وإِذا ذَهَبتُ وأَعددتُ لَكُم مُقاماً أَرجعُ
فآخُذُكم إِلَيَّ لِتَكونوا أَنتُم أَيضاً حَيثُ أَنا أَكون
تشير عبارة "أَعددتُ لَكُم مُقاماً" الى ضمان يسوع لجميع المؤمنين إمكانية الثبات للأبد في الاتحاد بالآب "لنرى "مَجدَه مَجداً مِن لَدُنِ الآبِ لابنٍ وَحيد مِلؤُه النِّعمَةُ والحَقّ "(يوحنا 1: 14)؛ أمَّا عبارة "أَرجعُ" في الأصل اليوناني πάλιν ἔρχομαι (معناها أجيء من جديد) فتشير الى صيغة المستقبل أي المجيء الثاني للسيد المسيح. أمَّا عبارة "آخذكم إليَّ" في اليونانية παραλήμψομαι ὑμᾶς فتشير الى استقبال يسوع لتلاميذه وضمِّهم إليه ممَّا يدلُّ على فيضٍ من حبه وشوقه وانجذابه فأصبحوا من أهل بيت الله كما جاء في تعليم بولس الرسول " فلَستُم إِذاً بَعدَ اليَومِ غُرَباءَ أَو نُزَلاء، بل أَنتُم مِن أَبناءَ وَطَنِ القِدِّيسين ومِن أَهْلِ بَيتِ الله" (أفسس 2: 19)؛ يأتي يسوع الى كل مؤمن عند موته كما جاء في قول بولس الرسول "فلِي رَغبَةٌ في الرَّحيل لأَكونَ مع المسيح" (فيلبي 1: 23)، وسوف يأتي بالمجد يوم مجيئه الثاني كما يصرّح بولس الرسول " إِنَّنا نَحنُ الأَحياءَ الباقين سنُخطَفُ معَهم في الغَمام، لِمُلاقاةِ المسيحِ في الجَوّ، فنَكونُ هكذا مع الرَّبِّ دائِمًا أَبَدًا" (1 تسالونيقي 4: 17). أمَّا عبارة" لِتَكونوا أَنتُم أَيضاً حَيثُ أَنا أَكون" فتشير الى تأكيد يسوع لتلاميذه إدخالهم في حالته المجيدة في آخر الأزمنة لدى عودته " فسَوفَ يَأتي ابنُ الإِنسانِ في مَجدِ أَبيهِ ومعَه مَلائكتُه، فيُجازي يَومَئِذٍ كُلَّ امرِئٍ على قَدْرِ أَعمالِه"(متى 16: 27). ويُعلق القديس يوحنا الذهبي الفم "مضى يسوع وفتح الطريق، كي يُعدَّ الموضع، ويُعطي حق العبور به إلى مملكة المجد الأبدي". انه يشاطرنا حياته الإلهية، لان الناس لا يستطيعون بقواهم وحده أن ينالوا هذه الحياة كما صرّح السيد المسيح " حَيثُ أَكونُ أَنا لا تَستطيعونَ أَنتُم أَن تَأتوا " (يوحنا 7: 34). وتقتضي خدمة التلميذ ليسوع المسيح ان يشاركه في موته كي يشاركه في قيامته كما صرّح " مَن أَرادَ أَن يَخدُمَني، فَلْيَتْبَعْني وحَيثُ أَكونُ أَنا يَكونُ خادِمي ومَن خَدَمَني أَكرَمَهُ أَبي" (يوحنا 12: 26). وكما يشارك التلميذ في أتضاع يسوع في طاعته (يوحنا 13: 33) كذلك يشاركه في ارتفاعه في المجد (يوحنا 17: 24).