لِما كان على يسوع أن يتمِّم القصد الإلهي، أراد أن يشابه إخوته في كل شيء، لكي يختبر شقاء هؤلاء الذين جاء ليُنقذهم، لذا اتّسمت كل تصرفاته بالرحمة الإلهية، ولقد اهتم لوقا الإنجيلي اهتماماً خاصاً بتوضيح هذا الجانب حيث أن الفقراء هم المُفضَّلون إلى قلب يسوع (لوقا 4: 18، 7: 22)، ويجد الخطأة فيه "صديقاً" لهم (لوقا 7: 34)، وهو، من ناحيته، لا يخشى معاشرتهم (لوقا 5: 27 و30، 15: 1-2، 19: 17).
هذه الرحمة التي يُبديها يسوع بصفة عامة نحو الجموع (متى 9: 36، 14: 14، 5 9: 32)، تتميز في إنجيله بطابعها الشخصي. فنراه تارة يصنع رحمة نحو أرملة نائين الثكلى في "ابنها الوحيد" (لوقا 7: 13)، وتارة نحو هذا الأب المفجوع في ابنه (لوقا 8: 42، 9: 38 و42). وأخيراً، يعامل يسوع المرأة والغريب معاملة تتميز بالرحمة. ويصل الطابع الشامل للرحمة إلى كماله " وكُلُّ بَشَرٍ يَرى خَلاصَ الله" (لوقا 3: 6).