رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الكنسية القبطية في ظل الدولة الأيوبية تولى صلاح الدين يوسف كرسي الوزارة 1161 م، وكان مسلمًا متدينًا، إلا أنه ضايق الأقباط كثيراَ، فأمر بطردهم من العمل في دواوين الحكومة وأن يعلقوا أجراسًا في أعناقهم، وأمر بنزع الصلبان الخشب من فوق قباب الكنائس. ولما كان من عادة المسيحيين أن يزفوا الصليب في عيد أحد الشعانين في الشوارع في كل بلدة وكل مدينة منعهم من هذا، وأمرهم بأن تكون أصواتهم منخفضة في الصلوات في الكنائس كان هذا مما حرك بعضًا من المسلمين إلى معاملة المسيحيين معاملة سيئة واغتصبوا بعض الكنائس. ولما تولى صلاح الدين السلطنة سنة 1171، وفي أثناء انشغاله بالحروب الصليبية (حروب الفرنجة) في سوريا أراد ملك النوبة أن ينتهز الفرصة ويستولى على مصر، فوصل أسوان وأسر كثيرًا من المسلمين، فسير صلاح الدين إليه جيشًا حاصر قلعة دير أبريم وفتحها عنوه وخلص الأسرى ونهب المدينة وقتل أكثر سكانها وأسر أسقفًا وطالبه بمال كثير وكان أثناء حروب صلاح الدين في الشام أن أناب عنه وزيره بهاء الدين أحد خصيانه السود، فرأى هذا الخصي أن يرمم أسوار المدينة فساق إليها المصريين مسلمين ومسيحيين معا ليشتغلوا في هذا العمل، فنقم عليه الجميع، وصار الأولاد يمثلونه في الشوارع ويلقبونه باسم قراقوش، ولا يزال هذا الاسم يستعمل للظالم للآن. وقد تعمد هذا الوزير مضايقة الأقباط، فما كان منه إلا أنه رفت كل موظف قبطي من دوائر الحكومة إلا من أسلم، ثم عاد فأرجعهم إلى أعمالهم لما استحالت دوائر العمل في الدواوين على أن تدور، بل أن السلطان نفسه لما تحقق من أمانتهم اتخذ له منهم كاتبا خصوصيًا من عائلة قديمة شريفة تعرف بعائلة شرافي، وكان أبوه من مشاهير رجال الحكومة أيام الماضي، وكان يسمى بأبي العالي، ومنحة صلاح الدين لقب الشرف والرئاسة وسماه بالشيخ الرئيس صفى الدولة بن أبي العالي، وكان محبوبا، وظل في خدمته إلى أن مات. وكان الأرمن الذين هاجروا من مصر قد تركوا كنيسة لهم بالفسطاط، أنعم بها صلاح الدين على فقيه دمشقي يسمى بهاء الدين فطلبها صفى الدولة هذا لتكون للأقباط فأعطاها لهم صلاح الدين، ولما تحقق صلاح الدين من إخلاص الأقباط وهبهم أعظم مكان وهو دير السلطان. بانتصارات صلاح الدين المتكررة على الصليبيين وتعاون الأقباط معه في صنع هذا النصر مثل عيسى الغواصي الذي كان يغوص بالقرب من سفن الصليبيين ويتعرف على أخبارهم ويبلغها إليه مما كان سببا مهما في النصر عليهم وسقوط مدينة القدس في يد صلاح الدين في عام 1187. تغيرت نفسية الأمويين وأصبحوا أكثر تسامحًا مع الأقباط ومنحهم دير السلطان هذا وهو مكان قريب وملاحق للأراضي المقدسة بالقدس، وهذا الدير هو الدير الوحيد الذي لا يحمل اسم أحد القديسين كما هو معروف عن الأديرة القبطية. كما أعاد صلاح الدين الكثير من الأقباط إلى وظائفهم العليا في الدولة، كما استرد أقباط آخرون أموالهم وممتلكاتهم التي كانوا قد فقدوها بطريقة أو بأخرى. وهذا يدفعنا إلى التساؤل: كيف عامل صلاح الدين الأقباط بسوء أول الأمر، أهي داعية من دواعي الأمن، أم دسيسة من مريض نفسي دسّها عليهم عنده وتبين بعدها الرشد من الغِيّ؟! فهناك موقف له أن نور الدين صاحب صلب ودمشق كتب يومًا إلى الخليفة العباس يقول له: "إن المسلمين حكموا خمسمائة عام ولم يسيئوا للنصارى، أما الآن وقد انصرفت هذه الأعوام، يجب ألا يبقى هؤلاء النصارى في الإمبراطورية الإسلامية، ومن لا يُسْلِم منهم يُقْتَل".. لكن الخليفة كان مسلمًا تقيًا عارفًا بدينه فكتب يقول له: "إنك لا تفهم تمامًا أقوال النبي من أن الله أعلى لا يأمرنا أن تقتل من لم يرتكب سوءًا". وهناك موقف آخر لصلاح الدين مع نصارى القدس بعد أن فتحها ووجود أسرى.. فكان عليهم إن أرادوا فَكّ هذا الأَسْر أن يدفعوا الجزية الحربية، أما النصارى من أهل القدس الذين ليسوا من الفرنجة فقد طلبوا من صلاح الدين أن يمكنهم من الإقامة في مساكنهم على أن يدفعوا الجزية فأجابهم إلى طلبهم.. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
حقوق الكنسية الغربية تجاه الدولة الرومانية |
موقف المماليك من الكنسية القبطية |
الكنسية القبطية في نهاية العصر الفاطمي |
الكنسية القبطية |
سلسلة المتابعة اليومية للقراءات الكنسية القبطية الارثوذكسية |