إن الخطية الأصلية - ثانياً - الدنس الأصلي. فجميع البشر حُبل بهم وولدوا في الإثم (مزمور 51: 5)، وهم أشرار منذ حداثتهم (تكوين 6: 5؛ مز 25: 7)، لأنه لا أحد يستطيع أن يُخرج الطاهر من النجس (أيوب 14: 4؛ يوحنا 3: 6).
وجرثومة الفساد والتلوث هذه لا تتفشى فقط في البشر كلِّهم، بل تُلوِّث أيضاً الكائن الفرد بكليَّته. فهي تضرب القلب الذي هو أخدع من كل شيء؛ والنجيس (أو الخبيث أي المصاب بمرض لا شفاء له)، والذي لن يُسبر غَوْرُ فساده (إرميا 17: 9)، والذي بوصفه نبع مخارج الحياة (أمثال 4: 23) هو أيضاً نبعٌ لكلِّ إثم وشر (مرقس 7: 21 و 22). وإذ ينبع هذا الفساد من القلب كمركزٍ له، يُغشي الفهم بالظلام (رومية 1: 21)، وينحرف بالإرادة نحو الشر ويجعلها عاجزة عن فعل ما هو صالحٌ حقاً (يوحنا 8: 34؛ رومية 8: )، ويدنِّس الضمير أو ينجسه (تيطس 1: 15)، ويجعل الجسد سلاح إثم بكامل أعضائه، من عينين وأذنين، ويدين ورجلين، وفم ولسان.. (رو 3: 13 – 17؛ 16: 13). فهذه الخطية هي على حال تجعل كل إنسان خاضعاً للموت والفساد، لا بسبب ما يُدعى خطاياه "الفعلية" بالدرجة الأولى، بل منذ الحبل به (رو 5: 14). إذ إن جميع البشر قد ماتوا حقاً في آدم (1 كورنثوس 15: 22). ومهما بدا لنا الآن هذا المفهوم للخطية الأصلية صعباً، فإنها تقوم على أساس قانونٍ يتحكم في كامل الحياة البشرية ولا يستطيع أحدٌ أن ينجح في إنكار وجوده، ولا أحدد يُبدي تجاهه أي اعتراضٍ ما دام يعمل لمصلحته.