رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الارتباط بين الرؤيا وتابوت العهد كان تابوت العهد يوضع داخل قدس الأقداس في خيمة الاجتماع التي صنعها موسى النبي حسب أمر الرب، وأيضًا بعد ذلك في الهيكل الذي بناه سليمان الملك في أورشليم. ومن الأمور اللافتة للنظر أن الملائكة الذين ذكرهم إشعياء في رؤياه؛ قد ورد عنهم عبارة “وهذا نادى ذاك”، مما لا يخفى على القارئ أنه يتكلم عن ملاكين يتبادلان تسبحة الثلاثة تقديسات. في قبر السيد المسيح، بعد قيامته المجيدة من الأموات، أبصرت مريم المجدلية “ملاكين بثياب بيض جالسين واحدًا عند الرأس والآخر عند الرجلين” (يو20: 12). وقبل ذلك النسوة أيضًا اللواتي أتين إلى القبر بعد قيامة الرب ووجدن الحجر مدحرجًا عن القبر “فدخلن ولم يجدن جسد الرب يسوع. وفيما هن محتارات في ذلك إذا رجلان وقفا بهن بثياب براقة. وإذ كن خائفات ومنكسات وجوههن إلى الأرض قالا لهن لماذا تطلبن الحي بين الأموات. ليس هو ههنا لكنه قام” (لو24: 3-6)، وكان المنظر الذي رأته النسوة هو منظر ملاكين. مسألة وجود ملاكين عند أو في قبر السيد المسيح، ووجود ملاكين في رؤيا إشعياء النبي ليست مصادفة لأن الرب أمر موسى أن يضع ملاكين على غطاء تابوت الشهادة (أي تابوت العهد) في قدس الأقداس، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وقد ورد ذلك في وصف الرب لموسى كيف يعمل ذلك في سفر الخروج: “وتصنع غطاءً من ذهب نقى طوله ذراعان ونصف وعرضه ذراع ونصف. وتصنع كروبين من ذهب صنعة خراطة تصنعهما على طرفيّ الغطاء. فاصنع كروبًا واحدًا على الطرف من هنا وكروبًا آخر على الطرف من هناك. من الغطاء تصنعون الكروبين على طرفيه. ويكون الكروبان باسطين أجنحتهما إلى فوق مظللين بأجنحتهما على الغطاء ووجهاهما كل واحد إلى الآخر نحو الغطاء يكون وجها الكروبين. وتجعل الغطاء على التابوت من فوق. وفي التابوت تضع الشهادة التي أعطيك. وأنا أجتمع بك هناك وأتكلم معك من على الغطاء من بين الكروبين اللذين على تابوت الشهادة بكل ما أوصيك به إلى بنى إسرائيل” (خر25: 17-22). إذن فتابوت العهد يشير إلى العرش الإلهي الذي تحيط به مظلة الكاروبيم. ولكن الأمر اللافت للنظر هو أنه في رؤيا إشعياء وفي وصف تابوت الشهادة (تابوت العهد) قد قيل أن الملاكين كانا فوق العرش أو فوق غطاء التابوت. وما معنى أن يظلل الملائكة فوق العرش الإلهي “مظللين بأجنحتهما” (خر25: 20)؟ وقد وردت هذه العبارة أيضًا في سفر حزقيال إذ يقول الرب لزُهرة بنت الصبح “أنت الكروب المنبسط الْمُظَلِّلُ، وأقمتك” (حز28: 14، انظر إش14: 12). هل يحتاج الرب إلى مظلّة. وما فائدتها..؟! إن المظلة تحمى من المطر أو من الشمس . ولكن الرب لا يحتاج لمثل هذه الأمور. وقد قال بطرس للسيد المسيح على جبل التجلي: “يا معلّم جيد أن نكون ههنا فلنصنع ثلاث مظال لك واحدة ولموسى واحدة ولإيليا واحدة وهو لا يعلم ما يقول. وفيما هو يقول ذلك كانت سحابة فظللتهم.. وصار صوت من السحابة قائلًا هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا” (لو9: 33-35). فماذا كان يقصد بطرس الرسول بعمل المظال..؟! إن ما يمكننا أن نفهمه عن مظلة الكاروبيم فوق العرش الإلهي هو أنها لا تحمى العرش إطلاقًا، بل تعكس المجد والبهاء الصادر عن الله لتنبهر به الخليقة المتطلّعة نحو العرش. مثلما تحاط المصابيح والكشافات المتقدة بالنور بمظال تعكس ضوءها. لهذا قيل عن حادثة التجلي “إذا سحابة نيّرة ظللتهم” (مت17: 5). ألم يقل السيد المسيح عن نفسه أنه هو نور العالم، ثم عاد يقول أنتم نور العالم. وقيل عن السيد المسيح “كان النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان آتيًا إلى العالم” (يو1: 9). فالسيد المسيح هو النور الحقيقي، أما القديسون فيعكسون هذا النور لأنهم ليسوا هم مصدره (كما شرح ذلك قداسة البابا شنودة الثالث- أطال الرب حياة قداسته). فوجود الملائكة فوق العرش لا يعنى أنها تعلوه في المقام، بدليل أن كل واحد منهم (كما ورد في سفر إشعياء النبي) بجناحين يغطى وجهه، وباثنين يغطى رجليه، وباثنين يطير. فهو يغطّى وجهه من بهاء عظمة مجد الرب الذي لا يحتمل التحديق فيه، ويغطى رجليه بمعنى الخجل والاحترام، ويطير باثنين ليكون قادرًا على تنفيذ مشيئة الرب في الحال، ويشبه في ذلك السيد المسيح معلقًا وهو فاتح ذراعيه على الصليب طاعةً لأبيه السماوي. |
|