رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما السبيل الى الوحدة المسيحية؟
"احْفَظْهُمْ فِي اسْمِكَ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا نَحْنُ"... "أَنْتُمْ أَحِبَّائِي إِنْ فَعَلْتُمْ مَا أُوصِيكُمْ بِهِ"... "لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي" (يو 17: 21). "بمناسبة أسبوع الصلاة من أجل الوحدة المسيحية". هذا التقليد السنوي العالمي الذي يجمع الكنائس المسيحية، الكاثوليكية والارثوذكسية والبروتستانتية، من 18 الى 25 كانون الثاني، في صلاة موحدة من اجل الوحدة. إنها مناسبة ودعوة أطلقتها كنائس العالم منذ أكثر من 100 عام إلا أن الإعلان عن الوحدة ما يزال حلم يراود المؤمنين المجتمعين باسم الرب يسوع لتحقيق هذا الهدف. منذ أن تأسست كنيسة المسيح على إيمان بطرس الذي نطق به "أنت هو المسيح ابن الله الحيّ"، كلف الرب يسوع بطرس الرسول باستلام مفاتيحها وتنظيم الحياة الروحية لمؤمنيها والإدارية في صلاحيات الحل والربط، هكذا كانت البداية التي أوردها التعليم الكتابي والى يومنا وكما يلي: "وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟ فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَقَالَ: أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ، فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ، لكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا، وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاوَاتِ، وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاوَاتِ حِينَئِذٍ أَوْصَى تَلاَمِيذَهُ أَنْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ إِنَّهُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ" (مت 16:16، 20). أولاً: أنت الصخرة وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي، كنيسة المسيح التي هو رأسها (1) يصف لوقا البشير وحدة المسيحيين الأوائل في اورشليم، بهذه الكلمات "وَكَانَ لِجُمْهُورِ الَّذِينَ آمَنُوا قَلْبٌ وَاحِدٌ وَنَفْسٌ وَاحِدَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَقُولُ إِنَّ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِ لَهُ، بَلْ كَانَ عِنْدَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مُشْتَرَكًا" (أع 4: 32)، هذا ما امتازت به الكنيسة الاولى بأفرادها وجغرافية الانتشار، وبالشهادة لقيامة المسيح والصلاة والمواظبة على تعليم الرسل، عليه نحن مطالبين ان نتمثل هذا التعليم من أجل اعادة وحدة الكنيسة وديمومة حضورها بجميع مؤمنيها، ولكن بعد المجمع الروحي نيقية 20 مايو 325 (2). بدا مجتمعنا المسيحي بالانقسام والتشظي متنافسين في فهم وتفسير ما أعطاه لنا الرب يسوع من تعليم، متجاوزين به ما أكده التعليم الكتابي بحسب بولس الرسول الذي قال لنا فيه: "وَلكِنَّنِي أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنْ تَقُولُوا جَمِيعُكُمْ قَوْلًا وَاحِدًا وَلاَ يَكُونَ بَيْنَكُمُ انْشِقَاقَاتٌ بَلْ كُونُوا كَامِلِينَ فِي فِكْرٍ وَاحِدٍ وَرَأْيٍ وَاحِدٍ" (1 كو 1: 10). واستمر ذلك وصولا الى ما يُسمّى بانشقاق الشرق والغرب، أو انشقاق العام 1054، هو انقسامٌ أصاب المسيحية ويُعرف الى الآن باسم الكنيسة الرومانية الكاثوليكية والكنيسة الشرقية الأرثوذكسية، والى يومنا. يُعتبر هذا الانقسام هو الذي اسس للخلافات اللاهوتية والسياسية بين الشرق والغرب المسيحي، والذي تعمّقت هوّته خلال القرون المتعاقبة، ولكن... منذ ذلك اليوم وهناك محاولات التقارب بين الكنيسة الشرقية والكنيسة الغربية، لا تزال مستمرة، لكنها لم تسفر عن أي جديد، فهل تشهد السنوات المقبلة، عودة جديدة تضم كنائس المسيح تحت راية واحدة! ثانيًا: كيف تمكّن المؤمنين من استيعاب هذا الانقسام ثم شرعوا بالعمل؟ على مناقشة الخلافات والدعوة والمطالبة بإنهائها والعودة الى كنيسة واحدة جامعة مقدسة رسولية كما وردت فيما يدعوا اليه قانون الايمان وفقا لرؤيا الزمان والمكان الذي حدثت فيه فضلا عن استحداث آليات تؤدي الى التقارب بعيدا عن العصبية التمييز ويمكن ان يكون ذلك وفقا لما يأتي: أعطانا الرب يسوع تعليما وارشادا روحيا وكأنه يعلم ما سيصيب الكنيسة من جراح نازفة وانقسام لغايات وحجج يتم صناعتها كي تكون اداة الاجتهاد والاختلاف ويتم التأكيد عليها بحسب الرؤيا وتفسير لاهوتي ويتم تسويقها في حياة الكنيسة بدعوى انها تمثل أصول العمل المناسب عبر كنائسنا المختلفة التي كانت ضحية لهذا السلوك الروحي الذي أدى الى الفرقة والانقسام والى التمايز الذي نحن بصدده. ولقد طلب الرب يسوع لأجل كنيسته من الآب ان تكون الكنيسة في علاقتها الداخلية كالعلاقة بين الآب والابن، وكرره في صلاته وهذا هو ما يمثل وحدة الكنيسة ومؤمنيها ملتصقين بالثالوث الاقدس الذي يحمل وحدة فريدة في ذاته بالمحبة وليجد كل واحدٍ منا موضعًا فيه. واستنادا الى ما تقدم كانت هذه التراكمات التاريخية ولإرادات وشخوص كنسية التي لعبت أدوارا في التفسير والسيادة الروحية والجغرافية بأحكامها المسبقة، وهذا الانقسام هو الذي افضى الى ان نكون ضعفاء أمام شهادتَنا المسيحية في مجتمعاتنا المتنوعة التي نعيش فيها. وعلى سبيل المثال ما يعاني منه مسيحيو الشرق الأوسط والعراق والذين هم من اصوله ومكونه الأساسي، من ظروف صعبة عاشوها ويعيشوا واثارها قائمة الى يومنا من اضطهاد وتهجير وتمييز وتهميش، وقتلى ومخطوفين، وبأثر ذلك لا يزال المسيحيين في المنطقة خائفين وقلقين من المجهول القادم، فضلا عن اننا نحن المنتمين الى كنائسنا المختلفة في عالم اليوم، نعاني من اثار ذلك الانقسام، ولقائنا جميعا قد يكون فيها من الصعوبة، وحتى بدعوتنا للروح القدس ليحل ببركته علينا دون ان يكون قد اختصت به جماعة بعينها، هذه رؤيا لواقع يجب تغيره وان استمر فنحن الى زوال لذلك يجب اتخاذ التدابير الانسانية لترميم خواطر ما موجود من المخلصين للكنيسة وهم الاغلبية الصامتة التي يمكن ان نكون نحن المتنفس لهم في التعبير عن ما يحملونه من محبة ومستعدين لخدمة كنيستهم وفدائها.... المجد لمن يحافظ على تاريخ كنيسة المسيح ويعيد وحدتها لامعة حاضرة في حياتنا ومستقبلنا وبكل ما يحمله التعليم والارشاد الذي يساعدنا في القراءة لحياة الوحدة من جديد. ثالثًا: يا رب حقق وحدة كنيستك ما هي الوحدة في جانبها النفسي والمطلوب اعادتها في هذا الزمان والمكان. الوحدة هي تعدُّد مختلِفٌ يتكامل، يعني تعدد واختلاف، واذا كان غير ذلك فلا داعي لهذه المناداة المستمرة للوحدة في كنيستنا رغم ذلك فالاختلاف الذي يستحضره البعض من أعضائها لكي يكون ذريعة لاستمرار الفرقة والتشظي لكنيسة واحد كما أسس لها المسيح، وبظهور مجموعة كبيرة من الكنائس، الكل لديه اتباعه ومؤيديه وهنا ذهبنا الى مشكلة جديدة هي من يمثل من، اذا اردنا الوحدة اذ لا يمكن لكنيسة واحدة ان تمثل الكل المختلفً في المكان الذي نشاءة فيه، ولكي تنسجم مع الكنائس الاخرى والعمل معها، سيظهر لنا ما يأتي: 1- لا يمكن للكنائس ان يكونوا نسخًة واحدة بعد ما يقارب اكثر 1000 عام: ومتماثلة ذلك يلغي وظائفها، أي يلغي علَّة وجودها في الزمان والمكان الذي تكونت فيه، أي يلغي وجودها، ككنائس مختلفة بعد كم من السنين التي قضتها فيه. 2- ظهور ألانا في حياة الكنيسة وضرورة التخلي عنها لصالح المجموع: ذلك يعني الكثير أذ لابد أن يؤدي الى اختصار أنا الكنيسة لصالح الكلِّ دون أن يلغيها، وبذلك تُحقِّق الأنا ذاتَها في إطار الكل. وبعض الانا في الكنيسة الان متضخِّمة متكبرة لا تعمل لصالح الكل، لأنها لا تعترف بالكل، بل لصالح ذاتها وحسب، والانا التي لا تعمل تفقد ذاتها كالغصن الذي لا يعمل لصالح الشجرة يُقطَع ويُلقى في النار، كما قال الرب يسوع المسيح معبِّرًا عن الوحدة، "أَنَا الْكَرْمَةُ الْحَقِيقِيَّةُ وَأَبِي الْكَرَّامُ. كُلُّ غُصْنٍ فِيَّ لاَ يَأْتِي بِثَمَرٍ يَنْزِعُهُ، وَكُلُّ مَا يَأْتِي بِثَمَرٍ يُنَقِّيهِ لِيَأْتِيَ بِثَمَرٍ أَكْثَرَ. أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ الْكَلاَمِ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ. اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ. كَمَا أَنَّ الْغُصْنَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَرٍ مِنْ ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْكَرْمَةِ، كَذلِكَ أَنْتُمْ أَيْضًا إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ. أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ، لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا. إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَثْبُتُ فِيَّ يُطْرَحُ خَارِجًا كَالْغُصْنِ، فَيَجِفُّ وَيَجْمَعُونَهُ وَيَطْرَحُونَهُ فِي النَّارِ، فَيَحْتَرِقُ" (يو 15: 1-6). وفي موضع آخر في الكتاب المقدس يشير بولس الرسول في رسالته الى اهل كورنثوس الاولى بقوله: "فَقَدْ بَلَغَنِي عَنْكُمْ، يَا إِخْوَتِي، عَلَى لِسَانِ عَائِلَةِ خُلُوِي، أَنَّ بَيْنَكُمْ خِلافَاتٍ. أَعْنِي أَنَّ وَاحِداً مِنْكُمْ يَقُولُ: أَنَا مَعَ بُولُسَ وَآخَرُ: أَنَا مَعَ أَبُلُّوسَ، وَآخَرُ: أَنَا مَعَ بُطْرُسَ، وَآخَرُ: أَنَا مَعَ الْمَسِيحِ فَهَلْ تَجَزَّأَ الْمَسِيحُ؟ أَمْ أَنَّ بُولُسَ صُلِبَ لأَجْلِكُمْ، أَوْ بِاسْمِ بُولُسَ تَعَمَّدْتُمْ" (1كور 1 :11-13). هذا السؤال الذي ورد على لسان بولس الرسول من سيجيب عنه في حاضرنا وعبر الدعوات المتنوعة للوحدة، وهنا اوضح وأقول يالها من مفارقة ان يكون بولس الرسول نفسه يوجه الينا هذا السؤال اليوم وما اشبه ذلك بالأمس حين يتنبأ بولس الرسول لما سيحدث بعد اكثر من 2000 عام عن وجود خلاف عقائدي بين اغصان كنيسة المسيح في مضمونه من ينتج ثمارا اكثر وبنوعية افضل؟ 3- الوحدة التي نبتغيها ليست وحدة الكراسي وانما وحدة الروح، وحدة القلب، وحدة العمل...: كل كنائسنا هي اغصان مثمرة في شجرة جميلة مزدهرة أشرف على سقيها وتغذيتها الرب يسوع المزارع المجتهد الذي اعطانا التعليم الروحي لديمومتها حية وقوية لا تقوى عليها أبواب الجحيم هكذا هي كنيسة المسيح برتبها وطقوسها ونظامها نريدها ان تتوحد وتصير كنيسة واحدة ليس بمفهومنا البشري من حيث الطقوس والليتورجيات بل وحدة تتألق فيها بجمال هذا الاختلاف والتمايز في الكل الذي يشكل الواحد، كما أسسها بطرس الرسول. 4- تستمر الدعوة بالمجد لمن ينادي بتحقيق الوحدة المسيحية: أقول لنجعلها واقع يجب أن يعيشه الجميع وان تكون إشارة البشير يوحنا، “لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي، وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ.” (يو 17: 22،21). ونحن اليوم بأمس الحاجة الى الصلاة من أجل الوحدة بعد الفي عام ونيف من الجهد لألاف اللاهوتيين والمفكرين الذين عملوا من اجل الحفاظ على البشارة وايصالها الينا مع اباء الكنيسة والعاملين فيها وان نكون جميعا مع الرب يسوع في الصلاة إلى الآب من أجل الوحدة والرجاء. 5- من الحكمة أن نبحث عن الوحدة في احترامنا لبعضنا بعضًا وأن نقبل بعضنا: بالمحبة والالتقاء والتعاون والتحاور، وان نكون عابرين للطائفية المنغلقة لكي نكون محققين لوحدة الكنيسة التي أسسها يسوع، "وحمل هموم وحاجات الكنيسة البشرية وهموم بعضنا بعضاً مذكرين الجميع دائمًا بأهمية الصلاة في حياة الكنيسة وحياة كل مؤمن" هذا ما يذكرنا به الارشاد الرسولي الذي يدعونا للوحدة دائما مع الاب، فالصلاة لها مفاعيل عظيمة في قلب موازين الحياة برمتها... فليصلي الواحد من اجل الاخر لتكتمل مشيئة الاب بأن يكونوا بأجمعهم واحدًا... وان نستمع الى من يدعوهم الى سماع صوت صارخ في البرية أعيدوا الكنيسة الى وحدتها. 6- لم تتحسن العلاقات بين المختلفين زمنيا والى وقت قريب: في القرن الماضي (العشرين) ولتحقيق تقدم في معالجة بعض الاختلاف. أدى الحوار بين الفرقاء وتبني مجمع الفاتيكاني الثاني في روما الإعلان المشترك الكاثوليكي الأرثوذكسي لعام 1965 وحفل خاص في القسطنطينية. اعترف بالإعلان بصحة الأسرار في الكنائس الشرقية وباستمرار المصالحة بين الكنيستين. 7- والوحدة يجب ان تكون مبنيّة على المحبة: وعلى الروح والايمان، والمحبة تحترم ولا تُذوِّب الخصوصيِّات فيها، تجمع ولا تُفرِّق، تقرب ولا تبعد، تتفهم كل شيء ولا تُسقط أي شيء والتعليم التالي يشير: "الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَتَفَاخَرُ، وَلاَ تَنْتَفِخُ، وَلاَ تُقَبِّحُ، وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا، وَلاَ تَحْتَدُّ، وَلاَ تَظُنُّ السُّوءَ، وَلاَ تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ، أَمَّا الآنَ فَيَثْبُتُ: الإِيمَانُ وَالرَّجَاءُ وَالْمَحَبَّةُ، هذِهِ الثَّلاَثَةُ وَلكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ الْمَحَبَّةُ" (1 قو 13: 4، 8). رابعًا: ما الدروس المستفادة من السير في الطريق الى الوحدة المسيحية؟ 1- مسار الوحدة يمثل انتماء جدّي يبدأ منا أولا من خلال نظرتنا الى الآخر وكنيسته، كيف أراها ما هو مستقبلنا معا هل أعرف ماذا يريد الله لحياتنا وهل كلمته ما زالت توقد فينا المحبة والمصالحة رغم كل المنحنيات والطرق الضيقة فيها. 2- حديثنا عن الوحدة لابد ان يكون متلائما مع الحداثة والتقدم المعرفي الذي تحصل عليه البشر وأن تبقى نظرتنا للوحدة علامة تضيء مستقبلنا، في الزمان والمكان وبعون من الروح القدس، للوصول نحو الهدف الذي ورد في التعليم الكتابي عنها. 3- أن تكون الوحدة في عمق الانتماء إلى المسيح، وليست في الظاهر التي يراها البعض في العادات وشكل الأصوام والأعياد والطقوس، وهذا يدعونا لمراجعة التراث المسيحي ونتفحصه ونجدّد ما يجب ان يتلاءم منه مع الحاضر حتى تصبح كنيستنا مليئة بالثمار، "مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ. هَلْ يَجْتَنُونَ مِنَ الشَّوْكِ عِنَبًا، أَوْ مِنَ الْحَسَكِ تِينًا؟ هكَذَا كُلُّ شَجَرَةٍ جَيِّدَةٍ تَصْنَعُ أَثْمَارًا جَيِّدَةً" (مت 7: 16-18). وليس من شعاراتهم نعرفهم. وفي الختام لنصلي جميعنا ونقول يا رب اجعلنا أن نشعــر بالألم لانقسامنـا وامنحنا يــا ربّ أن نجتمــع كلّنـــا فيــــك، بــلا انقطاع للصلاة من أجل الوحـدة المسيحيّة، كمــا تريـدها أنتَ، ولنجــد فيـــك أيهــــا المحبّــــة الكــاملـــة الطريـــق الذي يقـــود إليها. وبارك يا رب كنيستنا واجعلها جامعة مقدسة رسولية واحفظ العاملين فيها، واعطي القوة لرؤسائها كي يعيدوا وحدتها خدمة لنا ولأجيالها القادمة... الى الرب نطلب. ------------- (1) فأجاب سمعان بطرس وقال: أنت هو المسيح ابن الله الحي، هو المسيا الذي كان اليهود ينتظرونه مخلصًا تعني الممسوح من الله، وما قاله الرب يسوع لبطرس (أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي لم يبني المسيح كنيسته على إنسان مهما كان هذا الإنسان. ولكن معنى الكلام أن الكنيسة ستؤسس على إيمان بطرس الذي نطق به أن المسيح هو ابن الله الحيّ. وبإتحادنا به خلال المعمودية نصير أولاد الله، وندخل إلى العضوية في الملكوت الروحي الجديد وننعم بحياته فينا. بطرس تعني صخرة مُشتقة عن اليونانية Petra بترا، فالمسيح أسس كنيسته على صخرة الإيمان إذا لأن الصخرة التي تُبْنَى عليها الكنيسة هي المسيح نفسه "وَجَمِيعَهُمْ شَرِبُوا شَرَابًا وَاحِدًا رُوحِيًّا، لأَنَّهُمْ كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ صَخْرَةٍ رُوحِيَّةٍ تَابِعَتِهِمْ، وَالصَّخْرَةُ كَانَتِ الْمَسِيحَ" (1كو 4:10). والمسيح هو حجر الزاوية "لِذلِكَ يُتَضَمَّنُ أَيْضًا فِي الْكِتَابِ: هنَذَا أَضَعُ فِي صِهْيَوْنَ حَجَرَ زَاوِيَةٍ مُخْتَارًا كَرِيمًا، وَالَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لَنْ يُخْزَى" (1 بط 2: 6). وراجع تفسير الآيات (تث 31،4: 32). هو الصخر الكامل صنيعه = كلمة صخر في العبرية هي "تسور" وهي تُترجم عادة صخر ولكنها أيضًا تعني أصل / مصدر / نبع / السبب الأول. وهذه كلها تُفيد معنى الخالق لذلك تعنى في هذه الفقرة "هو الخالق الكامل صنيعه" على أن الترجمة صخرة مناسبة أيضًا لأنه يحتمي فيها المسافر في الصحراء من العواصف وقد ترجمتها السبعينية ثيئوس θεός أي الله). أبواب الجحيم لن تقوى عليها = أبواب الجحيم هي إشارة لِقُوَى الشر وهذه لن تنتصر على الكنيسة، بل ولا الموت قادر أن يسود على المؤمنين، بل هم سيقومون من الموت في الأبدية ( هذا إذا كان إيمانهم صحيحًا كإيمان بطرس) وتشير أيضًا إلى الكنيسة التي يقودها المسيح هي كنيسة بصلواتها وتسابيحها تهاجم أبواب الجحيم، تهاجم الشيطان الذي هزمه المسيح، والكنيسة تكمل عليه. وأعطيك مفاتيح.. "اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاءِ، وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاءِ" (مت 18: 18). فالمسيح أعطى لكنيسته سلطان الحل والربط وغفران الخطايا وإمساكها، القبول في شركة الكنيسة أو إخراج وفرز المخالفين من الشركة المقدسة، لذلك حرص المسيح ألا ينتشر خبر أنه المسيا حتى لا يفهم الشعب أنه آتٍ ليحارب الرومان لذلك كان يوصي تلاميذه ألا يقولوا أنه المسيا، وأيضًا المرضى وكل من أخرج منهم شياطين أمرهم ألا يقولوا لأحد، وانتهر الشياطين حتى لا تقول وتتكلم وتكشف هذه الحقيقة أمام الجموع (لو 41:4) لأن الجموع كان لها مفهوم سياسي وعسكري لوظيفة المسيا. ولكن حينما أعلن بطرس أن المسيح هو ابن الله فرح المسيح وطوبه، لكنه وجه تلاميذه للفهم الحقيقي السليم للخلاص، وأن هذا لا يتم بالانتصار على الرومان، بل بموته وقيامته "مِنْ ذلِكَ الْوَقْتِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يُظْهِرُ لِتَلاَمِيذِهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَأَلَّمَ كَثِيرًا مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومَ" (مت 16: 21)، إذًا نفهم أن المسيح يود أن يعرف الناس حقيقته، ولكن ليس كل واحد، بل لمن له القدرة على فهم حقيقة الخلاص. (2) مجمع نيقية الأول، أو المجمع المسكوني الأول، هو أحد المجامع المسكونية السبعة وفقًا للكنيستين الرومانيّة والبيزنطيّة وأحد المجامع المسكونية الأربعة. سُمي مجمع نيقية بهذا الاسم نسبة إلى مدينة نيقية التي عُقد فيها، وهي العاصمة الثانية لولاية بيثينية وتقع في الشمال الغربي لآسيا الصغرى. حضر افتتاح المجمع الإمبراطور قسطنطين الأول وبدأ مجمع نيقية جلساته في 20 مايو 325، ولا يعرف بالضبط عدد من حضره من الأساقفة، ولكن يُعتقد أن العدد تراوح بين 250 إلى 318 أسقفًا معظمهم من الشرق (يعود عدد الأساقفة الـ318 إلى ما بعد السنة 360). وقد عُقد المجمع بناء على تعليمات من الإمبراطور قسطنطين الأول لدراسة الخلافات في كنيسة الإسكندرية بين آريوس واتباعه من جهه، وبين الكسندروس الأول وأتباعه من جهة أخرى، حول طبيعة يسوع هل هي نفس طبيعة الرب أم طبيعة البشر. د. طلال فرج كيلانو - هولندا |
|