السياحة:
فلما سمعت هذا اضطرم قلبي شوقًا إلى عيشة السواح. فلما كان الليل أخذت قليلًا من الخبز وغادرت الدير، وتضرّعت إلى السيد المسيح أن يرشدني إلى موضعٍ أقيم فيه، فسهَّل لي طريقي.
أثناء سيري إذا بنورٍ ساطعٍ يشق ستار الظلام من حولي، وظهر لي ملاك. شعرت بالخوف وفكرت في العودة إلى الدير ثانية. ولكن الملاك اقترب مني وقال لي: "لا تخف يا نوفير، هوذا أنا الملاك الذي عيّنه الرب لك منذ ولادتك، وسأكون معك، وأصحبك إلى المكان الذي اختاره لك الرب" ففرحت جدًا وتهللت وغدوت أنشد المزامير بفرحٍ وسرورٍ، واستأنفت المسير، وكان الملاك يسير معي.
إذ جعلني ألتقي بقديسٍ أقمت عنده وهو علمني كيف تكون السياحة. وعندما تركته وأتيت إلى هنا فوجدت هذه النخلة وهذه العين، تطرح النخلة اثني عشر عرجونًا (سباطة أشبه بحزمة لفروع البلح) سنويًا يكفيني كل عرجون شهرًا، وأشرب من هذه العين، ولي اليوم ستون سنة لم أرَ وجه إنسان سواك".