ما لَنا ولكَ يا يَسوعُ النَّاصِريّ؟ أَجِئتَ لِتُهلِكَنا؟ أَنا أَعرِفُ مَن أَنتَ: أَنتَ قُدُّوسُ الله" (مرقس 1: 24)، ويسوع منعه من التكلم،
وقام يسوع بإسكاته على الفور؛ ويعلق القديس يوحنا الذهبي الفم" لم يدع المسيح الشياطين أن يعترفوا به لأنه لا يليق أن يغتصبوا حق الوظيفة الرسولية. كذلك لا يجوز أن يتكلموا بألسنة نجسة عن سرّ المسيح الفدائي، نعم يجب ألا تصدق هذه الأرواح الشريرة حتى ولو تكلمت صادقًا، لأن النور لا يُكشف بمساعدة الظلام الدامس، كما أشار إلى ذلك رسول المسيح بالقول أَيُّ صِلَةٍ بَينَ البِرِّ والإِثْم؟ وأَيُّ اتِّحادٍ بَينَ النُّورِ والظُّلْمَة؟ وأَيُّ ائتِلافٍ بَينَ المسيحِ وبَليعار؟ (2 قورنتس: 5: 14-15).
لان هناك سرٌّ لا يريد يسوع الناس ان يعرفوه. غير ان الناس "أَخذوا يَتَساءَلون: ما هذا؟ إِنَّهُ لَتعليمٌ جَديدٌ يُلْقى بِسُلْطان! حتَّى الأَرواحُ النَّجِسَةُ يأمُرُها فَتُطيعُه! فدَهِشوا" (مرقس 1: 27). ان الوحي السابق لأوانه كما أراد الشيطان افشاءه هو أفضل وسيلة لإفشال الإنجيل وهوية المسيح التي لا تُفهم الا في خبر الآلام، وفي خارج هذا الإطار ستفهم هوية المسيح في معنى سياسي معادٍ للرومان، والسيد المسيح كان لا يريد في البداية الإعلان عن أنه المسيح المنتظر حتى لا تحدث ثورة سياسية، إذ يظن الشعب خطأ أنه جاء ليُحرِّرهم من الرومان. وهذا التفسير خاطئ لنوايا يسوع ومسيرة حياته.
حيث انَّ الإيمان المُعلن في بداية إنجيل مرقس لا يمكن إعلانه الا بعد الآلام والقيامة، وإذا أُعلن قبل ذلك، نكون قد ضللنا الطريق التي تقود الى المسيح، ابن الله القدوس.