون لكم حياة"؟
هذه العبارة التي وردت من قبل على لسان السيد المسيح نفسه، حينما قال "..أتيت لتكون لهم حياة، ويكون لهم أفضل" (يو10:10). هؤلاء الذين تكلم الرب عنهم، لهم حياة حسب الجسد. ولكن الرب ما كان يقصدها، إنما كان يقصد حياة من نوع آخر. ونفس المعنى هو ما كان يقصدها رسوله يوحنا. فما هي هذه الحياة؟
واضح أنه ليس كل إنسان بعيش على الأرض، يمكنه أن يعتبر نفسه حيًا. قال الرب لملاك كنيسة ساردس في سفر الرؤيا "إن لك اسمًا أنك حي،وأنت ميت" (رؤ1:3).
إذن فالخاطئ هو إنسان ميت، مهما كانت له حياة جسدانية.
وهكذا قال الآب عن الابن الضال الذي تاب ورجع "أبني هذا كان ميتًا فعاش" (لو24:15). أي كان ميتًا في حالة الخطية، وصارت له حياة في توبته. وبنفس المعنى قال القديس بولس الرسول "كنتم أمواتًا بالذنوب والخطايا" (أف1:2). وأيضًا" ونحن أموات بالخطايا، أحيانًا مع المسيح" (أف5:2).
لقد صارت لنا حياة بالخلاص الذي قدمه لنا المسيح.
إنها الحياة الأبدية التي قال عنها الرب "لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية. ولكن ما هى الحياة الحقيقية التي تكون لنا هنا على الأرض. يقول القديس بولس الرسول في ذلك:
"لي الحياة هي المسيح" (فى21:1).

نعم إن المسيح هو الحياة. ألم يقل لمرثا أخت لعازر "أنا هو القيامة والحياة" (يو25:11). وقال لتلاميذه" أنا هو الطريق والحق والحياة" (يو6:14). وقيل عنه في إنجيل يوحنا "فيه كانت الحياة" (يو4:1).
ومادام المسيح هو الحياة، إذن من يثبت فيه في الحياة، ويكون من الناحية الروحية كائنًا حيًا. وما أعمق ما قاله القديس بولس الرسول في ذلك:
"لكي أحيا لا أنا، بل المسيح يحيا في" (غل20:2).
انتقل إلى معنى آخر للحياة، وهو سكنى الروح القدس فينا، بحيث تكون حياتنا تحت قيادة الروح القدس، كما قيل "الذين ينقادون بروح الله، فأولئك هم أبناء الله" (رو14:8). وقد عبر السيد المسيح عن بعض عمل الروح القدس فينا، فقال "لستم أنتم المتكلمين، بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم" (مت20:10).
أما عن سكنى الروح القدس فينا، فقد قال الرسول "أما تعلمون أنكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم" (1كو16:3).
إذن الحياة الحقيقية هي حياة الإنسان المؤمن الذي هو هيكل الله: المسيح يحيا فيه، والروح القدس يسكن فيه.
وعن علاقة هذا المؤمن بالأب، يقول السيد المسيح "إن أجنبي أحد، يحفظ كلامي، ويحبه أبى. وإليه نأتي، وعنده نصنع منزلًا" (يو23:14). أي أنه يصير منزلًا للأب والابن، وهو هيكل للروح القدس. أي يصير مسكنًا للثالوث. حقًا ما أعمق أن تكون الحياة مع الله هكذا...!!
إن كانت لنا الحياة هى المسيح، فماذا يحدث فينا ولنا؟
مادام المسيح يحيا فينا،إذن ما نفعله، يكون هو ما يفعله المسيح فينا. وهنا ينطبق قول الرسول "لا أنا، بل المسيح".. وحينئذ لا نخطئ (1يو9:3). بل نحيا الحياة الحقيقية. وتكون لنا فيما بعد: الحياة الأبدية، حيث نستطيع أن نأكل من شجرة الحياة (رؤ7:2). ويعطينا الرب إكليل الحياة (رؤ10:2).

- كيف ننال الحياة؟




1- هذه الحياة الحقيقية تبدأ بالإيمان في المعمودية.
حيث نموت مع المسيح، لكي نقوم أيضًا معه. كما قال الرسول "مدفونين معه في المعمودية، التي فيها أقمتم أيضًا معه" (كو12:2) (رو2:6-5). وفى المعمودية يصلب إنساننا العتيق معه، ليبطل جسد الخطية (رو6:6). وبموت إنساننا العتيق، يقوم إنسان آخر جديد شبه المسيح. وفى هذا قال الرسول: "لأن جميعكم الذين اعتمدتم للمسيح، قد لبستم المسيح" (غل27:3).
لبستم البر الذي للمسيح، في الإنسان الجديد الذي قام مع المسيح في المعمودية، ليسلك في جدة الحياة، أي في الحياة الجديدة. وفى المعمودية أيضًا لبستم الحياة في المسيح. وكيف ذلك؟ إن كانت الحياة هي التخلص من الموت، ففي موتكم مع المسيح في المعمودية، تتخلصون من حكم الموت الذي ضدكم، وتدخلون إلى الحياة.






2- وتنالون الحياة الحقيقية أيضًا، بالتوبة.
وفى أهمية التوبة يقول السيد الرب "إن لم تتوبوا، فجميعكم كذلك تهلكون" (لو3:13،5). والهلاك هو فقدان الحياة. وحسنًا قال الكتاب أن "الله أعطى الأمم التوبة للحياة" (أع18:11). وقال "توبوا وارجعوا فتمحى خطاياكم" (أع19:3).
ومادامت أجرة الخطية هي الموت (رو23:6)، تكون التوبة هي طريق الحياة. وفى التوبة يتخلص الإنسان من محبة العالم، عالمًا أن "محبة العالم هى عداوة لله" (يع4:4). و"إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب" (يو15:2). من أجل هذا، تضع الكنيسة في القراءات في كل قداس قول الرسول "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم..لأن العالم يبيد وشهوته معه" (1يو15:2،17).






3-إذن الحياة الحقيقية -تكون من الناحية السلبية- في ترك الخطية. أما من الناحية الإيجابية، فتكون في السلوك بالروح.
وكما قال الرسول "لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع، السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح" (رو1:8). وقال أيضًا "لأن اهتمام الجسد هو الموت، ولكن اهتمام الروح هو حياة وسلام" (رو6:8). إذن فالحياة الحقيقية تكون في الاهتمام بالروح، بحيث نصل إلى هذه القاعدة:

جسد الإنسان بواسطة روحه. وروحه تنقاد بروح الله.
هكذا تكون الحياة الحقيقية. وفى هذا يقول المرتل في المزمور "من هو الإنسان الذي يهوى الحياة، ويحب أن يرى أيامًا صالحة؟ اكفف لسانك عن النطق بالغش. حد عن الشر وافعل الخير. اطلب السلامة واتبعها. فإن عيني الرب على الصديقين، وأذنيه مصغيتان إلى طلبتهم" (مز12:34-15).
ويقول الرب في أواخر سفر التثنية "أنظر قد جعلت أمامك الحياة والخير، والموت والشر.. فاختر الحياة لكي تحيا أنت ونسلك، إذ تحب الرب إلهك وتسمع لصوته وتلتصق به، لأنه هو حياتك" (تث15: 30، 19، 20). مادام الله هو حياتك، فالبعد عنه هو البعد عن الحياة...
إذن لكي تحيا يجب عليك الاهتمام بالروح، والسلوك بالروح، والبعد عن الخطية. لأن الإنسان الخاطئ، ليست له حياة روحية، ولا حياة إلهية أي الشركة مع الله. ولن تكون له حياة أبدية.






4- نقطة أخرى في الحصول على الحياة، وهى التناول من سر الإفخارستيا:
هوذا السيد المسيح يقول: "أنا هو خبز الحياة"، "أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء. إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد. والخبز الذي أنا أعطى، هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم". وقال أيضًا "الحق أقول لكم: إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه، فليست لكم حياة فيكم. من يأكل جسدي ويشرب دمي، فله حياة أبدية، وأنا أقيمه في اليوم الأخير"، "لأن جسدي مأكل حق، ودمي مشرب حق، من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وأنا فيه"، "من يأكلني يحيا بي"، "من يأكل هذا الخبز، فإنه يحيا إلى الأبد" (يو41:6-58).
فهل تتغذى روحيًا بسر الإفخارستيا، وهل تتناول منه باستحقاق؟ متذكرًا قول الرسول إن من يتناول بدون استحقاق"يكون مجرمًا في جسد الرب ودمه "وأنه يأكل ويشرب دينونة لنفسه" (27:11،29).






5- نقطة أخرى في الحصول على الحياة، هي الغذاء الروحي وبخاصة كلمة الله.
وقد قال الرب في ذلك "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله" (مت4:4) (تث3:8)،وقال الرب أيضًا "أعملوا لا للطعام البائد، بل للطعام الباقي للحياة الأبدية، الذي قال عنه الرب "الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة" (يو63:6)..
عندما انفصل بعض تلاميذ الرب عنه، فقال للاثني عشر "ألعلكم أنتم أيضًا تريدون أن تمضوا، حسنًا أجابه القديس بطرس الرسول "يا رب إلى من نذهب؟! وكلام الحياة الأبدية هو عندك" (يو68:6). فاحرص يا أخي أن تتمسك بكلام الحياة...
واحرص أيضًا على كل الوسائط الروحية التي هي سبب للحياة. أحرص على التأمل، والقراءات الروحية، والاجتماعات الروحية، وقراءة سير القديسين التي قال عنها الآباء إنها مثل الماء للغروس الجديد.
أما كلام الله، فلتلهج فيه النهار والليل (يش8:1) (مز2:1)، وتعمل به، وتعلمه لأولادك وتتكلم به حين تجلس في بيتك (تث 6: 6، 7).


- حياة مثمرة




الإنسان الحي هو الذي لحياته رسالة يقوم بها، مهما كانت حياته على الأرض قصيرة. بهذا تصبح حياته منتجة ومثمرة.

لا يهمنا في حياة أولاد الله طولها وإنما عمقها.
يوحنا المعمدان:
كانت حياته في الخدمة حوالي السنة. ولكنه استطاع فيها أن يهيئ الطريق قدام الرب، ويقدم له شعبًا مستعدًا بالتوبة. وبهذا استحق أن يكون أعظم من ولدتهم النساء (مت11:11). واختتم حياته بالاستشهاد وهو يشهد للحق موبخًا الملك هيرودس (مت3:14-12).
اسطفانوس أول الشمامسة:
كان مجرد شماس، لا كاهنًا ولا أسقفا. وكانت فترة خدمته قصيرة. ولكن حياته كانت مثمرة. فما أن وضعت اليد عليه، حتى قيل إن "كلمة الله كانت تنمو، وعدد التلاميذ يتكاثر جدًا في أورشليم، وجمهور كثير من الكهنة يطيعون الإيمان (أع7: 6، 8). وسبب نجاح في حياته أنه كان مملوءًا من الروح القدس والحكمة والإيمان والقوة (أع3: 6،5)، ونال إكليل الشهادة، واستحق أن يرى الرب يسوع قائمًا عن يمين الله (أع55:7). وكان وجهه كوجه ملاك (أع15:6).
فهل حياتك مثمرة؟ وأي عمل لك تستحق عليه إكليلًا؟
هناك من نالوا إكليل البتولية أو إكليل العفة. ومن نالوا إكليل الشهادة. ومن نالوا إكليل الرهبنة أو إكليل الكهنوت. ومن نالوا إكليل البر، أو أنواعًا أخرى من الأكاليل...
فما هو إكليلك أنت؟ إن كان لك ثمر يستحق "تمسك بما عندك، لئلا يأخذ أحد إكليلك" (رؤ11:3)

"لئلا تتزحزح منارتك من مكانها" (رؤ5:2). واستمع إلى قول الكتاب:
"كل شجرة لا تصنع ثمرًا جيدًا، تقطع وتلقى في النار" (مت10:3).
فلتكن حياتك إذن مثمرة للملكوت، وللمجتمع الذي تعيش فيه. مثمرة في حياة الفضيلة والخدمة وليكن ثمرك مستمرًا.

- حياة مستمرة وممتدة





مثل حياة الآباء والقديسين، الذين بعد تركهم لعالمنا الفاني،لا تزال ثمار حياتهم وجهادهم قائمة في الكنيسة ينتفع بها الكل. سواء كانوا نماذج في القدوة الصالحة، أو كانوا أبطالًا للإيمان.
من أمثلة هؤلاء القديسين أثناسيوس الرسولي.
حياته لم تنته بموته، فلا تزال ممتدة عبر الأجيال، في كتاباته اللاهوتية دفاعًا عن الإيمان ضد الأريوسيين.
وحياة القديس يوحنا ذهبي الفم، لا تزال ممتدة تعمل في جيلنا وما سبقنا من خلال عظاته وتفسيراته العميقة للكتاب.
ويعوزني الوقت إن تكلمت عن سير القديسين الذين ظلت ثمار حياتهم تعمل في أجيال طويلة بعدهم مثل القديس كيرلس الكبير، والقديس باسيليوس، والقديس غريغوريوس، والقديس ساويرس الأنطاكي.
كذلك آباء البرية العظام الذين لا تزال حياتهم ممتدة في الرهبنة في كل بلاد العالم، أمثال القديس أنطونيوس الكبير، والقديس باخوميوس الذي وضع قوانين الرهبنة، والقديس بولا أول السواح. هل انتهت حياة هؤلاء بموتهم؟! كلا بلا شك.
وبالمثل أيضًا ما نذكره عن قديسي التوبة.
الذين تركوا لنا مثالًا حيًا عن الرجوع إلى الله بتوبة حقيقية ظلت تنمو حتى وصلت إلى حياة القداسة في عمق، كالقديس موسى الأسود والقديس أغسطينوس والقديسة مريم القبطية، وأمثال أولئك.
هناك قديسون آخرون حياتهم ممتدة فيما يقدمونه لنا من شفاعة ومعونة.
كالقديسة مريم العذراء والقديس مارجرجس وباقي القديسين الذين -على الرغم من مفارقتهم للعالم- لا يزال الله يوفدهم في خدمات معونة يقدمونها للبشر الأحياء على الأرض، أترى هؤلاء قد انتهت حياتهم بتركهم لعالمنا الفاني، أم لا تزال حياتهم ممتدة في أجيالنا وما بعدها؟!
هذه هي فكرة بسيطة عن الحياة الحقيقية التي كانت مثمرة خيرًا على الأرض، وصارت ممتدة بعد رحيلها إلى العالم الآخر. ليتها تكون قدوة لنا جميعًا.


رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
إن الحياة التي يهواها الإنسان ليس المقصود بها الحياة على الأرض
علمتني الحياة.. و علمني كتاب الحياة
من كتاب من هو الإنسان؟ الروح
كتاب الله و الإنسان
سفر الحياة(كتاب سِفْر الحياة الأبدية)


الساعة الآن 04:25 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024