كما صبرت العذراء هكذا تحتمل بالصبر تلك الصلبان التي يفتقدنا الله بها، أي الأمراض والفقر وباقي الشدائد، وكذلك الصلبان التي تأتينا من قبل البشر، كالأضطهادات والأهانات وأمثالها. فالرسول الحبيب يوحنا في جليانه قد أخبرنا بأنه قد شاهد القديسين كافةً حاملين بأيديهم سعف النخل التي هي علامة الأستشهاد قائلاً: ومن بعد هذا رأيت جمعاً كبيراً لا يقدر أحدٌ أن يحصي عددهم من كل أمةٍ وكل سبطٍ وكل شعبٍ وكل لسانٍ وقوفاً قدام الكرسي وأمام الخروف، وعليهم لباسٌ أبيض وبأيديهم سعف النخل: (أبوكاليبسي ص7ع9) مريداً بهذا أن يفهمنا أن جميع الذين يموتون بعد بلوغهم السن الرجولي يلزمهم أن يكونوا شهداء أما بسفك دماءهم، وأما بفضيلة الصبر. فهنا القديس غريغوريوس الكبير يهتف صارخاً: فلنفرح اذاً متهللين ولنسر مبتهجين، لأنه يمكننا أن نصير شهداء من دون سفك دمائنا وأحتمال عذابات الألات الحديدية، بل بواسطة صبرنا الثابت. فاذا نحن أحتملنا آلام هذه الحياة بصبرٍ ورضاءٍ. وبفرحٍ أيضاً.