4- يوحنا المعمدان كان يرى أن واجبه هو أن يشهد للحق. فشهد للحق وقال لهيرودس الملك "لا يحل لك" ولم يهتم بعد ذلك إلى أين يذهب: إلى السجن، إلى الموت.. ليكن ما يكون. رسالة الله تتم في طاعة إيمانية كاملة. أما الحياة، وأما المصير، فهما مسلمان الله.. إلى التمام. وهكذا كان بولس الرسول يشهد للرب.. وبعد ذلك لا يهمه إلى أين يذهب: "أشدة أم ضيق أم اضطهاد أم جوع أم عرى أم خطر أم سيف"، يقول في ثقة بحياة التسليم "لكنن في هذه جميعها، يعظم انتصارنا بالذي أحبنا" (رو8: 35،37). بهذا الأسلوب، سار أولاد الله جميعهم في طريق الحياة في حياة التسليم.
كل ما يهمهم هو أن الله يقودهم. ولكن لا يعنيهم إلى أين.. ولكنهم واثقون بالإيمان، أنه سيقودهم إلى المراعى الخضراء، وإلى ينابيع الماء الحي. خبرتهم مع الله تجعلهم مسرورين بقيادته، واثقين بمحبته.
5- إسحق بن إبراهيم حمل الحطب وراء أبيه، ولم يعلم إلى أين يذهب.
كل ما تعلمه في حياته، هو التسليم والطاعة، وبهما سار حتى إلى المذبح. وربطه إبراهيم أبوه ووضعه على المذبح فوق الحطب (تك22)، ورفع عليه السكين. كل هذا وإسحق في تسليم كامل. لم يشك في محبة الله.. وانتصر على طول الخط. بتسليمه هذا، كسب طاعة الإيمان، وكسب حياته، وكسب وعود الله..
6- لعازر الدمشقي لما سافر ليختار زوجة لإسحق، ما كان يعلم إلى أين يذهب.
ولكنه سلم خطاه لله ليرشده. ودبر الله له كل شيء بطريقة عجيبة وقف أمامها مذهولًا. وتم كل شيء حسبما طلب منه سيده إبراهيم. ولهذا قال "الرب أنجح طريقي" (تك 24: 56). ولعل لعازر الدمشقي كان يقول "لم أكن أعلم إلى أين أنا أذهب. لكنى كنت أعلم تمامًا أن الله ذاهب معي". ونفس الوضع تقريبًا حدث ليعقوب في رحلته إلى خاله لا بان. وما أجمل قول الرب له "هاأنا معك. أحفظك حيثما تذهب" (تك28:15).