نَحَمْيَا النبي
لِيَحْياَ الْمَلِكُ إِلَى الأَبَدِ.
كَيْفَ لاَ يَكْمَدُّ وَجْهِي،
وَالْمَدِينَةُ بَيْتُ مَقَابِرِ آبَائِي خَرَابٌ،
وَأَبْوَابُهَا قَدْ أَكَلَتْهَا النَّارُ؟ [3]
"ليحيا الملك إلى الأبد": هذه عبارة عامة يُخاطب بها الملوك (1 مل 31:1؛ 4:2؛ 9:3). بحكمةٍلم يذكر نحميا اسم المدينة "أورشليم"، بل دعاها "المدينة بيت مقابر آبائي". فمن جانب لم يرد أن يثيره بأنه يطلب أحياء مدينة قامت بابل بتخريبها، لا ننسى أن ما يحزن قلب نحميا هو ثمرة قرار قديم للملك بوقف إصلاح المدينة وسورها. ومن جانب آخر أراد أن يكسب وده، إذ كان الملوك يحترمون المقابر، ولا يهجمون عليها، فقد كان للأموات تقديرهم الخاص عندهم.
هذا ولم يكن الملك في بداية حكمه يستريح للمنطقة المحيطة بيهوذا. فإقامة مدينة حصينة في المنطقة يمكن أن تشجع على قيام حركات تمرد على مملكة فارس. أما في ذلك الحين، فقد استقر الوضع، واستراح الملك من جهة المنطقة، بالإضافة إلى ثقة الملك في نحميا وإخلاصه له، ومع هذا لم يذكر اسم المدينة حتى لا يثير مشاعر الملك القديمة: إن إصلاح أورشليم يعادل إمكانية قيام حركة تمرد على العرش الفارسي.
نحميا أيضًا حين تحدث مع الله لم يذكر اسم المدينة، فإن ما يشغله لا المدينة في ذاتها كمن يتعصب لها، إنما يدعوها بالاسم المحبوب لدى الله: "المكان الذي اخترت لإسكان اسمي فيه" (1: 9؛ تث 30: 1- 5).