\القول بمحدودية وعدم اكتمال الوحي الذي جاء به يسوع المسيح أو أنه يكتمل في الديانات الأخرى، هو تعليم مخالف لإيمان الكنيسة… والسبب الرئيسي لهذه القناعة هو محاولة إظهار أن حقيقة الله لا يمكن أن تحتويها وتظهرها في شموليتها وكمالها أي ديانة تاريخية: وبالتالي إذن ولا حتى المسيحية ولا من قبل يسوع المسيح نفسه. وهذا الوضع يناقض جذرياً ما سبق تأكيده من حقائق الإيمان التي تؤكد إنه في شخص يسوع المسيح يوجد تمام الوحي. وبرغم ذلك فإن الكلمات والأعمال ومجمل الحدث التاريخي ليسوع، حتى ولو ظل محدوداً بحكم كونه واقع بشري؛ لكن يظل محوره وموضوعه هو الشخص الإلهي للكلمة المتجسد، “إله حق وإنسان حق”[13].
لهذا فإنها تحمل في ذاتها مطلق التدبير الخلاصي وكماله. حتى ولو ظلت أعماق السر الإلهي وتقاليد في حد ذاتها وليس من الممكن الوصول إلى مكامنها. فالحقيقة التي نعرضها عن الله لا يمكن إلغاؤها أو تخفيضها لأنها تقدم في أسلوب بشري. لكنها على عكس ذلك تظل فريدة ومليئة وكاملة لأن من يتكلم ومن يعمل هو ابن الله المتجسد. لهذا يتطلب الإيمان اعترافاً بأن الكلمة الذي صار جسداً، في كل سرّيته التي تبدأ من سر التجسد وتنتهي بسر التمجيد بالقيامة والصعود هو النبع والمصدر، المشترك، لكن في نفس الوقت الواقعي هو كمال كل وحي في خلاص الله للبشر[14] وأن الروح القدس، الذي هو روح المسيح، سوف يعلم الرسل وعن طريقهم الكنيسة كلها في كل الأزمنة، هذه “الحقيقة كاملة” (يو13:16).