رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
اتكال وصلاة: "أيها الرب إلهي، عليك توكلت، خلصني من أيدي جميع المطاردين ونجني لئلا يخطفوا نفسي مثل الأسد حيث ليس من ينقذ ولا من يُخِلّص" [1-2]. هنا أول مثل في المزامير فيه يذكر اسمين للقدير: "يهوه" (الرب)، و"إلهي". إذ كان داود مضطربًا يتطلع إلى عدوه القاسي كأسد يود أن يمزقه [2]، لهذا يرفع صلاة وتسبيحًا للرب (يهوه) الذي يدخل مع شعبه في عهدٍ لحمايتهم، ويحسب يهوه إله كل الشعب هو إلهه الشخصي (إلهي). وكأن داود المؤمن يقول: "أنت هو رب كل الكنيسة عمومًا، وربي أنا بوجه خاص. أنت هو إلهي، فإلى من غيرك أذهب إذن؟ أنت إلهي وأنا عبدك، لي حق حمايتك لي فأنت درعي وملجأي". الإيمان والصلاة هما مفتاحان بهما تُفتح أبواب مراحم الله؛ وهما الذراعان اللتان بهما يغلب المؤمن في التجربة القاسية ويقهر عدوه الروحي. في وقت الضيق يهرب دائمًا إلى رب كل الكنيسة ليحتمي به، هذا الذي يمنح حصنًا شخصيًا للمؤمن وله القدرة على تخليصه من خصمه الذي يهدده بالقتل. يجد المؤمن في الله كل كفايته وأمانه. وليس شيء أكثر يقينًا ولا أقدر قوة من حماية الله لكل من يلجأ إليه ويتكل عليه. يصرخ داود النبي إلى الرب إلهه من أجل مطاردين كثيرين يريدون البطش به... لكنه يعود فيرى عدوًا واحدًا رئيسيًا، يشبهه بأسد يمزق فريسته [2]. وكراعٍ صغير السن فإن مشهد أسد يمزق حملًا إربًا كان مألوفًا لديه منذ صبوته (1 صم 17: 34-35). الأسد هنا هو الشيطان، الخصم المقاوم لكل البشر. إنه أسد زائر ومشتكٍ، يتهمنا، وهو كذّاب وأبو الكذاب؛ هو الحية القديمة، رئيس سلطان الهواء، إله هذا الدهر، رئيس الظلمة، الروح الذي يعمل حتى الآن في أبناء المعصية، وما من أحد يستطيع الصمود أمامه بقوة، أما حماية الرب فهي الرجاء الوحيد والأخير للخلاص منه. الكلمات التي ينطق بها المرتل هي كلمات شخص هزّه الفزع المميت، فسقط مرتعدًا انقطعت نفاسه وضاق به صدره. وفي ذات الأوان هي كلمات إنسان متمسك بالمشاعر العميقة أنه يجد موضعًا للأمان والحماية في الله الذي يمكنه أن يلقي عليه ثقته ؛ لأن مجد الله هو أن يعين الذين لا عون لهم. بدأ الاضطهاد مع قايين، واستمر على أيدي أشرار كثيرين في أجيال متعاقبة. وها هي الكنيسة تعيش كما عاش دانيال في جب الأسود، التي تزأر على الدوام وتزمجر في كل مكان وزمان، تلتمس أن تقتل الأبرار، لكن نداءنا لله يدخل بنا إلى ملجأ آمن. وسط الضيق الشديد وكثرة المقاومين لم يرى داود النبي إلا ذاك العدو الخطير الذي يريد أن "يخطف نفسه"... لم يخف داود على كرسي المُلك ولا على آلام الجسد التي قد تلحق به وإنما على نفسه لئلا تفقد إيمانها وتخسر أبديتها! لقد خطف العدو نفس آدم الأول وأسرها تحت سلطانه، وظن أنه قادر أن يخطف نفس آدم الثاني، نائب البشرية ومخلصها... لكنه لم يستطع. في البستان صرخ السيد المسيح لدى الآب ليرفعنا إليه وقت الضيق، وإذ دخل الجحيم هزّ أركانه وأخرج نفوس الأسرى. عدو الخير الأسد المزمجر لا يطلب إلا هلاك النفس، ومسيحنا الأسد الخارج من سبط يهوذا مخلص النفوس ومحررها بدمه الثمين! *يقول الرسول: "إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسًا من يبتلعه" (1 بط 5: 8)، لذلك حينما يقول بصيغة الجمع: "خلصني من جميع المطاردين لي"، يكمل بصيغة المفرد، قائلًا: "لئلا يمزق نفسي مثل أسد". إذ لم يقل: "لئلا يمزقوا نفسي في أي وقت". فهو يعلم يقينا من هو عدو النفس الكاملة وخصمها العنيف... إن لم يفتِد الله أو يُخلص ينقضّ الشيطان على فريسته. القديس أغسطينوس |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مزمور كل يوم المزمور السابع |
مزمور 25 - استخدم لفظ "اتكال" في بداية المزمور |
اتكال على الله في الضيق المزمور السادس والخمسون |
المزمور السابع |
المزمور السابع عشر |