رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
” أنا مجدتك على الأرض ” (يو17: 4) كيف مجّد الابن المتجسد أباه السماوى فى تجسده وظهوره فى العالم؟ عن هذا الأمر كتب القديس يوحنا فى إنجيله عن الكلمة الذى صار جسداً وحل بيننا “رأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءًا نعمةً وحقاً.. ومن ملئه نحن جميعاً أخذنا ونعمة فوق نعمة. لأن الناموس بموسى أُعطى، أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا” (يو1: 14، 16، 17). إنها كلمات عجيبة قالها تلميذ الرب يوحنا الرسول: “رأينا مجده كما لوحيد من الآب” أى أن المجد الذى رآه التلاميذ هو ما يليق بابن الله الوحيد. تُرى ما هو هذا المجد الذى عناه يوحنا، التلميذ الذى كان يسوع يحبه؟ هل يقصد رؤيته للسيد متجلياً على جبل طابور حينما صعد إلى الجبل ليصلى وأخذ معه بطرس ويعقوب ويوحنا “وتغيرت هيئته قدامهم، وأضاء وجهه كالشمس، وصارت ثيابه بيضاء كالنور” (مت17: 2). ذلك المنظر الذى قال عنه القديس بطرس الرسول: “كنا معاينين عظمته. لأنه أخذ من الله الآب كرامة ومجداً، إذ أقبل عليه صوت كهذا من المجد الأسنى هذا هو ابنى الحبيب الذى أنا سررت به. ونحن سمعنا هذا الصوت مقبلاً من السماء إذ كنا معه فى الجبل المقدس” (2بط1: 16-18). بلا شك أن هذه الرؤيا أو هذا المنظر قد ترك أثراً عميقاً فى أذهان الرسل الثلاث حينما أبصروا شعاعاً من مجد الابن الوحيد. وقد كتب القديس بولس الرسول أن الله قد كلمنا فى ابنه، وقال عن ابن الله أنه هو “بهاء مجده” (عب1: 3). باللغة الإنجليزيةBrightness of His Glory (K.J.V.) أى “لمعان مجده”، بمعنى لمعان مجد الله الآب. ولكن المسألة فى الحقيقة لم تكن قاصرة على منظر التجلى البديع وذلك فى ذهن القديس يوحنا الإنجيلى حينما كتب “ورأينا مجده مجداً كما لوحيدٍ من الآب مملوءًا نعمةً وحقاً” (يو1: 14). لأنه من الواضح أنه قد ربط رؤيته لهذا المجد هو وغيره بما رأوه فى المسيح من ملء النعمة والحق. إن الشيطان يستطيع أن يغير شكله إلى شبه ملاك نور، ويمكنه أن يبهر الناس بمناظر وأفعال خارقة. ولهذا فإن السيد المسيح لم يظهر مجده فقط بمنظره النورانى على جبل التجلى.. بل ظهرت ملامح هذا المجد فى كل جوانب سيرته وحياته. وهنا نستطيع أن نميز بين المجد الزائف، والمجد الحقيقى، بين المجد الظاهرى والمجد الأصيل. ” فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً ” (كو2: 9) كتب معلمنا بولس الرسول عن السيد المسيح “فإنه فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً ” (كو2: 9). لقد اتحد أقنوم الكلمة (اللوغوس) بالطبيعة البشرية الكاملة التى أخذها من العذراء مريم منذ اللحظة الأولى للتجسد. وبهذا صارت الصفات الإلهية جميعها هى من خصائص الابن المتجسد الذى تجسد بطبيعة واحدة تجمع خصائص الطبيعتين، دون أن تتلاشى واحدة منها فى الأخرى. ولكن أمكن أن نرى كل صفات اللاهوت فى الابن المتجسد الواحد. لهذا قال السيد المسيح لتلاميذه: “الذى رآنى فقد رأى الآب” (يو14: 9). وقال معلمنا بولس الرسول: “الله ظهر فى الجسد” (1تى3: 16). لأن المسيح هو “صورة الله” (كو1: 15). وهذا يشرح قول القديس يوحنا الإنجيلى: “رأينا مجده مجداً كما لوحيدٍ من الآب مملوءًا نعمةً وحقاً”. إن السيد المسيح “مملوءًا نعمةً وحقاً” ، وفيه “يحل كل ملء اللاهوت جسدياً”. رأى التلاميذ فى السيد المسيح صلاح الله، وبره، وقداسته، وخيريته، وطول أناته، ورحمته، ومحبته، وقوته، وسعيه لخلاص الناس، وما فيه من حق وعدل وحزم ورفض للشر.. تلامسوا مع وداعته ورقته وصفحه وغفرانه العجيب إلى المنتهى للخطاة التائبين من كل قلوبهم. وتلامسوا مع عنايته بالمرضى والمعذبين وسعيه لإراحتهم، وهو يتحنن على الجموع ويشفق ويمنح الراحة للمتعبين، ويشبع الجياع فى الأماكن القفرة فى البرية. وتلامسوا مع طول أناته معهم واحتماله لضعفاتهم كمبتدئين حتى يأتى بهم إلى القوة. واحتماله لجهلهم حتى يأتى بهم إلى المعرفة الحقة. تلامسوا مع محبته إلى المنتهى وهو يبذل نفسه عنهم ويحتمل الآلام الرهيبة ليخلصهم من الهلاك الأبدى، كانت الجلدات على ظهر السيد المسيح هى شفاء لأوجاع خطايانا وتلذذات الخطية التى أفسدت طبيعتنا البشرية. وتلامسوا مع سمو تعاليمه، واستمعوا إلى كلمات النعمة الخارجة من شفتيه وتؤثر فى السامعين بمنتهى القوة والعمق .. وكم كان يتكلم كمن له سلطان وليس كالكتبة. تلامسوا مع الحق الذى فيه.. وهو الذى قال عن نفسه “أنا هو الطريق والحق والحياة”. لم يظهر الحق ويعبّر عنه بصورة واضحة كما كان معلناً فى السيد المسيح. كان الحق الذى فيه أقوى من كل فعل أو كلام باطل للشيطان أو للناس الذين انساقوا وراء إبليس. ولهذا فقد شهد التلاميذ بقوة القيامة “حقاً قام” لأن القيامة كانت هى الحق الذى أشرق ليبدد كل مؤامرة الشيطان، وكل ظلم البشر الأشرار. وتلامسوا مع الحق الذى فيه كرافض للشر والخطية فى حياة ذوى القلوب المتقسية الرافضة للتوبة. الأمر الذى تنبأ عنه يوحنا المعمدان بقوله: “والآن قد وضعت الفأس على أصل الشجر. فكل شجرة لا تصنع ثمراً جيداً تقطع وتلقى فى النار” (مت3: 10). تلامسوا مع قداسة الله فى شخص السيد المسيح.. الله القدوس الذى بلا خطية وحده.. وكان السيد المسيح هو الذى قال لليهود: “من منكم يبكتنى على خطية” (يو8: 46). طهارة كاملة.. نقاوة كاملة.. سمو كامل.. صفاء عجيب .. بساطة متناهية .. قوة فى رفض الشر والصمود فى وجه الطغيان.. تحرر من الأهواء والنزعات.. إنها أنشودة عجيبة تلك الكلمات الخالدة “أنا مجدتك على الأرض”.. لأن مجد الآب قد ظهر فى ابنه الوحيد “ورأينا مجده مجداً كما لوحيدٍ من الآب مملوءًا نعمةً وحقاً”.. وكان السيد المسيح فى كل ذلك يسعى دائماً لتمجيد أبيه السماوى وإظهار اسمه للناس. أى إظهار أنه “هو الآب” بالحقيقة. الآب الذى يتدفق الحب الأزلى بينه وبين الابن الوحيد.. الآب الذى هو أبو كل الأرواح وهو الأصل فى كل شئ وله ينبغى التمجيد مع ابنه الوحيد والروح القدس الآن وكل أوان وإلى الأبد آمين. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أنا مجدتك على الأرض |
” ولست أنا بعد فى العالم ” (يو17: 11) |
” وكل ما هو لى فهو لك ” (يو17: 10) |
” أنا أظهرت اسمك للناس ” (يو17: 6) |
أنا مجدتك على الأرض، العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته (يو17: 4) |